ما أخطر أن يصوم الفم عن الطعام، بينما لا يصوم اللسان عن أخطاء الكلام وهى كثيرة ونتائجها سيئة جدًا! فم هي تلك الأخطاء التي يجب أن يصوم اللسان عنها؟
من الأخطاء التي يجب أن يصوم عنها، جرح شعور الآخرين. ويشمل ذلك كلام السخرية بهم والتهكم والاستهزاء. وأيضًا أسلوب الكلام الجارح الموجع. وكذلك كل كلمات الإحراج التي تُخجل الغير، بقصد. وأيضًا كل كلام بقصد مضايقة السامع، مع الاستمرار في عدم مراعاة شعوره..
ومن جرح الشعور بالأكثر، كلام الشماتة، فهو بمثابة وضع نار على جرح. إذ بدلًا من تعزية الناس في ضيقاتهم، تضاف إليهم آلام أشد بالشماتة.
وأحيانًا يجرح اللسان شعور صديق بعتاب مُتعب..
ومن أخطاء الكلام التي يجب أن يصوم اللسان عنها، كلام الإهانة، ويشمل طبعًا كل الشتائم بأنواعها.
فإن تحدَّث شخص عن غيره في غيبته، يُسمَّى ذلك اغتيابًا، أما وإن نشر عيوب غيره أمام آخرين، فإنَّ ذلك يُسمَّى تشهيرًا. وإن كان تشهيره هذا في مقال في الصحف، فإنه يُسمَّى سبًَّا علنيًا وقذفًا مما يحاسب عليه القانون.
والشتيمة قد تشمل إهانة إنسان في موقف مُعيَّن، أو أنها تطوِّق الإنسان كله. فهناك فرق بين أن يُقال عن شخص إنه كذب في الموقف الفلاني، وبين أن يُقال عنه إنه كذاب. فهذه العبارة الأخيرة تعني صفة لحياته كلها.
ومن ضمن أساليب الشتيمة: التحقير والتصغير، أي التقليل من شأنه. كأن يُقال لأحد الرجال "يا ولد"!
ومن كلام الإهانة أيضًا ما يثار حول شخص من شكوك وظنون تسيء إلى سمعته وسط الناس. ومنها أيضًا الحديث عن الفضائح والخصوصيات...
وهذه كلها أخطاء يجب أن يتجنبها اللسان المُهذَّب. كما أنها تثير عداوات بينه وبين غيره. وقد تدعوهم إلى الرد عليه بالمثل. وكما يقول المَثَل: "من غربل الناس نخلوه".
ومن أخطاء اللسان التي يجب أن يصوم عنها: الكذب بأنواعه الكثيرة، وأولها الكلام بعكس الحقيقة.
على أنه من الكذب أيضًا: المبالغة، فهيَ ليست صدقًا خالصًا. ومنها استخدام كلمة (كل أو جميع) بمعنى مُطلَق. كأن يُقال: "كل الناس رأيهم كذا "، أو " كل شعب البلدة الفلانية بخلاء "!
وقد تدخل في نطاق الكذب، أنصاف الحقائق. ولهذا يُقال: "إن أنصاف الحقائق، ليس فيها إنصاف للحقائق". ولذلك فإنَّ الشاهد في المحكمة يُطلَب منه أن يقول الحق، كل الحق، ولا شيء غير الحق.
لهذا ينبغي الدقة في الكلام، لأنَّ هناك عبارات مُعيَّنة قد تعني مفهومًا غير المعنى المقصود!
ومن أخطاء اللسان أيضًا: شهادة الزور، وكل الأحكام غير العادلة not fair ذلك لأنَّ مبرئ المذنب، ومُذنِّب البريء كلاهما ضد الحق. حتى لو احتج البعض أنه يدافع غيره. فالمفروض أنه يدافع ولا يكذب.
ومن أخطاء اللسان: طُرق اللف والدوران في جو من عدم الوضوح والصراحة في الحديث، مع شعور السامع بأن الحقيقة تائهة، وأنَّ المُتكلِّم يريد أن يخفيها...
ومن أخطاء اللسان: الخداع والتضليل، وبخاصة من المساعدين مع رؤسائهم. وكم من الرؤساء أخطأوا نتيجة التضليل من الذين حولهم.
ومن أخطاء اللسان: التملُّق والنفاق، ومدح السامع بما ليس فيه، وإشعاره بأن ما يفعله هو سليم وممتاز، مهما كان خطأً! ويشمل ذلك أيضًا الرياء، والحديث بمظهر يبدو حسنًا وهو رديء! أو تبدو فيه الصداقة والإخلاص، على غير حقيقة الأمر! ويدخل في هذا النوع مَن يسمونهم ذوي لسانين. كشفَتيْن تقطران عسلًا، ومشاعرهما مُرَّة كالإفسنتين!
من أخطاء اللسان أيضًا ويجب أن يصوم عنها، كل أخطائه التي هي ضد آداب الحديث والمناقشة. كأن يقطع حديث مَن يُكلِّمه، لكي يتحدَّث هو، أو مَن يأخذ الجلسة كلها لحسابه، دون أن يعطي فرصة لغيره أن يتكلَّم!
* كذلك كثرة الجدل الذي لا يوصِّل إلى نتيجة مع الإصرار على رأي واضح الخطأ، وما يسمى بالملاججة أو بالعامية (المقاوحة)!
وكذلك حب الانتصار في النقاش مع تحطيم الغير.
ومن أخطاء اللسان أيضًا: الكلام الخارج عن حدود الأدب، الذي يخدش حياء العذارى وأهل العفة. مثل الحديث عن بعض أمور الجنس بطريقة مكشوفة!
* وكذلك من أخطاء اللسان، الفكاهات غير المؤدبة، والأغاني الهابطة، وعبارات المجون، وكلام الإغراء الذي يحاول به أحد الشبان أن يجتذب فتاة! وأيضًا كل كلام غير محتشم أو غير مهذَّب أو بأسلوب مُتدنِّي.
ويدخل في هذا المجال، المزاح الرديء، مع خطأ تسميته مزاحًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وأيضًا كل أسلوب يصدر عن المُتكلِّم بغير احترام لغيره، أو بغير لياقة، بعيدًا عن الذوق السليم.
ومن أخطاء اللسان أيضًا التي يجب أن يصوم عنها، إضاعة وقت الغير، في حديث غير نافع أو هو من التافهات، مع الثرثرة وكثرة الكلام، وبخاصة مع شخص مسئول يحرص على وقته.
* وقد يلجأ البعض إلى التطويل بغير داعٍ. فما يكفيه كلمة أو جملة يقول فيه محاضرة. وقد تكون إطالته مُملَّة أو حافلة بكثرة الشروح والمقدمات، حتى يضجر السامع ويقول له " هات من الآخر "! ومثله مَن يكرر الكلام، وكأن مَن يخاطبه لم يسبق له سماع ما قاله!
* ومن أخطاء هذا النوع، الكلام بغير موعد. كمَن يُفاجئ شخصًا ويتحدَّث معه ويستمر في الحديث. ومن ذلك بعض المكالمات التليفونية التي تأتي فجأة دون حساب الوقت.
ويدخل في هذا المجال: الزيارات غير المحدودة النهاية، وما فيها من ضياع وقت. وقد قال الأستاذ مكرم عبيد لبعض من هؤلاء الضيوف: "أهلًا بكم وسهلًا. تأتون أهلًا، ولا تخرجون سهلًا"!
أخيرًا: إنَّ كل كلمة بطَّالة، وليست للبنيان أو للمنفعة يتكلَّم بها اللسان، سيعطى عنها حسابًا أمام الله. لهذا فإن صوم اللسان عن الأباطيل، هو فضيلة يجب أن نحرص عليها ونُدرِّب أنفسنا عليها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/akrk42x