ج: نظرة إلى نظام الكون الدقيق، وحركة الكواكب والنجوم والمجرات تؤكد لنا أن هناك نظامًا في منتهى الدقة يخفي وراءه حكمة لا نهائية لضبط هذا الكون، وهذه الحكمة اللانهائية ترشدنا لله الخالق. من الذي أوجد العناصر الأكثر من والتسعين التي تكوّن الكون كله بهذه الصورة الرائعة؟! " ففي الطبيعة يوجد 92 عنصرًا مختلفًا (ماعدا العناصر التي استحدثت نتيجة التفاعلات النووية) ومنها تتكوَّن جميع المركَّبات في هذا الكوكب الذي نعيش عليه، وبالتحليل الطيفي للضوء الصادر من الكواكب والنجوم الأخرى ثبت أن بعضًا من هذه العناصر موجودة في تلك الأجرام السماوية الأخرى. هذه العناصر هي الحروف الهجائية للكون، ولكن لكي يتكوَّن الكون من هذه الـ92 عنصرًا لا بُد من وجود عقل مدبر كبير يدير هذه التركيبات المُعقَّدة وليس مجرد الصدفة، هو الذي جعل هذه العناصر تتحد مع بعضها، وتكوَّن الكون بمثل هذه الدقة التي نراه فيها. فمن هذا الذي جعل كل هذا الإتحاد؟ هناك جواب واحد يقبله العقل، ولكن الذين فقدوا المنطق يجادلون ويقولون أن هذه العناصر أتحدت مع بعضها إما بطريق الصدفة، وإما نتيجة لقوانين الإتحاد الكيميائي وإما نتيجة لقوى الطبيعة.
هل المصادفة تخلق؟ قد تنجح المصادفة أحيانًا في حياتنا اليومية، ولكنها غير مقبولة بالمرة إذا كان الأمر يتعلق بخلقة الكون. مثلًا لكي نحصل على الجواب الحقيقي لأي مسألة وأمامنا على المنضدة العشرة حروف الرياضية، فلو جعلنا هذه الحروف تقفز في الهواء وترتب نفسها على هيئة الجواب. فلكي نحصل على الجواب الصحيح يجب أن تتم هذه العملية مائة مليون مرة... هذه هي المصادفة، فكيف يكون الحال إذا كنا نتعامل مع 92 عنصرًا وليس على عشرة أحرف، ونريد أن نخلق الكون بأسره؟ قطعًا إن العقل يرفض أن يصدق أن المصادفة قادرة على الخلقة"(1).
ويقول " جون الدر".. " إن الذهب والحديد والنحاس والأكسجين والرصاص وجميع المواد التي تكوّن الصخور والأتربة وباطن الأرض (بل والذرات التي تتكوَّن منها الطاقات المختزنة داخلها بل والأثير الذي يقال أنه كوَّن الطاقات فالذرات فالعناصر) ليس فيها القوة الخالقة لتخلق نفسها من العدم، ولا يمكننا أن نتخيَّل صخرة لم توجد بعد تعزم أن تكون نفسها بنفسها، وتظهر لعالم الوجود، هذا منطق أحمق معكوس"(2)(3) ورغم تقدم العلوم التي أدت إلى اختراعات مذهلة، لكن لم يحدث قط ولن يحدث أن إنسانًا استطاع أن يوجد أي شيء من لا شيء، ومن المستحيل أن نحصل على أية مادة من العدم.
_____
(1) كنيسة مارجرجس اسبورتنج - التوافق بين العلم الحديث والكتاب المقدَّس ص 9، 10.
(2) الإيمان بالله ص 17.
(3) أورده برسوم ميخائيل - حقائق كتابية جـ 1 ص 26.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/144.html
تقصير الرابط:
tak.la/2d4y6sj