St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   righteousness
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب حياة الفضيلة والبر - البابا شنوده الثالث

17- إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَطْفَال

 

محتويات

إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال (مت3:18).

 

إنها وصية عجيبة وخطيرة كشرط أساسي وهام لدخول ملكوت السموات بحثت إن لم نسلك في الطفولة الروحية فلن ندخل الملكوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خطورة الوصية

هناك أمور جوهرية تمنع الملكوت.

مثال ذلك قول الرب "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو5:3). وقوله أيضًا "أأن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم" (يو35:6). وقوله كذلك "إن لم تؤمنوا إني أنا هو، تموتون في خطاياكم" (يو24:8). وكذلك "إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو13: 3، 5). وهكذا جعل الرب هذه الأمور كلها لازمة للخلاص: المعمودية، والتناول، والإيمان، والتوبة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ونراه يضع شرط الرجوع إلى شبه الأطفال لازمًا لدخول الملكوت.

بنفس عبارة "إن لم" التي قالها عن المعمودية والتناول والإيمان والتوبة نراه يقول لتلاميذه القديسين "الحق أقول لكم أمن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت3:18).

وهذا يدل على خطورة هذه الوصية. ويجعلنا نتساءل:

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ما هي الصفات التي يتصف بها الطفل،

حتى تحاول أن نتشبَّه به ونصير مثله؟

نحن نظن أننا نعلم الأطفال، ونقف أمامهم كقدرة، وهوذا الرب يعكس الأمر، ويضع الأطفال أمامنا كقدوة، حتى نتشبه بهم، وإلا... فإنه يقدم لنا تحذيرًا خطيرًا، وهو عدم دخول الملكوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

طبعًا لا نتشبه بالطفل في العقل، وإنما في القلب والروح والنفسية. والمقصود طبعًا أن نتشبه بالطفل السوي، وليس الذي ولد بميول أو طباع منحرفة، سواء بالوراثة أو لأسباب أخرى.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

صفات الأطفال

* أول صفة للأطفال هي البراءة والبساطة.

وهكذا كان أبونا آدم قبل أن يعرف وهكذا كانت أمنا حواء. إذن كأن الرب يقول لنا إن لم ترجعوا إلى البراءة والبساطة فلن تدخلوا الملكوت...

الطفل في بدء حياته، لا يشك في شيء. يقبل الأمور في براءة وثقة، إلى أن يغيره المجتمع، ويدخل الشك إلى قلبه، وفي طباعه فتتعكر نقاوته. وقد يزيد الشك عنده فيصبح مرضًا، سواء وجد سبب للشك أم لم يوجد.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* الطفل يتصف أيضًا بحب المعرفة والتعليم.

فهو يسأل ويريد أن يعرف. ولا يخجل من السؤال والإقرار بعدم المعرفة. وهو يقبل التعليم، وعن طريقة ينمو في المعرفة يومًا بعد يوم.

أما الكبار، فقد يمنعهم عن التعليم إما كبرياء لا تريد أن تظهر أنها لا تعرف، أو يمنعهم الخجل، أو الاكتفاء بما هم فيه من معرفة. وكلما كبر الإنسان في سنة، قد يخجل من التعلم لئلا يخطئ أثناء تدربه فيخجل من خطئه. لذلك فالطفل اقدر على تعلم اللغة من كبير السن، لأنه لا يخجل أن ينطق ولو نطقًا خاطئًا يصححه له معلمه، بينما الكبير لا يعقل.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

حاول إذن ان تنمو في المعرفة، واقصد المعرفة النافعة لك.

وما دمت قد كبرت في السن، أمامك ألوان أساسية في المعرفة غير ما يسعى إليه الطفل. عليك أن تعرف نفسك، وأن تعرف الله، وتعرف الحق، وتعرف الطريق السليم الذي يوصلك. وليكن لك التواضع الذي به تسال وتطلب المعرفة، دون أن تخجل. ودون أن ترتئي فوق ما ينبغي، ظانًا أنك تعرف... ودون أن تكون حكيمًا في عيني نفسك...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* من صفات الطفل دائم النمو.

قيل عن يوحنا المعمدان في طفولته "أما الصبي فكان ينمو ويتقوَّى بالروح. وكان في البراري إلى يوم ظهوره لإسرائيل" (لو80:1). وقيل أيضًا عن الطفل يسوع "وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس" (لو52:2).

من جهة القامة، يصل الكبار إلى حد معين لا تنمو فيه قامتهم. ولكن هناك مجال آخر ينبغي أن يمارسوا فيه صفة النمو. وهو النمو في الروح في العقل، في المعرفة، في الحكمة، في كل فضيلة وعمل صالح.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* تعجبني في الطفل أيضًا صفة البشاشة.

هو باستمرار يحب البشاشة، يحب المرح، يحب أن يضحك، ويحب من يضحكه. إنه لا يحمل هموم الدنيا فوق كتفيه كما يفعل الكبار. ولا يحمل همًا، ولا يفكر في مشاكل الغد ومشاكل المستقبل، إنما يلقي كل ذلك -إن صادفه- على أبيه أو أمه. ويملك السلام على قلبه، حتى في أشد الأوقات خطورة، تجد البيت كله منزعجًا، متوقعًا شرًا، ما عدا الطفل.

أريد لك يا أخي هذا السلام وهذا الفرح، فهما من ثمار الروح (غل22:5).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* من الصفات الجميلة في الطفل أنه لا يحمل حقدًا.

قد يوجد ما يغضبه أو يضايقه أو يحزنه - ولكن هذا كله يأخذ وقته وينتهي في وقته دون أن يخزيه في قلبه أو في مشاعره. وما أسرع أن يتصافَى ويلعب مع طفل آخر كان يتعارك معه منذ لحظات.

الذين يخزنون الإساءة هم الكبار، في ذاكرتهم التي كثيرًا ما تنسى الخير، ولكن لا تنسى الإساءة. ويتحول الغضب عندهم إلى حقد وإلى عداوة، وربما رغبة في الانتقام. وهؤلاء يقول لهم الرب "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأطفال..."

إن الطفل سريع التصالح. وقد يضربه أبوه أو أمه. وبسرعة يأتي فيرتمي في حضنهما. وفي العطف والحنان الذي يأخذه، ينسي كل ما حدث.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Some children playing with goats at one of Egypt's villages, happiness صورة في موقع الأنبا تكلا: مجموعة من الأطفال يلعبون ويمرحون مع بعض الماعز في قرية من قرى مصر، الفرح، السعادة

St-Takla.org Image: Some children playing with goats at one of Egypt's villages, happiness

صورة في موقع الأنبا تكلا: مجموعة من الأطفال يلعبون ويمرحون مع بعض الماعز في قرية من قرى مصر، الفرح، السعادة

ليتنا نكون أيضًا مثل الطفل في حبه الكبير.

الحب الذي يتسع لكثيرين. والذي فيه يتصادق بسرعة مع كثيرين ويزيد عدد معارفه وأحبائه. ويجعل الآخرين يحبونه، دون أن يعرف تحزبًا. وقد يتشاجر الأب والأم معًا. بينما الطفل يحب الاثنين معًا بل قد يعمل على مصالحتهما...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* والطفل عنده الإيمان والثقة.

بعض الطوائف لا تعمد الأطفال، وتنتظر إلى أن يؤمنوا أولًا. ولكنني أقول ليتنا جميعًا نكون مثل الأطفال في عمق إيمانهم. الأطفال الذين يقبلون كل حقائق الإيمان دون أدنى شك أو سؤال.

إن الطفل يولد مؤمنًا، تقول له نصلي، يصلي. ترفع يدك إلى السماء وتقول يا رب، يفعل مثلك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. يؤمن أن الله قادر على كل شيء، ولا يشك في ذلك. بل يؤمن أن أباه الجسدي يقدر أن يعطيه كل شيء، وأن يحميه من كل خطر ولا شك. إيمان الطفل إيمان عجيب لا يفسده إلا الكبار، حينما يدخلون إلى ذهنه أمور تؤذيه.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* الطفل أيضًا يتميز بالصدق، ولا يجامل على حساب الحق.

وهو لا يعرف الرياء. فإن كلن يحبك يقول لك إنه يحبك. ويكون ذلك من قلبه، وهو صادق فيما يقول. وإن كان يخافك أو قد آذيته قبلًا، لا يمكن أن يجاملك كذبًا ويقول لك إنه يحبك. بل يقول لك رأيه فيك بصراحة. إنه لا يعرف النفاق. هو صادق في التعبير عن مشاعره.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

محبه الأطفال محبة حارة أكثر من محبة الكبار.

وهي محبة بريئة وطاهرة. أنه يرتمي في حضن من يحبه بكل عواطفه.

وقد يبكي من كل قلبه. لأنه قد غاب عنه أو أمه قد غابت عنه. ولا يستريح إلا إذا وجد من يحبه. ليتنا نحب مثلما الأطفال يحبون.

* والطفل يشتهي المُثُل العليا.

إنه يستطيع أن يميز بفطرته. لذلك فهو يحب الخير بطبيعته. وله ضمير لم يفسده المجتمع يميز به بين من يحبه، وبين الإنسان الخير الذي يتصف بالروح الطيبة وغير ذلك، وهو يستطيع أن يحكم عليك من مجرد النظر إلى ملامحك. يعرف داخلك من نظرة عينيك، ومن تقاطيع وجهك، ومن نبرة صوتك، وهو حساس جدًا، وحسه سليم. أنه لا يقبل أن يرى أباه غاضبًا أو ثائرًا مقطب الملامح أو الجبين، أو محتد الصوت. كل هذا ضد مثله العليا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* ومن الأشياء الجميلة في الطفل أن فضائله طبيعية تلقائية.

بلا تَصَنُّع،، بلا تمثيل، بلا جهاد في الوصول إلى الفضائل، فهي فيه بالفطرة. لا يحاول أن يظهر في زي فضيلة ليست فيه. لا يجاهد ليحصل على البساطة، فهو بسيط بطبيعته. وهكذا باقي الفضائل.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

* الطفل ليس عنده غرور.

حتى عندما تمدحه، يرضَى لكي يشعر بأنه تصرف حسنًا، دون أن يتكبر. الغرور رذيلة تتعب الكبار...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المسيح والأطفال

 كان السيد المسيح يحب الأطفال. وكان يحتضنهم ويباركهم (مز16:10). وكان يحذر الناس من أن يسببوا لهم عثرة. وهكذا قال "من اعثر أحد هؤلاء الصغار فخير له أن يعلق في عنقه حجر الرحى ويغرق في لجة البحر" (مت6:18). وقال في محبته للأطفال "انظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار" (6:18). وقال في محبته للأطفال "انظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء... (مت10:18). بل جعلهم مثالًا يتشبه الكبار بهم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

والتاريخ وضع أمامنا أمثله لأطفال قديسين.

مثل الطفل أبانوب تُبْنَى على اسمه كنائس في مصر والمهجر. ومثل الطفل قرياقوص ابن القديسة يوليطة. ومثل صموئيل الطفل الذي كلمه الله وأرسله يحذر عالي الكاهن العظيم. ومثل القديس شنوده رئيس المتوحدين في طفولته... والأمثلة كثيرة. ليتنا نرجع ونصير مثل الأطفال في فضائلهم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إن طبيعة الطفل الفاضلة هي أمثولة طيبة قبل أن تغرس فيه البيئة والتربية صفات أخرى لم تكن من طبيعته الأصلية.

وقبل أن يتعلم ممن حواليه أمورًا يريدونها له لكي يصبح مثلهم في طباعهم، وقد لا تكون طباعهم مقدسة ولا صالحة ولا فاضلة...!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إنما السيد المسيح حينما أوصانا أن نرجع ونصير مثل الأطفال، إنما قصد أن نرجع عما اكتسبناه من صفات غرستها فينا البيئة والتربية والتعليم، ونصير في الطبيعة التي أرادها الله لنا، في البراءة التي كانت لآدم وحواء قبل الخطية، وقبل أن يأخذا من مصدر خارجي هو الحية...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/righteousness/children.html

تقصير الرابط:
tak.la/bm3m7rk