* أسوأ مثل هو الشيطان، الذي نال في خلقه نعمة جبارة وهلك!
قال عنه الكتاب إنه "الكاروب المنبسط المظلل" بل قال له "أنت خاتم الكمال. ملآن حكمة وكامل الجمال"، "أنت كامل في طرقك من يوم خلقت" (حز 28: 13- 15) وكان قويًا وصف بأنه "قاهر الأمم". ولما سقط قال له الوحي الإلهي "الذين يرونك، يتطلعون إليك... أهذا هو الرجل الذي زلزل الأرض وزعزع الممالك؟!" (أش 1: 12، 16).
ومع ذلك هلك هذا الذي نال قدرًا كبيرًا من النعمة، فيما وهب من جمال وكمال وقوة وحمة. لأن إرادته أنحرفت، وأسقطته كبرياؤه...
* مثل آخر هو شاول الملك:
كان أول من مُسِحَ ملكًا بالزيت المقدس، وحل عليه روح الرب فتيًا، حتى قيل "أشاول أيضًا بين الأنبياء؟!" كان الرب قد "أعطاه قلبًا آخر" (1صم 10: 9-12) ولكن شاول سلك في استقلال عن الله. ولم يستخدم النعمة التي وهبت له استخدامًا سليمًا. فكانت النتيجة أن الرب قد رفضه. "وفارق روح الرب شاول، وبغته روح رديء من قبل الرب" (1صم 16: 1: 14).
* مثل ثالث هو شمشون:
اختاره الرب قبل أن يولد، ليكون نذيرًا للرب ومخلصًا للشعب من أعدائه. وحل عليه روح الرب وكان يحركه (قض 13). ومنحه قوة مذهلة. كل هذا كان من عمل النعمة فيه. لكنه لم يسلم نفسه لعمل النعمة، بل سلمها لإمرأة أحبها، فخانته وسلمته إلى أيدي أعدائه فأذلوه. ولكن النعمة عادت وافتقدته مرة أخرى في آخر حياته (قض 16) وكتبه بولس الرسول ضمن رجال الإيمان (عب 11: 32).
* مثل رابع هو سليمان الحكيم:
وهبته نعمة الله حكمة لم توهب لأحد من قبل، حكمة من فوق. ومعها غنى وكرامة. فلم يكن مثله ملك من كل الملوك في أيامه (1مل 3: 12، 13) وأيضًا أعطاه الله "فهمًا كثيرًا، وروحبة قلب كالرمل الذي على شاطئ البحر" (1مل 4: 29) وتراءى له الله مرتين (1مل 9: 2) وكانت الفضة في أورشليم في أيامه مثل الحجارة من الكثرة (1مل 10: 27).
فماذا كان موقف سليمان من كل هذه النعمة التي أحاطت به..؟ يقول الكتاب "وكان في زمان شيخوخة سليمان، أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى. ولم يكن قلبه كاملًا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه. فذهب سليمان وراء عشتاروت ألهة الصيدونيين، وملكوم رجس العمونيين، وعمل سليمان الشر في عيني الرب.." (1مل 11: 4-6) فعاقبه الله. وكما قال عنه من قبل لداود أبيه "إن تعوج، أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني آدم. ولكن حتى رحمتي لا أنزعها منه كما نزعتها من شاول.." (2صم 14، 15).
وهكذا افتقدته النعمة في أواخر أيامه. فتاب وشعر بأن العالم كله بال وقبض الريح، كما كتب في سفر الجامعة (جا 1: 2) (جا 2: 11).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
* مثال خامس: الذين أخذوا موقفًا مضادًا من عمل الروح فيهم:
الذين كان لهم حرارة من الروح فأطفأوها. بينما الكتاب يقول "لا تطفئوا الروح" (1تس 5: 19) وبخطاياهم "أحزنوا الروح" (أف 4: 3) وكاليهود الذين قال لهم القديس اسطفانوس الشماس "أنتم دائمًا تقاومون الروح القدس. كما كان آباؤكم كذلك أنتم" (أع 7: 51) أما الذين يجدفون على الروح القدس ولا تكون لهم مغفرة (مر 3: 29) فهم الذين يرفضون نعمة الروح وعمله فيهم رفضًا كاملًا مدى الحياة...
لهذا لا نستطيع أن نقول إن النعمة هيكل شيء، ونغفل الإرادة البشرية!!
كالذين يقولون "كله بالنعمة" كما لو كان الإنسان مسلوب الإرادة! أو كان موقفه سلبيًا تمامًا. فالنعمة عملت في كثيرين، ثم هلكوا نتيجة لإنحرافهم بإرادتهم منفصلين عن عمل النعمة. مثل ديماس الذي ساعدته النعمة أن يكون أحد العاملين مع القديس بولس الرسول (كو 4: 14). ثم تركه إذ أحب العلم الحاضر (2تي 4: 10).
لو كانت النعمة تعمل كل شيء، ما سقط أحد، وما هلك أحد.
ولو كانت النعمة تعمل كل شيء، ما كان هناك سبب لمكافأة الأبرار،، لأنهم لم يعلموا شيئًا... إذن لا بُد أن نضع في عمل البر اتحاد الإرادة البشرية مع عمل النعمة والإشتراك مع النعمة في العمل... لأن البعض لا يستجيبون للنعمة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/grace/fell.html
تقصير الرابط:
tak.la/wdf99tv