لا صعب في المسيحية، ولا يأس، ولا فشل، بل فيها: "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني"..
من الأشياء التي تبدو صعبة في المسيحية: الصليب، والباب الضيق، ومع ذلك حمل المسيحيون الصليب، ودخلوا من الباب الضيق، مترنمين بقول الرسول "ووصاياه ليست ثقيلة" (1 يو 5: 3).
نعم ما أصعب -في نظر العالم- تحويل الخد الآخر، وسير الميل الثاني، ومحبة الأعداء، وبيع كل ما للإنسان ليعطيه للفقراء... ما أصعب إتباع ديانة تدعو إلى النسك والزهد... ولكن هذه الديانة التي تبدو صعبة، انتشرت في كل مكان، ودخل الناس في زهدها بكامل إرادتهم، بل اشتهوا فيها الألم، واشتهوا الاستشهاد، وجعلوا الصليب شعارهم...
إن الوصية الصعبة في المسيحية، تحمل القوة على تنفيذها...
لقد قدمت المسيحية للبشرية مثاليات عالية ووصايا سامية، ولكنها في نفس الوقت قدمت قدرة روحية، ومعونة من النعمة، للسير في هذه المثاليات، بسهولة، وبلذة أيضًا...
قدمت للناس حياة الروح، ومع هذه الحياة قدمت الروح القدس ليسكن في الإنسان ويمنحه قوة للسلوك بالروح...
إن وصايا المسيحية تبدو صعبة لمن هو في الخارج، لمن لا يعيش في النعمة، ولمن لم يدخل بعد في شركة الروح القدس. أما المؤمن فإن هذه الوصايا الصعبة تصير شهوة له متعة روحية، ولا يجد فيها صعوبة...
إن المؤمن يلبس "سلاح الله الكامل"، يقاتل به ويغلب...
المؤمن يوقن تمامًا أنه لا يقف وحده في الجهاد الروحي. ويؤمن أن "الحرب للرب، والله قادر أن يغلب بالكثير وبالقليل "ويشعر دائمًا أن قوة إلهية تلازمه وتعمل معه...
لذلك فإن حياة المؤمن هي نصرة دائمة، لأن الله "يقوده في موكب نصرته".. "الرب يقاتل عنكم، وأنتم تصمتون"..
إن الذي يستشعر الفشل، لم يجرب النعمة بعد، ولم يختبر عمل الله فيه، ولا عمل الله معه... ما أعجب قول الرب لتلاميذه في حديثه عن المعجزات:
"الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي. فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضًا، ويعمل أعظم منها" (يو 14: 12).
المسيحية ديانة قوة: بدأت بقوة القيامة، التي انتصرت على الموت، وفتحت أبواب الجحيم، وسبت سبيًا، وأدخلت الأبرار إلى الفردوس. ثم رأينا قوة الكرازة، وقوة الاحتمال في الاستشهاد.
بقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة، قوة وقفوا بها أمام الرؤساء وتكلموا بلا مانع. استفانوس أفحم ثلاثة مجامع "لم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به".
وهكذا "كانت كلمة الرب تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا". بقوة آيات. وبقوة الكلمة، وبقوة قلب صمد أمام السيف والنار، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. قوة قد ألبسوها من الأعالي. وكما قال لهم الرب "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم. وحينئذ تكونون لي شهودًا.
إنها قوة أعطاهم فيها سلطانًا على جميع الشياطين، وعلى كل قسوة العدو، وأعطاهم فيها مفاتيح السموات والأرض. وكانت لهم قوة في صلواتهم جعلت المكان يتزعزع، وقوة من الملائكة المحيطين بهم الذين كسروا سلاسلهم، وأخرجوهم من السجن.
وهكذا كانت هناك قوة فيهم، وقوة أخرى محيطة بهم...
إنها قوة جعلت الوثنية تنقرض وتزول، قوة المسيحية العزلاء التي هزمت إمبراطورية مدججة بالسلاح استسلمت ودانت للمسيحية... قوة الصليب الذي ظنوه دليل ضعف، وكان مصدر قوة وفخر.
إن المسيحي إنسان قوي: في روحه، وفي معنوياته، لا يخاف شيئًا. قوته لا تستمد من ذاته، إنما من روح الله.
المسيح الأعزل كان يخافه بيلاطس ويشتهي إطلاقه. وبولس السير لما تكلم عن الدينونة ارتعد أمامه فيلكس الوالي.
إنها قوة المسيح الذي قال "ثقوا أنا قد غلبت العالم". وهي قوة القلوب الناسكة الزاهدة، التي انتصرت على كل شهوات العالم، في حياة مقدسة أذهلت الناس وأرعبت الشيطان.
إنها القوة التي تظهر في قول أغسطينوس "جلست على قمة العالم حينما أحسست في نفسي، أني لا أشتهي شيئًا، ولا أخاف شيئًا "قوة التجرد والزهد والتعفف.
إن كنا نعيش في أفراح القيامة، فلنعش في قوتها. ولننتصر على الموت، موت الخطية، حتى نقوم في قيامة الأبرار.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/resurrection/religion.html
تقصير الرابط:
tak.la/h2zt75p