St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

145- تُرَى.. هَلْ يُمْكِن أن تَكُون النواميس الطبيعية علة وجود الكون؟ وإن لم يكن الكون أزليًا، ولم ينشأ تلقائيًا بمجرد الصدفة، ولم تكن النواميس الطبيعية علة وجوده.. إذًا فكيف وُجِد؟

 

ج: نواميس وقوانين الطبيعة وضعها رب الطبيعة ليضبط سيرها حسنًا، ولكن من يصدق أن هذه النواميس قادرة على إيجاد الكون " هل الطبيعة تخلق؟ إن الطبيعة مجموعة من القوى العمياء غير الواعية، كقوة الرياح والعواصف والبرق والرعد والسيول والأنهار والبراكين والزلازل وحرارة الشمس.. إلخ وتتسم أعمال هذه القوى دائمًا بأنها لا تدل على ذكاء. هل يمكن لأجزاء محرك السيارة أن تُركّب نفسها بنفسها وتسير السيارة في الطريق؟ بالطبع هذا غير ممكن بدون عقل يدبر كل هذا.. فوجود هذا الكون الذي يجرى كل شيء فيه حسب نظام دقيق، يدل على وجود عقل ذكي مدبر للخليقة، ولكن لا يمكن فرض وجود ذكاء بدون وجود شخصية. وهذه الشخصية هي الله. هذا أول أساس للإيمان المسيحي"(1).

ويُحلّل " جون الدر " هذا الفكر قائلًا " إن الناموس الطبيعي هو المنهج أو القانون الذي تسير عليه الطبيعة، ولا يمكن أن تكون قاعدة سير الشيء هي علة وجوده، فلن تستطيع النواميس الطبيعية أن تخلق مظاهر الطبيعة المتعددة أكثر مما تستطيع قواعد اللغة أن تكتب الشعر. صحيح أن الله خلق العالم ذا نواميس طبيعية ولكن نواميس الطبيعة لن تستطيع ذاتها أن تخلق عالمًا كما لا تستطيع الرموز الجامدة أن تخلق نظرية هندسية. وهل الناموس الطبيعي منفصل عن الطبيعة، وله عقل وإرادة وقدرة على إيجاد الطبيعة؟ إذا صح هذا الافتراض الغير معقول، فلا يكون ما يسمونه الناموس الطبيعي إلاَّ اسمًا آخر من أسماء الله"(2)(3).

ويقول " د. ايريل دافيز " رئيس قسم البحوث الذرية بالبحرية الأمريكية ببروكلن " إذا سلمنا بقدرة الكون على خلق نفسه، فإننا بذلك نصف الكون بالألوهية، ومعنى ذلك أن نعترف بوجود إله ولكننا نعتبره إلهًا ماديًا وروحيًا في نفس الوقت، وأنا أفضل أن أؤمن بإله غير مادي خالق لهذا الكون تظهر منه آياته وتتجلى فيه أياديه"(4).

St-Takla.org Image: A galaxy, starry sky, stars, spiral galaxy, constellation swordfish. صورة في موقع الأنبا تكلا: المجرة، الفضاء مليء بالنجوم، جرة حلزونية (لولبية)، كوكبة، مجموعة من النجوم.

St-Takla.org Image: A galaxy, starry sky, stars, spiral galaxy, constellation swordfish.

صورة في موقع الأنبا تكلا: المجرة، الفضاء مليء بالنجوم، جرة حلزونية (لولبية)، كوكبة، مجموعة من النجوم.

وإن كان من المستحيل أن يكون هذا الكون أزليًا.. ومن المستحيل أن يكون قد نشأ تلقائيًا بمجرد الصدفة. ومن المستحيل أن تكون النواميس الطبيعية علَّة وجود الكون.. إذًا لا بُد للكون من خالق، ويقول المتنيح العلامة الأسقف الأنبا أيسوذورس " إقرار إسحق نيوتين (1642 - 1727م).. وبعد أن قضى زمنًا طويلًا في أبحاثه وتجاربه صرح قائلًا: إني قد رأيت الله في أعمال الطبيعة ونواميسها التي تبرهن على وجود حكمة وقوة لا تختلط بالمادة، وقد ترك في آخر حياته كل أعماله وانسكب على درس الكتب المقدَّسة، وقد علَّق حواشي على سفر الرؤيا شارحًا إياها، وكتب أربع رسائل دفاعًا عن الديانة المسيحية، ومن أقواله فيما نحن بشأنه قوله: لا تشكُّو في الخالق فإنه مما لا يُعقل أن تكون الضرورة وحدها هي قاعدة الوجود، لأن ضرورة عمياء متجانسة في كل مكان وفي كل زمان لا يُتصوَّر أن يصدر منها هذا النوع من الكائنات، ولا هذا الوجود كله بما فيه من ترتيب أجزائه وتناسبها مع تغيرات الأزمنة والأماكن، بل إن كل هذا لا يُعقل أن يصدر إلاَّ من كائن أولي له حكمة وإرادة..

إقرار العلامة " كلارك " تلميذ وصديق نيوتن (1675 - 1729م) في كتابه (إثبات وجود الله) لأجل إن أُثبت وجود الله أستلفت نظر القارئ إلى أننا نحمل في أنفسنا فكرة عن الأبدية اللانهائية، وهي فكرة يستحيل علينا أن نلاشيها أو نطردها من عقولنا، وهي صفات يجب أن يكون موصوفًا بها كائن موجود..

إقرار " لوك " الفيلسوف الإنجليزي الشهير قال: لأجل إثبات الخالق لا ترانا في حاجة إلاَّ إلى التأمل في أنفسنا وفي وجودنا، فإنه مما لا مشاحة فيه إن كلامنا يعتقد أنه موجود.. وكل ماله بداية يجب أن يكون ناتجًا من شيء تقدمه، ومما لا ريب فيه أن كل كائن يكتسب وجوده من وجود غيره.. إذًا الينبوع الأزلي الذي نتجت منه جميع الكائنات يجب أن يكون هو أصل جميع قواها، فهو إذًا قادر على كل شيء. وغير ذلك إن الإنسان يرى في نفسه قوة على العلم فيجب أن يكون الأصل الأزلي الذي نتج منه الإنسان عالمًا، لأنه لا يُعقل أن ذلك الأصل يكون مجردًا من العلم وتنتج عنه كائنات عاقلة، ومما يناقض البداهة أن المادة المجردة عن الحس تمتع أنفسنا بعقل لم يكن لها من قبل، فيجب أن يكون أصل الكون عاقلًا، بل لا حد لعقله وهو الله تعالى..

إقرار العلامة هرشل الإنجليزي الفلكي قال: كلما اتسع نطاق العلم ازدادت البراهين الدافعة القوية على وجود خالق أزلي لا حد لقدرته ولا نهاية، فالجيولوجيون والرياضيون والفلكيون والطبيعيون قد تعاونوا وتضامنوا على تشييد صرح العلم وهو صرح عظمة الله وحده.

إقرار هربرت سبنسر الإنجليزي.. (قال): نرى من بين كل هذه الأسرار التي تزداد غموضًا كلما بحثنا فيها حقيقة واضحة لا بُد منها وهي أنه يوجد فوق الإنسان قوة أزلية أبدية.

إقرار العلامة الفسيولوجي ليفيه الفرنسي.. (قال): إن الله الأزلي الكبير العالِم بكل شيء والمقتدر على كل شيء قد تجلى لي ببدائع صنائعه، حتى صرت مندهشًا مبهوتًا فأي حكمة وأي إبداع أوجدته مصنوعات يده سواء من أصغر الأشياء أو أكبرها..؟

إقرار العلامة مونفل في دائرة معارفه قال: إن أهمية العلوم الطبيعية لا تنحصر فقط في إشباع نهمة عقولنا، ولكن أهميتها الكبرى هي في رفع عقولنا إلى خالق الكون، وتحليتنا بإحساسات الإعجاب والإجلال لذاته المقدَّسة.

إقرار الأستاذ موفيه في مجلة سنة 1798م عن مجلة الكوسموس قال: إن افترضنا بطريق تعلو عن متناول العقل أن الكون خُلِق اتفاقًا بلا فاعل مُريد مختار، وإن الاتفاقات المتكررة توصلت إلى تكوين رجل، فهل يُعقل أن الاتفاقات أو المصادفات تكوّن كائنًا آخر مماثلًا له تمامًا في الشكل الظاهري ومبائنًا له في التركيب الداخلي وهو المرأة، بقصد إعمار الأرض بالناس وإدامة النسل منها. أليس يدل هذا وحده على أن في الوجود خالقًا مُريد مختارًا أبدع الكائنات ونوَّع بينها، وغرس في كل نوع غرائز، ومتعه بمواهب يقوم بها أمره ويرتقي بها عرشه؟

إقرار الفيلسوف باسكال الفرنسي قال: الخالق كرة لا نهاية لها مركزها في كل مكان، ومحيطها ليس له (لا يحده) مكان. كل شيء غير الله لا يشفي غليلًا.

إقرار لامنيه.. قال: الله هو الكائن الذي لا يُدرك ولا يوصف ومع هذا فهو ضروري.. إن ضمائرنا قد شهدت لنا بوجود الله قبل أن تكشفه لنا عقولنا.

إقرار لابرتين قال: إن ضميرًا خاليًا من الله كالمحكمة الخالية من القاضي"(5)

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) كنيسة مارجرجس اسبورتنج - التوافق بين العلم الحديث والكتاب المقدَّس ص 11.

(2) الإيمان بالله ص 18، 19.

(3) أورده برسوم ميخائيل - حقائق كتابية جـ 1 ص 27.

(4) أورده نيافة الأنبا بولا أسقف طنطا - الكتاب المقدَّس والعلم - أيام الخلق ص 34 .

(5) الإخاء والسلم بين الدين والعلم ص 37 - 43.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/145.html

تقصير الرابط:
tak.la/3djr6zv