St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   20-Makalat  >   2-Ahram
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 11-10-2009

أعماق حول الفضيلة

 

الفضيلة ليست مجرد عمل الخير، إنما هي بالأكثر محبة الخير. ذلك لأن بعض الناس يعملون الخير خوفًا من العقوبة، أو من أجل اكتساب السمعة الطيبة، أو تجنبًا لانتقادات الناس. أو البعض يعملون الخير حبًا في المديح، أو رغبة في نوال المكافأة، أو مجاراة لجو معين... ولكن كل ذلك لا يدل على فضيلة حقيقية... أما الفضيلة الحقيقية فهي في حب الخير حتى إن لم يكن متاحًا عمل هذا الخير لأسباب خارجة عن الإرادة، وهنا تعتبر مجرد النية الطيبة فضيلة. فإن توافرت الإمكانية مع النية، حينئذ يكتمل الخير. لأن النية وحدها لا تفيد الآخرين. أما العمل فهو التعبير عما في القلب من مشاعر طيبة.

والذي يعمل الفضيلة يود أن ينمو فيها، وأن يستمر في النمو حتى يصل إلى الكمال الممكن له كإنسان.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وهناك اتجاهان للفضيلة: الاتجاه السلبي وهو مقاومة الخطية ورفضها. والاتجاه الإيجابي وهو السلوك الطيب في عمل الخير. فلا يكفى مثلًا أنك لا تكره إنسانًا، إنما يجب أن تحبه وتحب الكل. ولا يكفى فقط أنك لا تتلفظ بكلمة شريرة، إنما من الناحية الايجابية عليك أن تقول كلامًا للبنيان ينفع الآخرين. وأيضًا ليست الفضيلة هي فقط إنك لا تضر الناس، بل هي بالأكثر أن تعينهم وتتعب لأجلهم.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Virtues صورة في موقع الأنبا تكلا: فضائل

St-Takla.org Image: Virtues

صورة في موقع الأنبا تكلا: فضائل

وللفضيلة مستويات: منها المستوى الجسدي، والمستوى النفسي، والمستوى الروحي. وعلى الإنسان أن يحفظ نفسه في كل مستوى، ويحترس من السقوط في غيره. ولأنه من المعروف أن الحواس هي أبواب الفكر. فما تراه وما تسمعه وما تلمسه قد يجلب لك أفكارًا. إذن لكي تحفظ فكرك، احفظ حواسك. وإن أخطأت بالحواس، لا تجعل الخطأ يتطور بك إلى فكرك. وإن وصل إلى الفكر، اطرده بسرعة، ولا تجعله يتحول إلى مشاعر في قلبك. وإن تحول إلى مشاعر، لا تجعله يتطور إلى الفعل بأن تخطئ الإرادة أيضًا. واعلم أن جميع المستويات تتجاوب مع بعضها البعض... فخطأ القلب يسبب خطأ الفكر. وخطأ الفكر يسبب مشاعر القلب. وربما الاثنان يدفعان إلى العمل... إنها دائرة، أية نقطة تدور فيها توصل إلى باقي النقاط. وكما في الشر كذلك في الخير تتعاون المستويات معًا.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

واعلم أيضًا أن الفضيلة لها مستويان آخران: في الداخل وفي الخارج. في الداخل في القلب والروح والفكر. وفي الخارج في الجسد والممارسة. فمحبة الناس فضيلة في القلب. ولكن لابد أن تتحول إلى عمل محبة في الخارج. لأنه لا يصح فقط أن نحب بالكلام أو باللسان، إنما بالعمل والحق. وهنا تظهر المحبة التي فيها عطاء وبذل وتضحية. ذلك لأن فضيلتك التي في فكرك لا يشعر بها أحد، فيجب أن تعبر عنها بعملك. ومحبتك لابنك التي في داخل قلبك، لابد أن تُعبِّر عنها بالحنو والاهتمام والعطايا. واللَّه تبارك اسمه يُعبِّر عن محبته لنا برعايته وعنايته وحفظه لنا. وأنت كإنسان، لا يجوز لك أن تقول محبة اللَّه في قلبي، إنما أن ينبغي أن تُعبِّر عن هذا بطاعتك للَّه وحفظك لوصاياه. ولا تكتفي بأن لك إيمانًا باللَّه بدون أعمال طيبة. لأنَّ الإيمان بدون أعمال ميت.

في الصلاة مثلًا: خشوع القلب من الداخل، نُعبِّر عنه بخشوع الجسد من الخارج. وهكذا نجد في الصلاة: الوقوف والركوع والسجود، ورفع الأيدي والنَّظر إلى فوق. ولا يصح أن تهمل خشوع الجسد. قائلًا في ذلك: إنَّ اللَّه إله قلوب، ويكفي أن قلبي مع اللَّه!! مِثال ذلك مَن يُصلِّي على المائدة وهو جالس..! إنَّ المشاعر الداخلية، تحتاج إلى التعبير الخارجي فيشترك الجسد مع الروح. وتكون الفضيلة من الداخل ومن الخارج معًا. إن ما يجري في عروقك من مشاعر، ينبغي أن يكون له ثمر في الخارج. إن حياة الشجرة في داخلها، يُعبّر عن وجودها في الخارج الخضرة والزهر والثمر. ولا أحد يقبل الشجرة غير المثمرة. كذلك نريد للفضيلة أن تكون مثمرة. وهى تثمر بالعمل الطيب، وبالكلمة الطيبة، وبالسلوك الحَسن، وبالنور الذي يضيء للآخرين، وبالمحبة العملية.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الفضائل أيضًا تتكامل معًا ولا تتعارض. وإن سلكت في فضيلة ما، فلابد أنها ستقودك إلى فضائل أخرى كثيرة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وإن فقدت إحدى الفضائل، فما أسهل أن يجرك هذا السقوط إلى ترك فضائل أخرى عديدة... إنها سلسلة مترابطة. إن أنفك عقد واحدة منها، انفرط الباقي. ومن الصعب أن نتكلم عن اهتمام الإنسان بفضيلة واحدة فقط وتركه للباقي.

فمحبتك لابنك مثلًا، ينبغي إلا تنفصل عن تربيتك لابنك. وينبغي أن لا تنفصل عن الحكمة في هذه التربية. والحكمة ترتبط أيضًا بالمعرفة. واهتمامك بجسد ابنك وصحته لا يمنعك من الاهتمام بعقله وثقافته وأيضًا لا ينفصل هذا عن الاهتمام بروحيات ابنك وأبديته. وهكذا مع باقي الفضائل.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

كوني أحب الناس، هذا حسن جدًا. ولكن ليست محبتي لهم معناها مجاملتهم في كل شيء، ولو على حساب الحق! فالمفروض أنني أحب الله، وأحب الناس في نفس الوقت. وليس الحب معناه مجرد العطف الجسدي أو المادي فقط، وإنما معناها أولًا الحب الروحي. ورب الأسرة عليه أن يحب أسرته كلها ولكن ليس معنى هذا أن يعطف عليها عطفًا يجعلها تخطئ وتستمر في الخطأ ولا تخاف!

إن محبة الناس لله يجب أن ترتبط أيضًا بمخافته، أي بمهابته.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إن الحياة الروحية ليست مجرد فضيلة معينة يركز عليها الإنسان بحيث يهمل باقي الفضائل...! إنما هي حياة تشمل كل شيء. وكتاب الله ليس هو مجرد وصية واحدة أو آية واحدة، إنما هو كتاب يتحدث عن الخير كله، وعن البر كله. وينبغي أن نهتم بكل ما فيه من وصايا، لكي نحيا حياة لا نقص فيها. لأنه ربما نقص فضيلة واحدة قد يضيع حياة الإنسان كلها. مثال ذلك إنسان يحرص على السلوك الطيب في كل شيء. وتنقصه فقط فضيلة الاتضاع، ويقع بذلك في الكبرياء. وتهلكه هذه الخطية وحدها. على أن هذا الموضوع يحتاج إلى التحدث عن تفاصيل كثيرة، ليس وقتها الآن...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/20-Makalat/2-Ahram/CopticPope-Articles-168-Virtue-4.html

تقصير الرابط:
tak.la/aq6knay