← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12
سمح الله للفلسطينيين أن يأخذوا تابوت العهد لأجل تأديب إسرائيل، ليدركوا أنهم بالانحلال فقدوا حلول الله في وسطهم. وفي نفس الوقت أعلن الله مجده وقدرته إذ سقط داجون معبود الفلسطينيين وتحطم أمام التابوت وحلت بهم الأمراض لذا فكروا في إعادته.
[1 -5]. |
|||
[6 -8]. |
|||
[9]. |
|||
[10]. |
|||
[11 -12]. |
1 فَأَخَذَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ تَابُوتَ اللهِ وَأتَوْا بِهِ مِنْ حَجَرِ الْمَعُونَةِ إِلَى أَشْدُودَ. 2 وَأَخَذَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ تَابُوتَ اللهِ وَأَدْخَلُوهُ إِلَى بَيْتِ دَاجُونَ، وَأَقَامُوهُ بِقُرْبِ دَاجُونَ. 3 وَبَكَّرَ الأَشْدُودِيُّونَ فِي الْغَدِ وَإِذَا بِدَاجُونَ سَاقِطٌ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ، فَأَخَذُوا دَاجُونَ وَأَقَامُوهُ فِي مَكَانِهِ. 4 وَبَكَّرُوا صَبَاحًا فِي الْغَدِ وَإِذَا بِدَاجُونَ سَاقِطٌ عَلَى وَجْهِهِ عَلَى الأَرْضِ أَمَامَ تَابُوتِ الرَّبِّ، وَرَأْسُ دَاجُونَ وَيَدَاهُ مَقْطُوعَةٌ عَلَى الْعَتَبَةِ. بَقِيَ بَدَنُ السَّمَكَةِ فَقَطْ. 5 لِذلِكَ لاَ يَدُوسُ كَهَنَةُ دَاجُونَ وَجَمِيعُ الدَّاخِلِينَ إِلَى بَيْتِ دَاجُونَ عَلَى عَتَبَةِ دَاجُونَ فِي أَشْدُودَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
يبقى الله أمينًا بالرغم من عدم أمانتنا (2 تي 2: 13)، فإن كان بسبب انحلال شعبه سلم تابوت عهده للوثنيين لكنه أظهر قوته ومجد بسقوط داجون معبودهم. كان يلزم لأهل أشدود أن يدركوا أنه لا شركة بين الله وداجون في بيت واحد، وأن يقبلوا الواحد دون الآخر. لكنهم تجاهلوا الأمر فجاءوا في الصباح التالي ليجدوه أيضًا ساقطًا ورأسه ويداه مقطوعة على عتبة البيت. لقد أكد لهم أن معبودهم بلا رأس، عاجزًا عن القيادة والتدبير؛ وأيضًا بلا يدين عاجز عن العمل لحسابهم.
إن كنا قد أقمنا في القلب أو الفكر معبودًا كداجون، مثل محبة المال أو شهوة الجسد أو حب انتقام أو محبة مجد الباطل... فإن دخول رب المجد يسوع وقبوله في أعماقنا يحطم داجون، ينزل به إلى الأرض ويقطع رأسه ويديه على العتبة كي نطأها تحت أقدامنا. يقول القديس أغسطينوس: [ليدخل تابوت العهد قلوبكم، وليسقط داجون إن أردتم. لتضعوا الآن ولتتعلموا أن تشتاقوا إلى الله. كونوا مستعدين أن تتعلموا كيف ترون الله(61)].
لقد وجدوا رأس داجون ويديه مقطوعة على العتبة [4]، علامة الانحدار والاحتقار، إذ صارت هذه الأعضاء موضع الدوس بالأقدام. هكذا كل فكر مقاوم لله وكل عمل مضاد لإرادته قد يتشامخ إلى حين لكن نهايته المذلة والمهانة من الجميع.
داجون: يُقال إن اسمه مشتق من الكلمة العبرية "داج" وتعني سمكة(62). إله فلسطيني له رأس إنسان ويدا إنسان أما بدنه فعلى شكل سمكة. يعتبر إله الخصوبة مثلCeres ذلك لأن البحر يفيض بسمك كثير. هذا الإله لم يكن في الأصل يمثل العبادة القومية للفلسطينيين بل هو إله سامي تبناه الفلسطينيون بعد الغزو السامي على كنعان. عبادة الإله داجون (داجان) في منطقة ما بين النهرين ترجع إلى الأسرة الثالثة لأور في القرن 25 ق.م. عُرفت عبادته بين الأموريين والأشوريين. هدم يوناثان معبد داجون بأشدود وذلك في عهد المكابيين (1 مك 10: 84)(63).
جاء الفلسطينيون بتابوت العهد إلى بيت داجون بكونه في ذلك الوقت من أعظم آلهتهم؛ جاء هذا التصرف كعلامة على غلبتهم لا على إسرائيل فحسب وإنما على إلههم، حاسبين أن داجون انتصر على إله إسرائيل الذي أنقذهم من مصر، لكن هذا الافتخار لم يدم طويلًا.
في كبرياء وعجرفة وضع الفلسطينيون تابوت العهد -وهم يدركون أنه يمثل الحضرة الإلهية- في بيت داجون، فتحدث معهم الله باللغة التي يفهمونها ألا وهي لغة المرض وحلول الكوارث، إذ ضرب أهل أشدود بالبواسير وبضربه الفيران.
6 فَثَقُلَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَى الأَشْدُودِيِّينَ، وَأَخْرَبَهُمْ وَضَرَبَهُمْ بِالْبَوَاسِيرِ فِي أَشْدُودَ وَتُخُومِهَا. 7 وَلَمَّا رَأَى أَهْلُ أَشْدُودَ الأَمْرَ كَذلِكَ قَالُوا: «لاَ يَمْكُثُ تَابُوتُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ عِنْدَنَا لأَنَّ يَدَهُ قَدْ قَسَتْ عَلَيْنَا وَعَلَى دَاجُونَ إِلهِنَا». 8 فَأَرْسَلُوا وَجَمَعُوا جَمِيعَ أَقْطَابِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ إِلَيْهِمْ وَقَالُوا: «مَاذَا نَصْنَعُ بِتَابُوتِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ؟» فَقَالُوا: «لِيُنْقَلْ تَابُوتُ إِلهِ إِسْرَائِيلَ إِلَى جَتَّ». فَنَقَلُوا تَابُوتَ إِلهِ إِسْرَائِيلَ.
"فثقلت يد الرب على الأشدوديين وأخرجهم وضربهم بالبواسير في أشدود وتخومها" [6]. وكأن تابوت العهد الذي هو سبب النصرة وبركة للمؤمنين إن عاشوا في حياة قدسية بالرب، يصير هو نفسه سبب شقاء لغير المؤمنين، وكما يقول القديس الرسول بولس: "فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله" (1 كو 1: 18). "لأن رائحة المسيح الذكية في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون، لهؤلاء رائحة موت لموت ولأولئك رائحة حياة لحياة" (2 كو 2: 15-16).
"البواسير" هنا ربما تعني طاعونًا يُصيب الغدد اللمفاوية والفخذ.
جاء في الترجمة السبعينية أن البلاد ضُربت أيضًا بالفيران على غير العادة وأكلت محصولاتهم.
إذ شعر أهل أشدود أن يد الرب قست عليهم وعلى إلههم داجون أرسلوا إلى أقطاب الفلسطينيين يطلبون مشورتهم بخصوص "تابوت إله إسرائيل". غالبًا ما تشاور أقطاب المدن الخمس الرئيسية: أشدود وغزة وأشقلون وجت وعقرون وقرروا نقل التابوت إلى مدينة جت. جاء قرارهم في الغالب لظنهم أنه متى انتقل التابوت من بيت الصنم يرفع الله غضبه عنهم. لم يدركوا أنه لا يمكن أن يبقى التابوت في وسطهم ما دام داجون أو غيره مُحْتَلًّا قلوبهم الداخلية. ربما أيضًا ظنوا أن ما حدث في بيت داجون كان عَرَضًا، لذا أرادوا نقل التابوت للتأكد من دور التابوت وقدرته.
"أشدود" ربما تعني "قوة"(64)، اسمها الحالي أشدود تبعد حوالي 19 ميلًا جنوب غرب ليدا، في منتصف الطريق بين غزة ويافا. كانت في القديم تُستخدم كمدينة تابعة لميناء. هي إحدى مدن فلسطين الخمس العظمى، ومركزًا لعبادة الإلهة داجون. هدم عزيا ملك يهوذا أسوارها (2 أي 26: 6). حاصرها ترتان -القائد الأشوري أثناء حكم سرجون- وأخذها (إش 20: 1). هددها عاموس (عا 1: 8) وصفنيا (صف 2: 4) وزكريا (زك 9: 6).
قاوم أهلها إعادة بناء أسوار أورشليم في أيام نحميا (نح 4: 7). كما أخذ بعض اليهود الراجعين من السبي زوجات من أهلها فلقوا قصاصًا صارمًا من نحميا (نح 13: 23-24). استولى عليها المكابيون مرتين في القرن الثاني ق.م؛ في المرة الثانية خربوا هيكل داجون (1 مك 5: 68؛ 10: 84). في أشدود نادى فيلبس الرسول بالإنجيل (أع 8: 40).
9 وَكَانَ بَعْدَمَا نَقَلُوهُ أَنَّ يَدَ الرَّبِّ كَانَتْ عَلَى الْمَدِينَةِ بِاضْطِرَابٍ عَظِيمٍ جِدًّا، وَضَرَبَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، وَنَفَرَتْ لَهُمُ الْبَوَاسِيرُ.
"جت" كلمة عبرية تعني "معصرة"(65)، وهي إحدى مدن فلسطين الخمس العظمى: أشدود، جت، عقرون، غزة، أشقلون (1 صم 6: 17). أغلب الدارسين يرون أن موقعها الحالي "عراك المنشية" تبعد حوالي 7 أميال غرب بيت جبرين. كانت إحدى مدن العناقيين (يش 11: 22)، نشأ فيها العمالقة (2 صم 21: 22؛ 1 أي 20: 6)، أشهرهم جليات الجبار الذي قتله داود النبي (1 صم 17). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). كانت أحد حصون الفلسطينيين، أخذها داود منهم (2 صم 15: 18؛ 1 أي 18: 1) ثم تناقلت بين أيدي الفلسطينيين (1 مل 2: 39) ويهوذا (2 أي 11: 8) وآرام (2 مل 12: 17) ثم يهوذا (2 مل 13: 25) فلسطينيين إلخ...
إذ نُقل تابوت العهد إلى جت كانت الضربة أشد حتى يدرك الفلسطينيون أن ما يحدث ليس اعتباطًا إنما هو تأديب إلهي، إذ قيل: "إن يد الرب كانت على المدينة باضطراب عظيم جدًا، وضرب أهل المدينة من الصغير إلى الكبير، ونفرت لهم البواسير" [9].
10 فَأَرْسَلُوا تَابُوتَ اللهِ إِلَى عَقْرُونَ. وَكَانَ لَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ اللهِ إِلَى عَقْرُونَ أَنَّهُ صَرَخَ الْعَقْرُونِيُّونَ قَائِلِينَ: «قَدْ نَقَلُوا إِلَيْنَا تَابُوتَ إِلهِ إِسْرَائِيلَ لِكَيْ يُمِيتُونَا نَحْنُ وَشَعْبَنَا».
المدينة الشمالية من مدن الفلسطينيين الخمس العظمى، تسمى الآن "عاقر". وهي قرية صغيرة تقوم على تل، تبعد حوالي 12 ميلًا من يافا. كانت في البداية من نصيب يهوذا، على تخومه الشمالية ثم أُعطيت لدان، وقد استرجعها الفلسطينيون بعد مدة. عبد أهلها بعل زبوب (2 مل 1: 2). هددها عاموس (عا 1: 8) وصفنيا (صف 2: 4) وإرميا (إر 25: 20) وزكريا (زك 9: 5). أعطاها الإسكندر ليوناثان كمكافأة له لنصرته على أبولونيوس (1 مك 10: 89)(66).
إذ نقل إليها تابوت العهد على غير رغبة شعبها كانت يد الله ثقيلة جدًا هناك، فصرخوا "فصعد صراخ المدينة إلى السماء" [12]. لقد طلبوا عودة التابوت إلى مكانه.
11 وَأَرْسَلُوا وَجَمَعُوا كُلَّ أَقْطَابِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَقَالُوا: «أَرْسِلُوا تَابُوتَ إِلهِ إِسْرَائِيلَ فَيَرْجعَ إِلَى مَكَانِهِ وَلاَ يُمِيتَنَا نَحْنُ وَشَعْبَنَا». لأَنَّ اضْطِرَابَ الْمَوْتِ كَانَ فِي كُلِّ الْمَدِينَةِ. يَدُ اللهِ كَانَتْ ثَقِيلَةً جِدًّا هُنَاكَ. 12 وَالنَّاسُ الَّذِينَ لَمْ يَمُوتُوا ضُرِبُوا بِالْبَوَاسِيرِ، فَصَعِدَ صُرَاخُ الْمَدِينَةِ إِلَى السَّمَاءِ.
يعتبر هذا القرار شهادة لقداسة الله وقدرته. وكأن الله استخدم حتى شرهم لاستنارتهم؛ منذ البداية كانوا يعلمون أنه إله قوي خلص شعبه من مصر بعجائب (1 صم 4: 7-8) لكنهم تشددوا لمقاومته، أما الآن فقد أيقنوا أنهم لن يستطيعوا مقاومته. لقد حقق الله ما قيل في إشعياء النبي: "أنا الرب هذا اسمي، ومجدي لا أعطيه لآخر، ولا تسبيحي للمنحوتات" (إش 42: 8).
_____
(61) Serm. On the N. T. Lessons 3: 7.
(62) Strong's Exhaustive Concordance of the Bible, article 1712.
(63) McKenzie: Dict. Of the Bible, p. 168.
(64) Strong's Exh. Concordance of the Bible, art. 795.
(65) Ibid, art. 1660.
(66) McKenzie. P. 224.
← تفاسير أصحاحات صموئيل الأول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير صموئيل الأول 6 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير صموئيل الأول 4 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/87k5gdh