لقد حيرت العبارة التالية صغار النفوس المشتاقين للحياة بحسب وصايا المسيح:
"إن كان أحد يأتي إليَّ ولا يبغض أباهُ وأمَّهُ وامرأته وأولادهُ وإخوتهُ وأخواتهِ حتى نفسهُ أيضًا فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا" (لو26:14).
قد يبدو لناقصي الفهم أن هذه العبارة تناقض منع طلاق الزوجة لغير علة الزنا. ففي الموعظة على الجبل يطالب الله بعدم الطلاق إلا لعلة الزنا، بينما في هذه العبارة يريد من تابعيه أن يبغضوا زوجاتهم.
إلا أننا ندرك أن حديثه في هذه العبارة لا يختص بالعلاقات الجنسية، وإلا فما الداعي لذكر الأب والأم والإخوة في نفس الأمر بل بالحقيقة "ملكوت السماوات يُغصَب والغاصبون يختطفونهُ" (مت12:11) يا لعظم هذا الاغتصاب الذي فيه يحب الإنسان عدوه ويبغض أباه وأمه وزوجته وأولاده وأخواته!!! إن الذي دعانا إلى ملكوت السماوات أمرنا بهذه الوصايا جميعًا، ولكن كيف لا تناقض هذه الوصايا بعضها البعض؟! يستطيع رب المجد أن يوضحها لنا بسهولة، ومع ذلك لا نستطيع تنفيذها وحدنا، مع أنه بالسيد المسيح يسهل تنفيذها.
لا يوجد في ملكوت السماوات قرابات زمنية من هذا النوع لأنه "ليس يهوديّ ولا يونانيّ. ليس عبد ولا حرُّ. ليس ذكر وأنثى" (غلا28:3)، "بل المسيح الكلُّ في الكلّ" (كو11:3)، ويقول الرب نفسه "لأنهم في القيامة لا يزوّجون ولا يتزوَّجون بل يكونون كملائكة الله في السماء" (مت3:22). لذلك فعلى راغبي ملكوت السماء ألا يبغضوا الأشخاص في ذواتهم، بل تلك العلاقات الزمنية العابرة التي جاءت نتيجة الولادة الجسدية والموت، هذان الأمران اللذان يربطان الجماعات في الزيجات الأرضية (لقد أدرك أغسطينوس محبة أمه له وصلواته وجهادها الطويل ودموعها المنسكبة بغزارة ليلًا ونهارًا، وأسفارها الطويلة لأجل عودته إلى اللَّه وتوبته. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). إنه يرجو لو تحولت كل علاقات الأمومة والأبوة والأخوة إلى مثل هذه العلاقة الملتهبة بالحب المقدس، فيسعى بكل جهده من أجل بلوغ أقربائه ملكوت السموات معه.. فتكون الرابطة بينهما هي رباط المحبة المتدفقة لخلاص النفس ووصولها إلى المسيح... فيردد مع السيد المسيح "لأن من يصنع مشيئة اللَّه هو أخي وأختي وأمي" مر35:3. فلا تقف هذه القرابات حائِلًا عن الوصول إلى المسيح).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/jz5b29w