St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   38-Al-Rogoo3-Ila-Allah
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الرجوع إلى الله لقداسة البابا شنودة الثالث

3- الخطية انفصال عن جماعة القديسين

 

الكنيسة هي جماعة من القديسين يعيشون في طاعة الله. وفي قانون الإيمان نقول "نؤمن بكنيسة واحدة مقدسة".

وحتى الكنيسة - كمكان - هي موضع مقدس للرب، نقول عنه في المزمور "ببيتك تليق القداسة يا رب" (مز 96). ويقول الله لشعبه "لتكن محلتك مقدسة" (تث 23: 14).

لذلك فإن الخاطئ -بخطاياه أو بهرطقته- يفصل نفسه -سلوكيًا أو فكريًا- عن جماعة المؤمنين المقدسة. أو تفصله هي..

إن مجرد أعمال الخاطئ تفرزه عن جماعة المؤمنين: حياته غير حياتهم، ومبادئه غير مبادئهم، وسلوكه، وشكله، طرقه وأساليبه.. كل ذلك يجعله منفصلًا عنهم، روحًا وفكرًا ومنهجًا.. بل حتى لغته وألفاظه تختلف عن لغة القديسين وألفاظهم. وكما قيل "لغتك تظهرك" (مت 26: 73).

لذلك فإن هذا الانفصال واضح. يقول فيه يوحنا الرسول:

"بهذا أولاد الله ظاهرون، وأولاد إبليس (ظاهرون)" (1 يو 3: 10).

St-Takla.org Image: Many Saints and martyrs of the Coptic Orthodox Church صورة في موقع الأنبا تكلا: صور قديسين وشهداء كثيرين في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

إنه انفصال في النوعية، في السلوك، في محبة الله.. تمايز واضح بين صفات الخراف وصفات الجداء.

من المفروض أن تكون الكنيسة واحدة في الفكر والإيمان والروح. ومن يشذ عن هذا الوضع، إنما يعبر عن انفصاله الشخصي عن هذه الروح الواحدة. فإن صار بهذا خطرًا علي الجماعة المقدسة فإنها تفصله من عضويتها، بعد أن فصل نفسه عمليًا. وفي هذا يقول الكتاب:

"اعزلوا الخبيث من بينكم" (1 كو 2: 7 - 11).

إنها عملية فصل تقوم بها الكنيسة، لتبقي عضويتها مقدسة.

ومن جهة المنحرفين في الإيمان، نري القديس يوحنا الرسول، الذي تكلم عن المحبة أكثر من جميع الرسل، يقول من جهة هؤلاء المنحرفين: "إن كان أحد يأتيكم، ولا يجئ بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلم عليه، يشترك في أعماله الشريرة" (2 يو 10، 11).

ومن هنا، كانت المجامع المقدسة تفصل الخارجين عن الإيمان. وينطبق هنا مبدأ "خارج المحلة" المعروف في العهد القديم.

تحدث عملية فصل. وما يختص بالخطية وبكل ما هو دنس، يكون خارج المحلة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). مثلما حدث مع مريم أخت موسى وهرون، لما تقولت علي موسى نبي الله، وضربها الله بالبرص عقابًا لها "حجزت مريم خارج سبعة أيام" (عدد 12:15). وبسبب هذا أيضًا كانت الذبائح التي عن خطايا الشعب، والتي يدخل بدمها إلي الأقداس "تحرق أجسامها خارج المحلة" (عب 13: 11).. وتبقي المحلة مقدسة..

شعوب الأرض في العهد القديم، كانت تفصلهم خطاياهم عن الشعب المقدس. وكان الفلك أيضًا مثالًا لهذا الفصل..

نوح وأولاده ونساؤهم، كانوا في الفلك ويمثلون الذين نالوا الخلاص، وصاروا وساروا تحت قيادة الله مباشرة.

أما الخطاة غير المؤمنين، فكانوا خارجًا، تحت حكم الموت، تجرفهم المياه، فتبيدهم وتبيد خطاياهم معهم. إنهم رفضوا أن يدخلوا مع نوح إلي الحياة، لأن كل أعمالهم كانت غير أعماله.

لقد فصلوا أنفسهم عن الله، الذي خلقهم للحياة.

وعن أمثال هؤلاء يقول القديس يوحنا الحبيب:

"منا خرجوا. ولكنهم لم يكونوا منا. لأنهم لو كانوا منا، لبقوا معنا" (يو 2: 19).

لقد فصلوا أنفسهم عنا، ولم يعودوا منا. وعبارة "لم يكونوا منا" تشبه عبارة السيد "إني لا أعرفكم قط" (مت 7: 23).

أنظروا إلي يهوذا: كان واحدًا من الاثني عشر. ولكنه لعله كانت تنطبق عليه عبارة "لم يكونوا منا" التي قالها القديس يوحنا الحبيب.. كان منا من جهة العدد، وأمام الناس. ولكنه لم يكن منا حسب قلبه ونيته. ولذلك فهو قد جلس إلي العشاء مع باقي التلاميذ، بغير استحقاق. ولما أخذ اللقمة دخله الشيطان. ويقول الكتاب "ذاك لما أخذ اللقمة خرج للوقت" (يو 13: 30).

وبخروجه فصل نفسه عن التلاميذ، إلي الأبد..

وديماس، تلميذ بولس الرسول، سار في طريق يشبه يهوذا.

كان منا، واحدًا من الكارزين الكبار، من مساعدي القديس بولس الرسول. ذكره القديس في رسالته إلي أهل كولوسي إلي جوار اسم القديس لوقا الطبيب (كو 4: 14). وذكره في رسالته إلي فليمون مع مرقس وأرسترخس، وقبل لوقا (فل 24).. ولكنه يبدو أنه لم يكن منا، لأنه لما أحب العالم الحاضر فصل نفسه عن الرسل وهكذا يقول القديس بولس في خاتمة مأساة هذا الإنسان:

"ديماس تركني، لأنه أحب العالم الحاضر" (2 تي 4: 10).

انفصل ديماس عن القديس بولس. محبته للعالم فصلته عن الخدمة كلها. ولم يعد اسمه يذكر في الكتاب، ولا في جماعة المؤمنين والتاريخ يذكر له نهاية مفجعة..

إنه لم يحتمل صليب المسيح في الخدمة. ففصل نفسه.

والخطية غالبًا ما تكون انفصالا عن صليب المسيح..

إنها انفصال عن الباب الضيق الذي أمرنا الرب بالدخول منه (مت 7: 13). وانفصال عن الضيقات التي قال عنها الرسول "إنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله" (أع 14: 22).

الخطية هي محبة العالم، والباب الواسع، والطريق الرحب. وكل هذا لا يتفق مع صليب المسيح الذي قال عنه الرسول "صلبت للعالم وصلب العالم لي" (غل 2: 20). فمن يفصل نفسه عن الصليب، يفصل نفسه عن الله وعن جماعات المؤمنين.

ما أسهل إن عرف إنسان الخطية، أن ينفصل عن الكنيسة.

ينفصل عن خلطة القديسين، ويبحث له عن مجموعة أخري توافقه في أسلوبه، ولا تبكته علي خطاياه.. وينفصل أيضًا عن الكنيسة وعن الاجتماعات الروحية، وعن التناول والاعتراف.. يختط لنفسه خطة جديدة، بحيث يمارس خطاياه دون أن يتبكَّت من أحد.. بل حتى الكتاب المقدس، والكتب الروحية ينفصل عنها أيضًا، لأنه لا يستطيع أن ينفذ ما تأمر به من روحيات..

هذا لم تفصله الكنيسة، لكنها فصل نفسه بنفسه.

هو قد انفصل من الداخل، في داخل قلبه وشعوره، في أسلوب فكره واتجاهات حياته. أحب شهوة الجسد وشهوة العين أو تعظم المعيشة (1 يو 2: 16). أو أحب المال مثل الشاب الغني الذي انفصل عن المسيح، ومضي حزينًا، لأنه كان ذا أموال كثيرة (مت 19: 22).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/38-Al-Rogoo3-Ila-Allah/Return-to-God-03-Saints.html

تقصير الرابط:
tak.la/wf2ckc6