محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
يهوديت: |
ثُمَّ أمَرَ بإِدخالِها إِلى حَيث وُضِعَت انِيَته الفِضّة، وأَوصى بِأَن تُطعَمَ مِن مأكولاتِه وتَشرَبَ مِن خَمرِه.2 فقالَت يهوديت: ((لا آكُلُ مِنها، لِئَلاَّ يكونَ في ذلك سَببُ عَثرَة، بل يَكفيني ما أَتَيتُ بِه)).3 قالَ لَها أَليفانا: ((إِذا فَرَغَ الَّذي مَعكِ، مِن أَينَ نأتيكِ بِمِثلِ ذلك لِنُقدِّمَه لَكِ؟ فلَيسَ عِندَنا أَحَدٌ مِن نَسلِكِ)).4 قالَت لَه يهوديت: ((تحيا نَفْسُكَ، سَيِّدي، إِنَّ أَمتَكَ لا تَستَنفِدُ ما معي حَتَّى يَصنَعَ الرَّبّ بِيَدي ما أَرادَه
منح أليفانا يهوديت امتيازات خاصة وإن كانت تحت حراسة مشددة، وأمر أن يقدم لها من طعامه الخاص بل وعلى مائدته الرسمية.
آنِيَته الفِضّة: وتأتي في جميع الترجمات بمعنى المائدة التي فيها أدواته الفضية وهو امتياز كبير أن تأكل على مائدته وتتناول الطعام بأدواته الذهبية والفضية.
ويرينا هنا تمسك يهوديت بالطقس والصوم، كيف أنه يجب علينا التمسك بطقسنا وبالوصايا في أي ظروف، فقد كانت ظروف يهوديت تمنحها المرونة في السلوك ولكنها غلتزمت بجهادها ما دامت قادرة على ذلك.. لقد اضطرت أن تعمل بخلاف رغبتها ولكن ذلك جاء حيث لا يوجد بديل مثل لجوئها إلى الحيلة مثلًا، وقد امتنعت هنا عن تناول الطعام غير الطقسي (عز 4: 17، دا 1: 8) مع أن السيد المسيح نصح تلاميذه بتجاوز هذه المسألة عند التبشير بين الوثنيين (لو 10: 8).
تحيا نَفْسُكَ، سَيِّدي: عبارة استخدمت في أزمنة الكتاب المقدس - على نحو ما - كقسم مثل عبارة حيّ هو الرب.... حيَّة هي نفسك (2 مل 2: 2) وقد استخدمتها يهوديت هنا ليس على سبيل التحية والدعاء (مع أنها تحمل هذا المعنى) وإنما على سبيل قسم، بأنه لن تنفذ خبزاتها الطقسية القليلة، قبل أن يحقق لها الله ما خرجت من أجله تطلب وجه الله.
5 وقادَها ضُبَّاطُ أَليفانا إِلِى الخَيمة، فنامَت حَتَّى نِصفِ اللَّيل. ثُمَّ نهَضَت عِندَ هَجيعِ الفَجْر،6 وأَرسَلَت إِلى أَليفانا تَقول: ((لِيأمُرْ سَيِّدي بِأَن يُؤذَنَ إِلى أَمَتِه في الخروجِ لِلصَّلاة)).7 فأَوصى أَليفانا حُرَّاسَه بعَدَمِ التَّصَدِّي لَها. وبَقِيَت في المُعَسكَرِ ثَلاثَةَ أَيَّام. وكانَت تَخرُجُ لَيلًا إِلى وادي بَيتَ فَلْوى وتَغْتَسِلُ في المُعَسكَرِ في عَينِ الماء.8 وبَعدَ صُعودِها كانَت تتَضَرَّعُ إِلى الرَّبِّ إِلهِ إِسْرائيلَ أَن يُرشِدَ طَريقَها لِلنُّهوضِ بِبَني شَعبِها.9 واذا عادَت طاهِرة، كانَت تُقيمُ في الخَيمة، إِلى أَن يُقَدَّمَ لَها طَعامُها عِندَ المَساء.
نامت يهوديت حتى منتصف الليل، وقضت من ساعتين إلى ثلاثة في الصلاة والتسبيح وعند الفجر أرسلت إلى أليفانا عن طريق أحد حراس خيمتها تطلب تصريحًا بالخروج عند الفجر يوميًا للصلاة في الوادي وقد صرح لها بذلك وأمر جنوده بعدم التعرض لها، وقد ضمنت بذلك العودة إلى شعبها في مثل ذلك الوقت من الصباح الباكر، حتى إذا حقق الله لها النصر عادت إلى شعبها دون مانع إذ سيعتاد الجنود الآشوريون على رؤيتها يوميًا وهي تخرج في نفس الموعد
والأرجح أن يهوديت حصلت على تصريح في شكل علامة و(كلمة سر) إذ أن جنود الأشوريين كانوا يملأون الوادي وحتى مدينتها بعشرات المئات.
وما أجمل أن تبدأ يهوديت يومها عند الفجر والهزيع الرابع، بحيث تقدم لله بكور يومها وأجمل ساعات اليوم، تقضيها في الصلاة والتسبيح (في نفس الموعد الذي اختارته الكنيسة لتسبحة نصف الليل حتى الآن) وقد قسم اليهود الليل إلى أربعة هزع، الهزيع الأول، الهزيع الأول يبدأ في الساعة السادسة مساءا لينتهي في التاسعة، والثاني من التاسعة وحتى الثانية عشر (منتصف الليل) والثالث من الثانية عشر وحتى الثالثة فجرًا والرابع من الثالثة حتى السادسة صباحًا. وكان الهزيع الرابع يسمى هزيع الصبح (خر 14: 22) ولكنه سمي بالهزيع الرابع (في مت 14: 25، م. ر 6: 28).
كما كانت يهوديت تبدأ يومها بالاغتسال والتطهر بعيدًا عن معسكر الوثنيين الذين اضطرت للسكنى معهم، واختارت أن تغتسل بمياه يهودية!! عند سفح الجبل المقامة فوقه مدينتها، ثم تعود ثانية عند الصباح لكي تقضي يومها في خيمتها التي حولتها إلى قلاية أيضًا حتى المساء، وعندئذ تقدم لها خادمتها طعامها الخاص الذي تتناوله على جزز الصوف فوق الأرض (عدد 15).
هكذا بإمكان المجاهد أن يحتفظ بطقسه وقانونه في أي مكان، وبإمكانه كذلك أن يحول حجرته إلى أقدس مكان من خلال ما يقدمه فيها من جهاد وما يرفعه فيها من صلاة وتسبيح.
راجع بخصوص الصلاة المقرونة بالسهر والصوم (مز 63: 7، 119: 62، مز 147، مز 148، حك 16: 28).
10 وكانَ في اليوم الرَّابِعَ أَنَّ اليفانا أقامَ مأدُبةً لِضُبَّاطِه وَحدَهم، ولم يَدْعُ اليها أَحدًا مِن مُوَظَّفيه. 11 وقالَ لِبوغا خَصِيِّه القائمِ على جَميعِ أَعْمالِه: ((إِذهَبْ وأقنِعِ المرأَةَ العِبرانِيَّةَ الَّتي عِندَكَ بِالَمجيءَ إِلَينا والأَكلِ والشُّربِ معَنا. 12 فإِنَّه عارٌ عِندَنا أَن نُخلِيَ سَبيلَ مِثلِ هذِه المرأَةِ دُونَ أن نُعاشِرَها. وإن لم نَستَمِلْها سَخِرَت بِنا)). 13 فخَرَجَ بوغا مِن وَجهِ أَليفانا ودَخَلَ إِلَيها فقال: ((لا تتردَّدْ هذه الخادِمةُ الحَسْناءُ في المَجيءَ إِلى سَيِّدي لِتُكَرَّمَ أَمامَ وَجهِه وتَشْرَبَ مَعَنا خَمرًا بِفَرَح فتُصبِحَ في هذا اليوم كاَبنَةٍ مِن بَناتِ بَني أً شُّورَ اللَّواتي يُقِمنَ في بَيتِ نَبوكَدْنَصَّر)). 14 قالَت لَه يَهوديت: ((ومَن أَنا حتَّى أُخالِفَ سَيِّدي؟ كُلُّ ما حَسُنَ في عَينَيه أَصنَعُه مُسرِعةً، ويكونُ ذلك فرَحًا لي حتَّى أَيَّامَ مَوتي.
استمرت عبادة يهوديت لمدة ثلاثة أيام وهي المدة التقليدية، وفي التكريس والانقطاع للعبادة والتوسل إلى الله عند الأخطار والضيقات، وعند الأمور التي نحتاج فيها إلى مشورة الله وسماع صوته، ومازالت مدة تقليدية حتى اليوم في مثل هذه الحالات.
وفي اليوم الرابع وكان موعد مأدبة عشاء أقامها أليفانا لكبار ضباطه شعرت يهوديت أن كل شيء قد أعد وأن الله يهيئ لها الفرصة لكي تتم خطتها، فقبلت الدعوة فرحة.
وقد ظن أليفانا أنه يشرفها بأن يجعلها ضمن جواريه، ولم يعلم أنه قدمت نفسها عروسًا لله ولم تعد تقبل غيره، فله كل اشتياقاتها، وكل حبها وعواطفها، وشتان بين فرح يهوديت هنا وفرح أليفانا، فقد فرحت يهوديت لأن الخلاص قارب التمام.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). بينما استقرت شهوة أليفانا الرديئة فيه، لقد كانت عفة يهوديت أثمن من أشور بكل كنوزها، ولقد كانت هذه العفة هي الحصن الذي سيتحطم به قرن أليفانا ويدميه ويسحقه سحقًا.. لقد هزم أليفانا من شهوته ومن عفة يهوديت معًا!
بوغا: BOGAS وكيل أعمال أليفانا، وهو الشخص الذي كلفه أليفانا بالأهتمام باحتياجات يهوديت، وهو كذلك الذي اكتشف مقتل أليفانا 1. (13: 3، 14: 4).
15 ثُمَّ قامَت وتزَيَّنَت بِمَلابِسِها وبِجَميع زبنَتِها النِّسائيّة، ودَخَلَت وَصيفَتُها وفَرَشَت لَها على الأَرضِ تُجاهَ أَليفانا الجُزَزَ الَّتي حَصَلَت علَيها مِن بوغا لِاستِعمالِها اليوميِّ في الأَكلِ وهي مُتَّكِئةٌ علَيها. 16 ثُمَّ دَخَلَت يَهوديتُ واتَكأَت، فشُغِفَ بِها قَلبُ أَليفانا واضطَرَبَت نَفسُه واشتَدَّت شَهوَتُه لِمُضاجَعَتِها. وكانَ يتَرَقَّبُ الفُرصةَ لِإِغوائِها مِن يومِ رآها. 17 فقالَ لَها أَليفانا: ((اِشرَبي وشارِكينا في الفَرَح)). 18 فقالَت يَهوديت: ((أَشرَبُ، يا سَيِّدي، فقَد كَرُمَت عِندي الحَياةُ في هذا اليوم أَكثَرَ مِنها في جَميعِ أَيَّامِ حَياتي)). 19 وتَناوَلَت ما كانَت قد هيَّأَته وَصيَفَتُها، فأَكَلَت وشَرِبَت بِحَضرَتِه. 20 ففَرِحَ أَليفانا بِها وشَرِبَ مِنَ الخَمرِ شَيئًا كثيرًا جِدًّا، أَكثَرَ مِمَّا شَرِبَ مِنها في يَوم واحِدٍ مُنذُ مَولدِه.
أليفانا الثمل بنشوة الخمر والخطية، شرب حتى الثمالة.. حتى ثقل من الخمر ونام.. فلم يشرب في يوم من حياته مقدار ما شربَ في ذلك اليوم، وشتان ما بين الفرح الذي ملأ قلب يهوديت، وذاك الفرح الكاذب الذي انتاب أليفانا، لقد درج اكتاب المقدس والاباء على الإشارة إلى أن ذلك النوع من السرور يعقبه خزي ومرارة، بينما فرحت يهوديت فرحًا روحيًا شمل كل كيانها، فهوذا بشائر الخلاص بدأت في الظهور.
إننا نتذكر هنا أمنون الذي اضطرمت فيه شهوته، فدنس جسده وأساء إلى هيكله وإلى ثامار وصار عارًا في إسرائيل وجلب على نفسه الموت والهلاك (2 صم 13) وفي الوقت ذاته نتذكر تلك العذراء العفيفة التي خدعت الجندي وجعلته يطيح برأسها بسيفه لتنجو بعفتها من الدنس 1.
إن أليفانا الذي تأثر بجمال يهوديت، فقد رأسه قبل أن تطيح يهوديت بها!!!
← تفاسير أصحاحات يهوديت: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16
تفسير يهوديت 13 |
قسم
تفاسير العهد القديم الأنبا مكاريوس الأسقف العام |
تفسير يهوديت 11 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2rap8a6