الاختصار: حك = Ws.
يسمى "حكمة سليمان"، انتشر بالأكثر في بداية القرن الأول ق.م. في مصر، وأن السفر لسليمان الحكيم لكن عزرا لم يحصل عليه ولا ضمه لبقية أسفار العهد القديم. واختلفت آراء الآباء بخصوص كاتب هذا السفر، فقال بعضهم إن الكاتب هو سليمان الحكيم وحجتهم في ذلك ما ورد (حك 7:9 - 12).
قال فريق آخر أن الكاتب كان يهوديًا يونانيًا أو أسكندري من المحافظين، ويعللون ذلك ببلاغة الأسلوب لكن البعض الأخر يرى أن السفر في أصله عبري ترجم إلى اليونانية، وأيا كان كاتب سفر الحكمة فإن أقواله ملهمة من الله ولا شك.
يكاد يجمع كل النقاد على أن لغة الكتاب الأصلية هي اليونانية من أسلوب إنشائه وفصاحته، فطلاوة عبارته ودقة بلاغته لا تناسب إلا لغة اليونان.
أما تاريخه فاختلفت حوله الآراء وأرجحها الرأي القائل إنه كتب حوالي سنة 100 ق.م.
يوضع هذا السفر بعد سفر نشيد الأناشيد.
"اعتقدوا في الرب خيرًا" (حك 1:1).
ينتمي هذا السفر إلى "كتابات الحكمة"، مثل الأمثال، والجامعة، وحكمة يشوع بن سيراخ.
يمتاز هذا السفر ليس بالأسلوب الأدبي فحسب، بل وبالتفكير الفلسفي واللاهوتي أيضًا، فالقارئ يجد نفسه محمولًا على أجنحة حين يقرأ أوصاف الحكمة وصفًا رائعًا، من جهة كأنها صفة شخصية لله أو شبه شخصية، ومن الجهة الأخرى كأنها منحة للإنسان يخلصه بها ويحييه ويجمله، وإذ هي تقدم لكل إنسان، ولكنها لا تخلع في الواقع إلا على الأبرار الصالحين استجابة لصلواتهم الحارة.
ينجلي بوضوح موقف السفر في دفاعه الحماسي الغيور للاحتفاظ بمستوى رفيع للآداب الفردية والاجتماعية، مبددًا الصورة القاتمة التي رسمتها مذاهب الطبيعيين والليبراليين وأنصار اللذة والسعادة.
غاية الوحي الإلهي من هذا السفر بنيان النفس روحيًا وتحصنها بالحكمة الإلهية ضد الارتداد عن الإيمان وإغراءات العالم، لذلك أبرز "الحكمة" بكونها أقنومًا إلهيًا وليست أفكار بشرية مجردة (حك 6: 22 - 11: 1)، الأمر الذي جعل الكثير من تعاليم الإصحاحات العشر الأولى على وجه الخصوص تقترب جدًا من تعاليم السيد المسيح الذي هو "الحكمة"، وفي نفس واهبها إذ يهب نفسه لنا.
هذا السفر يناسب سليمان الحكيم الذي ابتلعته العبادات الوثنية إلى حين بسبب زواجه من الغريبات وفي نفس الوقت يناسب اليهود في مصر في الفترة السابقة للسيد المسيح حيث كانت الإسكندرية أكبر مركز هيليني (يوناني) في البحر الأبيض تمثل خطرًا على إيمان اليهود.
ترتبط الحكمة بالتقوى فالحكمة هي هبة الله خلالها يلتحم الإنسان بالوصية الإلهية بل ويلتقي بالله نفسه فيتخلص من ثقل الشر والخطيئة... هكذا لا تنفصل الحكمة عن الإيمان أو عن الحياة التقوية... الحكمة خالقة لكل شيء (حك 7: 22) تعمل في الإنسان, الحكمة هي عمل ديناميكي مقام في حياة المؤمن.
يظهر لنا من الآيات (حك 8:2، 4:3، 15:13، 1:14) العادات اليونانية، وبما أن اليهود في الإسكندرية كانوا في خطر أن تقودهم الأهواء إلى الضلال وأن تؤثر فيهم الوثنية المحيطة بهم من جهة، والآراء الفلسفية من جهة أخرى فهذا السفر يحثهم على أن يستمروا أمناء لدين آبائهم.
نظرًا لأن كثيرين قد أضاعوا دينهم القومي أو تهاونوا فيه لذا يشجب الوثنية وتعدد الآلهة ويصف يهود الإسكندرية المرتدين (وأكثرهم من الطبقات الثرية المثقفة) أنهم علة الانهيار الأدبي والروحي للجنس البشري، إذ أنهم لم يصيروا وثنيين فقط، بل وثنيين أشرارا. فيحثهم على الارتداد عن الباطل والرجوع إلى الدين الحق أو الحكمة والتحول من التشاؤم والمذاهب الأبيقورية إلى الإيمان بإله حي متسلط على كل شيء.
يحث السفر على الإيمان الوطيد بقوة الله ومعرفته وهو يعلق أهمية كبيرة على محبته (حك 24:11- 26)، (اقرأ بموقع الأنبا تكلا نص السفر كاملًا). فيصف حكمة الله كشيء قائم بذاته ويصف عملها بكمال الوضوح فينسب إليها القدرة على كل شيء (حك 12:7)، والعلم بكل شيء (حك 8:8).
نرى عقيدة الخلود في هذا السفر أكثر وضوحًا (حك 1 :14 -15، 2: 23؛ 5:5، 16).
سفر "الحكمة" أكثر تقاربًا إلى عقيدة العهد الجديد التي مؤداها أن "الله محبة"، ففيه نجد أن المحبة هي الباعث الأول إلى الخلق، ممثلا الله كأب يحب كل خلائقه، صبور، طويل الأناة، في مواقفه حيال الأشرار المسيئين [لأنك تحب كل الأكوان ولا تمقت شيئًا مما صنعت فانك لو أبغضت شيئا لم تكونه] (حك 25:11).
ذكر العهد الجديد بعض الأفكار التي وردت في هذا السفر [قابل (حك 9:13) مع (أع 27:17) - (حك 17:5-20) مع (أف 17:6- 20)]، كما اقتبس منه اصطلاحات أدخلت في الصلوات الطقسية في الكنيسة مثل "الخلود"، و"أنت محب البشر"..
عالج سفر "الحكمة" مشكلة الألم البشري، مبينًا الراحة الحقيقية لا نجدها إلا في السماء.
أولًا مكافأة الحكيم التقي (حك 1 - 6):
- يعلن الخلود كمكافأة عن الحياة الحكيمة التقوية:
"أما الاهتمام بالأدب فهو محبة"، [اشتهاء الحكمة يسوق إلى الحكم الأبدي] (حك 6: 19، 21) أما أولئك الذين اعتبروا هذه الحياة كل الحياة فانصرفوا إلى التمتع بالملذات الجسدية والأفراح الزمنية فقالوا إن [حياتنا قصيرة محزنة... فلنمتع أنفسنا بما فيها من المسرات] (حك 2: 1، 6)، فشجب هذا الفكر مبرزًا أن الشرير عقابه أبدي حيث يكافأ الأبرار والصديقين الذين نفوسهم في يد الله (حك 1:3).
ثانيًا: مفهوم الحكمة (حك 7 - 10):
إذ يمتدح سليمان الحكيم الحكمة يكشف عن ماهيتها ويعلن أنها عطية الله توهب لسائليها.
- سليمان كسائر البشر حك 7: 1 - 6.
- طلب الحكمة فاغتني حك 7: 7 - 12.
- طلب العون للحديث عن الحكمة حك 7: 13 - 23.
- طبيعة الحكمة حك 7: 24 - 8: 1.
- الحكمة مصدر المعرفة حك 8: 2 - 8.
- الحكمة واهبة المشورة والراحة حك 8: 9 - 16.
- الحكمة عطية الله حك 8: 17 - 21.
- صلاته من أجل الحكمة حك 9.
- الحكمة تخلص ذويها حك 10.
يدعوا الملوك والحكماء لكي يتعلموا الحكمة السماوية التي يصفها بأنها مجيدة ودائمة وإنها تطلب الذين هم أهل لها، وأنه بدون محبة لا يمكن حفظ شعائرها، ثم يصف ما لهذه الحكمة من قوة الجذب بعبارات مملوءة من الأفكار الجميلة [هذه أحببتها وطلبتها منذ حداثتي والتمست أن اتخذها عروسًا لي وصرت لجمالها عاشقًا] (حك 8: 2).
ثالثًا: حكمة الله المترفقة وغباوة الوثنية حك 11 - 19:
أن كان الله هو مصدر الحكمة بل هو الحكمة ذاتها فانه يترفق بنا، أما البعد عنه والالتجاء إلى الوثنية فهو حرمان من رعاية الله هنا وفي الأبدية موضحًا:
- ما رعي به شعبه أدب به فرعون حك 11.
- يسمح بالألم... لنفعهم حك 12.
- جحود الإنسان (عبادته الأوثان) رغم رعاية الله المستمرة حك 13 - 16.
- عمود النار مقابل ضربة الظلمة حك 17.
" أنك تشفق على جميع الأكوان لأنها لك أيها الرب المحب النفوس " (حك 11: 27).
يختم السفر بتنديد شديد بعبادة الأوثان (حك 2:11 - حك 15)، وتعزية قصد بها تعزية أتقياء اليهود الذين تحت الاضطهاد (حك 16-19).
← تفاسير أصحاحات حكمة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19
السفر السابق سفر نشيد الأنشاد |
فهرس قسم ملخص
أسفار الكتاب المقدس العهد القديم القس أنطونيوس فهمي |
السفر
التالي سفر يشوع ابن سيراخ |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/g2cv3s6