سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة اللاهوت والإيمان والعقيدة
الإجابة:
السيد المسيح استخدم لقب ابن الإنسان Son of Man. ولكن كان يقول أيضًا إنه ابن الله...
قال هذا عن نفسه في حديثه مع المولود أعمى، فآمن به وسجد له (إنجيل يوحنا 9: 35- 38). وكان يلقب نفسه أحيانًا [الابن] بأسلوب يدل على لاهوته كقوله "لكي يكرم الجميع الابن، كما يكرمون الآب" (يو5: 21- 23). وقوله أيضًا "ليس أحد يعرف من هو الابن إلا الآب. ولا من هو الآب إلا الابن، ومن أراد الابن أن يعلن له" (لو10: 22). وقوله أيضًا عن نفسه "إن حرركم الابن فبالحقيقة أنتم أحرار" (يو8: 36).
وقد قبل المسيح أن يدُعى ابن الله، وجعل هذا أساسًا للإيمان وطوّب بطرس على هذا الاعتراف.
قبل هذا الاعتراف من نثنائيل (يو1: 49)، ومن مرثا (يو11: 27)، ومن الذين رأوه "ماشيًا على الماء" (أنجيل متى 14: 33). وطوّب بطرس لما قال له "أنت هو المسيح ابن الله". وقال "طوباك يا سمعان بن يونا. إن لحمًا ودمًا لم يعلن لك، لكن أبى الذي في السموات" (مت16: 16، 17). وفي الإنجيل شهادات كثيرة عن أن المسيح ابن الله.
إنجيل مرقس يبدأ بعبارة "بدء إنجيل يسوع المسيح ابن الله" (مرقس 1: 1). وكانت هذه هي بشارة الملاك للعذراء بقوله "فلذلك القدوس المولود منك يُدعى ابن الله" (لو1: 35). بل هذه كانت شهادة الآب وقت العماد (مت3: 17)، وعلى جبل التجلي (مر9: 7)، (رسالة بطرس الثانية 1: 17، 18). وقول الآب في قصة الكرامين الأردياء "أرسل ابني الحبيب" (لو20: 13). وقوله أيضًا "من مصر دعوت ابني" (متى 2: 15). وكانت هذه هي كرازة بولس الرسول (سفر الأعمال 9: 20)، ويوحنا الرسول (رسالة يوحنا الأولى 4: 15)، وباقي الرسل.
إذن لم يقتصر الأمر على لقب ابن الإنسان.
بل إنه دُعي ابن الله، والابن، والابن الوحيد. وقد شرحنا هذا بالتفصيل في السؤال عن الفرق بين بنوتنا لله، وبنوة المسيح لله.
بقى أن نقول: استخدم المسيح لقب ابن الإنسان في مناسبات تدل على لاهوته.
1- فهو كابن الإنسان له سلطان أن يغفر الخطايا. وهذا واضح من حديثه مع الكتبة في قصة شفائه للمفلوج، إذ قال لهم: ولكن لكي تعلموا أن لابن الإنسان سلطانًا على الأرض أن يغفر الخطايا، حينئذ قال للمفلوج قم احمل سريرك واذهب إلى بيتك (إنجيل متى 9: 2-6).
2- وهو كابن الإنسان يوجد في السماء والأرض معًا. كما قال لنيقوديموس "ليس أحد صعد إلى السماء، إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء" (إنجيل يوحنا 3: 13). فقد أوضح أنه موجود في السماء، في نفس الوقت الذي يكلم فيه نيقوديموس على الأرض. وهذا دليل على لاهوته.
3- قال إن ابن الإنسان هو رب السبت. فلما لامه الفريسيون على أن تلاميذه قطفوا السنابل في يوم السبت لما جاعوا، قائلين له "هوذا تلاميذك يفعلون ما لا يحل فعله في السبوت" شرح لهم الأمر وقال "فإن ابن الإنسان هو رب السبت أيضًا" (مت12: 8). ورب السبت هو الله.
4- قال إن الملائكة يصعدون وينزلون على ابن الإنسان. لما تعجب نثنائيل من معرفة الرب للغيب في رؤيته تحت التينة وقال له "يا معلم أنت ابن الله" لم ينكر أنه ابن الله، إنما قال له "سوف ترى أعظم من هذا.. من الآن ترون السماء مفتوحة، وملائكة الله يصعدون وينزلون على ابن الإنسان" (يو1: 48- 51). إذن تعبير ابن الإنسان هنا، لا يعنى مجرد بشر عادى، بل له الكرامة الإلهية.
5- وقال إن ابن الإنسان يجلس عن يمين القوة ويأتي على سحاب السماء. فلما حوكم وقال له رئيس الكهنة "أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا هل أنت المسيح ابن الله؟ أجابه "أنت قلت. وأيضًا أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة وآتيًا على سحاب السماء" (مت26: 63- 65). وفهم رئيس الكهنة قوة الكلمة، فمزق ثيابه، وقال قد جدف. ما حاجتنا بعد إلى شهود!
ونفس الشهادة تقريبًا صدرت عن القديس اسطفانوس إذ قال في وقت استشهاده "ها أنا أنظر السماء مفتوحة، وابن الإنسان قائم عن يمين الله" (اع7: 56).
6- وقال إنه كابن الإنسان سيدين العالم. والمعروف أن الله هو "ديان الأرض كلها" (تك18: 25). وقد قال السيد المسيح عن مجيئه الثاني "إن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه، مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله" (مت16: 27). ونلاحظ هنا في قوله "مع ملائكته، نسب الملائكة إليه وهم ملائكة الله.
ونلاحظ في عبارة (مجد أبيه) معنى لاهوتيًا هو:
7- قال إنه هو ابن الله له مجد أبيه، فيما هو ابن الإنسان. ابن الإنسان يأتي في مجد أبيه، أي في مجد الله أبيه. فهو ابن الإنسان، وهو ابن الله في نفس الوقت. وله مجد أبيه، نفس المجد.. ما أروع هذه العبارة تقُال عنه كابن الإنسان. إذن هذا اللقب ليس إقلالًا للاهوته...
8- وقال إنه كابن الإنسان يدين العالم، يخاطب بعبارة (يا رب). فقال: ومتى جاء ابن الإنسان في مجده، وجميع الملائكة القديسين معه، فحينئذ يجلس على كرسي مجده، ويجتمع أمامه جميع الشعوب.. فيقيم الخراف عن يمينه، والجداء عن يساره. فيقول للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبى رثو الملكوت المعد لكم.. فيجيبه الأبرار قائلين: يا رب متى رأيناك جائعًا فأطعمناك.." (مت25: 31- 37).
عبارة (يا رب) تدل على لاهوته. وعبارة (أبى) تدل على أنه ابن الله فيما هو ابن الإنسان.
فيقول "اسهروا لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم" (مت24: 42). فمن هو ربنا هذا؟ يقول "اسهروا إذن لأنكم لا تعلمون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان" (مت25: 13). فيستخدم تعبير (ربكم) و(ابن الإنسان) بمعنى واحد.
9- كابن الإنسان يدعو الملائكة ملائكته، والمختارين مختاريه، والملكوت ملكوته.
قال عن علامات نهاية الأزمنة "حينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء.. ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظم الصوت، فيجمعون مختاريه.." (مت24: 29- 31).
ويقول أيضًا "هكذا يكون في انقضاء هذا العالم: يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون من ملكوته جميع المعاثر وفاعلي الإثم، ويطرحونهم في أتون النار" (مت13: 40- 41). وواضح طبعًا إن الملائكة ملائكة الله (إنجيل يوحنا 1: 51)، والملكوت ملكوت الله (مر9: 1)، والمختارين هم مختاروا الله.
10- ويقول عن الإيمان به كابن الإنسان، نفس العبارات التي قالها عن الإيمان به كابن الله الوحيد.
قال "وكما رفع موسى الحية في البرية، ينبغي أن يرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3: 14- 16).
هل ابن الإنسان العادي، يجب أن يؤمن الناس به، لتكون لهم الحياة الأبدية. أم هنا ما يُقال عن ابن الإنسان هو ما يُقال عن ابن الله الوحيد.
11- نبوءة دانيال عنه كابن للإنسان تحمل معنى لاهوته. إذ قال عنه "وكنت أرى رؤيا الليل، وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان. أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه. فأعطى سلطانًا ومجدًا وملكوتًا. لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). سلطانه سلطان أبدى ما لن يزول. وملكوته ما لن ينقرض" (سفر دانيال 7: 13، 14). من هذا الذي تتعبد له كل الشعوب، والذي له سلطان أبدى وملكوته أبدى، سوى الله نفسه..؟!
12- قال في سفر الرؤيا إنه الألف والياء، الأول والآخر... قال يوحنا الرائي "وفى وسط المنائر السبع شبه ابن إنسان.. فوضع يده اليمنى علىّ قائلًا لي: لا تخف أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتًا. وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين" (رؤ1: 13- 18). وقال في آخر الرؤيا "ها أنا آتى سريعًا وأجرتي معي، لأجازى كل واحد كما يكون عمله. أنا الألف والياء. البداية والنهاية. الأول والآخر" (رؤ22: 12، 13). وكل هذه من ألقاب الله نفسه (سفر إشعياء 48: 12، أش44: 6).
ما دامت كل هذه الآيات تدل على لاهوته.. إذن لماذا كان يدعو نفسه ابن الإنسان، ويركز على هذه الصفة؟
دعا نفسه ابن الإنسان لأنه سينوب عن الإنسان في الفداء.
إنه لهذا الغرض قد جاء، يخلص العالم بأن يحمل خطايا البشرية، وقد أوضح غرضه هذا بقوله "لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك" (مت18: 11).
حكم الموت صدر ضد الإنسان، فيجب أن يموت الإنسان. وقد جاء المسيح ليموت بصفته ابنًا للإنسان، ابنًا لهذا الإنسان بالذات المحكوم عليه بالموت.
لهذا نسب نفسه إلى الإنسان عمومًا..
إنه ابن الإنسان، أو ابن البشر. وبهذه الصفة ينبغي أن يتألم ويصلب ويموت ليفدينا. ولهذا قال "ابن الإنسان سوف يسلم لأيدي الناس، فيقتلونه، وفى اليوم الثالث يقوم" (مت17: 23، 24) (مت26: 45).
وأيضًا "ابن الإنسان ينبغي أن يتألم كثيرًا، ويرفض من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل وبعد ثلاثة أيام يقوم" (أنجيل مرقس 8: 31).
حقًا، إن رسالته كابن الإنسان كانت هي هذه.
ابن الإنسان قد جاء لكي يخلص ما قد هلك (مت18: 11).
المرجع: كتاب سنوات مع أسئلة الناس أسئلة لاهوتية وعقائدية " أ " لقداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث
سؤال حول السيد المسيح وصفاته الإلهية مع الشواهد من الكتاب المقدس
سؤال: لماذا التجسد؟
سؤال حول إمكانية تجسد الله الكلمة
كتاب لقب ابن الإنسان: هل يدل على أن المسيح إنسان فقط؟! القمص عبد المسيح بسيط أبو الخير
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9xtgx4a