5- شهادة ليتورجية الكنيسة
تَعَبِّر الكنيسة المقدسة عن إيمانها بأننا أخطأنا في آدم، وذلك من خلال الصلوات الليتورجية..
نصوص من صلوات القداس الإلهي - صلوات السواعي (الأجبية) - نصوص من صلوات المعمودية للأطفال حديثي الولادة
"وعندما خالَفْنَا وصيتك بغواية الحية، سقطنا من الحياة الأبدية، وَنُفِينَا من فردوس النعيم".[304]
"فتحت ليَ الفردوس لِأَتَنَعَّم.... أظهرت لي شجرة الحياة وَعَرَّفْتَنِي شوكة الموت. غَرْسٌ واحد نهيتني أن آكُل منه؛ فأكلتُ بإرادتي، وتركت عني ناموسك برأيي، وتكاسلت عن وصاياك. أنا اختطفت لي قضية الموت....... أريتني القيام من سقطتي.... أبطلت الخطيئة بالجسد".[305]
"أنعِم عليهم بغفران خطاياهم، وامنحهم بنعمتك أن ينالوا الشفاء من الخطية المُهْلِكَة".[306]
"لأنك أنت العارِف -كخالق جبلتنا- أنه ليس مولود امرأة يَتَزَكَّى أمامك".[307]
"ليس أحد طاهرًا من دنس ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض".[308]
في القرون الأولى قد وضعت الكنيسة الجامعة نظام لصلوات ليتورجية يومية منتظمة، وقد دخلت في تطور متلاحق لعددها وكيفية الصلاة بها. وفي القرن الثالث الميلادي قد طوَّرَت الكنيسة الجامعة النظام اليومي لصلاة السواعي الليتورجية، فكانت قريبة لما هو معروف باسم "الأجبية" في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.[309] ثم شهد القرن الرابع انتشارًا واسعا للحياة الليتورجية المسيحية في كل أرجاء العالم المسيحي، ومعها تطور نظام صلوات السواعي اليومية.[310] وقد ترك لنا القديس يوحنا كاسيان وصفًا تفصيليًا عن نظام صلوات السواعي وذلك من سنة (380-399 م.) أي قبل انشقاق الكنيسة.[311] وقد ذكر أبونا أثناسيوس المقاري في كتابه "الأجبية" شهادة العالِم الليتورجي المعروف روبرت تافت قوله: "إن البنية الأساسية في خدمة صلوات السواعي في الإسقيط كما وصفها يوحنا كاسيان لا زَالَت تُرَى بوضوح في صلوات السواعي القبطية الحالية".[312]
النص الليتورجي للقطعة الأولى والثانية من صلاة الساعة السادسة من صلوات السواعي (الأجبية) تذكر خطية آدم التي انتقلت إلى الجنس البشري كله، وتذكر تبرير المسيح الذي ينتقل لكل الجنس البشري أيضًا، وهذا هو نصهما:
"يا مَنْ في اليوم السادس وفي الساعة السادسة سُمِّرت على الصليب، من أجل الخطية التي تَجَرَّأ عليها أبونا آدم في الفردوس، مَزِّق صَكْ خطايانا أيها المسيح إلهنا وخلصنا. أنا صرخت إلى الله والرب سمعني. اللهم استجب صلاتي ولا ترفض طلبتي. التفت إليّ واسمعني. عشية وباكر ووقت الظهر، كلامي أقوله فيسمع صوتي، ويخلص نفسي بسلام".
"يا يسوع المسيح إلهنا الذي سُمِّرْتَ على الصليب في الساعة السادسة، وقتلت الخطية بالخشبة، وأحييت الميت بموتك، الذي هو الإنسان الذي خلقته بيديك، الذي مات بالخطية. اقتل أوجاعنا بآلامك الشافية المُحيية، وبالمسامير التي سُمِّرْتَ بها، أنقذ عقولنا من طياشة الأعمال الهيولية والشهوات العالمية، إلى تذكر أحكامك السمائية كرأفتك".
في هذه الصلوات نجد مُنَاجَاة واضحة جدًا بين المصلي والسيد المسيح المُخَلِّص الذي مات على الصليب.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
"يا من في اليوم السادس وفي الساعة السادسة سُمِّرت على الصليب، من أجل الخطية التي تَجَرَّأ عليها آدم في الفردوس، مزق صك خطايانا أيها المسيح إلهنا وخلصنا".
هي كنظيرتها في الكنيسة اليونانية.[313] أما القطعة الثانية فهي مذكورة فقط في النسخة القبطية وليست اليونانية.[314]
وواضح من القطعة الأولى، أن الكنيسة الجامعة الأولى، بغاية الصلاة وتعليم العقيدة لأولادها، كانت تُنَاجِي المسيح بأنه قد مات من أجل خطية آدم، ثم تطلب منه أن يمزق "صك خطايانا" "حكم الدينونة" الذي وقع على كل الجنس البشري بسبب خطية آدم ويهبنا بدلًا منه التبرير. وهذا ما صاغه بولس الرسول أولًا في رومية: "فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ، هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ" (رومية 5: 18). وأن يخلصنا (بصيغة الجمع)، أي يمزق
ومعلوم أننا نصلي بما نؤمن به، ولا يوجد في الليتورجيا القبطية تعبيرات تُوصَف فقط بأنها لغوية وليس بها مفاهيم إيمانية. لقد أخطأنا في آدم على مستوى الطبيعة البشرية التي كان يحملها، وليس على مستوى الأشخاص لأننا لم نكن موجودين كأشخاص.
"أيها السيد الرب يسوع المسيح... اشف هؤلاء الأطفال... انعم عليهم بغفران خطاياهم، وامنحهم بنعمتك أن يدركوا الشفاء من الخطيئة المُهْلِكَة".
"ويتطهروا من الخطيئة التي في العالم".
"أيها الأزلي السيد الرب الإله الذي جَبَلَ الإنسان كصورته ومثاله، الذي أعطانا سلطان الحياة الدائم، ثم لما سقط في الخطيئة لم تتركه، بل دَبَّرت خلاص العالم بتأنس ابنك الوحيد ربنا يسوع المسيح".
هنا الكنيسة تطلب من أجل غفران خطية الطفل حديث الولادة، وأن يشفي من الخطية المهلكة "خطية آدم".. ثم على لسان الأب الكاهن ونيابة عن الطفل المُتَقَدِّم للمعمودية لغفران خطيته، تناجي الكنيسة الرب الإله بهذه الصلاة العميقة والتي يضع فيها الأب الكاهن حيثيات طلب الغفران عن طريق المعمودية، وذلك بالتذكرة بنعمة خلق الإنسان على صورة الله ومثاله، ثم عندما سقط في الخطية لم يتركه الرب الإله، بل دَبِّر خلاصه من الخطية وتبريره بِتَأَنُّس الابن الوحيد الرب يسوع المسيح. يتضح من صلوات المعمودية للطفل حديث الولادة أن غاية المعمودية له هو غفران خطيته التي جُلِبَت عليه بسقوط الإنسان الأول آدم.
_____
[304] من صلاة أجيوس في القداس الباسيلي.
[305] من صلاة قدوس في القداس الغريغوري.
[306] من الطلبة في طقس المعمودية للأطفال.
[308] أوشية الراقدين.
[309] أبونا أثناسيوس المقاري، الأجبية أي صلوات السواعي، القاهرة، 2005 ص. 91.
[310] أبونا أثناسيوس المقاري، الأجبية، ص 96.
[311] أبونا أثناسيوس المقاري، الأجبية، ص 106.
[312] أبونا أثناسيوس المقاري، الأجبية، ص 110.
[313] أبونا أثناسيوس المقاري، الأجبية، ص 314.
[314] أبونا أثناسيوس المقاري، الأجبية، ص 314.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/economy-of-salvation/church-liturgy.html
تقصير الرابط:
tak.la/t5g38cr