لكني لا أعرف لماذا أراني بعد العظة التي ألقيتها عليكم في الكنيسة، وكنت أتوقع أن أراكم تفعلون أعمالًا حسنة، لا أزال عن وسائل تجنب الشر، متحدثًا عن الفضيلة والرزيلة. أننا نحتاج أن نمارس الأعمال الحسنة كثيرًا لكي تنجو من ذلك الغضب العتيد الذي يتخذ طريقه الآن إلى مدن أخرى. لم يبتعد بعد عن مدينة الإسكندرية ولا يزال يلتهم الناس الأصحاء، انه يزداد وينتشر. لتعودوا إلى التوبة فتمقتون ليس فقط المسارح، بل الكباريهات ومتاجر الخمور، ومحال اللحوم النيئة والمطبوخة والأطعمة الفاخرة من كل نوع. وفي الحداد تتغذون فقط بالخبز والخضروات اليابسة، لا تفعلون شيئًا آخر سوى أن تتضرعوا إلى الله كل الأيام بصلوات حارة.
لنتمسك إذًا بهذه الضراعة لكي تظهر التوبة عن طيب خاطر، وعلاوة على منفعة تجنب الغضب، ننال الثواب المجزي ونتجنب الغضب الآتي، ولا اتجاه نحو الخير إلا وله ثوابه. إن كنا عرضة لمثل هذه الأهوال نصيبنا، فماذا نحن فاعلون لكي نهرب منها؟ قبل أن تقع تلك الأهوال فلنعكف ساهرين في حكمة. فإنه إذا كنا بهذا التأديب والمخافة لا نتوب، أفلا نكون جهلاء وغرباء عن الله، ونسلم للهلاك الكامل، ونسقط في الجب العميق؟
هذا نجده بديهيًا في قول أرميا النبي، فهو يقول: "تأدبي يا أورشليم لئلا تجفوك نفسي لئلا أجعلك خرابًا أرضًا غير مسكونة" (أر 6: 8).
إني في رعب وارتجاف أتوقف عند هذه الكلمات: ناطقًا بصوت عال بهذه الآية من كتب بولس الرسول: "فإذا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لأهل الإيمان" (غل6: 10). إننا في حاجة شديدة لكثير من بعد النظر. إننا نتوقع صدمة الشياطين ضدنا، لنتقوى بجدار المعونة الإلهية التي هي مخافة الله. "ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم" (مز34: 7).
إن ملاكًا واحدًا حافظًا حولك لهو بمثابة قوة جيش كبير، فهو يقوم مقام جمع من العسكر. وهناك أيضًا ملاك حارس موكل يحفظ كل من يخاف الرب. لذلك حينما نتكلم عن أناس ذوي عفة نقول: (في سفر عمال الرسل ص 12) الملاك حينما قرع بطرس على باب البيت وكان مقبوضًا عليه وموضوعًا في السجن بأمر هيرودس، قال الناس في الداخل للفتاة التي كانت تنبئ بحضوره وهم غير مصدقين وفي حيرة: أنه ملاكه. وما العجب في ذلك؟ إن لكل طفل صغير ملاكه الحارس المعين الخاص به. ويقول الرب في الإنجيل: "انظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار لأني أقول لكم إن ملائكتهم في السموات" (مت18: 10) وليس وجه الله مرئيًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). كيف نرى الكائن غير المرئي؟ لكنها عادة الكتاب المقدس أن يدعو العمل الذي يعمله الله لأجلنا وجهًا. هكذا قال المرتل: "وجهك يا رب اطلب، لا تحجب وجهك عني" (مز27: 8-9). "أضئ بوجهك على عبدك" (مز31: 16)، إذًا الملائكة ينظرون أي يتأملون في أعمال الله وعنايته بالأطفال الصغار، فيحفظونهم بسهرهم بعناية ويقظة.
افهمن إذًا أيتها النساء، أي ضرر لهؤلاء الأطفال الصغار تتسببنَ فيه حينما ترسلهم إلى المسارح؟ أنتن تحرمن من تحبينهم من المعونة والحفظ الملائكي، وتعدونهم لنصيبهم خسارة الخبيث. هذا من أعمال الأعداء وليس شأن الأمهات. لنركض إذن كلنا إلى الكنيسة، الشبان والشيوخ، والرجال والنساء، الجميع من كل نوع حتى بذلك نجعل حفظ الملائكة لنا غير مضطرب، وبالأخص باشتراكنا في الأسرار المقدسة التي تتطهر بمقدرتها وتتقوى. حينئذ يبقى الملائكة قريبين ليس فقط لأجل حفظنا، بل إكرامًا لسيدهم، ويكونون ثابتين ومواظبين على حفظ أرواحنا وأجسادنا مثل مساكن ملائكية يسكن فيها ملك الملوك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/63smcmh