St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   23-Sefr-El-Gamaa
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

الجامعة 6 - تفسير سفر الجامعة

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب جامعة:
تفسير سفر الجامعة: مقدمة سفر الجامعة | الجامعة 1 | الجامعة 2 | الجامعة 3 | الجامعة 4 | الجامعة 5 | الجامعة 6 | الجامعة 7 | الجامعة 8 | الجامعة 9 | الجامعة 10 | الجامعة 11 | الجامعة 12

نص سفر الجامعة: الجامعة 1 | الجامعة 2 | الجامعة 3 | الجامعة 4 | الجامعة 5 | الجامعة 6 | الجامعة 7 | الجامعة 8 | الجامعة 9 | الجامعة 10 | الجامعة 11 | الجامعة 12 | الجامعة كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الآيات (1، 2): "يُوجَدُ شَرٌّ قَدْ رَأَيْتُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ وَهُوَ كَثِيرٌ بَيْنَ النَّاسِ: رَجُلٌ أَعْطَاهُ اللهُ غِنًى وَمَالًا وَكَرَامَةً، وَلَيْسَ لِنَفْسِهِ عَوَزٌ مِنْ كُلِّ مَا يَشْتَهِيهِ، وَلَمْ يُعْطِهِ اللهُ اسْتِطَاعَةً عَلَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، بَلْ يَأْكُلُهُ إِنْسَانٌ غَرِيبٌ. هذَا بَاطِلٌ وَمُصِيبَةٌ رَدِيئَةٌ هُوَ."

البخل هو إستخدام سيء لعطايا الله من المال والغنَى، فالمال سواء حصلنا عليه بعملنا أو كميراث من الآباء هو عطية من الله، ينبغي أن يعيش بها الشخص ويفرح بها ويفرح بها أولاده، والباقي هو للمحتاج ليفرح الكل. ولكن من يفرح بكنز أمواله وفي جشع لا يصرف على نفسه ولا أولاده، ويأتي غريب ويأخذ كل ما لديه، وهناك تفسير لهذا:-

إما أن هذا الغني الجشع أصبح لا يثق في أولاده، وأقام وكيلًا على أمواله فنهبه الوكيل. أتى لي شخصًا يومًا في حالة إنهيار تام ليريني بقايا محترقة لأوراق نقدية كان قد أخفاها عن أولاده، وحدث حريق ليلا فإحترق كل شيء، وتبقى أجزاء من بعض هذه الأوراق المالية، وكان ما أخبأه ثروة كبيرة لم يتمتع بها لا هو ولا أولاده. ومن الصدمة التي حدثت له إنهار صحيًّا ومات بعد أيام قليلة.

يموت هو دون أن يتمتع بماله، ويترك كل شيء بعدما حرم نفسه من ماله في حياته.

لو إنحرف إنسان لطريق الزنا يسلبه عدو الخير من كل عطايا الله فيذهب ماله للغريب (أم10:5).

ونلاحظ أنه في وقت سليمان كثر الذهب والفضة أي صار الجميع أغنياء، وكانت أيام سليمان أيام سلام، ولا حرب يخاف منها الناس فيكنزوا أموالهم، ومع هذا لم يكف الناس عن جشعهم.

 

آية(3): "إِنْ وَلَدَ إِنْسَانٌ مِئَةً، وَعَاشَ سِنِينَ كَثِيرَةً حَتَّى تَصِيرَ أَيَّامُ سِنِيهِ كَثِيرَةً، وَلَمْ تَشْبَعْ نَفْسُهُ مِنَ الْخَيْرِ، وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا دَفْنٌ، فَأَقُولُ إِنَّ السِّقْطَ خَيْرٌ مِنْهُ."

كان في العهد القديم أن كثرة البنين دليل البركة، فهذا إنسان له 100 ابن أي له خير كثير، لكنه لا يشعر بالشبع بل يشعر بالعوز وعدم الإكتفاء، ويبقَى في حالة فراغ، مثل هذا الإنسان حتى وإن عاش سنين كثيرة بل لو عاش للأبد ولم يدفن= ليس له أيضًا دفن فهو لن يشعر بفرح، ولن ينعم بعذوبة الحياة بسبب شعوره الدائم بالحاجة إلى الإكتناز. السقط خير منه= السقط هو من يولد ميتًا. وهناك تفسير آخر للآية وهو أوقع ليس له أيضًا دفن= فالدفن كان مهمًا جدًا عند اليهود. ولكن هذا الإنسان الجشع بسبب حرمانه أولاده من حقهم في الحياة والتمتع بأمواله ، هم تركوه وحيدا مع أمواله وإبتعدوا عنه، ومات دون أن يدري به أحد فلم يدفن، أو أنهم أصبحوا لا يحبونه ولا يبالون بكرامته ولا يهتمون بدفنه، إنما إنصب اهتمامهم على البحث عن ثروته وتوزيع ميراثه عليهم وهم لم يدفنوه بعد (وهذا يحدث كثيرًا حتى الآن) .. (إر19:22).

 

الآيات (4-9): "لأَنَّهُ فِي الْبَاطِلِ يَجِيءُ، وَفِي الظَّلاَمِ يَذْهَبُ، وَاسْمُهُ يُغَطَّى بِالظَّلاَمِ. وَأَيْضًا لَمْ يَرَ الشَّمْسَ وَلَمْ يَعْلَمْ. فَهذَا لَهُ رَاحَةٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَاكَ. وَإِنْ عَاشَ أَلْفَ سَنَةٍ مُضَاعَفَةً وَلَمْ يَرَ خَيْرًا، أَلَيْسَ إِلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يَذْهَبُ الْجَمِيعُ؟ كُلُّ تَعَبِ الإِنْسَانِ لِفَمِهِ، وَمَعَ ذلِكَ فَالنَّفْسُ لاَ تَمْتَلِئُ. لأَنَّهُ مَاذَا يَبْقَى لِلْحَكِيمِ أَكْثَرَ مِنَ الْجَاهِلِ؟ مَاذَا لِلْفَقِيرِ الْعَارِفِ السُّلُوكَ أَمَامَ الأَحْيَاءِ؟ رُؤْيَةُ الْعُيُونِ خَيْرٌ مِنْ شَهْوَةِ النَّفْسِ. هذَا أَيْضًا بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ."

حالة السقط (آية 3) محزنة للغاية. لأنه في الباطل يجيء= فباطلًا حملت الأم وتعبت ثم خاب أملها. وفي الظلام يذهب= لا يكاد يشعر به أحد، يدفن قبل أن يحتفل بميلاده. اسمه يُغَطَّى بالظلام = فإن كان الوالدان قد أعدا إسمًا لهذا المولود، يتوارى معه الاسم في الظلام. لم ير الشمس= لم ينظر نورها فقد خرج من ظلام الرحم إلى ظلام القبر. ولم يعلم= لم يعرف شيئًا عن الدنيا وملذاتها ولا عرف أبويه. فهذا له راحة أكثر من ذاك= فالسقط لم يصنع خطية ولم يحمل همًا وهو في بطن أمه، ولم يكرهه أحد بل أحبوه وأعطوه إسما قبل أن يولد، بينما الجشع خسر حياته على الأرض فهو قضاها مهمومًا وخسر حياته الأبدية ومات مكروها ممن كانوا حوله. فهو والسقط ذهبا للقبر= إلى موضع واحد يذهب الجميع= ولكن هناك فروق تجعل السقط أفضل من الجَشِع الذي لا يشبع، الذي تحرمه محبة المال من رؤية المسيح شمس البر، عاش مهما عاش ربما لألف سنة ولم يفرح، ولم يعمل خيرًا لأحد ولم يُسْعِد أحد ولم يحبه أحد.

كل تعب الإنسان لفمه ومع ذلك فالنفس لا تمتلئ= الإنسان جسد ونفس وروح. الجسد يشبع بالطعام والنفس تشبع بالعواطف البشرية والروح تشبع بمعرفة الله إذ هي مخلوقة على صورته. ونتيجة عمل الإنسان يذهب كله لفمه (يَذْهَبُ الْجَمِيعُ؟ كُلُّ تَعَبِ الإِنْسَانِ لِفَمِهِ) ويكون له فيشبع الجسد. أما النفس فهي تشبع بالمحبة، ويقول علماء النفس أن الإنسان حتى يكون إنسان طبيعي يجب أن يحيا في حب متبادل، يحب الآخرين ويحبه الآخرين. لكن الروح لا تشبع إلا من معرفة الله وتبادل الحب مع خالقها الذي خلقها على صورته . فكل عنصر في الإنسان له ما يشبعه، فالعواطف لا تشبع بطنا جائعة وهكذا. إلا أن من يشبع بالله يشبع جسدًا ونفسًا وروحًا. وهذا ما يعطي الشبع للإنسان فلا يشعر بالاحتياج والدليل بقاء الجموع مع المسيح 3 أيام دون أن يشعروا بالجوع (مت15: 32)، ومثال آخر الآباء السواح الذين ينطلقوا للصحراء لا يروا إنسانا لعشرات السنوات . لكن من إنشغل عن الله لا تشبع روحه، أضف لهذا أن الإنسان الذي عاش مكروها لا تشبع نفسه، ولو كان بخيلا فحتى جسده لن يشبع فهو يبخل حتى على نفسه. مثل هذه النفس لا يكفيها شيء بل هي دائمًا تقول هات هات (أم15:30) فنفوسنا لا يملأها شيء إلا الله نفسه، العالم كله لا يكفي أن يشبع النفس التي تشتهي العالم "من يشرب من هذا الماء يعطش". ولنعلم أن ما وهبنا الله إياه فلكي نستخدمه لا لكي يستخدمنا ويستعبدنا. فليملأ الغني فمه بالطعام وليدرك أن نفسه لن تشبع مطلقًا مهما كنزت، لأن من يحب الفضة لا يشبع من الفضة (جا 10:5). فالفم محتاج للطعام والنفس تحتاج لمحبة الناس والروح تحتاج إلى حب الله والقريب، و"ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله". لأَنَّهُ مَاذَا يَبْقَى لِلْحَكِيمِ أَكْثَرَ مِنَ الْجَاهِلِ = كلاهما سيترك ماله ويمضي للقبر. ولكن الحكيم الذي عاش في محبة للجميع سيترك ذكرى طيبة لمحبته للناس ومحبة الناس له، عاش فرحًا بما أعطاه الله وأسعد من حوله، أما الجاهل فعاش حزينًا لا يشبع، بل أن الفقير الحكيم يعيش سعيدًا مكتفيًا بما لديه من قوت وكسوة (1تي8:6) ويحمل معه الحب إلى أبديته بينما يفقد من يظن نفسه حكيمًا وغنيًا سعادته هنا ومجده الأبدي.

ماذا للفقير العارف السلوك أمام الأحياء سؤال إجابته رؤية العيون خيرُ من شهوة النفس.

الفقير العارف السلوك هو من قال عنه بولس الرسول أنه قانع بما لديه من قوت وكسوة. مقتنع بما تراه عينه مما أعطاه الله له فعلًا، شاكرًا الله على ما أعطاه له، هذا من يقال عنه أنه شبعان نفسا وجسدا وروحا، والشبعان لا يريد شيئا من العالم، وقال سليمان عن هذه النفس "النفس الشبعانة تدوس العسل" (أم27: 7)، هذا خير له من أن يعيش على أوهام شهوات لن تتحقق يعذب بها نفسه إذ لا يجدها بل هو لا يريدها. الإنسان الفقير الذي يشعر بالشبع مكتفيًا بما لديه، أو بما هو حاضر أمامه، يراه بعينيه، خير من ذاك الذي تجول نفسه في طمع، يشتهي الأمور التي قد لا يستطيع نوالها. وسليمان يسمي مَن لا يشبع في شهواته أحمقًا، أما الحكيم فهو من لا يوجد أسيرًا لتلك الشهوات.

الشعب في سيناء لم يفرحوا بالله السائر معهم، فهم لم يروه لأنهم كانوا بشهواتهم هناك في مصر في أرض العبودية فاشتهوا الكرات ولحم مصر. فالجاهل الأحمق لا يرى الله ولا يرى الخير الذي بين يديه الذي هو عطية الله فيشكره عليه، وهذا لأن عينيه متجهة للعالم ولا يرى سوى العالم فيشتهيه، وعينيه متجهة لما عند الآخرين ويحسدهم عليه. هو يشتهي أيضًا ما ليس له فيعيش دائمًا تعيس (يع1:4-4). أما الحكيم فهو يرى الله، ويرى العالم لكنه لا يشتهيه، هو يستعمله ولا يطلب أكثر مما له. يشكر الله ويفرح بما أعطاه له الله ، ولا يطلب ولا يشتهي ما ليس له. الفقير الحكيم يعيش محبوبًا محترمًا، أما الغني الجاهل فيعيش بلا محبة من أحد وموته صعب. ويكمل سليمان أن إطلاق الإنسان لشهواته، بما فيها شهوة الاقتناء هو أيضًا باطل وقبض الريح= فهو كلما نال شيئًا يزداد بالأكثر لهيب الشهوة عنده فيطلب المزيد فيدخل في مضايقة الروح.

لذلك على الإنسان أن يفهم أن كل العالم سيزول فمهما إقتنى فهو باطل أي عدم ومصيره للزوال. فلا نضع قلوبنا على أي شيء في هذا العالم.

 

الآيات (10-12): "الَّذِي كَانَ فَقَدْ دُعِيَ بِاسْمٍ مُنْذُ زَمَانٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ إِنْسَانٌ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخَاصِمَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ. لأَنَّهُ تُوجَدُ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ تَزِيدُ الْبَاطِلَ. فَأَيُّ فَضْل لِلإِنْسَانِ؟ لأَنَّهُ مَنْ يَعْرِفُ مَا هُوَ خَيْرٌ لِلإِنْسَانِ فِي الْحَيَاةِ، مُدَّةَ أَيَّامِ حَيَاةِ بَاطِلِهِ الَّتِي يَقْضِيهَا كَالظِّلِّ؟ لأَنَّهُ مَنْ يُخْبِرُ الإِنْسَانَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَهُ تَحْتَ الشَّمْسِ؟"

الذي كان فقد دعي باسم منذ زمان= الاسم هو آدم ويعني المأخوذ من تراب الأرض. والاسم يميز الشخص ويشير لصفاته وأعماله. ومعروف أن الإنسان ضعيف ومهما زادت ثروته فسيستمر إنسان ضعيف محدود قابل للموت في أي لحظة، وهذا دُعِيَ على الإنسان منذ الأزل، لا يستطيع أن يخاصم من هو أقوى منه= يعجز الإنسان عن أن يقاوم ويخاصم الله القوي، وعادة فالإنسان الذي يشتهي ولا يجد، يخاصم الله لأنه لم يعطه، والله قسم لنا ما عندنا فلنقبل ونكتفي ولا نخاصمه، حينئذ سنكتشف أنه أعطانا كفايتنا وأعطانا معها الشبع والاكتفاء والرضا. أمور كثيرة تزيد الباطل= الشهوة والهموم مع الغِنَى، وعدم الاكتفاء، ومخاصمة الله، وحسد الناس على ما عندهم يزيد آلام الإنسان، وزيادة المعرفة يزداد معها الشعور بالضعف والعجز. وعبثًا يظن الإنسان أن أشياء هذا العالم فيها راحة. فأي فضل للإنسان = لا يمكن لإنسان أن يوفر لنفسه ظروفًا أفضل مما وَفَّرَهُ الله له، وهذا ينطبق على ثروة الإنسان وملذاته وأمجاده العالمية حتى تجاربه وآلامه (رو8: 28 + 1كو3: 22). وسليمان يوجه هذا لكل من يعترض على ما أعطاه له الله فلا يجب أن يطلب تغيير وضعه. وفي آية (12) يختم الجامعة حديثه بالنتيجة النهائية أن ما يجمعه الإنسان لن يزيده سعادة، خاصة أن أيام حياته على الأرض مهما طالت فهي كالظل لذلك أسماها أيام حياة باطلة التي يقضيها كالظل. وطالما لا نعرف ما هو لصالحنا علينا أن نسلم بأن كل الأمور تعمل معًا للخير فلا نضطرب فأحسن اختيار لحياتنا هو ما أعطاه الله لنا. نحن لا نعرف ماذا سيحدث في المستقبل لنا أو لعائلاتنا بعد موتنا، الكل في يد الله وهو يدبر كل الأمور للخير. وإذا كان لنا ثقة في الله وفي محبته وتدبيره سنحيا سعداء لا نحمل همًا للغد.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات جامعة: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12

 

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/23-Sefr-El-Gamaa/Tafseer-Sefr-El-Gam3a__01-Chapter-06.html

تقصير الرابط:
tak.la/77kryws