فلو سألنا مسيحيًا صالحًا له زوجة، وقد يكون لديه أبناء منها عما إذا كان يرغب في أن تكون له علاقة جسدية بزوجته في ملكوت السماوات، فإنه رغم محبته لزوجته في الحياة الحاضرة وارتباطه بها، سيجيب بلا تردد رافضًا بشدة أن تكون علاقته بها في السماء علاقة جسدية، لأنه يهتم بتلك الحياة التي فيها يلبس الفاسد عدم فساد وهذا المائت عدم موت (1كو 53:15، 54).
هل لي أن أسأله مرة أخرى عما إذا كان يرغب في أن تكون زوجته معه بعد القيامة هناك، حيث يكون لها ذلك التغير الملائكي الذي وعد به الرب القديسين، فإنه سيجيب بالإيجاب بشدة، قدر ما رفض بشدة في الحالة الأولى.
لهذا ما يحبه المسيحي الصالح في المرأة هو كونها مخلوق إلهي، هذه التي يرغب لها التجديد والتغير دون أن يهتم بالعلاقة الشهوانية (نفهم من أقوال أغسطينوس أن على الزوجين أن يحبا بعضهما البعض ويهتم كل منهما بالحياة الروحية للآخر فلا تكون علاقتهما ببعض مجرد اتصال جسدي، سوف ينتهي ويزول بزوال العالم... وذلك كنظرتنا إلى الطعام، فهو ليس بالشيء المحرم أو النجس ومع ذلك فينبغي ألا يكون هدفًا لنا، لأنه طعام فاسد لا يبقى إلى الأبد.
فالزواج سر مقدس له كرامته وقدسيته لأن مؤسسه رب المجد نفسه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ويقول عنه أغسطينوس نفسه "إن قداسة السر، لها في زيجتنا (المسيحية) قوة أكثر من قوة ثمرة الأولاد في الدم" (في الزيجة 21:18، 32:24)). وبنفس الطريقة يحب الإنسان عدوه. لا لأجل عداوته له بل لكونه إنسانًا يرغب له نفس النجاح الذي يريده لنفسه، أي بلوغ ملكوت السماوات.
وهذا ما ينطبق أيضًا على الأبوة والأمومة وبقية العلاقات الجسدية، فنبغض فيهم العلاقات الجسدية، بقدر ما نحب كل ما يؤدي بهم إلى الوصول لملكوت السماوات فهناك لا نقول لأحد "أبي" بل جميعنا نقول لله "أبانا"، ولا نقول لأحد "أمي" بل نقول جميعنا لأورشليم السماوية "أمًا"، ولا نقول لأحد "أخي" بل يقول كل للآخر "أخانا".
حقًا سيكون هناك زواج من جانبنا إذ نتقدم جميعًا كزوجة واحدة لذاك الذي خلصنا من نجاسة هذا العالم بسفك دمه، لذلك يلزم لتلميذ المسيح أن يكره تلك الأمور الزائلة المتعلقة بأقربائهن وبقدر كراهيته لهذه الأمور قدر ما يحب أشخاصهم، راجيًا لهم حياة أبدية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/qt7n7st