كل إنسان لابد أن تصل إلي فكره أو إلي قلبه -في وقت ما- رسالة مناسبة ونافعة له أو لغيره عن طريق إرشاد أو عظة أو في كتاب يقرأه أو تصله نصيحة أو حتى توبيخ أو إنذار.. فان كان حكيما يستوعب الرسالة, ويطيع وينفذ مثل هذا يقال عنه بالعامية أنه (إنسان يسمع الكلام).
أي يطيعه. له أذن من النوع الذي يسمع. وهنا لا نقصد الأذن الخارجية الجسدية بل الأذن الداخلية أي الإرادة.
† في مقدمة أصحاب الآذان التي تسمع: الملائكة القديسون الذين ما إن يسمعوا كلمة من الله, حتى يبادروا بتنفيذها علي الفور. ومثلهم أيضًا الأنبياء الذين يتلقون الرسالة عن طريق الوحي. أو بعض الأبرار الذين قد تصلهم رسالة عن طريق رأي أو أحلام من عند الله ومن أمثله من لهم آذان للسمع. الأبناء البررة, أو التلاميذ المطيعون جدا لمرشديهم ومعلميهم أو كل من هو مطيع بدقة لرؤسائه.
علي أن هناك آخرين لهم آذان لا تسمع وما أكثر الأمثلة لهذا النوع وما أكثر أسبابها.
† هناك آذان لا تسمع بسبب وجود شهوة في القلب تمنع وصول الكلمة إليه كالشهوة المسيطرة والانفعالات الداخلية, تحجب كل وصية وكل كلمة نافعة حتى لا تصل إلى الإرادة.
هناك
نوع مستعد أن يسمع النصيحة في كل شيء, ما عدا شيئًا واحدًا لا تقبله أذناه.
هنا عدم السمع ليس مطلقًا ولكنه مركز في شيء واحد, في نقطة الضعف, كالرغبة
الداخلية المسيطرة كشخص يمكن أن يستمع إلى النصح في أمور عديدة ما عدا في شهوة
المال أو شهوة النساء.
†
وهناك نوع آخر تملكه مشاعر الحقد والغضب علي شخص ما أو مجموعة معينة, هذا الحقد
يكون في قلبه كأنه حاجز قوي, يمنع كلمة النصح من أن تدخل إلى أذنيه فان سمعها
يكون كأنه لم يسمع فيمضي وينفذ ما يريد لأنه مشغول جدا لسماع صوت الحقد أكثر من
سماع نصيحة.
† أحيانًا يكون عدم قدرة الأذن علي السماع يرجع إلى قساوة في القلب هذا النوع القاسي لا تستطيع أذنه أن تسمع إنذارات الله كما حدث لفرعون الذي كانت له أذن لا تستطيع إطلاقًا أن تسمع لصوت موسى النبي.
وقساوة القلب تلد العناد والعناد أيضًا يمنع من سماع الكلمة ذلك العناد الذي يغلق القلب ويغلق الفكر ومهما قيل له من كلام نافع مقنع فانه لا يسمع, له أذنان, ولكنهما لا تسمعان انه متشبث بفكره مهما كلمته فكأنك لم تتكلم والتشبث بالفكر هو نوع من الكبرياء يغلق الأذن عن السماع بعكس الإنسان الوديع المتواضع يمكنه أن يسمع الكلمة ويقبلها حتى إن كانت له أخطاء فهو مستعد أن يستمع كلمة التأنيب والتوبيخ والنصيحة ويصلح طريقه دون تذمر.
المبتدعون أيضًا في العقيدة أو في طرق أخرى هم أيضًا يتصفون بالعناد والكبرياء وآذانهم لا تسمع النصيحة ولا الإقناع من الجانب الآخر وقد يموت كل منهم وهو متمسك ببدعته وبفكره.
وقد تحاور إنسانا من هذا النوع فتجده متحفزا للرد عليك قبل أن تكمل كلامك, لسانه أسرع من أذنيه. فأذنه لا رغبة لديها في السماع ولا في قبول الإقناع يمنعها التشبث والعناد.
وبالمثل كل إنسان يتمسك بفكره الخاص, مصر علي فكره, تكلمه وكأنك تكلم صخرا صلبا لا توجد فيه منافذ تدخل منها الكلمة.
ونفس الوضع مع كل إنسان معتز بكرامته فأذناه ترفضان السماع لأية نصيحة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). إنه يشعر أن النصيحة كأنها إهانة تهز كرامته وتشعره بالخطأ وتتعب نفسيته فلا يكون مستعدًا أطلاقًا لان يسمع ولهذا فان العتاب مع هذا النوع لا يأتي بنتيجة أطلاقًا, فالمتكبر المعتز بكرامته أن عاتبته يزدد الأمر سوءًا.
† هناك عقبة أخري تمنع تأثير حتى كلمة الرب نفسه من الوصول إلى الأذنين, وذلك أن كانت هناك محبة أخرى تطغي علي محبة الله في القلب. فكم من وصايا الله وكلماته يسمعها الشخص وطبعه هو نفس الطبع لا يتغير مهما سمع, كذلك أيضًا الذين تملك عليهم الحرفية في سماع وصايا الله وليس روحانية الوصية. وتمنعه عن سماع التفسير السليم وترفض آذانهم أن تسمع ذلك التفسير.
† هناك نوع آخر يمنع الأذن من السماع وهو الخوف من التهديد والخوف من الضياع وقول البعض لمثل هذا الشخص إن فتحت فمك لتتكلم فسيحدث لك كذا وكذا, وكذلك إن حاولت أن تهرب منا أو أن تكشف المؤامرة, أو إن لم تخضع سيدركك تنفيذ التهديد الواقع عليك. مثل هذا الإنسان لا تدخل إلى أذنه كل نصيحة لإنقاذه تكلمه كأنه لا يسمع الخوف يسد أذنيه.
† هناك سبب آخر يمنع الأذن من السماع وهو الاستهتار واللامبالاة ويشمل ذلك الغارقين في الخطية أو في الضلال.. فلا يقبلون كلمة النصيحة وبجدية بل ربما يقابلونها بالتهكم والازدراء أو بتحويل الجو إلى عبث, هؤلاء أيضًا لهم آذان ولكنها لا تسمع ويشبه هؤلاء النوع المتردد الذي يسمع كلمة نافعة من مرشده فيمنعها عن أذنيه تأثير أصدقاء السوء.
† وأنت يا أخي القارئ إن وجدت أن أذنك لا تسمع فأبحث عن السبب في ذلك لا تذهب إلى طبيب آذان يعالجك بل اذهب بالأكثر إلى طبيب قلب يكشف ما في قلبك من موانع تمنع الكلمة من الوصول إلى أذنيك ابحث هل هناك شهوة في قلبك تريد أن تحققها والشهوة من طبيعتها أن تصم الأذنين عن السماع واعرف انه لكي تكون لك القدرة علي السماع, ينبغي أن تكون لك الرغبة في أن تسمع, وأن تكون لك الجدية في التنفيذ بل أن تكون بالأكثر مشتاقًا لسماع كلمة من أجل منفعتك.. ولهذا كله علينا أن نحاسب أنفسنا, كم مرة سمعنا ولم نعمل, وكأننا لم نسمع!!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/74y74mj