العجيب أن شعب إسرائيل بالرغم من عداوته للسيد المسيح، لكن اعتزازه بالكتاب المقدس والأسفار المقدسة جعله لا يحذف النبوات التي تكلمت عن السيد المسيح في الكتب المقدسة التي شملتها قوانينهم مثل نبوة أشعياء "لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابًا مضروبًا من الله ومذلولًا وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا" (أش53: 4-5) كلام محرج جدًا لليهود.. لكن هذا يوضح لنا مدى حرص شعب إسرائيل على المحافظة على الأسفار بدون تحريف على الرغم من أن كلامها فيه إحراج لهم.
ففي قول الكتاب "ثم قال الرب لي وإن وقف موسى وصموئيل أمامي لا تكون نفسي نحو هذا الشعب" (أر15: 1)، فهذه الكلمات تعتبر تجريحًا لشعب إسرائيل. فلو أراد اليهود تحريف هذه الأسفار لكانوا قد حذفوا هذه العبارة مثلًا، ولكنهم لا يقدرون أن يحذفوا ولا حرف واحد ولا كلمة واحدة من توراتهم، لأنهم وقت كتابتهم صفحة في الكتاب المقدس يحصون عدد الأحرف في السطر أفقي، وعدد الأسطر في الصفحة كلها.. فكيف يُحذف بعد حتى ولو كلمة واحدة إن كان من المحال أن يتغير عدد الأحرف.
وأيضًا "وقد صار عقاب بنت شعبي أعظم من قصاص خطية سدوم التي انقلبت كأنه في لحظة ولم تلق عليها أياد. كان نذرها أنقى من الثلج وأكثر بياضًا من اللبن.. لم يُعرفوا في الشوارع لصق جلدهم بعظمهم.. أيادي النساء الحنائن طبخت أولادهن. صاروا طعامًا لهن في سحق بنت شعبي. أتم الرب غيظه، سكب حمو غضبه وأشعل نارًا في صهيون فأكلت أسسها. لم تصدق ملوك الأرض وكل سكان المسكونة أن العدو والمبغض يدخلان أبواب أورشليم. من أجل خطايا أنبيائها وآثام كهنتها السافكين في وسطها دم الصديقين (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). تاهوا كعُمىٍ في الشوارع وتلطخوا بالدم حتى لم يستطع أحد أن يمس ملابسهم" (مراثي 4: 6-14) عبارة "من أجل خطايا أنبيائها" يقصد بها الأنبياء الكذبة الذين كانوا يتملقون الملوك ويكذبون عليهم.
فإن أراد اليهود تحريف الكتاب المقدس لكانوا قد حذفوا هذه الاتهامات التي ضدهم، واللعنات الموجهة إليهم هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كانوا قد حذفوا النبوات الواضحة عن السيد المسيح. وإن كان المسيحيون حرّفوا الكتاب المقدس، لما سكت اليهود إطلاقًا، لأن الكتاب المقدس العهد القديم هو كتابهم.
إن مجرد تفسير بولس الرسول بأن الختان كان رمزًا للمعمودية، قام عليه اليهود. ونذر أربعون شخصًا أن لا يأكلوا إلا بعد قتله لأنهم اعتبروه ناقضًا للناموس. وكذلك السيد المسيح عندما ش في مرضى في يوم السبت قام عليه اليهود وحُكم عليه بالموت. فإن كان من يغيرّ في تفسير الشريعة فقط، وليس في نصها، كان يُحكم عليه بالموت، فماذا سوف يكون الموقف إذا قام أحد بتغيير النص؟!!
فالسيد المسيح لم يغير في النص على الإطلاق، لكن قال لهم "السبت إنما جُعل لأجل الإنسان، لا الإنسان لأجل السبت، إذًا ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا" (مر2: 27، 28). وسألهم "ألا يحل كل واحد منكم في السبت ثوره أو حماره من المذود ويمضى ويسقيه، وهذه هي ابنة إبراهيم قد ربطها الشيطان ثماني عشرة سنة، أما كان ينبغي أن تُحل من هذا الرباط في يوم السبت" (لو13: 15، 16) كانت المسألة مجرد حوار حول التفسير فقط، لكن لم يحدث إطلاقًا صراع حول النص. بل على العكس لقد شهد السيد المسيح للعهد القديم في مواقف كثيرة كما أوضحنا سابقًا، وقد سألهم أيضًا "ماذا تظنون في المسيح، ابن من هو؟ قالوا له ابن داود. قال لهم: فكيف يدعوه داود بالروح ربًا قائلًا: قال الرب لربى اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئًا لقدميك" (مت22: 42-45) شهد الرب أن ما قاله داود هو بالروح.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/fvdm95g