ج: أولًا: أهداف سفر التثنية: من أهداف السفر ما يلي:
1- التأكيد على الشريعة، حتى أن السفر دُعي بالشريعة " في عبر الأردن في أرض موآب ابتدأ موسى يشرح هذه الشريعة قائلًا" (تث 1: 5) أو كتاب الشريعة " لتحفظ وصاياه وفرائضه المكتوبة في سفر الشريعة هذا" (تث 30: 10) وتمثل الشريعة العمود الفقري للسفر، فاستغرقت خمسة عشر إصحاحًا (ص 2 - 16) وقد حوى السفر تكرارًا للوصايا والشريعة تأكيدًا على أهمية طاعة الوصية، ولذلك يعتبر هذا السفر هو سفر طاعة الوصية " فضعوا كلماتي هذه على قلوبكم ونفوسكم واربطوها علامة على أيديكم ولتكن عصائب بين عيونكم. وعلّموها أولادكم متكلمين بها... وأكتبها على قوائم أبواب بيتك وعلى أبوابك" (تث 11: 18 - 20) ويعد السفر ملخصًا للشريعة كلها ودليلًا للعبادة الروحية.
2- حوى السفر تاريخ إسرائيل بصورة عامة لكيما يُذكّر الشعب بمدى عناية الله به ورعايته له، حتى يقول " الآن أربعون سنة للرب إلهك معك لم ينقص عنك شيء" (تث 2: 7).
3- كشف السفر عن محبة الله واختياره لهذا الشعب رغم صغر عدده وضعف إمكانياته " ليس من كونكم أكثر من سائر الشعوب التصق الرب بكم واختاركم لأنكم أقل من سائر الشعوب. بل من محبة الرب إياكم وحفظه القسم الذي أقسم لآبائكم أخرجكم الرب بيد شديدة وفداكم من بيت العبودية من يد فرعون ملك مصر" (تث 7: 7، 8).. لقد كشف السفر عن محبة الله لكل الشعب، وبكل فئاته، فأظهر اهتمام الله بالغرباء (تث 1: 16، 10: 19) والأرامل والأيتام (تث 10: 18) واللاويين (تث 14: 27، 29) والمدنيين (تث 15: 2، 3) والعبيد (تث 15: 12 - 18) والفقراء والإجراء (تث 15: 7، 8، 24: 14، 15) والمسبيات في الحروب (تث 21: 10 - 14).. إلخ... لقد كشف السفر عن المحبة الإلهية لكل شخص، ويقول القمص تادرس يعقوب " الله كما يظهر في هذا السفر إله جماعي وإله شخصي، يود أن ينسب نفسه إلى شعبه كما إلى كل عضو من أعضاء الشعب. إله محب للبشر، قدوس لا يطيق الخطية، بار لا يقبل الإثم ولا الظلم. ملك يقود شعبه لكي يرثوا ويفرحوا. هادف في علاقته بالإنسان. أمين في مواعيده، عنايته الإلهية فائقة. من حبه للإنسان يود أن يعلن أسراره له. لا إله غيره"(1).
4- أظهر السفر أيضًا أن الله اختار شعبه رغم عصيانهم المتكرر، فقال موسى لشعبه " قد كنتم تعصون الرب منذ يوم عرفتكم" (تث 9: 24) بل قال لهم " لأني أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة. هوذا وأنا بعد حي معكم اليوم قد صرتم تقاومون الرب فكم بالحري بعد موتي" (تث 31: 27).
5- من أهداف السفر أيضًا تجديد العهد مع الله، فالجيل القديم قطع عهدًا مع الله في جبل سيناء، وهذا الجيل يجدد العهد في أرض موآب قبل العبور إلى أرض الموعد، ولذلك يستهل موسى خطابه للشعب "اسمع يا إسرائيل" (تث 5: 1).. لقد اختار الله شعبه وأظهر نحوه رعاية وحماية وعناية لم ينلها شعب آخر في العهد القديم، وأراد الله أن يكون هذا الشعب مقدَّسًا مخصَّصًا لله الواحد، وسط عالم يرسخ تحت عبودية الوثنية المرة، فقال لشعبه اسأل الأيام الأولى منذ خلق العالم وللآن " هل سمع شعب صوت الله يتكلم من وسط النار كما سمعت أنت وعاش. أو هل شرع الله أن يأتي ويأخذ لنفسه شعبًا من شعب بتجارب وآيات وعجائب وحرب ويد شديدة وذراع رفيعة ومخاوف عظيمة مثل كل ما فعل لكم الرب إلهكم في مصر أمام أعينكم. إنك قد أُريت لتعلم أن الرب هو الإله. ليس آخر سواه" (تث 4: 33 - 35).
6- كشف السفر عن الأبوة الروحيَّة التي تميَّز بها موسى النبي الذي قاد شعبه لمدة أربعين عامًا، بل حملهم في أحضانه، ولذلك حرص موسى النبي أن يكون للجيل الجديد علاقة قوية مع الله، بل اهتم بالملوك الذين لم يأتوا بعد.
7- من أهداف السفر أن يتقي بنو إسرائيل الله، ولذلك يقول موسى لشعبه " فالآن يا إسرائيل ماذا يطلب منك الرب إلهك إلاَّ أن تتقي الرب إلهك لتسلك في كل طرقه وتحبه وتعبد الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك. وتحفظ وصايا الرب" (تث 10: 12، 13) ومع نهايات الخطاب الثالث يحفز موسى النبي شعبه على طاعة الله، فيقول " أُشهد عليكم اليوم السماء والأرض. وقد جعلت قدامك الحياة والموت. البركة واللعنة فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك. إذ تحب الرب إلهك وتسمع لصوته وتلتصق به لأنه هو حياتك والذي يطيل أيامك" (تث 30: 19، 20).
8- من أهداف السفر تنظيم علاقة الإنسان بالله " اسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد. تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتكم" (تث 6: 4، 5) فالعلاقة علاقة حب وليست علاقة إرغام، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وعندما سُئل السيد المسيح عن أعظم الوصايا أجاب بالوصية السابقة، وأيضًا ينظم السفر علاقة الإنسان بالآخرين (تث 22 - 25).
9- حوى السفر الآيات التي ترد على حجج عدو الخير، والتي استخدمها السيد المسيح في التجربة على الجبل (تث 8: 3، 6: 16، 6: 13).
ثانيًا: أقسام سفر التثنية: يشمل السفر المقدمة وثلاث خطابات وختام:
مقدمة السفر (تث 1: 1 - 5)
الخطاب الأول (تث 1: 6 - 4: 43): ويشمل:
1- عرض لمعاملات الله مع بني إسرائيل خلال تاريخ ترحالهم في البرية (تث 1: 6 - 3: 29).
2- موسى يحث شعبه على طاعة جميع الفرائض والأحكام (تث 4: 1 - 40).
3- تعيين ثلاث مدن الملجأ شرقي الأردن (تث 4: 41 - 49).
الخطاب الثاني (تث 4: 44 - 26: 19): ويحتوي ملخص للشرائع التي تم استلامها من قبل، مع شرح وتفسير بعضها للجيل الصاعد، فيمثل هذا الخطاب صلب السفر وقلبه النابض، ويشمل:
1- مقدمة عن تاريخ الشريعة (تث 4: 44 - 49).
2- موسى يذكر شعبه بالعهد الذي قطعه الله معهم على جبل حوريب، ويعيد عرض الوصايا العشر، ويحثهم على الطاعة (تث 5: 6).
3- الأمانة والطاعة التي يجب أن يلتزما بها إسرائيل (تث 7 - 11) وتشمل:
أ - ضرورة مقاطعة الشعوب الوثنية والحذر من عباداتهم النجسة (تث 7).
ب - الحس على طاعة الوصية والحذر لئلا ينسى الشعب الرب إلهه (تث 8).
جـ- موسى يذكّر شعبه بتذمره وتمرده، وشفاعته من أجلهم، والدروس المستفادة من السقوط (تث 9).
د - موسى يذكّر شعبه برحمة الله الذي أعاد لهم كتابة الوصايا، وأبقى لهم على الكهنوت، وتخصيص سبط لاوي (تث 10).
هـ- موسى يذكّر شعبه بأعمال الله العجيبة ووعوده ووعيده ويضع أمامهم البركة واللعنة (تث 11).
4- وصايا وأحكام وشرائع خاصة بالعبادة والحياة الاجتماعية المقدَّسة (تث 12: 16) وتشمل:
أ - موسى يحذر شعبه من العبادة الباطلة ويحذرهم من الارتداد (تث 12، 13).
ب - موسى يحذر شعبه من التمثل بالوثنيين في الحزن على الموتى، والأكل من الحيوانات والطيور النجسة (تث 14).
جـ- موسى يوصي شعبه بالعبيد والفقراء (تث 15).
د - الأعياد (تث 16).
هـ - موسى يحذر شعبه من تقديم ذبائح معيبة، ومن العبادة الباطلة، ويعطي وصايا للملوك الذين سيأتون بعده (تث 17).
و - موسى يحذر شعبه من رجاسات الأمم، ويتنبأ عن النبي (تث 18).
ز - وصايا من جهة مدن الملجأ ومن يلجأ إليها (تث 19).
ح - وصايا من جهة القتال وحصار المدن والابن المعاند (تث 20، 21).
ط - وصايا أخلاقية لاقتناص الطيور، وعمل أسوار للسطوح، وأحكام الاغتصاب والفسق والفحشاء، وقضاء الحاجة، والربا والنذور (تث 22، 23).
ى - شرائع الطلاق، والبرص، وعقوبة المذنب، وزواج الأخ من أرملة أخيه، وتقديم البكور والعشور (تث 24 - 26).
الخطاب الثالث (تث 27 - 30): ويحتوي التأكيد على الشريعة الأدبية وطاعة الوصية، ووصية موسى لشعبه بنحت ناموس اللعنات والبركات على حجارة مكلَّسة، ويكشف موسى للشعب عن مستقبلهم وعصيانهم وتعرضهم للسبي، ويشمل الخطاب ما يلي:
1- موسى يوصي شعبه بكتابة الناموس على حجارة مكلَّسة ويقيم مذبحًا في أرض الموعد (تث 27: 1 - 10).
2- اللاويون يتلون اللعنات من على جبل عيبال (تث 27: 11 - 26).
3- بركات طاعة الوصية واللعنات التي تلحق بالمخالف (تث 28).
4- تجديد العهد بين الرب وإسرائيل في أرض موآب (تث 29).
5- الغفران والبركة للتائبين، ووضع الحياة والموت أمام الشعب (تث 30).
الختام (تث 31 - 34): ويشمل إقامة يشوع قائدًا للشعب خلفًا لموسى النبي، وتسليم التوراة لحامل التابوت ونشيد موسى وبركته للأسباط وخبر وفاته، ويشمل هذا الختام:
1- موسى يشجع الشعب ويشوع ويسلم التوراة للكهنة (تث 31).
2- نشيد موسى شهادة للعهد وأمر الرب لموسى ليصعد إلى جبل نبو ليموت هناك (تث 32).
4- موت موسى ودفنه (تث 34).
_____
(1) تفسير سفر التثنية ص 16.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/840.html
تقصير الرابط:
tak.la/xy6sv78