محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
يهوديت: |
وكانَ، لَمَّا كفَّت مِن صُراخِها إِلى إِلهِ إِسْرائيل وانتَهَت مِن هذا الكَلامِ كُلِّه2 أنَّها قامَت من سُجودِها ودَعَت وصيفَتَها ونَزَلَت إِلى البَيتِ الَّذي كانَت تقضي فيه أَيَّامَ السَبتِ والأَعْياد.3 وأَلقَت عنها المِسْحَ الَّذي كانَت تَرتَديه وخَلَعَت ثِيابَ إِرْمالِها واستَحَمَّت واَدَّهَنَت بِطيبٍ مُشبَعٍ بِالزَّيت وسَرَّحَت شَعرَ رَأْسِها وجَعَلَت عَليه عِصابةً ولَبِسَت ثِيابَ فَرَحِها الَّتي كانَت تَتَزَيَّنُ بِها في أَيَّامِ مَنَسَّى زَوجِها،4 وأَخَذَت حِذاءً لِرِجلَيها ولَبِسَتِ القَلائِدَ والأساوِرَ والخَواتِمَ والحَلَقَ وكُلَّ زينَتِها وتَجَمَّلَت جِدًّا لِإِغْراءِ عَيونِ الرِّجالِ الَّذينَ يَنظرِونَ إِلَيها.5 وأَعطَت وَصيفَتَها زِقَّ خَمْرٍ وإِبْريق زَيت، ومَلأَت خُرْجًا مِن فَطائِرِ دَقيقِ الشَّعيرِ والفَواكِه اليابِسَة والأَرغِفَةِ الطَّاهِرَة، وصَرَّت كُلَّ زادِها وَسَلَّمَته إِلى وَصيفتِها
يهوديت هنا تشبه بعض النساك قديمًا الذين كانوا يتركون مغاراتهم وينزلون ليشاركوا الكنيسة جهادها في أيام الهرطقات والاضطهادات، ولم يكتفوا فقط بالصلاة في كهوفهم، فالكنيسة هي جسد واحد باعضاء كثيرة، والراهب قبل أن يغلق باب قلايته على نفسه، يفتح قلبه على العالم.
كان الساميون عمومًا ينطرحون على وجوههم (طوليًا) أثناء الصلاة، وقد تركت يهوديت مخدعها ونزلت إلى مسكنها حيث نزعت عنها كل مظاهر الترمل والنسك من ثياب ومسوح ورماد وبدلت مظهرها استعدادًا لدورها.
وطريقة التزين هذه، هي الطريقة المتبعة عند القدماء ومازالت، وقد كان يتبعها الرجال والسيدات معًا غير أنها صارت مع الوقت قاصرة على النساء وقد نهى معلمنا بولس الرسول وكذلك معلمنا بطرس عن المغالاة في المظهر والاهتمام بالثياب والحلي (1 تي 2: 8، 9، 1 بط 3: 3، 4) راجع أيضًا (أش 3: 16 - 23).
أما فيما يختص بالطقس وأحكام الشريعة فقد إلتزمت يهوديت بالناموس، وعلى الرغم من مظهرها وزينتها إلا أنها احتفظت بحياتها الداخلية، فكان خبزها من دقيق الشعير (طعام الفقراء) وأما زق الخمر فهو ليس للسكر إذ أنه كان مشروبًا عاديًا لجميع طبقات الشعب (مثل الشاي مثلًا الآن) إضافة إلى أنه يشير إلى الفرح، وأما إبريق الزيت فهو لصنع الخبز إذا نفذ قبل المهمة (و يرد في الترجمة اللاتينية أن يهوديت أخذت معها دقيقًا وأما الفواكه اليابسة، فهي مثل التين والزبيب، وتضيف الترجمة اللاتينية أنها أخذت معها أيضًا بعض الجبن، وتبدو يهوديت هنا أكثر تشددًا مما أوحت به الشريعة (راجع 11: 17، 12: 6 - 9) ويحرص كاتب السفر هنا على التركيز على ورع وتقوى يهوديت لا سيما وهي في كامل زينتها في طريقها إلى معسكر الأشوريين.
6 وخَرَجَتا إِلى بابِ مَدينةِ بَيتَ فَلْوى، فوجَدَتا علَيه عُزَيَّا وشَيخَيِ المدينةِ كَرْبي وكَرْمي.7 فلَمَّا رَأَوها ورَأَوا وَجهَها وقد تَبَدَّلَ وثَوبَها وقد تَغَيَّر، أُعجِبوا جِدًّا جِدًّا بِجَمالِها وقالوا لها:
8 إِلهُ آبائِنا يَهَبُ لَكِ أَن تَنالي حُظوَةً وأَن تُحقِّقي مَساعِيَكِ لِافتِخارِ بَني إِسْرائيل ورَفعِ شأنِ أُورَشليم((
9 فسَجَدَت يهوديت لِلهِ وقالَت لَهم: ((مُروا أَن يُفتَحَ لي بابُ المَدينة فأَخرُجَ لِلقِيامِ بِما قُلتُموه لي)). فأَمَروا الشُّبَّانَ أَن يَفتَحوا لَها كَما قالَت،. 10 ففَعَلوا. وخَرَجَت يَهوديتُ مع وَصيفَتِها. ونَظَرَ إِلَيها رِجالُ المَدينةِ تَنزِلُ مِنَ الجَبَل وتَجتازُ الوَهدَة، حتَّى تَوارَت عن بَصَرِهم
لم يعجب شيوخ المدينة بجمال يهوديت الجسدي قدر إعجابهم بتلك النعمة التي أضفاها الله عليها مثل نبية تحمل رسالة الله وسيف الحق وأداة عدالة الله، ومثل قاض أيده الله بحكمته ومثل قائد وهبه الله الشجاعة.
وبينما كانت يهوديت ميلة الصورة كانت ذكية عاقلة، متصوّفة من الطراز الممتاز، وعفيفة شهد لها ترملها وتقواها في جميع إسرائيل ومكانتها بينهم.
كان باب المدينة - مثل كل مدن اليهودية - لا يفتح في الأيام العادية، مابين غروب الشمس وشروقها سوى في الحالات القصوى، وأما في أيام الحروب والحصار فلم يكن يفتح مطلقًا، وكانت أبواب المدن عادة ما تصنع من الخشب السميك يبطن أحيانًا بالحديد (الصاج) وكان يقام فوق الباب برج للمراقبة، وقد احتاجت يهوديت هنا إلى إذن خاص، وخرجت وعيون الشعب كله معلقة بها، حيث وضعوا رجاءهم على الله فيها.
من ص 10: 11 إلى ص 13: 10
11 وكانَتا تَسيرانِ تَوًّا في الوَهدَة، فلَقِيَتها طَلائعُ الأَشُّورِيِّين، 12 فأَمْسَكوها قائلين: ((مِن أَيَّةِ جِهَةٍ أَنتِ؟ ومِن أَينَ جِئتِ؟ وإِلى أَينَ تَذهَبين)).؟ قالَت: ((إِنِّي بِنْتٌ لِلعِبرانِيِّينَ وقَد هَرَبتُ مِن وَجهِهم، لِأَنَّهم أَوشَكوا أَن يُسلَموا إِلَيكم غَنيمةً. 13 أَمَّا أَنا فإِنِّي ذاهِبةٌ إِلى أَمام أَليفانا رَئيسِ قُوَّادِ جَيشِكم لِأُخبِرَه بِكَلِماتَ حَقّ وأَدُلَّه أَمامَه على الطَّريق الَّذي يَسلُكُه لِلاستيلاءِ على النَّاحِيةِ الجَبَلِيَّةِ كُلًّها، فلا يَفقِدَ أَحَدًا مِن رِجالِه ولا نَفْسًا حَيَّة)). 14 ولَمَّا سَمِعَ الرِّجالُ كَلامَها وتأَمَّلوا وَجهَها- وقد بَدا لَهم رائِعَ الجَمَال- 15 قالوا لَها: ((لقَد خلَّصتِ نَفسَكِ بالإِسْراعِ في النُّزولِ إِلى سَيِّدِنا. والآن فتَعالَي إِلى خَيمَتِه وسيُرافِقُكِ أُناسٌ مِنَّا إِلى أَن يُسَلِّموكِ بَينَ يَدَيه. 16 وإِذا وَقَفتِ بِحَضرَته، فلا يَضطَرِبْ قَلبُكِ، بل أَعيدي كَلامَكِ فيُحسِنَ إِلَيكِ)). 17 فاختاروا مِن بَينهم مِائةَ رَجُلٍ انضَمُّوا إِلَيها وإِلى وَصيفَتِها وذَهبوا بِهِما إِلى خَيمةِ أَليفانا
أعطى الله يهوديت نعمة في أعين جنود الأشوريين، الذين بدلًا من أن يستجوبوها ويسيئوا إليها، فإن الدورية العسكرية فرحوا بها وبالأخبار التي حملتها لهم، واعتبروها مثل أي جاسوس في مثل تلك الأحوال، فقد كان من المألوف أن يهرب الكثير من المحاصرين لينجوا بحياتهم فيأتون إلى الأعداء يطلبون الأمن والسلام مقابل أن يمدونهم بالأسرار والأخبار الهامة عن مدينتهم، وقد تظاهر يوسف الصديق باتهام إخوته بالتجسس (تك 42: 9 - 14) بينما أرسل موسى بالفعل جواسيسًا إلى أرض كنعان (عد 13: 17 - 20).
بِنْتٌ لِلعِبرانِيِّينَ: عرف اليهود بالعبرانيين منذ إبراهيم، ربما بسبب أن إبراهيم من نسل عابر وربما بسبب ارتحال اليهود كثيرًا وعبورهم من مكان لآخر (تك 10: 21 - 24) فعندما عثرت الجارية الرية على الصفط الذي فيه موسى وكان طفلًا جميلًا أيضًا قالت (هذا من أولاد العبرانيين خر 2: 6). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وظل جيران إسرائيل يلقبونهم بالعبرانيين ثم بعد ذلك ببني إسرائيل ومنذ السبي بدأ يطلق على العبرانيين لقب اليهود نسبة ط يهوذا في المملكة الجنوبية، ولكن مع ذلك يكتب بولس الرسول إلى اليهود معنونًا الرسالة إلى العبرانيين وربما تكون للغة دور في استمرار تلقيب اليهود بالعبرانيين.
وقد شجع الجنود يهوديت وأرسلوا معها مائة من الجنود لتقديمها إلى سيدهم، إن هذا يذكرنا بقول داود النبي
(هيأت لي مائدة تجاه مضايقي مز 12) وهكذا أصبح الأعداء حراسًا لها.
18 وحَدَثَ تَجَمهُرٌ في المُعَسكَرِ كُلِّه على أَثَرِ إِذاعةِ خَبَرِ حُضورِها في جَميعِ الخِيَم، وكانوا يأتونَ ويُحيطونَ بِها، وهي واقِفةُ خارِجَ خَيمةِ أَليفانا، إِلى أَن يُخبِروه بِأَمرِها. 19 وكانوا يُعجَبونَ بِجَمالِها وُيعجَبونَ بِبَني إِسْرائيلَ مِن أَجلِها، فيَقولُ كُلُّ واحِدٍ لِقَريبِه: ((مَن يَحتَقِرُ هذا الشَّعبَ الَّذي فيه مِثلُ هذه النِّساء؟ لا يَحسُنُ الإِبْقاءُ على أَيِّ رَجُلٍ مِنهُم، فبإمكانِ الباقينَ أَن يَخدَعوا الأَرض كُلَّها. 20 وخَرَجَ النَّائمونَ عِندَ اليفانا وجَميعُ ضُبَّاطِه وأَدخَلوا يَهوديتَ إِلى الخَيمة. 21 وكانَ أَليفانا يَستَريحُ على سَريرِه تَحتَ ناموسِيَّةٍ مِن أُرجُوانٍ وذَهَبٍ وزُمُرّدٍ تُرَصِّعُها حِجارَة كَريمة. 22 فأَخبَروه بِأَمرِها، فخَرَجَ إلى مَدخَلِ الخَيمة تتَقَدَّمُه مَشاعِلُ فِضَّة. 23 فلَمَّا وَصَلَت يَهوديتُ أَمامَه وأَمامَ ضُبَّاطِه، أُعجِبوا جَميعًا بجَمَالِ وَجهِها. فارتَمَت أمامَه وسَجَدَت لَه فَأَنهَضَها خُدَّامُه.
أعطى الجنود - الذين يعرفون ضعف سيدهم - يهوديت أول إشارة إلى نجاح مهمتها، ومن هذه الفقرة يتضح أن الحرب لدى الوثنيين لم تكن حربًا مقدسة بدوافع وطنية وأخلاقية ولكنها بدافع الأطماع الشخصية والدوافع غير الشريفة، لقد كان القادة منهم يمنون أنفسهم وجنودهم بالسبايا والهدايا.
أما خيمة أليفانا، فلم تكن مجرد خيمة عادية، بل كانت أشبه ما يكون قاعة ضخمة، تحتوي على سرير مُبالَغ في وصفه، على أنه لم يكن مجرد سرير للنوم ولكنه كان عرشًا للقائد، يجلس فيه ليدبر شئون جيشه ومنها جاء تعبير (سرير الملك).
أُرجُوانٍ: لون أحمر قاني وبنفسجي يستخرج من رخويات مائية استخدمه الملوك والأغنياء، ويستعمل في صباغة الملابس.
وقد سجدت يهوديت له، أما على سبيل الأكرام والتوقير لقائد كبير، وأما كان ذلك ضمن خطتها لتنفيذ غرضها في القضاء عليه.
فبإمكانِ الباقينَ أَن يَخدَعوا الأَرض كُلَّها: أي أننا يجب أن نقتل جميع الرجال لئلا يتمكنوا من خداع العالم كله والإستيلاء عليه من خلال زوجاتهن وبناتهن.
← تفاسير أصحاحات يهوديت: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16
تفسير يهوديت 11 |
قسم
تفاسير العهد القديم الأنبا مكاريوس الأسقف العام |
تفسير يهوديت 9 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/wm7g63h