St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ
 
St-Takla.org  >   books  >   anba-bishoy  >   christ

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب المسيح مشتهى الأجيال: منظور أرثوذكسي (مع حياة وخدمة يسوع) - الأنبا بيشوي

200- آدم الثاني

 

كان آدم الأول هو رأس الجنس البشري.. منه خرج جميع البشر، بما في ذلك حواء نفسها. وذلك بقدرة الله وتدبيره.

البشر جميعًا كانوا في صُلب أبينا آدم حينما خلقه الله على صورته ومثاله. وخلق له المرأة من جنبه بحيث لا تكون غريبة عن طبيعته البشرية.

وحينما "باركهم الله وقال لهم أثمروا وأكثِروا واملأوا الأرض" (تك1: 28)، صار بإمكانهما أن ينجبا أولادًا من نفس طبيعتهما المشتركة.

ولأن كل نسل آدم كان في صُلبه.. لهذا فحينما سقط آدم مع حواء - دخل الموت إلى الجنس البشري كله.

وقد شرح معلمنا بولس الرسول هذا الأمر فقال: "بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت. وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس" (رو5: 12).

وقال أيضًا: "كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيُحيا الجميع" (1كو15: 22).

فكما قاد آدم الأول البشرية إلى الموت، هكذا قاد آدم الثاني أو آدم الجديد (المسيح) البشرية المفتداة إلى الحياة وميراث الملكوت الأبدي.

انتصر السيد المسيح على الموت بكل أبعاده وعوامله في طبيعتنا البشرية التي أخذها بلا خطية - بفعل الروح القدس من العذراء القديسة مريم.

وكانت قيامة السيد المسيح هي النتيجة الطبيعية لنصرته -كرأس للكنيسة- على مملكة الظلمة الروحية.

St-Takla.org Image: Jesus Preaching the Sermon on the Mountain صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح في العظة على الجبل

وحقق السيد المسيح في بشريته الكاملة، الشركة الحقيقية مع الله، بعيدًا تمامًا عن كل تأثير الشركة مع إبليس التي دخل إليها الإنسان بقبوله للغواية التي عرضتها عليه الحية القديمة.

كانت البشرية بالفعل في احتياج إلى من يستطيع أن ينتشلها من الهوة ومن الفخ، الذي دخلت إليه بانقياد آدم الأول للغواية، ودخوله هو ونسله من بعده تحت سلطان الموت..

وقد أوضح القديس أثناسيوس أن الوحيد الذي كان باستطاعته أن يحرر الإنسان من الموت ويعيده إلى الصورة التي خلق عليها، هو كلمة الله..

فكما خلق الله الإنسان بكلمته على صورته ومثاله، هكذا لم يكن ممكنًا أن يعاد خلق الإنسان مرة أخرى، إلا بواسطة نفس أقنوم الكلمة.

وتأكيدًا لهذا المعنى قال معلمنا بولس الرسول: "إن كان أحد في المسيح، فهو خليقة جديدة" (2كو5: 17).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

عودة الشركة مع الله

 لم يكن ممكنًا أن تعود حياة الشركة بين الله والإنسان، إلا في شخص ربنا يسوع المسيح "كلمة الله المتجسد".

كذلك لم يكن ممكنًا أن تمتد هذه الشركة لتشمل البشر الذين آمنوا به، إن لم يقم السيد المسيح بتقديم كفارة كاملة وكافية عن خطاياهم..

"أي إن الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم" (2كو5: 19)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. بتقديم ذبيحة الصليب عوضًا عن هلاك البشر بالموت الذي تملك على الجميع.

فبالتجسد وظهور آدم الجديد الذي بلا خطية عادت الشركة بين الله والإنسان في شخصه.

وبالصليب صارت المصالحة بين الله والبشر الذين يقبلون الابن المتجسد مخلِّصًا لهم.

وبالقيامة نالت البشرية الحياة الجديدة، في المسيح يسوع كباكورة للراقدين.

وبالصعود "دخل.. إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا" (عب9: 12)، حيث يمارس عمله كرئيس كهنة يشفع بدمه كل حين من أجل غفران الخطايا.

وبحلول الروح القدس وصلت استحقاقات المصالحة إلى الذين قبلوا المسيح، ونالوا سر العماد المقدس، وصاروا هيكلًا يسكن الله فيه.

وبهذا كله نستطيع أن نرى كيف عادت الشركة مع الله للذين قبلوا السيد المسيح ونالوا العطية الموعود بها من الآب.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لماذا تجسّد من العذراء

 لم يتجسد الكلمة من زرع بشر، أي من مشيئة جسد أو من مشيئة رجل، فلو حدث ذلك لكان انتقال الخطية الجدية إلى المولود هو نتيجة طبيعية.

ولهذا فقد تجسد الكلمة بفعل الروح القدس في أحشاء العذراء مريم، كما قال الملاك: "الذي حبل به فيها هو من الروح القدس" (مت1: 20).

ولم يكن ممكنًا أن يتجسد الله الكلمة، دون أن يأخذ طبيعة بشرية حقيقية من أصل الجنس البشري نفسه. لأنه لو تجسد بطبيعة أخرى مخلوقة خصيصًا لهذا الأمر، لما أمكن أن يخلص البشر، ولما أمكن أن يموت بمحبته عوضًا عنهم، ليوفي العدل الإلهي حقه.

لهذا فقد أخذ بشريته الكاملة جسدًا وروحًا من العذراء مريم، بلا خطية، ووحّد هذه الطبيعة البشرية بألوهيته منذ اللحظة الأولى للتجسد.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الموت النيابي

 وقد شرح القديس أثناسيوس فكرة تجسد الابن الوحيد وموته النيابي عن البشر في الفصل التاسع من كتاب تجسد الكلمة فقال: [إن الكلمة إذ لم يكن قادرًا أن يموت (بحسب ألوهيته)، أخذ جسدًا قابلًا للموت. لكي باتحاده (أي باتحاد هذا الجسد) بالكلمة الذي هو فوق الكل، يصير جديرًا بأن يموت نيابة عن الكل].

صارت الذبيحة التي قُدمت على الصليب ذات قيمة غير محدودة، لسبب اتحاد إنسانية المسيح بألوهيته اتحادًا طبيعيًا يفوق العقل والإدراك.

فالذي صُلب على الصليب هو هو نفسه الله الكلمة الذي أخذ جسدًا، وتألم بالجسد، وذاق الموت بالجسد لأجل خلاصنا.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/adam.html

تقصير الرابط:
tak.la/8tdqzbk