مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - الجزء الثالث: سفر التكوين "1" أصل الكون وأصل الإنسان
باب 1: الفصل الأول: سفر التكوين وأصل الكون
أ. حلمي القمص يعقوب

 

هذا الفصل هو وقفة تأمُل، أكثر منها جلسة دراسة..

في هذا الفصل نتأمل ذاك الكون الرهيب، ولا نمنع همسات التساؤل:

تُرى هل هذا الكون أزلي، أو أنه وُجِد تلقائيًا، أم أن نواميس الطبيعة هي علة وجوده؟!!

نقف خلف العلماء نتأمل مساعيهم وجهودهم الجبارة ونظرياتهم، ونهمس متسائلين:

تُرى هل نجحت هذه النظريات في تفسير نشأة الكون؟

متى وُلِد... كم عمره..؟ ما هي بدايته.. هل له من نهاية؟!

وفي هذا الفصل أيضًا نقف أمام ذاك الكون المترامي الأطراف، بل نَسبحُ في الفلك الشاسع نتأمل شموسه، كواكبه، كويكباته، أقماره، نيازكه، مذنَّباته، سُدمه، مجراته، ثقوبه السوداء.. دورة الحياة والموت، فهذا نجم يُولَد وذاك نجم يموت.. أمام هذه العظمة وذاك الجلال نقف مشدوهين، بل نركع خاشعين أمام عظمة الخالق غير المحدودة، وحكمته التي تفوق الأوصاف، وقدرته اللانهائية التي تجلَّت في هذا الكون العجيب، والذي مازال بالنسبة لنا مجهولًا في كثير من جوانبه.

حقًا.. إن كانت هكذا روعة وجمال الكون المنظور فكم وكم الخليقة غير المنظورة؟!!

"" لأن أموره غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مُدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية" (رو 1: 20).

واسمح لي يا صديقي أن أنقل لك قليل من المشاعر الجياشة لأعظم علماء العصر، الذي كرَّس حياته للبحث عن أسرار الكون والمادة.. ذاك هو " البرت اينيشتاين " أسطورة القرن العشرين إذ يقول:

" إن أعظم جائشة من جائشات النفس وأجملها تلك التي تستشعرها النفس عند الوقوف في روعة أمام هذا الخفاء الكوني، الذي لا نستطيع أن نشق حجبه. ومع هذا فنحن ندرك أن وراءه شيئًا هو أحكم الحكمة وأجمل الجمال. وهي حكمة وجمال لا تستطيع أن تدركها عقولنا القاصرة إلاَّ في صوُّر بدائية.

وهذا الإدراك للحكمة وهذا الإحساس بالجمال هو الباعث في روعة إلى التسبيح عند الخليقة. إن الشعور الإلهي الذي يشعره الباحث في الكون هو أقوى وأنبل حافز على البحث العلمي، وإن إيماني هو إعجابي في تواضع بتلك الروح السامية التي لا حد لها، تلك التي تترائى في التفاصيل الصغيرة القليلة، التي لا تستطيع إدراكها عقولنا الضعيفة العاجزة، وهو إيماني العاطفي العميق بوجود قدرة عاقلة مهيمنة تترائى حينما ننظر في هذا الكون المُعجِز للأفهام. إن هذا يؤلف عندي معنى الإيمان بالله"⁽¹⁾.

 

والآن هيا بنا نقطع رحلة العجائب في اختصار شديد:

---