إن الرب الذي أخذ ضعف طبيعتنا البشرية، قد بارك هذه الطبيعة، وسوف يمنحها التجلي والمجد، في القيامة. وعن هذا قال الرسول عن ربنا يسوع المسيح
"الذي سيغير شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورة جسد مجده... (في 3: 21).
فما الذي سيحدث إذن لهذا الجسد البشري في القيامة؟ يقول الرسول:
"هكذا أيضًا في قيامة الأموات... يُزرع جسمًا حيوانيًا، ويقام جسمًا روحانيًّا" (1 كو15: 42 - 44).
![]() |
"وكما لبسنا صورة الترابي، سنلبس أيضًا صورة السماوي (1 کو 15: 49).
" فإنه سيبوق، فيقام الأموات عديمي فساد، ونحن نتغير. لأن هذا الفساد لا بُد أن يلبس عدم فساد. وهذا المائت يلبس عدم موت (1 کو 15: 52-53). وحينئذ يتحول الموت إلى غلبة، ونقول: أين شوكتك يا موت؟! أين غلبتك يا هاوية!
وحينئذ يصير البشر مثل ملائكة الله في السماء (مت 22: 30) كما قال الرب.
جسدنا الممجد في القيامة، سيكون جسدًا لا يجوع ولا بعطش، لا يتعب ولا يمرض، لا يموت ولا يفسد. بل يرتفع فوق هذا كله في تجلي الطبيعة البشرية...
وأجسادنا التي ستصير أجسادًا روحية وسماوية كيف ستكون طبيعتها الجديدة؟!
هل ستتحرك كالملائكة التي تنتقل من السماء إلى الأرض في لمح البصر؟ هل ستكون لها البصيرة الروحية، بدلًا من البصر المادي؟
كيف ستأكل من المن المخفي كما وعد الرب (رؤ 2: 17)؟ وكيف سوف تأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله (رؤ 2: 7)؟
وما هي الملابس البيض التي متلبسها في الأبدية؟ (رؤ3: 5).
وكيف ستجلس مع الابن في عرشه، كما جلس هو مع الأب في عرشه (رؤ 3: 11).
عجيب إذن هو تجلى أجسادنا في الأبدية وعجيبة ستكون طبيعتها الروحية السماوية، البعيدة عن طبيعة اللحم والدم.
وحينما تتجلى طبيعتنا البشرية في القيامة، لا تتجلى في الجسد فقط...
إنما تتجلى أيضًا في الروح...
فلا يصبح هناك ضعف في الروح، مثلما كانت الروح من قبل تضعف وتخضع للجسد. ومثلما نقول حاليًا في صلاة الساعة الثالثة "نجنا من دنس الجسد والروح"، وكما نقول في صلاة القداس الإلهي "طهر نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا". ذلك لأن الروح تتدنس بخضوعها للجسد واشتراكها معه في أخطائه وشهواته... أما في القيامة فتتجلى الروح، وكيف ذلك؟
ستلبس حينذاك إكليل البر.
هذا الذي قال عنه القديس بولس الرسول "...وأخيرًا قد وُضع لي إكليل البر، الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل، وليس لي فقط، بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضًا (2تي 4: 8).
ومعنى إكليل البر، أن الإنسان لا يعود يخطئ فيما بعد.
لا الروح تخطئ، ولا الجسد يخطئ...
تصبح الطبيعة البشرية غير قابلة للخطأ، لأنها تكللت بالبر...
صارت كملائكة الله في السماء، لا تخطئ، وأصبح ينطبق عليها قول القديس يوحنا الرسول عن المولود من الله إنه "لا يستطيع أن يخطئ" (1 يو 3: 9).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
في تجلي الروح، ليس فقط إنها سوف لا تخطئ، فهذا جانب سلبي. إنما ماذا ستكون من الناحية الإيجابية.
ماذا ستكون معرفتها مثلًا؟ هوذا الرسول يقول "الآن أعرف بعض المعرفة. ولكن حينئذ سأعرف كما عُرِفْت" (1كو 13: 12). فماذا ستكون معرفة الروح، بعد أن تتخلص من ضباب المادة التي كانت تحيط بها؟ هل ينطبق عليها قول الرب في حديثه مع الآب "هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك..." (يو 17: 3).
كيف ستنمو الروح في المعرفة، وفي محبة الله والالتصاق به، وفي علاقتها بالملائكة وبأرواح القديسين. كيف ستتجلى في نورها؟ وأي مجد ستنال؟
لا شك أنها سترجع إلى صورة الله ومثاله كما خلقت في البدء (تك 1: 26-27)، ولكن بعيدًا عن الاتحاد بالمادة.
هذا هو تجلي الطبيعة البشرية، حينما ترتفع فوق مستوى المادة، وأيضًا فوق مستوى الشركة مع اللحم والدم " لأن لحمًا ودمًا لا يقدران أن يرثا ملكوت الله" (1كو15: 50).
وهكذا فإن الطبيعة البشرية في تجليها: حينما تدخل في الحياة الروحية الدائمة، وفي المتعة الروحية التي لأولاد الله.
إن الله سيعطي الإنسان نوعًا من التجلي في طبيعته، سواء من جهة الجسد أو الروح. ونود هنا لتبسيط الموضوع أن نقدم بعض الأمثلة لشرح التجلي:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/pamphlet-1-transfiguration/human-nature.html
تقصير الرابط:
tak.la/xc2pv2t