St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   discipleship
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب التلمذة - البابا شنوده الثالث

7- التلمذة على الكتب

 

الأصل هو التلمذة على الآباء والمعلمين. وكما قال الشاعر:

فخذوا العلم على أربابه         واطلبوا الحكمة عند الحكماء

ولكن ماذا يحدث إن لم تجد المعلم ولا الأب ولا المرشد. هناك إذن الكتب. فيها كل شيء. وقد تنفعك مع وجود مرشد أيضًا...

أوريجانوس أعظم عالِم في عصره: تتلمذ على الكتب.

قيل عنه إنه كان يستأجر المكتبات ويبيت فيها. ويظل يقرأ طول الليل، ويلتهم ما يوجد في المحفوظات من كنوز المعرفة وقال عنه القديس جيروم: [إنه كان يقرأ وهو يأكل، ويقرأ وهو يمشي... حتى امتلأ عقله من العلم]. ولكن أوريجانوس أصابه ضرر من بعض قراءاته.

وفي عصرنا الحاضر نذكر اسم حبيب جرجس.

لم يجد معلمًا في الإكليريكية يتلقى عليه العلم، وبخاصة بعد مرض ونياحة القمص فيلوثاوس إبراهيم، فلجأ إلى الكتب يلتهم معلوماتها التهامًا. واستطاع أن يكون معلم اللاهوت الأول في جيله. والآن يكتب في العقيدة وفي الروحيات وفي سير القديسين وفي مناهج التربية الكنسية والتعليم الديني. وكان مصدر علمه هو الكتب.

St-Takla.org Image: Ancient and old book from a Coptic Orthodox library at one of the Egyptian monasteries صورة في موقع الأنبا تكلا: كتب قديمة وأثرية في مكتبة قبطية أرثوذكسية بأحد الأديرة المصرية

St-Takla.org Image: Ancient and old book from a Coptic Orthodox library at one of the Egyptian monasteries - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org

صورة في موقع الأنبا تكلا: كتب قديمة وأثرية في مكتبة قبطية أرثوذكسية بأحد الأديرة المصرية - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا

ولكن على الإنسان أن يحسن انتقاء الكتب التي يقرأها ويتتلمذ عليها، وأن يقرأ بإفراز وحرص، ولا يعتنق كل ما يقرأ.

فهناك كتب -حتى لمشاهير الكتاب- قد تحمل معلومات غير سليمة. وليست كل الكتب معصومة. فعلى القارئ أن يضع أمامه قول القديس بولس الرسول: (افحصوا كل شيء وتمسكوا بالحسن) (1تس5: 21). وكذلك قول القديس يوحنا "لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله" (1 يو 4:1).

وأيضًا على الإنسان أن يميز بين القراءة والتطبيق.

فهناك مبادئ روحية تحتاج إلى إرشاد في تطبيقها، وقد تحتج بعض الفضائل إلى تدرج كبير في تنفيذها. وقد يقرأ إنسان في بستان الرهبان عن فضيلة أتقنها أحد القديسين، ربما بعد جهاد سنوات حتى وصل إليها، فهل يأخذها القارئ كنقطة ابتداء، مقلدًا القديس فيما وصل إليه أخيرًا، دون أن يحاكيه في تدرجه وجهاده...

نقول هذا عن بعض درجات الصلاة، والصمت، والصوم، والوحدة، وما شابه ذلك من أمور يحتاج تنفذها إلى إرشاد روحي.

ونشكر الله أن المكتبة القبطية تذخر حاليًا بالعديد من الكتب الثمينة:

سواء من أقوال الآباء المترجمة، أول من سير القديسين، أو الكتب الروحية والعقدية والتاريخية والطقسية، وشتي ألوان المعرفة.

وعلى الإنسان أن ينتقي ما يشبع قلبه وفكره.

وأن يصنع لنفسه برنامجًا يوميًا في القراءة، أو على الأقل برنامجًا أسبوعيًا، بحيث إن قصر في يوم تسنده قراءة يوم أخر.

والخادم بالذات يحتاج إلى مزيد من القراءة، ليكن مشبعًا لتلاميذه.

وذلك حتى لا تقدم لهم معلومات مكررة، أو معلومات سطحية سبق لهم معرفتها. ولا شك أن الخادم العميق في معرفته يشعر تلاميذه بدسم معلومات فيقبلون عليه وعلى دروسه. وهو لا يستطيع أن يتلمذهم، إلا إن كان هو قد تتلمذ أولًا وتعمق في معرفته. وكما يقول المثل:

[امتلئوا. لأنه لا يفيض إلا الذي امتلأ].

والتلمذة على الكتب لها اتجاهان: المعرفة والحياة.

ولكي تحول بعض معارفك إلى حياة، عليك بالتداريب الروحية.

اقرأ، وافهم جيدًا. واستخرج المعاني الروحية النافعة والمناسبة لك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وسجلها في مفكرة خاصة، لكي تتذكرها بين الحين والحين. ودرب نفسك عليها. وحاسب نفسك على التدريب. وراقب نفسك في التطبيق. ووبخ نفسك إن قصرت. وهكذا تحول المعلومات الروحية إلى حياة.

وفي حديثنا عن الكتب وأوريجانوس، نذكر اثنين تتلمذا عليه:

إنهما القديسان باسيليوس الكبير، وأغريغوريوس الناطق بالإلهيات. مع إنهما لم يعاصراه، إذ عاشا في القرن التالي له. ولكنهما تتلمذا على كتبه. تمامًا كما قال اليهود للمولود أعمي: "نحن تلاميذ موسى" (يو 9:28). مع أنهم لم يعاصروا موسى النبي، لكنهم تتلمذوا على الأسفار الخمسة التي كتبها، والتي أطلق عليه اسم "ناموس موسى".

لا شك أنكم رأيتم كثيرين من الناس الطيبين. فهل استفدتم منهم؟ صدقوني أن الله سيديننا في اليوم الأخير، إن لم نستفيد ممن أرسلهم إلينا كعناصر ممتازة يمكن أن نقتدي بها، مثلما قال عن معاصري حياته في الجسد على الأرض (إن ملكة التيمن ستقوم في يوم الدين مع هذا الجيل وتدينه" (مت12: 42).

ربما تسمع أو تقرأ عن الوداعة ولا تفهم معناها بالضبط. ثم يرسل الله لك إنسانًا وديعًا، تراه فتتلمذ على وداعته، وتفهم منه ما هي الوداعة أكثر مما تشرحه الكتب....

وهكذا في كل فضيلة يرسل لنا الرب عينات حية: في التواضع، في البساطة، في الغيرة المقدسة، في الإيمان، في كافة الأمور الروحية التي قد تعجز الكتب عن شرحها بدقه، والتي قد يكون معناها أكثر من احتمال تعبير الألفاظ... وإن سأل الله "لماذا لم تتلمذوا على هذه النماذج العملية؟!" حينئذ "يستند كل فم" (رو3: 19)..

أتظن إن التلمذة هي فقط على الكتب والعظات والإرشاد الروحي. كلا. فهناك تلمذة على أشخاص لا يتحدثون عن الفضائل، إنما تتحدث فضائلهم عنهم.

لذلك خُذ درسًا من كل فضيلة تراها في أي إنسان، أيًا كان، مسيحيًا كان أو غير مسيحي، خادمًا كان أو علمانيًا...

ننتقل إلى فرع آخر من التلمذة، وهو التلمذة على الطبيعة.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/discipleship/books.html

تقصير الرابط:
tak.la/v3ta4p4