حقًا أن الله يحب أن يكون الإنسان قويًا في شخصيته، قويًا في حياته الروحية، قويًا في احتماله، في خدمته، في فهمة، في كل شيء.
ولكنه مع ذلك هو إله الضعفاء أيضًا.
يسندهم في ضعفهم، يشجعهم ويقويهم، ولا يتركهم... بل عن مثل هؤلاء، قال السيد المسيح "روح السيد الرب علي. لأن الرب مسحني لأبشر المساكين، أرسلني لأعصب منكسري القلب، لأنادي للمسبيين بالعتيق، وللمأسورين بالإطلاق... لأعزي كل النائحين... لأعطيهم جمالًا عوضًا عن الرماد، ودهن فرح عوضًا عن النوح، ورداء تسبيح عوضًا عن الروح اليائسة" (أش 61: 1-3).
نعم إنه يسند هؤلاء اليائسين والمنكسرين والنائحين. ويقول عنه:
معين مَنْ ليس له معين، ورجاء من ليس له رجاء.
عزاء صغيري النفوس، ميناء الذين في العاصف. أي انه ميناء السلامة للذين في سفن تتقاذفها الأمواج والعواصف... كما حدث للتلاميذ، في يوم ريح شديدة وكانت. سفينتهم في وسط البحر معذبة من الأمواج. فأبصروه قادمًا إليهم ماشيًا على الماء وقال لهم "أنا هو، لا تخافوا".. وسكنت الريح (مت 14: 24 - 32).
حقًا إنه معين من ليس له معين، وكمثال ذلك:
شفاؤه مريض بيت حسدا الذي له إنسان يلقيه في البركة...
حينما تقف وحيدًا، وليس لك إنسان يهتم بك، ستجد الله حتمًا إلى جوارك حينما تهرب من عيسو الجبار الذي يريد أن يقتلك، حينئذ ستري لسمًا بين السماء والأرض، صوت الله يطمئنك قائلًا "ها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب.." (تك 28: 15). حينما يطاردك فرعون حتى إلى البحر، وتصغر نفسك، سيشق لك الله في البحر طريقًا... لا تصغر نفسك أمام الشدائد. وإن صغرت، اسمع قول الرسول:
"شجعوا صغار النفوس، اسندوا الضعفاء" (1 تس 5: 14).
كذلك أنت، إن رأيت إنسانًا حائرًا يائسًا منهارًا، لا تستصغره. وإن رأيته ساقطًا، لا تحتقره، وقل له كلمة ترفع معنوياته، أعطه كلمة رجاء. افتح له طاقة من نور تضيء له الطريق.
يا أخي إن كنت على قمة الجبل، فلا تحتقر الذين على السفح أو في الوادي، أو حتى الذين في المستنقع... وإن أعطاك الرب نعمة ووصلت، فلا تنظر إلى الناس من فوق، ولا تحتقر الذين لم يصلوا. أو حتى اليائسين وصغار النفوس. بل تذكر قول الرب:
"انظروا. لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار" (مت 18: 10).
مهما وصلت إليه حالتهم، فالله قادر أن يقيمهم، كما أقام من قبل أوغسطينوس وبيلاجية وموسى الأسود.، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. حتى إن كان شجرة غير مثمرة، وعلى وشك أن تقطع، فإن الكرام الحنون يشاء أن يتركها هذه السنة أيضًا، وينقب حولها ويضع زبلًا، فريما تأتي بثمر فيما بعد (لو 13: 6-9).. إنه إلهنا الطيب الذي قيل عنه:
قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ (مت 12: 20)
ربما يعصب القصبة المرضوضة فتستقيم، وينفخ في الفتيلة المدخنة فتشتعل...
إن الله يعطي فرصة لكل أحد. لأنه لا يشاء موت الخاطئ، بل أن يرجع ويحيا (حز 18: 23، 32).. وطالما الإنسان على قيد الحياة، لا تزال أمامه فرصة للتوبة، ولا يفقد الرجاء. فاللص اليمين آمن وعاد إلى الله، وهو في الساعات الأخيرة من حياته على الأرض... لقد كان هو أيضًا قصبة مرضوضة.
عبارة جميلة معزية قالها ربنا يسوع المسيح وهي:
ما جئت لأدين العالم، بل لأخلص العالم (يو 12: 47).
ليست في فمي كلمة دينونة، بل كلمة حب، كلمة خلاص ومغفرة... بل الدينونة التي عليكم أنتم، سأحلها أنا بدلًا منكم، وأمحوها عنكم بدمي... حقًا يا رب فمك حلاوة وكله مشتهيات (نش 5: 16). تقول ما جئت لأدين، بينما الدينونة كلها للابن! (يو 5: 22).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/hope/god.html
تقصير الرابط:
tak.la/r56zf33