نفهم من هذا أن مرقس كان رفيق برنابا وبولس في رحلتهما الأولى. والملاحظ أنه بدأ خدمته برفقتهما قبل هذه الرحلة بقليل أي عندما كان في أورشليم، وأخذاه معهما عند رجوعهما إلى أنطاكية (أع12: 25).
ولأنه كان شابًا ملتهبًا في خدمته أحباه واصطحباه ثانية عندما أفرزهما الروح القدس للكرازة عبر البحار والقارات. وكان ذلك حوالي سنة 45 م.
أنطلق مرقس معهما من أنطاكية إلى سلوكية، ومن هناك أقلعوا في البحر إلى جزيرة قبرص، ووصلوا إلى سلاميس. واللطيف أن سفر الأعمال أراد أن يطمئنا عن خدمة مارمرقس فعاد وذكر ثانية مؤكدًا أنه عندما أخذ الرسولان يكرزان ويناديان بكلمة الله في مجامع اليهود في سلاميس "كان يوحنا معهما خادمًا" (أع 13: 5). أي كانت له خدمة واضحة معهما.
بعدها قطعوا الجزيرة طولا حتى وصلوا إلى بافوس حيث آمن الوالي سرجيوس بولس... ومن بافوس عبروا البحر متجهين نحو الشمال إلى برجة بمفيلية في آسيا الصغرى. ولسنا ندرى ما الذي اضطر مرقس حتى قفل راجعًا إلى أورشليم وحده. ولو أنه يرجح أن حمى شديدة أصابته هناك لم يعد يقوى معها على متابعة أعباء الخدمة.
4- ظل في أورشليم يكرز ويبشر بكل طهارة واهبًا شبابه وحياته لخدمة فاديه في بتولية نقية. ولذا لقبته الكنيسة بالبتول. مكث هناك حتى انعقد المجمع المسكوني الأول حوالي سنة 50 م. وكان هو أحد الحاضرين.
وبعد انفضاض المجمع وانتداب الرسولين برنابا وشاول مع يهوذا وسيلا لحمل قراراته إلى الإخوة في أنطاكيا (أع 15: 6- 32) يبدو أن مرقس مضى معهم لأن برنابا تمسك به ليرافقهما في رحلتهما الثانية ولكن بولس لم يستحسن ذلك حتى حدثت بسببه مغاضبة بينهما، فارق فيها أحدهما الآخر، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وأخذ بولس سيلا (أع 15: 26- 40).
أما برنابا فلكونه يعلم جيدًا غيرة مرقس ومحبته وما الذي عاقه عن تكملة الرحلة إنما هو مرضه فكان مترفقاُ به، واصطحبه مسافرًا معه في البحر إلى قبرص (أع 15: 39) فمضيا يشددان الكنائس ويفتقدانهم حتى حان وقت رحيل ذلك العمود المنير (القديس برنابا الرسول) إلى الوطن السماوي تاركًا مرقس لنعمة ربنا وحده في قبرص.
انفرد مرقس في الخدمة بعد انتقال حبيبه وقريبه برنابا الرسول. ففاده الروح القدس للكرازة في القيروان. مسقط رأسه – وكان ذلك حوالي سنة 55 م.
وهناك التقى بأحياء له كانوا قد حضروا يوم الخمسين في أورشليم، واستمعوا إلى خطاب بطرس البسيط القوى. كما يذكر سفر الأعمال وهو يعدد الأجناس المختلفة التي حضرت "فَرْتِيُّونَ وَمَادِيُّونَ... وَمِصْرَ، وَنَوَاحِيَ لِيبِيَّةَ الَّتِي نَحْوَ الْقَيْرَوَانِ" (أع 2: 9، 10).
هؤلاء اتخذهم مرقس معاونين له في الخدمة، فنمت كلمة الرب بسرعة وقبلها الشعب بفرح، فأسس لهم الكنيسة. وبعد ذلك اتجه بإرشاد روح الرب إلى مصرنا العزيزة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2tsnh2m