دالتهم عند الله
هؤلاء القديسون كانت لهم دالة عند الله...
اعتبرهم الله أصدقاء له. ويكشف لهم خططه ومشيئته، ويأخذ رأيهم، ويسمح لهم أن يناقشوه فيما يقول.
كما حدث مع أبينا إبراهيم قبل حرق سادوم، إذ قال الله "هل أخفي عن إبراهيم، ما أنا فاعله؟!" (تك 18: 17). وكشف له الرب الأمر. ودخل إبراهيم في حوار معه. بل إن إبراهيم في دالته مع الرب قال له "أفتهلك البار مع الأثيم...؟! حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر، أن تميت البار مع الأثيم! حاشا لك. أديان كل الأرض لا يصنع عدلًا...". وظل في حوار مع الله، حتى قال الله، حتى قال الله له إن وجد في المدينة عشرة من الأبرار "لا أهلك من أجل العشرة" (تك 18: 23 - 32).
وبالمثل حدث مع موسى النبي، لما أراد الرب إهلاك الشعب بعد عبادتهم للعجل الذهبي...
لم يشأ الرب أن يفعل ذلك دون يخبر عبده موسى أولًا. فقال الرب لموسى "رَأَيْتُ هذَا الشَّعْبَ وَإِذَا هُوَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ. فَالآنَ اتْرُكْنِي لِيَحْمَى غَضَبِي عَلَيْهِمْ وَأُفْنِيَهُمْ" (خر 32: 9-10). ولكن موسى لم يتركه يفعل هكذا. بل قال له في دالة "لماذا يا رب يحمَى غضبك على شعبك... ارجع يا رب عن حمو غضبك، واندم على الشر بشعبك. اذكر إبراهيم وإسحق وإسرائيل الذين حلفت لهم...". ويسمع الرب لكلام موسى، ويقول الكتاب "فندم الرب على الشر الذي قال إنه يفعله بشعبه" (خر 32: 14).
إن قرأت كل هذا، ألا يتأثر قلبك بهذه الدالة، وتحب أن يكون لك شيء منها في محبة متبادلة بينك وبين الله.
على أن هؤلاء القديسين كانت لهم دالة مع الله ومكانة عنده، حتى بعد وفاتهم.
فنرى أن الله لم يعاقب سليمان في حياته وابقي العقوبة إلى أيام ابنه أيام ابنه رحبعام. وقال تعليلا ذلك "من أجل داود عبدي" (1مل 11: 13). وظل الرب يحتفظ بهذه المكانة لعبده داود، حتى أن المرتل يقول للرب في المزمور "من أجل داود عبدك، لا ترد وجهك عن مسيحك"، "اذكر يا رب داود وكل دعته" (مز 131)
بل أكثر من هذا، تَسَمَّى الرب بأسماء أحبائه.
فقال لموسى لما ظهر له في العليقة "أنا... إله إبراهيم واله إسحق واله يعقوب" (خر 3: 6). واستخدام الرب هذه الآية في الرد على الصدوقيين من جهة القيامة (مت 22: 32).
ومن جهة الشريعة -مع أنها شريعة الله- إلا أنه ينسبها لموسى، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فيقول "اذكروا شريعة موسى عبدي التي أمرته بها في حوريب" (ملا 4: 4). ويقال عن العذراء "ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى مرارًا، كما في (1مل 2: 3) (نح 8: 1) (دا 9: 11) وكذلك أيضًا عبارة "ناموس موسى" (يو 7: 23) (أع 13: 39) (أع 15: 5) (عب 10: 28). وبالمثل أسفار الكتاب، تسمت أيضًا بأسماء محبيه. كما نقرأ سفر صموئيل، وسفر نحميا، وسفر أستير.
كل هذه الكرامة التي يمنحها الرب لأولاده، ألا تؤثر فيك لكي تحيا معه، وتنال بركته؟
أولاده أيضًا منحهم مفاتيح السموات والأرض (مت 26: 19).
"ما يربطونه على الأرض، يكون مربوطًا في السماء. وما يحلونه على الأرض يكون محلولا في السماء" (مت 18: 18). ويقول لهم "من غفرتم خطاياه غفرت له. ومن أمسكتموها عليه أمسكت" (يو 20: 23). أي سلطان هذا...؟! وهكذا أيضًا في العطايا، وفي صنع المعجزات. بل قال لهم عبارة عجيبة مذهلة وهي: "مَن يؤمن بي، فالأعمال التي أعملها يعملها هو أيضًا، ويعمل أعظم منها" (يو 14: 12)... إلى هذه الدرجة يا رب؟! من ذا الذي لا يحبك؟!
لقد أستأمن الرب أولاده على مخازنه.
يعطون منها كما يشاءون. وتوافق مشيئتهم مشيئته...
ما أجمل قول الرب عن موسى النبي "وأما عبدي موسى... فهو أمين على كل بيتي. فمًا إلى فم وعيانًا أتكلم معه... وشبه الرب يعاين" (عد12: 7، 8)... بل ما أعجب قوله لذلك الابن " يا ابني، أنت معي في كل حين. وكل مالي فهو لك" (لو15: 31)!! بل يقول الرب عن تلاميذه لله الآب "وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني..." (يو17: 22).
إنني أقف في حيرة، مبهوتًا أمام هذه العبارات الثلاث، أوعز في أعماقها، لعلني أفهمها كما ينبغي...
"أمين على كل بيتي"... "كل مالي فهو لك"... "أعطيهم المجد الذي أعطيتني".
حقًا ما أعمق محبة الله الفائقة الوصف! وما أعجب كرمه وجوده حينما يعطي! ليس فقط لبنيه ولتلاميذه، بل حتى لذلك الابن الذي كان في موقف جحود (لو15).
ألا نحبه من أعماقنا، وهو بهذا الحب والخلود؟!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/love/familiarity.html
تقصير الرابط:
tak.la/jqajh78