الكتاب المقدس هو كلام الله وبالنسبة للأنبياء هو وحي من الله. لذلك كل كلمة من الكتاب المقدس هي أمر من الله وحكم منه لا يمكن أن نخالفه. فالإنجيل هو أحكام من الله وينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس.
وكلام الله كما يقول هو روح وحياة. نفهم روح الوصية، ونجعل الوصية حياة لنا. حياتنا نابعة من الإنجيل.
والإنجيل يرينا كيف نسلك ويرينا ماذا نعتقد، أي أن العقيدة صادرة من الإنجيل.
زمان كانوا يقولون الناموس والأنبياء. ماذا تعني كلمة ناموس؟ كلمة ناموس جاءت من كلمة نوموس ("the" nómos - باليونانية: νόμος) أي القانون أو الشريعة. فالناموس يعني القانون أو الشريعة.
والكتبة في الماضي كان من ضمن ألقابهم أنهم "معلمو الناموس"، أي هم الذين يشرحون العقيدة للناس. وكان الكاتب يكتب بحرص شديد جدًا كل كلمة وبطريقة خاصة. ولأنهم بحفظهم للشريعة، وتعليمهم، قيل عنهم أنهم جلسوا على كرسي موسى، أي على كرسي التعليم. وداود النبي يقول: "ناموسك هو درسي وناموسك هو تلاوتي" (أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ مُعَلِّمِيَّ تَعَقَّلْتُ، لأَنَّ شَهَادَاتِكَ هِيَ لَهَجِي) (سفر المزامير 119: 99)، (أَمَّا أَنَا فَبِشَرِيعَتِكَ أَتَلَذَّذُ) (سفر المزامير 119: 70)، (لأَنَّ شَرِيعَتَكَ هِيَ لَذَّتِي) (سفر المزامير 119: 77).
عظاتنا هي أيضًا من الإنجيل. وتداريبنا الروحية هي من الإنجيل ومحاسبتنا لأنفسنا هي حسب وصايا الإنجيل. فالكتاب ينير الطريق أمامنا.
ولذلك نقول "سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي" (سفر المزامير 119: 105).
ونقول "وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بعد" (وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ) (سفر المزامير 19: 8).
ولذلك عندما نقرأ الإنجيل نضيء شمعتين من يمين وشمال إشارة إلى نور الوصية وأنها سراج لنا.
ومن أهمية الإنجيل أنه ترجم إلى جميع اللغات. لكي كل شعب في أي بلد يستطيع معرفة وصية الله ويلتزم بها.
عندما نقرأ الإنجيل تسبقه أوشية أي صلاة ورفع بخور أيضًا، ويقول الكاهن "اجعلنا مستحقين أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة بطلبات قديسيك". أي مجرد سماع الإنجيل يحتاج إلى استحقاق من هيبة الإنجيل.
والشماس يقول: "قفوا بخوفٍ من الله وأنصتوا لسماع الإنجيل المقدس" كل هذا يدل على مدى الاحترام للإنجيل. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). "قفوا بخوف من الله وأنصتوا لسماع الإنجيل المقدس". والشعب كله يقف احترامًا للإنجيل.
ورئيس الكهنة يخلع تاجه من على رأسه احترامًا للإنجيل، وهكذا جميع الأساقفة. وقراءة الإنجيل لها بخور خاص والذي يحدث أن أثناء قراءة الإنجيل الكهنة يقبلون الإنجيل, ويكون الإنجيل في غلاف. بعض البلاد تصنع هذا الغلاف من الذهب والبعض تصنعه من الفضة.
والكاهن يلف بالإنجيل حول المذبح إشارة إلى انتشار الإنجيل في كل بلاد العالم.
الإنجيل هو شريعتنا نعمل به، ونخضع له، ولا نغير فيه لفظًا ولا حرفًا. بل يقول الله في الكتاب المقدس: "السموات والأرض تزولان وحرف من كلامي لا يزول" (اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ) (إنجيل متى 24: 35؛ إنجيل مرقس 13: 31؛ إنجيل لوقا 21: 33).
إذن هذا هو الإنجيل ومدى احترامنا له ومدى أهميته.
"لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج به نهارًا وليلًا لكي تتحفظ للعمل به بهذا تفلح وتنجح" (لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ، بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَارًا وَلَيْلًا، لِكَيْ تَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ. لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تُصْلِحُ طَرِيقَكَ وَحِينَئِذٍ تُفْلِحُ) (سفر يشوع 1: 8).
تصوروا قائد عنده حوالي 400000 جندي، ويقول له "لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج فيه النهار والليل".. لأنه في قيادته لا يمكن أن ينجح إلا إذا كان كلام الله في فمه.
ومن الاهتمام بهذا الأمر. نجد في المزمور الأول يتكلم عن الرجل البار ويقول وفي ناموسه يلهج نهارًا وليلًا.
بل داود يقول أيضًا: "سبقت عيني وقت السحر (وقت الفجر) لأتلو في جميع أقوالك" (تَقَدَّمَتْ عَيْنَايَ الْهُزُعَ، لِكَيْ أَلْهَجَ بِأَقْوَالِكَ) (سفر المزامير 119: 148)؛ أي أن أول شيء يقوله في اليوم أنه يقرأ في كلام الله.
ويقول: "أعدائي قاموا عليّ، أما أنا فكنت أتلو في وصاياك لأن ناموسك هو درسي" (حِبَالُ الأَشْرَارِ الْتَفَّتْ عَلَيَّ. أَمَّا شَرِيعَتُكَ فَلَمْ أَنْسَهَا) (سفر المزامير 119: 61).
ومن إعجابه بكلام الله يقول له: "لكل كمال رأيت منتهى أما وصاياك فواسعة جدًا" (لِكُلِّ كَمَال رَأَيْتُ حَدًّا، أَمَّا وَصِيَّتُكَ فَوَاسِعَةٌ جِدًّا) (سفر المزامير 119: 96)، أي تزيد في جمالها عن أي جمال على الأرض.
ويقول: "أحببت وصاياك، كلماتك كانت كالعسل والشهد في فمي" (مَا أَحْلَى قَوْلَكَ لِحَنَكِي! أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ لِفَمِي) (سفر المزامير 119: 103). فهو ليس فقط يقول كلام الله، بل يجد لذة في كلام الله كالعسل والشهد في فمه.
ويقول عن كلمات الله: "أغلى من الجوهر ومن الذهب الكثير" (أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ) (سفر المزامير 19: 10).
نحن نحب الله ونحب كلامه. ونحترم وصاياه. ونتلوها. ونتأمل فيها.
والكنيسة تهتم بالكتاب المقدس أكبر اهتمام. لدرجة ما تتلوه الكنيسة من قراءات:
ففي رفع بخور عشية تقول مزمور وإنجيل، وفي رفع بخور باكر تقول مزمور وإنجيل، وأثناء القداس تقول قطعة من البولس, وقطعة من الكاثوليكون، وقطعة من الإبركسيس، ومزمور وإنجيل.
أي تأخذ كل شيء، حتى تصل كلمة الكتاب المقدس للذين لا يقرأون الإنجيل في منزلهم، أو الذين تمنعهم ظروفهم الصحية أو خلافه من قراءة الإنجيل.. كذلك تكون العظة على الإنجيل أيضًا.
وكذلك التداريب الروحية التي نتدرب عليها تكون بناءًا على وصايا الإنجيل، وصية معينة يريد أن يدرب نفسه على تنفيذها. وهكذا في كل حياتنا الروحية.
في صلوات تدشين الكنيسة، قطع كثيرة جدًا جدًا من الإنجيل تقرأ حتى تتأسس الكنيسة على الإنجيل.
بل أكثر من ذلك، أننا عندما نحفر أساسات الكنيسة، نضع في الأساس نسخة من الإنجيل (مُغَلَّفة حتى لا يأكلها التراب).
في صلاة مسحة المرضى، 7 صلوات، في كل صلاة قطعة من الإنجيل.
حتى الصلاة على الموتى تتضمن المزامير وأيضًا الإنجيل، نتذكر فيها الموت وما بعد الموت والحياة الأخرى .....إلخ.
وزمان كان عندما يأتي ملك جديد للشعب كان لابد أن يسلموه نسخة من الشريعة لكي يعمل بها. ولكي يحكم بكلام الله وليس مخالفًا لأي نص فيه وإلا لا يكون ملك صالح.
وحاليًا عندما يرسم أي أسقف في الكنيسة. يوضع إنجيل على رأسه (رئيس الأساقفة يضع إنجيل على رأسه)، ويصلي عليه والإنجيل على رأسه، حتى يكون خاضِع للإنجيل، وخاضع لتعاليم الإنجيل، ورأسه هذه تَتَشَبَّع بكلام الإنجيل.
الإنجيل هو وصايا الله وكتاب الله يحمل وصاياه. فالله بعد أن قال الوصايا كلها مباشرة في العهد القديم في خروج 19 وتثنية 5 نجد أنه قال بعد ذلك مباشرة في تثنية 6:
"لْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ، وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ، وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ" (سفر التثنية 6: 6، 7).
أي هذه الكلمات لابد أن تكون في عقلك باستمرار وتتكلم بها. وتحكيها لأولادك.
نحن نُعَلِّم الأولاد تعاليم الإنجيل في مدارس الأحد. لكن قبل مدارس الأحد يجب على الوالدين أن يقصوا وصايا الله وتعاليمه على أولادهم. لأن المدرس الأول للدين هو الأب وهو الأم.
أحيانًا الأولاد يذهبون إلى مدارس الأحد ويستمعون لدرس مدارس الأحد، ونتيجة عدم التفاتهم لما يقال ينسوه. لماذا ينسى الأولاد الدرس؟! لأنه عندما يعود إلى المنزل لا تسأله الأم: ماذا سمعت في مدارس الأحد اليوم؟ فإن كان الولد يعرف أن الأم ستسأله عمّا يسمعه، سَيُرَكِّز بعد ذلك فيما يُقال، حتى لا يخجل أمام الأم عندما تسأله هذا السؤال مرة أخرى.. إذن لابد أن كل أم تسأل ابنها هذا السؤال: ماذا أخذت في مدارس الأحد اليوم؟ حتى لو كان هذا الابن شاب كبير. تسأله أيضًا على سبيل أنها تريد أن تستفيد أيضًا بما قيل في مدارس الأحد.
"وأنت منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة" (وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ) (رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 3: 15).
وقال له: "الإيمان الذي فيك الذي كان في الأول في أمك وفي جدتك" (الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ أَوَّلًا فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِي) (رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 1: 5).
"لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، لا تمل عنها يمينًا ولا يسارًا" (لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ) (سفر يشوع 1: 8)، (لاَ تَمِلْ عَنْهَا يَمِينًا وَلاَ شِمَالًا) (سفر يشوع 1: 7). أي الوصية كما هي لا تنحرف يمينًا أو يسارًا.
وفي الماضي كان كلمة "مكتوب كذا" تعني "حُجَّة قوية"، أي إذا أراد شخص أن يؤكد رأيه يقول "مكتوب كذا" أي يستشهد بما في الكتاب المقدس.
فعلينا احترام المكتوب والاهتمام به. ولذلك لا يكفي أبدًا أن نسمع الكتاب المقدس. ولكن يجب أن نعمل به.
وقد قال الرب: "من يسمع كلامي ويعمل به أشبهه بإنسان بنى بيته على الصخر". (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). (كُلُّ مَنْ يَأْتِي إِلَيَّ وَيَسْمَعُ كَلاَمِي وَيَعْمَلُ بِهِ أُرِيكُمْ مَنْ يُشْبِهُ؛ يُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتًا، وَحَفَرَ وَعَمَّقَ وَوَضَعَ الأَسَاسَ عَلَى الصَّخْرِ) (إنجيل لوقا 6: 47، 48) فلا تؤثر فيه الرياح أو الأمواج.
"ولكن الذي يسمع ولا يعمل يشبه إنسان بنى بيته على الرمل فتعصف به الرياح" (وَأَمَّا الَّذِي يَسْمَعُ وَلاَ يَعْمَلُ، فَيُشْبِهُ إِنْسَانًا بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دُونِ أَسَاسٍ، فَصَدَمَهُ النَّهْرُ فَسَقَطَ حَالًا) (إنجيل لوقا 6: 49).
فالمفروض أولًا أن نقتني الكتاب المقدس، وحاليًا أحيانًا تُطْبَع بشارة واحدة للذي يريد أن يحمل نسخة من كل بشارة – لكي يكون سهل الحمل في الجيب أو شنطة.
يجب أن نحرص على إقتناء الكتاب المقدس وقراءته، ونداوم على قراءته، ونعمل بما في الكتاب المقدس، ونلتزم بالكتاب المقدس وبتعاليمه، ولا نبعد عن ذلك يمينًا أو يسارًا، ولا نُخَالِف حرف فيه.
والكتاب المقدس سُمِّيَ "الكتاب المقدس" لأن كل كلمة فيه كلمة مقدسة، كل أمر فيه أمر مقدس، كل أحكامه مقدسة..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/gcrf7qk