St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   20-Makalat  >   2-Ahram
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 16-12-2007

وأيضًا كيف نعامل الأطفال؟

 

في المقال السابق تحدَّثنا عن بعض صفات وخصائص مرحلة الطفولة المُبكِّرة، وكيف أن الطفل يستخدم الحواس أكثر من العقل، مع ميله إلى البشاشة والضحك، ومحبته للحركة واللعب ولزومهما له. وكيف أنه يتصف بالخيال الواسع والشغف بالحكايات وتقليد الآخرين. وإطاعة مَن يحبه ومَن يطمئن هو إليه.

وهنا أذكر قصة مشهورة عن رجل زمَّار دخل إحدى القرى، وأخذ يُزمِّر فاستهوى الأطفال الذين أُعجِبُوا به، فالتفُّوا حوله. وصار ينتقل من حارة إلى أخرى، والأطفال وراءه ومجموعات منهم تنضم إليه، وهم في غاية المتعة والسرور، منقادين إلى زمارته، حتى خرج بهم جميعًا إلى خارج القرية. وهكذا نرى كيف ينساق الأطفال وراء مَن يجذبهم أو مَن يُعجَبون به، أو مَن يجلب لهم المتعة. كما أنهم يحبون مَن يلاعبهم، ومَن يناغيهم ومَن يُسلِّيهم.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The piper and Children. صورة في موقع الأنبا تكلا: الزمار والأطفال.

St-Takla.org Image: The piper and Children.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الزمار والأطفال.

وإذا لاعبت الأطفال، أو مدحت أحدًا منهم، فاحترس من الغيرة. فالطفل يُغار جدًا إذا نال طفل غيره مديحًا منك أو حُبًَّا لم ينله هو. أو إذا لاعبت غيره وأهملته هو. أو أعطيت غيره ولم تعطه... قد يتضايق منك لأنك غير عادل في توزيع حنانك...! والخطر من هذا، أنه قد ينتقم من الطرف الآخر، فيضربه أو يخطف منه شيئًا، ولو في وقت لاحق...

إذن حاول مع الأطفال أن تكون عادلًا، وأن تعاملهم بمساواة. ولا تجعلهم يكرهون بعضهم بعضًا بسببك. ولا تترك طفلين يتشاجران على لعبة واحدة...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الطفل أيضًا يشعر أن من حقه أن يأخذ كل شيء. ولا يقبل في ذهنه أن شيئًا ما هو مِلك للأب أو الأم أو أحد الأخوة أو الضيوف... بل يأخذه بلا مانع ولا عائق. وإذا أردت استرداده منه، يبكي ويصرخ ويحتج... كأنك أنت المخطئ في الاسترداد، وليس هو المخطئ في الأخذ!!

فلا تتهمه بأنه لص أو حرامي. فهذه كلمات جديدة عليه، لا توجد في قاموسه، لا يعقلها ولا يقبلها. وكأنك تُعلِّمه شتائم يمكن أن يستخدمها بغير معرفة مع غيره... وأيضًا لا تنتهره ولا تضربه ولا تكن قاسيًا عليه، إذا أخذ شيئًا ليس له. وإنما يمكنك في هذه الحالة، إخفاء الأشياء الهامة التي تخشى أن يأخذها أو يتلفها... أو يمكن أن تشغله بشيء آخر، فيترك ما في يده، ويأخذ ذلك الشيء وبخاصة لو كان البديل مغريًا له: لعبة جميلة مثلًا، أو شيئًا يحدث صوتًا يجذبه. وسترى أنه سينسى ما كان معه أولًا.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الطفل إنسان صغير، داخل إلى مجتمع جديد لا يعرف كيف سيتعامل معه، ومَن هو موضع ثقة يطمئن إليه. وهو يثق بك إذا كنت صادقًا معه، سواء في المعلومات التي تقولها له، أو المواعيد التي تعده بها. فحذار أن تكذب. فالطفل عنده الصراحة الكافية التي يقول لك بها إنك تكذب (إن كان يعرف هذه اللفظة) أو يقول لك: "أنت بتضحك عليَّ". أو على الأقل لا يعود يثق بك فيما بعد فيما تقوله. وتكون بذلك قد أدخلت الشك إلى قلبه! وأفقدته شيئًا من بساطته التي تميل إلى تصديق الغير. ويدخل في هذا المجال، إذا خدعته بحيلة مُعيَّنة لتمنعه عمَّا يريد، واكتشف أنك خدعته!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الطفل أيضًا يفرح بالألوان وتنوعها. تعجبه الفراشات في تعدُّد ألوانها، وكذلك السمك الملوَّن. ورُبَّما توجد ألوان مُعيَّنة تجذبه. وهو في ملابسه، قد لا يهمه نوع القماش أو غلو ثمنه، إنما يهمه بالأكثر اللون الذي يحبه.

وأنا حينما أوزِّع الشوكولاتة على الأطفال، أحرص على أن أعطيهم من شتَّى الألوان التي تغلَّفها مع أنها كلها من صنف واحد. فأقول للطفل: "آدي الأخضرة، وآدي الأصفرة، وآدي الأزرقة". فيفرح الطفل بهذا ورُبَّما يقول: "أنا عايز كمان من الأحمرة". إنه يهتم باللون، أمَّا النوع فيُميِّزه فيما بعد.

ولذلك فمن تسليات الطفل عملية التلوين.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الطفل في هذه السن يحب مَن يمدحه. فلا تقل أنا أخشى عليه من الكبرياء وأريد أن أُعلِّمه التواضع!! كلا، فإنَّ هذا لا يناسب الطفل إطلاقًا. بل بالمديح يطمئن الطفل على سلامة تصرفاته.

في السن الناضجة يمكن تمييز الخير من الشر عن طريق العقل والتعليم. أمَّا الطفل فيعرف أن هذا خير حينما يمدحونه بسبب، وإن ذاك خطأ أو شر حينما يمنعونه عنه. كما أن المديح يُقدِّم له نوعًا من الإيحاء:

فإن قالت الأم: "ربنا يحب العيال الحلوين اللي بيحبوا أخواتهم الصغيرين ويلعبوا معاهم" تجد طفلها يرد عليها: "أنا يا ماما بحب أختي الصغيرة وبالعب معاها". هذه نتيجة المديح. فماذا عن التوبيخ؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إن كان التوبيخ شتيمة، فإن الطفل يسمعها منك ويقولها لغيره. وتكون قد أضفت إلى قاموسه كلمة رديئة!

St-Takla.org Image: Jesus Christ with Children painting - Rathfarnham Castle, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, July 9, 2017 صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة السيد المسيح مع الأطفال - من صور قصر راثفارنهام، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 9 يوليو 2017

St-Takla.org Image: Jesus Christ with Children painting - Rathfarnham Castle, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, July 9, 2017

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة السيد المسيح مع الأطفال - من صور قصر راثفارنهام، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 9 يوليو 2017

إن التعامل مع الطفولة يُعلِّمنا نحن الكبار كيف نختار الألفاظ المهذبة. حتى لا نقول كلمة رديئة يتعلَّمها أطفالنا منا. وهذه بلا شك مسئولية الأبوين ومسئولية الأقارب، وكذلك كل مَن يعمل في مجال الحضانة... احترس إذن من ألفاظ الذم...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

احترس أيضًا من أسلوب التخويف والتهديد والعقوبات وبخاصة في علاقة الطفل باللَّه. لا تقل له باستمرار: "إن فعلت هذا ربنا يزعل منك ولا يحبك" وأسوأ من هذا "هايوديك النار". لا تجعل صورة اللَّه مخيفة للطفل، وأنه واقف له ليراقبه ويعاقبه، وأن اللَّه باستمرار ضد حريته ورغباته!

هنا وأتذكَّر قصة عاصرتها منذ أكثر من ستين عامًا، قبل رهبنتي: كان لنا جار مريض وعلى فراش الموت. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وكان له ابن طفل، فأبعدوه عند بعض أقاربه حتى لا يرى أباه في ساعة موته. ثم مات الأب والطفل لا يعلم. ورجع الطفل بعد أسبوعين إلى بيته، وسأل عن أبيه أين هو؟ فقالوا له: "ربنا أخذه". فظل الطفل غضبان من اللَّه مدة طويلة. كيف يأخذ أباه منه الذي يحبه! لقد عرضوا الأمر بطريقة غير موفقة. كان يمكنهم أن يقولوا للطفل: "بابا راح السما".

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

من المفيد والمناسب أن تشارك الطفل في اهتماماته.

وبهذه المناسبة أذكر أنه في أحد الأيام زارتني أم ومعها طفلها فأرادت أن تظهر لي نجابة ابنها ومحفوظاته. فقالت له: "قل للبابا الترتيلة الفلانية التي تحفظها. قل كذا...". أمَّا الطفل فنظر إليَّ في براءة وفرح وقال: "شايف الجزمة الجديدة الحمرة بتاعتي"... كان الطفل سعيدًا جدًا بحذائه الأحمر الجديد، وأفكاره مُركَّزة فيه، ويريد من الكل أن يشاركوه فرحه. والأم مشغولة بالترتيلة!

ومن ذلك الحين، صرت كُلَّما أرى طفلًا، أمتدح أولًا ملابسه الجميلة، وما عليها من أشكال ورسوم. وإن كانت بنتًا، أمتدح الحلق الذي تلبسه، أو الفيونكا التي في شعرها، أو اللعبة التي في يديها... وبعد إشباع الأطفال بهذا المديح والرضى، ندخل في المحفوظات لو اتسع المجال.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أكتفي بهذا الآن، وإن كان الموضوع أطول ممَّا قلناه بكثير.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/20-Makalat/2-Ahram/CopticPope-Articles-072-Kids-2.html

تقصير الرابط:
tak.la/2t3q7rz