St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   20-Makalat  >   2-Ahram
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 17-10-2010

ما هي اهتماماتك؟

 

أسألك يا أخي بماذا تهتم؟ ما هي الأولويات في اهتماماتك؟ لا شك أنه حسب اهتمامك يكون حماسك, ويكون عملك وتكون إرادتك والسؤال الخطير هو: هل كل اهتماماتك بحياتك الأرضية, أم بمصيرك الأبدي في العالم الآخر؟ إنه حسب اهتمام كل واحد, هكذا تكون حياتك.

وأنت مثلا حينما تستيقظ كل يوم, بماذا يكون اهتمامك؟ هل تهتم بالاستعداد للذهاب إلى عملك, فتشغل كل وقتك بذلك؟ أم اهتمامك الأول هو كيف تبدأ اليوم مع الرب, فيكون الله أول من تتحدث إليه في صلاة أو تأمل.. أم تقول ليس لدي وقت للصلاة! ويقينا لو وضعت الصلاة والتأمل في قمة اهتمامك, لأمكنك أن تجد لهما وقتًا.

** حتى في الحياة الروحية.. كثيرون يجعلون قمة الاهتمام في النشاط والحركة وليس في روحانية العمل, ففي الخدمة الاجتماعية مثلا قد نجد نفس الظاهرة: الاهتمام الوحيد هو العناية بالفقراء مادياً, سواء في المساعدات المالية, أو في مشاكل المرض أو الإسكان وما إلي ذلك. ويندر أن نعطي اهتماما حقيقيا بروحيات هؤلاء المحتاجين!

St-Takla.org Image: The fruit of the Spirit is love, joy, peace, patience, kindness, goodness, faithfulness, gentleness and self-control "chastity" (Galatians 5:22-23). Arabic and English words. صورة في موقع الأنبا تكلا: ثمار الروح القدس: "وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف" (غلاطية 5: 22-23). كلمات باللغات العربية والإنجليزية.

St-Takla.org Image: The fruit of the Spirit is love, joy, peace, patience, kindness, goodness, faithfulness, gentleness and self-control "chastity" (Galatians 5:22-23). Arabic and English words.

صورة في موقع الأنبا تكلا: ثمار الروح القدس: "وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف" (غلاطية 5: 22-23). كلمات باللغات العربية والإنجليزية.

ونفس الوضع في عناية الأسرة بالطفل: نري الاهتمام الأول للأب والأم هو تربية أطفالهما من جهة الاهتمام بصحة أولادهما, وأكلهم وشربهم ولبسهم, وأيضا بتعليمهم وإعدادهم لوظائف لائقة.. ثم بعد ذلك تزويجهم.. وفي كل ذلك لا تهتم الأسرة بإعطاء الأطفال الغذاء الروحي اليومي, مثلما يهتمون بغذائهم الجسدي. بينما كل أب مسئول عن تربية أبنائه روحيا, وكذلك الأم مسئولة.. وعلي الرغم من عدم تربية الأولاد روحيا, يقول كل من الأب والأم أشكرك يا رب, أني أديت رسالتي من جهة أبنائي. الآن ضميري استراح من جهتهم!!

** مثال آخر يحدث في حالة الخصم والخصومة: هل إذا كان لك خصم, يكون اهتمامك الأول أن تحطمه أم أن تحاول أن تكسبه؟! إنه حسب اهتمامك سيكون تصرفك معه.

** نتطرق أيضًا إلي اهتمام كل شخص بنفسه: الاهتمام هو في شهوات جسده كيف يحققها؟! أم اهتمامه في أموره المالية كيف ينميها يوما بعد يوم؟ أم اهتمامه في الوصول إلي السلطة بأية الطرق؟! أم اهتمامه في أن يكون له مركز اجتماعي ينال به احترام الناس وإعجابهم؟! وفي كل ذلك قد يختفي من اهتمامه كيف يقتني الفضائل واحدة بعد أخري! وأيضا لا يكون من اهتمامه أن يضبط نفسه بالطريقة التي لا يخطئ بها أبدًا.. عجيب أن الناس لا يهتمون بهذا الأمر أبدا.

** البعض أيضا يهتم بمجرد الراحة النفسية, له ولغيره, حتى لو لم تكن علي أساس روحي! فالأم مثلا قد تضع في اهتمامها الأول أن تكسب محبة ابنها, وأن تريحه لكي يريحها, ولو كان ذلك علي حساب روحياته! فتدلله وتعطيه كل ما يطلب, وتغطي علي أخطائه, ولا توبخه علي خطأ خشية أن تفقد محبته!! فينشأ الولد مدللا ويفسد. لأن أمه لم تضع في اهتمامها أن تقوده في الطريق السليم, حتى ولو وجد حينا, حتى ولو وقفت ضد إرادته الخاطئة, ثم تقنعه وتصلحه وتصالحه. إنها إن اهتمت براحة نفسيته, وليس بروحياته, ستفقده أبديته.. بل حتى في حياته الاجتماعية سيفشل. لأنه سيخرج إلي المجتمع فلا يجد نفس التدليل الذي اعتاده في البيت, فيتعب, وتكون التربية المنزلية قد أضرت به نفسيا, ولو بعد حين.

** كذلك نري الاهتمام بحالة المريض النفسية, وليس بمصيره الأبدي! وبألوان كثيرة من الكذب والخداع, يخفي عنه حقيقة مرضه خوفا علي نفسيته ومعنوياته التي توضع في قمة الاهتمام.. إلي أن يفاجئه الموت, ويموت بدون استعداد, ويهلك..! بينما المفروض في الأمراض الميئوس منها أن يعد المريض لأبديته وبحكمة, لست أنصح أن تكاشفه بحقيقة مرضه إن كان لا يحتمل. إنما أن نضع في قمة اهتمامنا أن نعده روحيا بكل حكمة تقوده إلي الحياة مع الله, وليس بسبب الخوف من الموت.. إنما بأسلوب إيجابي مؤثر وبكل وسائط النعمة المتاحة.

** هناك سؤال أساسي نعرضه في موضوع الاهتمام: هل أنت تركز كل اهتمامك بنفسك, أم تهتم بغيرك, ولو فضلته علي نفسك؟ هل اهتمامك الأول هو ذاتك؟ أم أنت تخرج من دائرة الذات, لتهتم بالآخرين.. اهتماما من عمق قلبك, تصل فيه إلي العطاء والبذل, إلي حد بذل النفس أيضا.. هل تهتم براحتك أم براحة غيرك؟ وهل في اهتمامك براحتك, لا مانع لديك أحيانا أن تبني راحتك علي تعب الآخرين؟! كالأسرة التي تطلب من عائلها طلبات فوق احتماله, وترهقه وتحرجه وتربكه, ولا تبالي! أما الروحيون والمصلحون فقد جعلوا اهتمامهم الأول يتركز في المجتمع الذي يعيشون فيه. كما يهتمون أيضا بالوطن كله, وبالعالم البشري أيضا, كالمساهمة في راحته وفي تخفيف أتعابه, وهكذا ظهرت هيئات وجمعيات هدفها إنقاذ الآخرين أو إعانتهم من كل ناحية.. مثل الهيئات العالمية للصحة, ولتربية الأطفال, ولإنقاذ العالم من الجوع والكوارث والمشكلات الاجتماعية, والهيئات التي تجاهد للمحافظة علي حقوق الإنسان.

** ونري للأسف أنه أحيانًا يكون كل اهتمام الشخص أن يصل إلي طلب ما. وربما لا يكون غرضًا روحيًا, ولا غرضًا اجتماعيًا. إنما هو لإثبات الذات ووجودها أو لارتفاعها بطريقة ما. وفي سبيل الوصول لهذا الغرض, لا يهتم بالوسيلة ماذا تكون؟ بريئة أو غير بريئة, صالحة أو مدمرة, ولا يبالي إن كانت وسيلة خاطئة! إنه تركيز الاهتمام كله في الوصول إلي الغرض حتى ولو ضيع الإنسان نفسه! وكم من أشخاص باهتمامهم بأغراضهم قد وصلوا إلي الجريمة أو إلي إضاعة الغير. وعجيب أن بعض المهتمين بالإصلاح, قد يهتم بملء عقول سامعيه بالمعلومات, دون أن يهتم بروحياتهم أو أبديتهم!


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/20-Makalat/2-Ahram/CopticPope-Articles-221-What-Are-Your-Interests.html

تقصير الرابط:
tak.la/xa4pd25