محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
يهوديت: |
1 وفي السَّنةِ الثَّامِنةَ عَشْرَةَ واليَومِ الثَّاني والعِشْرينَ مِنَ الشَّهرِ الأَوَّل دارَ الكَلامُ في بَيتِ نَبوكَدْنَصَّرَ مَلِكِ أَشّورَ على الِانتِقامٍ مِنَ الأَرضِ كُلِّها، كما كانَ قد قال.2 فاستدْعى جَميعَ ضُبَّاطِه وجَميعَ عُظَمائِه وعَقَدَ مَعَهُم مَشورةً سِرَيَّة وعَزَمَ بلِسانِه على الشَّرِّ التَّامِّ في الأَرض،3 فحَكَمَوا بِإِهلاكِ جَميعِ الَّذينَ لم يُطيعوا أَوامِرَ فَمِه.
إجتمع نبوخذ نصر مع ضباطه ومشيريه، فيما يشبه غرفة العمليات ومجلس حرب، والشهر هنا هو شهر نيسان (أبريل)، باعتباره الشهر الأول في السنة البابلية، وأما اليوم فقد كان عقب الأجازة الأسبوعية في تلك البلاد، حيث تتوقف جميع الأعمال أيام 7، 14، 21، 28، بغض النظر عن اسم اليوم (سبت وأحد..)
وعَزَمَ بلِسانِه على الشَّرِّ: وتأتي في الفولجاتا تمت الكلمة وهو ما يوازي في لغتنا: صدر القرار، وقد قرر نبوخذ نصر الانتقام من تلك البلاد الواقعة إلى الغرب والجنوب منه، وعلى الرغم من أن بعض الملوك والفاتحين كانت لهم أغراضًا شخصية في فتوحاتهم، ولعب تشامخ القلب دورًا كبيرًا في أعمال القتل والسلب والنهب إلا أن البعض الآخر كانت له أهدافًا سامية، مثل الإسكندر الأكبر الذي يردى عنه التاريخ أنه أراد بفتوحاته هناك لغة واحدة ومعتقد واحد وثقافة واحدة.. إلخ كما يروى عنه أنه تعامل مع الخاضعين من رعاياه بالرحمة والنبل (وإن كانت له أيضًا بعض الأخطاء الفادحة)، ولكن نبوخذ نصر أراد أن يصبح إلهًا لكل الأرض (سيد الأرض كلها 2: 5) وهو اللقب الرسمي لملوك آشور وبابل وفارس، ولكن الله أذل كبريائه وأهبط تشامخه قلبه.
4 وكانَ أنَّ نَبوكَدْنَصَّرَ، مَلِكَ أَشور، لَمَّا أتمَّ مَشورَتَه، اِستَدْعى أَليفانا، قائِدَ جَيشِه وثانِيَ رَجُل بَعدَه، وقالَ لَه: 5((هذا ما يَقولُه المَلِكُ العَظيم، سَيِّدُ الأَرضِ كُلِّها: اِذهَبْ مِن عِنْدي وخذْ مَعَكَ رِجالًا واثِقينَ مِن قُوَّتِهِم، نَحوَ مِائةٍ وعِشْربنَ أَلْفًا مِنَ المُشاةِ وعَدَدًا كَبيرًا مِنَ الأَفْراس معَ اثنَي عَشَرَ أَلفًا مِنَ الفُرْسان،6 واخرُجْ على الأَرضِ كُلِّها غَرْبًا، لِأَنَّهم لم يُطيعوا أَوامِرَ فمي،7 وأَخبِرْهم بِأَن يُعِدُّوا الأَرضَ والماء، فإني سأَخرُجُ علَيهِم في غَضَبي وسأُغَطِّي كُلًّ وَجْهِ الأَرضِ بِأَقْدامِ جَيْشي وأُسلِمُهم إِلَيه لِلنَّهْب.8 وجَرحاهم تَملأُ الأَودِيَة، وكُلُّ سَيلٍ ونَهْرٍ يَمتَلِئُ فيَفيضُ بِجُثَثِهِم.9 وأَسوقُ أَسْراهم إِلى أَقاصي الأَرضِ كُلِّها. 10 أَمَّا أَنتَ فامضِ واحتَلَّ لي كُلَّ أَرضِهِم، فيُسلِمونَ أَنفُسَهم إِلَيك فَتحفَظُهم لي إِلى يَومِ اتِّهامِهم. 11 أَمَّا العُصاة، فلا تُشْفِقْ علَيهم، بل أَسلِمْهُم إِلى القَتْلِ والنَّهْبِ في كُلِّ أرضِكَ. 12 بِحَياتي وبِعِزَّةِ مُلْكي، لقد تَكلَمتُ وسأَفعَلُ ذلك بِيَدي. 13 وأَنتَ فَلا تُخالِفْ أيَّ أَمْرٍ مِن أَوامِرِ سَيِّدِكَ، بل نَفِّذْها تَنْفيذًا كما أَوصَيتُكَ بِه، ولا تُرجِئ القِيامَ به.
الآن راقت له الفكرة وأيد قادة الجيش، ووجدت خطته قبولًا واستحسانًا ووجّه الأمر إلى أليفانا لكي يحول الأمر السياسي إلى عمليات عسكرية.
أَليفانا Holofrenceاسم فارسي معناه (الله أظهر) و(الله ظهر) وقد ورد الأسم في التاريخ لقائد جيوش أرتحتشتا الثالث في القرن الرابع قبل الميلاد ولكن ذلك لا يمنع أن يكون الأسم مستخدمًا قبل ذلك التاريخ وبين شعوب مختلفة، وقد ظهر أليفانا في السفر، كشخص متعجرف شهواني لا موضع للشفقة في قلبه أخبرهم أن يعدوا الأرض والماء: Prepare Earth and Water تعتبر فارسي مشهور، يستخدم للدلالة على الاستسلام، وقد ورد هذا الأصطلاح كثيرًا في كتابات هيرودتس المؤرخ، ويعني التعبير سيادة الفاتح على الأراضي والماء وبسط سلطانه عليها، وربما كان ذلك هو المقصود في مز 110: 6، 7 (ملأ جثثًا أرضًا واسعة سحق رؤوسها، من النهر يشرب في الطريق، لذلك يرفع الرأس).
إن لهجة نبوخذ نصر فيها كثير من التعالي والكبرياء، ولعل كاتب السفر يصفها هنا بدقة لكي يقارن فيما بعد ما بين تعاليمه وشموخه من جهة وبين كسرته ودمار جيشه من جهة أخرى لا سيما أن ذلك يتم بيد أرملة مسكينة أيدتها يد الله، فإن تعبير بحياتي وبعزة ملكي هو تأليه.. وتألّه، إن نبوخذ نصر هنا يأخذ مما لله من صفات ليضيفها على شخصه، إن يهوه فقط هو الذي له السلطان (بما أن الرب حيّ As the lord lives ) راجع عدد 14: 21، 28)، وقد غار الله على مجده.
14 وخَرَجَ أَليفانا من أَمام سَيِّدِه ودَعا جَميعَ الرُّؤَساءِ والقُوَّادِ والضُّبَّاطِ في جَيشِ أَشّور 15 وأَحْصىِ نُخبَةَ الرِّجالِ لِلقِتال، كما أَمَرَه سَيِّدُه، نحوَ مِائَةٍ وعِشْرينَ أَلْفَ رَجُلٍ واثنَي عَشَرَ أَلفَ فارِسٍ نَبَّال، 16 وصَفَّهم كَما يُصَفُّ الجُنودُ لِلقِتال. 17وأَخَذَ عَدَدًا كَبيرًا جِدًّا مِنَ الجِمالِ والحَميرِ والبِغالِ لِحَمْلِ أَمتِعَتِهم وعَدَدًا لا يُحْصى مِنَ الخِرافِ والبَقَرِ والمَعَزِ لِإِعاشَتِهم 18 وأُعْطِيَ كُلُّ رَجُلٍ مَؤُونةً كثيرةً وقَدْرًا وافِرًا جِدًّا مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ مِن بَيتِ المَلِك. 19 ثُمَّ خَرَجَ هو وكُلُّ جَيشِه في حَملَةٍ لِيَسبِقوا نَبوكَدْنَصَّرَ المَلِك ويُغَطّوا كُلَّ وَجهِ الأَرضِ إِلى الغَرْبِ بِمَركَباتِهم وفُرْسانِهم ونُخْبَةِ مُشاتِهم. 20 ورافَقَهم خَليطٌ منَ النَّاسِ كثيرٌ كالجَرادِ وكَرَمْلِ الأَرض، لا يُحْصى عَدَدُهم لِكَثرَتِهم
قد يبدو أن هذا العدد من الجنود والفرسان، هو مبالغ فيه، مما حدا ببعض الشراح أن يضعوا احتمال أن تكون لفظة ألف قد أستخدمت في مثل هذه الحالات لتعني فرقة حربية عدد أقل، ومن ثم فقد وضعوا في هذا الأطار من الاحتمالات، العدد الهائل الذي هلك من جيش سنحاريب أبو أسرحدون والذي وصل إلى مائة وخمس وثمانون ألفًا. 1
وقد أحتاج هذا العدد الهائل إلى قطعان كبيرة من الجمال والحمير والبغال لنقل الأمتعة والذخائر، وقطعانًا أخرى من الخراف والبقر والماعز، نظير طعامهم في سفرتهم الطويلة، وقد أعطى أليفانا لجنوده وضباطه رواتبًا عالية، فقد كان من الضروري الاهتمام بإعاشة الجنود والتوجيه المعنوي لهم حتى يمكنهم مواصلة فتوحاتهم والعمل في ساحة القتال بروح حربية جيدة، حيث واجه الكثير من الفاتحين نكبات كبيرة بسبب تزمر الجنود عند جوعهم وتأخر رواتبهم.
وكان مثل ذلك العدد الهائل، يحتاج إلى حوالي أربعة آلاف كبش في اليوم الواحد كطعام، إضافة إلى حوالي أربعين طنًا من القمح، كما يحتاج إلى حوالي ألف ومائتين متر مكعب من الماء للشرب فقط، وقد تقرر الحصول على القمح من حقول دمشق لما اشتهرت به سوريا في ذلك الوقت من انتاج القمح والشعير (راجع النص اللاتيني 2: 7 - 11).
ويُغَطّوا كُلَّ وَجهِ الأَرضِ.. كالجَرادِ وكَرَمْلِ الأَرض: وتشبه الجيوش الجرارة بالجراد نظرًا لهجوم أسراب هائلة من الجراد على الحقول والمدن محدثة دمارًا هائلًا في الزروع وكانت ومازالت بعض أسراب الجراد تغطى مساحة عدة كيلومترات في بعض هجماتها في تشكيل مرعب يكاد يحجب نور الشمس، وتسبب رعبًا كبيرًا للبلاد التي تهاجمها، وقد أستعير هذا التشبيه في الأدب الكتابي للإشارة إلى الحملات الكبيرة كهذه الحملة(راجع أيضًا قض 7: 12، أر 46: 23) كما استخدمت تشبيهات أخرى في الكتاب المقدس من هذا القبيل أيضًا مثل الزنابير (خر 23: 27، 28) والذباب والنمل كرمز للقوات الحربية لمصر وآشور (أش 7: 18).
وبالإضافة إلى رغبة كاتب السفر إلى جعل هزيمة الأشوريين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). فيما بعد - كبيرة وخسارتهم فادحة، فهو يشير أيضًا من طرف خفي إلى عدم التكافؤ بين إمكانيات العدو وإمكانيات اليهود، وكيف أن قوة الله عندما تضاف إلى قوة الإنسان فهي تقدر أن تهزم أشر الجيوش وأعتَى الأعداء.
21وخَرَجوا مِن نِينَوى وساروا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مُتَّجِهينَ إِلى سَهْلِ بَكْتيلة. وغادَروا بَكْتيلة وعَسكَروا بِالقُرْبِ مِنَ الجَبَلِ الَّذي إِلى شَمالِ قيليقيَةَ العُلْيا. 22 وأَخَذَ كُلَّ جَيشِه، مِن مُشاةٍ وفُرْسانٍ ومَركَبات، ومَضى مِن هُناكَ إِلى النَّاحِيةِ الجَبَلِيَّة. 23 كسَرَ فودَ ولُود ونَهَبَ جَميعَ بَني رَشيشَ وبَني إِسماعيلَ الَّذينَ حِيالَ البَرِّيَّة وجِهَةَ جَنوبِ كِلُّون. 24 ثُمَّ سارَ بِجانِبِ الفُرات واجتازَ ما بَينَ النَّهرَينِ ودَمَّرَ جَميعَ المُدُنِ المُحَصَّنةِ الَّتي على سَيلِ عَبْرونة ووَصَلَ إِلى البَحر. 25 واحتَلَّ بِلادَ قيليقِية وسَحَقَ جَميعَ الَّذينَ يُقاوِمونَه وجاءَ إِلى حُدودِ يافَثَ الَّتي إِلى الجَنوبِ حِيالَ دِيارِ العَرَب، 26 وطَوَّقَ جَميعَ بَني مِدْيَن وأَحرَقَ مُخَيَّماتِهِم ونَهَبَ حَظائِرَهم، 27 ونَزَلَ بعدَ ذلك إِلى سُهولِ دِمَشقَ قي أَيَّامِ حِصادِ الحِنطَة فأَحرَقَ جَميعَ حُقولهِم وأَسلَمَ قُطْعانَ الخِرافِ والبَقَرِ إِلى الإِبادة، ونَهَبَ مُدُنَهم وأَتلَفَ سُهولَهم وضَرَبَ جَميعَ شُبَّانِهم بحَدِّ السَّيف. 28 فوقَعَ الخَوفُ والرِّعدَةُ على سُكَّانِ الشَّاطِئِ الَّذينَ في صَيدا وصور، وسُكَّانِ صورَ وعُكِّينا وجَميعِ سُكَّانِ يِمْناعِ، وخافَه السَّاكِنونَ في أَشدودَ وأَشْقَلونَ خَوفًا شديدًا.
يلاحظ هنا أن قائمة المدن والبلاد، تختلف قليلًا عن قائمة البلاد التي ذكر أنها رفضت التحالف مع نبوخذ نصر، ولكن يجب الانتباه أيضًا إلى أن القائمة في الحالتين تمثل مسح شامل لكل المنطقة غربًا وجنوبًا، مع استبدال بعض الأسماء بأخرى مرة بحسب شهرتها وأخرى حسب مساحتها، كما أن أليفانا لم يدمر كل البلاد، حيث أرسلت له بعضها تطلب الأمان بعد بطشه ببلاد أخرى (راجع 3: 1 - 3)
بَكْتيلة: Bectileth وهي كلمة أرامية تعني (بيت القتل) وهو موقع في شمال قيليقية وبالقرب منه، وتبلغ المسافة بينه وبين نينوى 300 ميل مما جعل بعض المؤرخين والجغرافيين يظنون أن هذا السهل يقع في شمال أنطاكية، إذ يرون أنها مسافة كبيرة ليقطعها جيش جرار في ثلاثة أيام.
قيليقيَةَ العُلْيا: مقاطعة تقع شمال البحر المتوسط وجنوب جبل طوروس، والمقصود هنا هو القسم الجبلى وهو الغربي، إذ تنقسم قيليقية إلى قسمين، الآخر شرقي ويدعى سهل قيليقية، وكان يسكن قيليقية أغلبية يهودية.
كسَرَ فودَ ولُود: phud، lud شعب من نسل سام، ويقع الموقعين في غربي آسيا الصغرى (راجع تك 10: 13، أر 46: 9) وربما يكون الموقع هو المذكور (في اللاتينية) تحت اسم ملوطة.
رَشيشَ: وترشيش، الاسم فينيقي معناه معمل التكرار، وربما يكون منسوبًا إلى قبيلة (تيراس) التي سكنت قديمًا نواحي كيليكية وجبال طوروس، وهي مدينة على البحر المتوسط جنوب أسبانيا بقرب جبل طارق، وهي أشهر البلاد التي عملت في التجارة البحرية، ولعل أليفانا قد استولى على سفنها ومواردها التجارية.
وبَني إِسماعيلَ: إسماعيل (عبري = الله يسمع) قبائل متفرقة في شبه الجزيرة العربية وسوريا وقرب ترشيش في الشمال، ويحتمل أن يكون قد حصل أليفانا منها على مزيد من قطعان الماشية بعد أن أحرق خيامها (مساكنها).
كِلُّون: chelleaus، مدينة غرب الأردن تطل على أحد الطرق الرئيسية بين مصر وأورشليم، بينما يرجح آخرون أن يكون موقعها في شبه الجزيرة العربية. شمال مسكني الإسماعيليين، ولكن المؤكد أنه موضع بالقرب من ترشيشن أيضًا في الشمال.. إذ لايزال أليفانا وجيشه حتى ذلك الوقت يعيث فسادًا في بلاد ما بين النهرين وحولها.. ولم يصل بعد إلى شبه الجزيرة العربية.
سَيلِ عَبْرونة: Arbonai نهر يقع بين الفرات والبحر المتوسط، وإلى هناك وصل أليفانا في طريقه إلى البحر المتوسط، وقد دمر جميع المدن الواقعة على ساحل هذا النهر.
واحتل بلادَ قيليقِية وسَحَقَ جَميعَ الَّذينَ يُقاوِمونَه وجاءَ إِلى حُدودِ يافَثَ الَّتي إِلى الجَنوبِ حِيالَ دِيارِ العَرَب: يافث اسم سامي معناه (يفتح) وتقع تخوم يافث في جنوب بحر قزوين والبحر الأسود وحتى البحر المتوسط، وأما ديار العرب، فهي مساكن الإسماعليين على النحو الذي أوردناه.
بَني مِدْيَن: هم سكان بلاد مديان (مديان اسم سامي معناه محكمة) وكانت تخومهم من خليج العقبة إلى موآب وحتى سيناء في شمال مصر، وقد اختلط شعبهم وأرضهم بشعب وأرض الإسماعيليين، وتوجد حاليًا منطقة تقع شرق خليج العقبة، وهم شعب بسبب تجارته الواسعة، وقد قاموا أليفانا كثيرًا مما حدا به إلى احراق ضياقهم وحظائرهم وسلب مواشيهم.
وقد كتب آشور بانيبال في آشور بانيبال في آثاره (إسطوانة 1 عامود 6): في حملتي التاسعة سيرة جنودي على فيتح (فاتح) ملك العرب لأنه كف عن أداء الجزية، وسير جيشًا مع بقية أعداءنا لإنجاد سما سوموقين أخي الثائر عليَّ وسار معه رجال بلاد العرب، فيأمر آشور أدخلة جيوش إلى بلاد عزران وحيره تكازا (في بلاد الغرب) وإلى آدوم وجوار بيرور وبين عمون وحوران وموآب والصحارى وصوبة وكتب في العامود 7: قتلة عددًا لا حصر له من محاربيه وأكملت كسر الجنود وأهلكت رجال العرب فإنهزم إلى خيام البنطيين فأحرقتها، وكتب في عامود 8: فأكمل جنودى قهر رجال العرب وأبادوا كل من ناحرهم بحد السيف وأحرقوا خيالهم ومنازلهم وأخذوا من البقر والغنم والجمال والحمير والرجال ودمروا كل بلادهم.
وفي وصفه لتلك الحملة، يقول أن جيشه عانى أعظم المشاق في أرض العطش والموت حتى بلغوا بلاد ماس البعيدة على مسافة 100 كسبو كطارو عن نينوى وهي جوار دمشق، ويقول ربواسون العالم، أن بلاد ماس هي بلاد باساق، حيث تمتد هذه البلاد إلى جبل حرمون وهو جبل الشيخ القريب من دمشق وأنها كانت من مساكن النبطيين خلفاء ملك العرب ومن أن كسبو كطارو يراد به مقياس الأرض وأن كل كسبو عبارة عن 6 كم فيكون مجموع الـ100 كسبو ستمائة كيلو متر، والمسافة من نينوى في الطريق الذي سار فيه الآشوريون وبين أطراف بلاد باسان، إنما هو نحو 660 كم وهو قريب مما ذكر في الأثر، كما ذكر ربواسون عن هذا الأثر أن جيش الآشوريين حل في كوراستى وكيدارى وكوراستى هي كرسا وجرسا القديمة على ضفة بحيرة طبرية حيث سميت بسببها تلك البحيرة (بحيرة جنيسارت) وأما كيرارى فهي كرارا وكدارا وهي الآن أم قيس وتبعد عن طرف بحيرة طبرية من جهة الجنوب، ثم جيوش آشور بانيبال في جانب بحيرة طبرية عند مهاجمتهم وتضييقهم على بني إسرائيل طبقًا لما جاء في سفر يهوديت.
ووصل إلى دمشق وجعل منها على ما استطاعته من الحنطة وأحرق بقية الحقول (ربما حقول البلاد التي قاومته) ويتضح من النص هنا أن سوريا هي أكثر البلاد التي نالها الدمار والقتل، ربما بسبب مقاومتها الشديدة له، ولكونها أقوى تلك المناطق وقتها.. وربما لأن أليفانا كان قد حصل على ما أراد من مؤن وإنتشى بكثرة انتصاراته هذا ويرد في الاسطوانة الأولى من آثار أشور بانيبال، عامو 5، البلاد التي خضعت لسلطانه (رجال أكد والكلدان والأراميون والسوريون) كما يذكر القتل والنهب والحرق.
ثم اتجه إلى صور وصيدا في جنوب لبنان، ثم عكينا Acina وتقع جنوب صور، على المدن الفينيقية الفلسطينية ويعتبرها البعض عكا.
ثم يِمْناعِ، emnaan وتسمى (يبنة) وتقع على مسافة 7 كم من البحر المتوسط، و15 كم شمال شرق أشور. هكذا تحرك أليفانا في جميع الاتجاهات ولم يتخذ خط سير واحد، مثل من يقصد هدفًا (بلدًا) بذاته.. هذا وقد استغرقت الرحلة حوالي خمسة عشر شهرًا وليش ثلاثة أشهر كما يظن بعض المؤرخين، معتبرين الأمر حملة خاطفة!، فقد صدر الأمر بالتحرك في شهر إبريل (كما مر) في حين وصلت الحملة إلى حقول دمشق في موعد حصاد القمح وهو عادة شهر مايو، ومن المنطقي أنه كان شهر مايو من السنة التالية، إضافة إلى شهر واثنين حمل فيها على بقية البلاد الواقعة جنوب سوريا.
وقد كانت معظم البلاد التي فتحها أليفانا من غالبية وثنية باستثناء بعض البلاد التي سكنها أغلبية يهودية.. وقد وصلت إلى مسامع بقية البلاد في الجنوب أخبار تلك الحملة المخيفة مما سبب لها اضطرابًا شديدًا ورعبًا كبيرًا، لا سيما سكان أشور وأشتالون، وهما ضمن المدن الفلسطيمية حيث توقف جيش نبوخذ نصر بالقرب منها.
← تفاسير أصحاحات يهوديت: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16
تفسير يهوديت 3 |
قسم
تفاسير العهد القديم الأنبا مكاريوس الأسقف العام |
تفسير يهوديت 1 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/vjy229d