محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
مرقس:
الكتاب المقدس المسموع:
استمع لهذا الأصحاح
|
← انظر أيضًا: متى 3 - متى 4 - متى 8.
آية (1): "بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ،"
لم يفتتح
الإنجيلي مار مرقس إنجيله بعرض أحداث الميلاد أو نسب المسيح. وإنما إذ يكتب للرومان يقدم المسيح ابن الله. صاحب السلطان، القوي. وهو له سلطان على الجسد والنفس، حياتنا الظاهرة والداخلية. والرومان يحبون القوة فنجد إنجيل مرقس يُصوِّر لهم المسيح القوي، بل الذي يعطي للمؤمنين به قوة (مر17:16-18).يبدأ الإنجيل ببنوة المسيح لله ويختتم بدعوة المسيح لتلاميذه أن يكرزوا الأمم ويعمدوهم ثم بارتفاع المسيح إلى السموات إلى حضن أبيه. فكأن المعنى أن المسيح
أعطانا البنوة لله وذهب ليعد لنا مكانا يحملنا فيه إلى أمجاد السماء في حضن أبيه، فبالمعمودية نحصل على البنوة لله.إِنْجِيلِ
= القديس مرقس هو الوحيد الذي أعطى لسفره عنوان إنجيل. وإنجيل تعني الكرازة أو البشارة المفرحة للعالم وسرها الخلاص الذي قدمه المسيح للبشر. هو في هذه الآية يقدم للرومان مخلص= يَسُوعَ. وهو الممسوح ملكًا = الْمَسِيحِ .. ومن هو هذا المخلص.. هو ابْنِ اللهِ.
الآيات (2-3): "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: «هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي، الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً»."
هذه النبوات من (إش3:40+ ملا1:3). وهما تكشفان عن شخص السابق للرب. وملاخي دعاه ملاك الرب، لحياته الملائكية وكرامته السامية، كما أن كلمة ملاك معناها رسول، فهو مرسل من الله لتهيئة الطريق قدام المسيح بالدعوة للتوبة. ولتسمية ملاخي له بالملاك تصوره الكنيسة بجناحين كملاك للرب. وإشعياء يقول عنه
صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ فهو الأسد الزائر يزأر بصوته المرعب في برية إسرائيل (الشعب الذي يحيا كما في برية فهو غير مثمر) حتى يقدموا توبة. ومرقس إذ يكتب للرومان يقدم المعمدان الذي يسبق المسيح الملك ليعد له الطريق فالرومان يرسلون أمام ملوكهم من يعد لهم الطريق. إذًا في آية (1) يقدم المسيح الملك ابن الله، وفي الآيات (2-3) يقدم من يعد الطريق للملك. ولاحظ أنه إذا كان رسول الملك هو أسد صارخ فكم وكم تكون قوة الملك.يقول (ملا1:3) "ها أنذا أرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامي" وينقلها مارمرقس هكذا
"ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي، الذي يهيئ طريقك قدامك" وبهذا نفهم أن المسيح هو هو نفسه يهوه. فالمتكلم في نبوة ملاخي هو يهوه ويقول "قدامي" ومارمرقس يقولها عن المسيح "قدامك" وكلمة وجهك تشير للظهور الإلهي فهي تعني حضرة (صيغة تكريم للشخص).أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ، اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً
= وهي من الترجمة السبعينية "قَوِّموا في القفر سبيلًا لإلهنا". وهنا أيضًا نجد أن إلهنا يهوه في إشعياء هو هو نفسه المسيح الرب في إنجيل مرقس.بحسب الأناجيل كان ظهور وكرازة المعمدان هو طبقًا لهذه النبوة. وبها يبدأ الجزء الثاني من نبوة إشعياء الذي يطلق عليه الربيين "كتاب التعزيات" وراجع (إش40: 1، 2) مع ما قاله القديس متى والقديس مرقس وبتوسع أكثر ما قاله القديس لوقا مع (إش40: 3 - 5). والإنجيليين أخذوا النص من السبعينية. وغيروا صيغة العبارة فانطبق على المسيح ما قيل عن يهوه في نبوة إشعياء:-
أعدوا طريق الرب. قوموا في القفر سبيلا لإلهنا (إش40: 3).
بدء إنجيل يسوع -كما هو مكتوب-
ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك (مر1 : 2).
الآيات (4-8): "كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَكْرِزُ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. وَخَرَجَ إِلَيْهِ جَمِيعُ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَأَهْلُ أُورُشَلِيمَ وَاعْتَمَدُوا جَمِيعُهُمْ مِنْهُ فِي نَهْرِ الأُرْدُنِّ، مُعْتَرِفِينَ بِخَطَايَاهُمْ. وَكَانَ يُوحَنَّا يَلْبَسُ وَبَرَ الإِبِلِ، وَمِنْطَقَةً مِنْ جِلْدٍ عَلَى حَقْوَيْهِ، وَيَأْكُلُ جَرَادًا وَعَسَلًا بَرِّيًّا. وَكَانَ يَكْرِزُ قَائِلًا: «يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ»."
قوة معمودية يوحنا لا في ذاتها وإنما في رمزها لمعمودية السيد المسيح. ويوحنا المعمدان يمثل نهاية الناموس في دفعه الإنسان إلى التمتع بالمسيح وقيادة الكل إليه (لو16:16). إذًا فيوحنا كنهاية للعهد
القديم، يقدم لنا خلاصة العهد القديم وهي جذب ودعوة العالم كله للمسيح. لاحظ قوله وخرج إليه جميع كورة اليهودية = فيوحنا بوعظه وكلماته النارية حرك مشاعر الجميع، فقدموا توبة علامتها المعمودية في الماء استعدادًا لمجيء المسيح، ومن يقدم توبة حقيقية تنفتح عيناه ويعرف المسيح ويؤمن به، فيقبل المعمودية بالماء والروح ويصير من أبناء الله.
الآيات (9-11): "وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ وَاعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي الأُرْدُنِّ. وَلِلْوَقْتِ وَهُوَ صَاعِدٌ مِنَ الْمَاءِ رَأَى السَّمَاوَاتِ قَدِ انْشَقَّتْ، وَالرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلًا عَلَيْهِ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ»."
المسيح لم يكن محتاجًا للمعمودية فهو بلا خطية، ولكن كما كتب عنه أنه أحصى مع أثمة (إش12:53). وكون السماء انشقت فهذا يعطي إحساس بأن الأمور السماوية صارت معروفة لنا ويمكن رؤيتها واقترب الإنسان للملائكة (يو51:1). فالمسيح جعل الاثنين واحدًا. أي السماء والأرض، (كما فهمتها كنيستنا القبطية وترتل بها في التسبحة المعروفة) فكل منهما مملكته.
قيل عن الكنيسة أنها حمامة (نش15:1+ 14:2+ 1:4+ 2:5).
فنزول الروح القدس على شكل حمامة كان ليقيم الروح القدس كنيسة المسيح الحمامة الروحية الحاملة لسمات سيدها (نش12:5) (بساطة/ طهارة/ مملوءة سلامًا....).
هذه هي سمات الكنيسة المختفية في المسيح ربنا. كنيسة روحية تحمل سماتها خلال الروح القدس الساكن فيها يهبها عمله الإلهي بلا توقف.
ظهور الروح القدس يرف فوق المياه في بداية الخليقة (تك2:1) كان ليعطي حياة ويظهر الخليقة. وهذا ما حدث في المعمودية فالروح القدس حلَّ على المسيح ليكرس جسده ليصير هو الكنيسة، يموت على الصليب وتموت معه الكنيسة في المعمودية بعمل الروح القدس ويقوم من الأموات والكنيسة تقوم معه في المعمودية ويصوِّر الكنيسة فيه ويصير هو رأسها وهي على صورته، تموت وتقوم كل نفس في المعمودية بالماء والروح الذي يرف على سطح مياه المعمودية، وتخرج هذه النفس المعَمَّدَةَ لتصير في المسيح خليقة جديدة. ونرى في معمودية السيد المسيح.
الابن في الماء (وكنيسته مختفية فيه).
والروح القدس على شكل حمامة (ليهيئ الكنيسة الحمامة الحاملة لسمات المسيح ومختفية فيه، فهي جسده).
والآب بصوته "هذا ابني الحبيب.." يعلن بنوتنا له في ابنه ويقيم منا حجارة روحية حيَّة تبني هيكل جسد المسيح.
انشقت= ربما تعني أن عين البشر هي التي انفتحت.
المعمودية: هي سر فكون أن المعمد حين ينزل إلى الماء يموت مع المسيح وحين يخرج من الماء يكون قد قام مع المسيح فهذا عمل سري ونعمة غير منظورة نحصل عليها بأشياء منظورة هي التغطيس في الماء.
(مر12:1-13):
الآيات (12-13) "وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَكَانَ مَعَ الْوُحُوشِ. وَصَارَتِ الْمَلاَئِكَةُ تَخْدِمُهُ".
وللوقت= أي بعد العماد مباشرة، فالشيطان يحقد علينا ويحسدنا عقب كل بركة ننالها أخرجه الروح= الروح القدس أخرجه ليغلب لحسابنا. إلى البرية.. وكان مع الوحوش= البرية القفرة الموحشة الخربة مكان الشياطين، وبها وحوش تخيف، ويخيف بها إبليس الإنسان كما كان يظهر للأنبا أنطونيوس على شكل وحوش مخيفة. والمسيح انتصر على كل ذلك حتى ننتصر نحن فيه. نحن نحمل في جعبتنا إمكانيات إلهية الآن بها نغلب. من يقوده روح الرب وهو مختفي في الرأس المسيح بلا شك تكون معركته رابحة.
وإذا كان المسيح قد عاش 40 يومًا وسط الوحوش فهو بهذا قد أعاد السلطان للإنسان على الحيوان، ولذلك فالوحوش لا سلطان لها الآن على أولاد الله وهذا ما حدث مع مارمرقس والأنبا برسوم العريان. ونلاحظ أن مارمرقس هو الذي أشار لموضوع الوحوش في البرية لأن هدف مارمرقس في إنجيله إظهار قوة المسيح وسلطانه أمام الرومان الذين يحترمون القوة. ومارمرقس لم يشر لأن المسيح انتصر على الوحوش فهذا في رأيه أمر مفروغ منه ولكنه يضع اللمسة القوية أنه كان مع الوحوش. والملائكة التي صارت تخدمه صارت أيضًا تسند كل الخليقة بحراستها لنا وصلواتها عنا ومعنا.
وربما اختصر مارمرقس قصة التجربة في إنجيله لأن تجربة إبليس للمسيح كانت أصعب بدرجة تفوق خيالنا، وهذا ما لمَّح له القديس لوقا أن إبليس جربه بكل تجربة. أما متى ولوقا فأوردوا على قدر ما نحتمل من القصة.
الآيات (14-20): في كتاب إنجيل متى (مت13:4-25)
الآيات (21-28) + (لو31:4-37)
الآيات (مر21:1-28): "ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ، وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ. فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ. وَكَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ، فَصَرَخَ قَائِلًا: «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: «اخْرَسْ! وَاخْرُجْ مِنْهُ!» فَصَرَعَهُ الرُّوحُ النَّجِسُ وَصَاحَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَخَرَجَ مِنْهُ. فَتَحَيَّرُوا كُلُّهُمْ، حَتَّى سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «مَا هذَا؟ مَا هُوَ هذَا التَّعْلِيمُ الْجَدِيدُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ يَأْمُرُ حَتَّى الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتُطِيعُهُ!» فَخَرَجَ خَبَرُهُ لِلْوَقْتِ فِي كُلِّ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ بِالْجَلِيلِ."
الآيات (لو31:4-37): "وَانْحَدَرَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ، مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ، وَكَانَ يُعَلِّمُهُمْ فِي السُّبُوتِ. فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّ كَلاَمَهُ كَانَ بِسُلْطَانٍ. وَكَانَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ بِهِ رُوحُ شَيْطَانٍ نَجِسٍ، فَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قِائِلًا: «آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ!». فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: «اخْرَسْ! وَاخْرُجْ مِنْهُ!». فَصَرَعَهُ الشَّيْطَانُ فِي الْوَسْطِ وَخَرَجَ مِنْهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ شَيْئًا. فَوَقَعَتْ دَهْشَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ، وَكَانُوا يُخَاطِبُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «مَا هذِهِ الْكَلِمَةُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ يَأْمُرُ الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتَخْرُجُ!». وَخَرَجَ صِيتٌ عَنْهُ إِلَى كُلِّ مَوْضِعٍ فِي الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ."
كفرناحوم= "كفر النياح" أو "الراحة"، وجغرافيًا فهي منخفضة من الناصرة، لذلك يقول انحدر. في السبت= يوم الراحة فالقديس مرقس بدأ معجزات السيد المسيح بهذه المعجزة، وهو يكتب للأمم ليعلن لهم أن السيد المسيح أتى ليعطي الراحة للمتعبين إذ يحررهم من الأرواح النجسة التي سيطرت عليهم زمانًا وأتعبتهم بل استعبدتهم. الرومان كانوا أقوياء عسكريًا ولكن لا حول لهم ولا قوة أمام الأرواح والقوى الخفية. ومرقس هنا يبرز سلطان المسيح عليها. وكأن مرقس يقول أيهما أجدر بالخضوع المسيح أم ملككم بقوته العسكرية. كمن له سلطان وليس كالكتبة= كان الكتبة يقولون، الناموس يقول.. أو المعلم فلان يقول، أما السيد المسيح فكان يقول.. أما أنا فأقول كذا وكذا.. والكتبة كانت كلماتهم جوفاء بلا قوة، أمّا المسيح فكلماته كلها قوة وجذابة للنفس.
آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري.. أنا أعرفك= الشياطين عرفت المسيح ولكن ليس كمعرفة الملائكة والقديسين الذين يجدون في معرفته فرحًا وحياة وشركة أبدية (يو3:17). أمّا الشياطين فتعرفه ديانًا لها يأتي ليهلكها، وترتعب منه. مَن يفرح بالمسيح هو من امتلأ قلبه محبة، أمّا هؤلاء الشياطين فمملوئين كراهية وحقد. هم يعرفون الله لكنها معرفة بلا حب ولا رجاء، يؤمنون ويقشعرون (يع19:2) وهم يحاولون إبعاد البشر عن الله. والله لا يقبل شهادة هؤلاء، فهم إذا شهدوا يكون هذا بنية خبيثة، فمثلًا هم أقنعوا الفريسيين أن السيد يخرج الشياطين بواسطة بعلزبول، وربما يريدون بشهادتهم إثبات هذه العلاقة. المهم أن المسيح في غنى عن شهادة الأشرار عنه. والسيد المسيح كان لا يريد في البداية الإعلان عن أنه المسيا المنتظر حتى لا تحدث ثورة سياسية إذ يظن الشعب أنه جاء ليحررهم من الرومان. والمسيح رفض شهادة الشياطين. فشهادتهم له هي نوع من الخداع. فهم يريدون إثبات أن لهم علاقة بالمسيح، واليوم يشهدون له وغدًا يهاجمونه فيضللون السامعين.
ولاحظ أن الشيطان لم يحتمل وجود المسيح الذي كان يعلم بسلطان فبدأ يهتاج. ولكن الشيطان مهما كانت قوته فهو بلا حول ولا قوة أمام سلطان رب المجد. ولاحظ أنهم عرفوا كثيرًا عن المسيح، لكن الشياطين لم يدركوا أنه الله المتجسد، ولكن الشيطان فزع منه كما تفزع الظلمة من النور. ولاحظ أن السيد المسيح قبل أن يخرج الشياطين من الناس سبق وهزم الشياطين في البرية. فهو إن لم يكن قد هزمه، ما كان يقدر أن يكون له هذا السلطان. فهو هزمه لحسابنا ليحررنا من سلطانه.
مَا هذِهِ الْكَلِمَةُ؟ لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ = يقصدون بقولهم الكلمة أن المسيح ليس كمن لهم موهبة إخراج الشياطين بالصلاة والتضرعات، لكن هم وجدوا المسيح بكلمة واحدة يأمر الشيطان فيخرج فورًا. كلام المسيح ووصاياه يصاحبه قوة للتنفيذ. قوة شعر بها كل من كان يسمع المسيح، وقوة لم يتمكن الشيطان أن يصمد أمامها فأطاع وخرج فورًا.
أنا أعرفك = الشيطان يعرف الله جيدًا، عرفه وهو ملاك واختبر محبته. وعرفه بعد سقوطه وأدرك عدله. وهو يعرف قوة الله وسلطانه. وحين رأى قوة المسيح وسلطانه أدرك أن هذه القوة قد اختبرها وعرفها من قبل، وأنها في الله فقط، فبدأ يشك أن المسيح هو الله.
الآيات (29-34) في كتاب إنجيل متى (مت14:8-17)
الآيات (35-39) + (لو42:4-44)
الآيات (مر35:1-39): "وَفِي الصُّبْحِ بَاكِرًا جِدًّا قَامَ وَخَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ، وَكَانَ يُصَلِّي هُنَاكَ، فَتَبِعَهُ سِمْعَانُ وَالَّذِينَ مَعَهُ. وَلَمَّا وَجَدُوهُ قَالُوا لَهُ: «إِنَّ الْجَمِيعَ يَطْلُبُونَكَ». فَقَالَ لَهُمْ: «لِنَذْهَبْ إِلَى الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ لأَكْرِزَ هُنَاكَ أَيْضًا، لأَنِّي لِهذَا خَرَجْتُ». فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِهِمْ فِي كُلِّ الْجَلِيلِ وَيُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ."
الآيات (لو42:4-44): "وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ خَرَجَ وَذَهَبَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ، وَكَانَ الْجُمُوعُ يُفَتِّشُونَ عَلَيْهِ. فَجَاءُوا إِلَيْهِ وَأَمْسَكُوهُ لِئَلاَّ يَذْهَبَ عَنْهُمْ. فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضًا بِمَلَكُوتِ اللهِ، لأَنِّي لِهذَا قَدْ أُرْسِلْتُ». فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِ الْجَلِيلِ."
وكان يصلي= هي علاقة النور بالشمس، هي صلة الابن بأبيه، هي المحبة المتبادلة، وإن كان المسيح يصلي فكم وكم احتياجنا نحن للصلاة. فبدون الصلاة أي الصلة بالله فلا سلطان لنا على إبليس. ولا حماية من الله لنا بدون علاقتنا بالله. ولاحظ أنه إذ عَلِمَ بأن الجموع تطلبه ذهب ليكرز ويخرج شياطين، فهو لم يأتي لراحته بل ليريح الناس= لأني لهذا خرجت. والمسيح لم يكتفي بمدينة واحدة بل هو يريد أن يذهب للجميع= ينبغي لي أن أبشر المدن الأخر. فهو يريد أن الجميع يخلصون. فنحن نرى أن سكان كفر ناحوم حاولوا أن يمسكوه ويحتفظوا به لكنه في محبة شرح لهم أنه أتى للكل. يريد أن يحرر الكل من سلطان إبليس.
الآيات (40-45) في كتاب إنجيل متى (مت1:8-4).
← تفاسير أصحاحات إنجيل مرقس: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مرقس 2 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
مقدمة إنجيل مرقس |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/mg5fa8t