St-Takla.org  >   books  >   adel-zekri  >   origen-free-will
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب أوريجانوس وحرية الإرادة والحتمية السوتيريولوجية - د. عادل زكري

14- مَن يتكلم؟ بولس أم أحد المعارضين في (رو 9: 14- 21)

 

3- مَن يتكلم؟ بولس أم أحد المعارضين (رو 9: 14- 21).

 

فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَلَعَلَّ عِنْدَ اللهِ ظُلْمًا؟ حَاشَا! لأَنَّهُ يَقُولُ لِمُوسَى: «إِنِّي أَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ، وَأَتَرَاءَفُ عَلَى مَنْ أَتَرَاءَفُ». فَإِذًا لَيْسَ لِمَنْ يَشَاءُ وَلاَ لِمَنْ يَسْعَى، بَلْ للهِ الَّذِي يَرْحَمُ. لأَنَّهُ يَقُولُ الْكِتَابُ لِفِرْعَوْنَ: «إِنِّي لِهذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ، لِكَيْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِي، وَلِكَيْ يُنَادَى بِاسْمِي فِي كُلِّ الأَرْضِ». فَإِذًا هُوَ يَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ، وَيُقَسِّي مَنْ يَشَاءُ. فَسَتَقُولُ لِي: «لِمَاذَا يَلُومُ بَعْدُ؟ لأَنْ مَنْ يُقَاوِمُ مَشِيئَتَهُ؟» بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: «لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هكَذَا؟» أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ، أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ؟“

St-Takla.org Image: Choices in life - a silhouette of a man thinks of various choices, arrows. صورة في موقع الأنبا تكلا: الاختيارات في الحياة - صورة ظلية لرجل يفكر في خيارات مختلفة، سهام.

St-Takla.org Image: Choices in life - a silhouette of a man thinks of various choices, arrows.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الاختيارات في الحياة - صورة ظلية لرجل يفكر في خيارات مختلفة، سهام.

الشيء اللافت الذي نلاحظه في تفسير أوريجانوس للآيات (14- 19)، هو أنه يضع بعض الآيات على لسان أحد المعارضين[87] -المتخيلين- وليس على لسان بولس نفسه. كأن هذا المعارض يقول إن كان الله غير ظالم، فلماذا يظهر رحمة بشكل اعتباطي وعشوائي (ع16)، ويقسي من يشاء (ع 18). وبعد كل هذا لماذا يلوم مَن يقسيهم؟ (ع19). ثم تأتي إجابة الرسول بولس في (ع20). يقول أوريجانوس: ”في هذا الجزء أدخل (بولس) شخصية ما persona تعارضه ويطرح اعتراضات بقوله: هل هناك ظلم من جانب الله إذا كان ليس لمن يريد ولا لمن يسعى، بل لله الذي يرحم، أو إذا اختار الله فرعون بغرض أن يُظهر فيه سلطان قوته، وإذا أظهر نفسه رحمة على مَن يريد ويقسي مَن يريد، لذلك يسأل لماذا مع كل هذا يلو م (الله) الناس“.[88] بهذه الطريقة يكون بولس قد وضع الآيات التي تؤيد الجبرية أو الحتمية السوتيريولوجية (الخلاصية) على لسان معارضيه وبقي هو مناصرًا لحرية الإرادة.

فالقديس بولس يقول على لسان المعترض ”ألعل عند الله ظلمًا؟“ وهو على الفور يجيب بكلمة ”حاشا!“.  ”حتى يبدو أن لكل شيء سيثار كاعتراضات على فم هذا الشخص الذي يعارضه يجاب عليها دائما من الرسول بكلمة حاشا.“[89] هذا التكنيك الذي لجأ إليه أريجانوس للحفاظ على قراءة تدعم حرية الإرادة لاقت اعتراضًا من بعض الدارسين مثل كرانفيليد، إلا أن الأخير قد أكد أن هناك من الآباء من اتبعوا أسلوب أوريجانوس مثل القديس كيرلس السكندري، وثيؤدور الموبسيوستي، ويوحنا ذهبي الفم.[90] في الواقع ذهبي الفم لا يضع (رو9: 14- 19) على لسان أحد معارضي بولس لكنه في نفس الوقت لا ينسب هذا الكلام لقناعات بولس.

من ناحية أخرى أكد آباء آخرون على أن كلام بولس عن الطين والآنية لا يُقصد به ”عملية الخلق“، بل تنوع اختيارات الله. وهذا ما يؤكد عليه القديس يوحنا ذهبي الفم إذ يقول: ”إن وجود التافه والمهم لا يرجع إلى كتلة الطين.. بل يعتمد على حرية الاختيار (في استخدام الإناء)“.[91] وهذا عكس التفسير الغنوصي الذي يقول بأن كتلة الطين (الطبيعة) هي التي تحدد الاستخدام! نفس الشيء نجده عند القديس كيرلس السكندري: ”لا يمكن القول استنادًا إلى هذه الآية أن هناك أنواعًا مختلفة من الطبيعة البشرية... فالأسفار الإلهية لا تقول إن بعض البشر خُلقوا غلاظًا أو أجلافًا، أي آنية للكرامة وللهوان، ولا تُنسب مثل هذه الطبيعة لهم“.[92]

وهذا يتطلب منا أن نفهم أمثولة أو قياس analogy الطين والخزاف من بعض جوانبه، وليس بالمطابقة في كل الجوانب. أمبروسياستر مثلاً، وهو شخصية غير معروفة عاشت في القرن الرابع، وكتب تفاسير لرسائل بولس، يقول إن ”الجبلة واحدة، أما مشيئة الخزاف فمختلفة. خلقنا الله من جبلة واحدة، فأصبحنا خطأة، إلا أنه رحم الواحد ورفض الآخر، لا عن ظلم. الخزاف لديه إرادة فقط، لكن الله لديه إرادة وعدل... فهو يعرف مَن هو جدير بالرحمة“.[93] وبالتالي بينما قد يبدو لنا اختيارات الله عشوائية، فإنها في الحقيقة قائمة على علم الله السابق بكل شيء.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

فيما يلي نحتاج أن نجاوب على ثلاثة أسئلة كالتالي:

1

هل هناك أهمية للسعي؟

2

لماذا تقسى قلب فرعون؟

3

كيف أصير آنية للكرامة

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[87] استخدم بولس هذا الأسلوب اللغوي والأدبي بتوسع في رسالة رومية انظر: (  Stanley E. Porter, Dictionary of Biblical Criticism and Interpretation (Routledge, 2007), 153.

[88] أوريجانوس تفسير رومية 16: 3.

[89] أوريجانوس، تفسير رومية 16: 5.

[90] C. E. B. Cranfield, Romans: Volume 2: 9-16 (A&C Black, 1975), 482, n. 2.

[91] القديس يوحنا ذهبي الفم، تفسير رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية، ترجمة د سعيد حكيم، ص 413- 414.

[92] التفسير المسيحي القديم، رسالة رومية، ص 371، 372.

[93] المرجع السابق، ص 370، 371.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/adel-zekri/origen-free-will/opponent.html

تقصير الرابط:
tak.la/6rr9qmf