س 1653 : هل الله لا يعترف بالديمقراطية حتى أنـه يسكّت أعداؤه: " لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ" (مز 8 : 2)، ويقطع الشفاه التي لا يُعجب بها: " يَقْطَعُ الرَّبُّ جَمِيعَ الشِّفَاهِ الْمَلِقَةِ وَاللِّسَانَ الْمُتَكَلِّمَ بِالْعَظَائِمِ" (مز 12 : 3)؟.. وهل لله أصابع (مز 8 : 3) تشابه أصابع الإنسان؟
ج : 1ــ خلق الله الإنسان على صورته ومثاله في القداسة والخلود والتفكير والابتكار، ومنحه حرية الإرادة حتى أن الإنسان يستطيع أن يخالف الله في آرائه ووصاياه، بل ويجدف على الاسم الحسن المملوء بركة، والله لا يجبر الإنسان على ترك الشرور وصنع الصلاح، لأنه وهبه حرية التصرف، وفي النهاية يؤدي حساب وكالته، ولذلك قال سليمان الحكيم: " اِفْرَحْ أَيُّهَا الشَّابُّ في حَدَاثَتِكَ وَلْيَسُرَّكَ قَلْبُكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ وَاسْلُكْ فِي طُرُقِ قَلْبِكَ وَبِمَرْأَى عَيْنَيْكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى هذِهِ الأُمُورِ كُلِّهَا يَأْتِي بِكَ اللهُ إِلَى الدَّيْنُونَةِ" (جا 11 : 9).
2ـ عندما قال داود النبي: " لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ" (مز 8 : 2) لم يكن يتحدث عن حوار يجري بين الله والأشرار المعاندين، لأنه لا يوجد أساسًا للحوار بين الله وبينهم، إنما كانت هذه نبوة وضعها الروح القدس على فم داود: " مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ أَسَّسْتَ حَمْدًا بِسَبَبِ أَضْدَادِكَ لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِـمٍ" (مز 8 : 2) فنلاحظ:
أ - أن الناقد اجتزأ جزء من الآية ولم يذكر الآية بالكامل، والسياق الذي قيلت فيه، وما يسبقها وما يلحقها.
ب- أن الآية هيَ نبوة تحققت عند دخول السيد المسيح الانتصاري إلى أورشليم، وإذ بالأطفال يهتفون حتى ضج الحاسدون منهم: " فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ غَضِبُوا. وَقَالُوا لَهُ أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ نَعَمْ. أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا" (مت 21 : 15، 16)، فالأطفال أضعف البشر صاروا أقوياء بالحق الذي يهتفون له.." وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ يَا مُعَلِّمُ انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ. فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ" (لو 19: 39، 40)، فهؤلاء المقاومون سكتوا لأنهم يعرفون الكتب والنبوات، ولم يسكتهم السيد المسيح بقوته وهو القادر على هذا، إنما أسكتهم وأبكمهم بتسابيح الأطفال والرضع الأبرياء، وإن كان الفلاسفة يجادلون ويناظرون ويحاورون، والنُقَّاد يشككون ويعترضون، فإن الأطفال في بساطتهم يهتفون للحق، ولا تستطيع الحيَّة القديمة أن تفسد بساطتهم في المسيح يسوع.
3ــ حتى لو أن السيد المسيح هـو الذي أسكتهم بقوته فهذا من حقه، لأنه هو " اَلرَّبُّ إِلهٌ غَيُورٌ وَمُنْتَقِمٌ. الرّبُّ مُنْتَقِمٌ وَذُو سَخَطٍ. الرّبُّ مُنْتَقِمٌ مِن مُبْغِضِيهِ وَحَافِظٌ غَضَبَهُ علَى أَعْدَائِهِ" (نا 1 : 2).. " لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ" (رو 12 : 19) وفي سفر زكريا النبي نرى صورة من هذا الإسكات، إذ وقف يهوشع الكاهن العظيم أمام الله بثياب قذرة إشارة للأعمال الخاطئة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ويقول زكريا النبي: " وَأَرَانِي يَهُوشَعَ الْكَاهِنَ الْعَظِيمَ قَائِمًا قُدَّامَ مَلاَكِ الرَّبِّ وَالشَّيْطَانُ قَائِمٌ عَنْ يَمِينِهِ لِيُقَاوِمَهُ. فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ يَا شَيْطَانُ. لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ الَّذِي اخْتَارَ أُورُشَلِيمَ. أَفَلَيْسَ هذَا شُعْلَةً مُنْتَشَلَةً مِـنَ النَّارِ" (زك 3 : 1، 2)، والرب الذي قال للشيطان لينتهرك، هو ملاك من طغمة الأرباب.
4ـ عندما تجسد ابن الله وحمل عقاب خطايانا في جسده أسكت بعدل العدو المشتكي علينا، ويقول "يوسف رياض": " وعندما يقول داود هنا " لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ" فمن الأهمية بمكان أن ندرك أن هذا لم يكن بالأمر الهين. ليس أن الله لم يكن يقوى على الشيطان (العدو المنتقم)، بل لأن شكواه ضد الإنسان لم تكن أبدًا شكوى لا أساس لها، بل شكاوي حقيقية. ولذلك استلزم الأمر تجسد ابن الله وموته فوق الصليب. وبذلك تم بالعدل إسكات حجة الشيطان وإبطال شكواه، عندما جرَّد الله الرياسات والسلاطين (من أغلى ما يمتلكونه، وهيَ شكواهم الصحيحة ضد الإنسان) وأمكنه ساعتئذ أن يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس (كو 2 : 14، 15، عب 2 : 14).. كان الرب يستطيع من البدء أن يسكت الشيطان بالعنف، ولكن ليس هذا أسلوب الله. لكنه أخيرًا، كما ذكرنا، عن طريق التجسد والصليب، أمكن تسكيت العدو المنتقم... فعن طريق خلاص الرب سيتم وإلى الأبد إسكات هذا العدو" (117).. فإن آخر عدو منتقم سيسكت هو إبليس عندما يُطرح في بحيرة النار والكبريت: " سَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلًا فِي السَّمَاءِ الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا... مِنْ أَجْلِ هذَا افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا" (رؤ 12 : 10 - 12).
5ـ قال داود النبي: " يَقْطَعُ الرَّبُّ جَمِيعَ الشِّفَاهِ الْمَلِقَةِ وَاللِّسَانَ الْمُتَكَلِّمَ بِالْعَظَائِمِ" (مز 12 : 3) واللسان الأول المتكلم بالعظائم هو لسان الشيطان، الذي أسقط أمنا حواء وأبينا آدم في المعصية، وهو الذي قـال عنه دانيال النبي: " وَهذَا الْقَرْنُ لَهُ عُيُونٌ وَفَمٌ مُتَكَلِّمٌ بِعَظَائِمَ" (دا 7 : 20) وفي سفر الرؤيا تكلم عن الوحش قائلًا: " مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَارِبَهُ. وَأُعْطِيَ فَمًا يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ وَتَجَادِيفَ عَلَى اسْمِهِ وَعَلَى مَسْكَنِهِ وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي السَّمَاءِ" (رؤ 13 : 4، 5).. ومن الألسن المتكلمة بالعظائم ألسن الأنبياء الكذبة الذين هم: " مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ" (2بط 2 : 1)، وفي القديم تكلم فرعون بتعظم وكبرياء: " فَقَالَ فِرْعَوْنُ مَنْ هُوَ الرَّبُّ حَتَّى أَسْمَعَ لِقَوْلِهِ فَأُطْلِقَ إِسْرَائِيلَ. لاَ أَعْرِفُ الرَّبَّ وَإِسْرَائِيلَ لاَ أُطْلِقُهُ" (خر 5 : 2) فكانت نهايته المأساوية، وتكبَّر هيرودس الملك وسرَّ بمديح الناس وتملقهم له: " فَصَرَخَ الشَّعْبُ هذَا صَوْتُ إِلهٍ لاَ صَوْتُ إِنْسَانٍ. فَفِي الْحَالِ ضَرَبَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ الْمَجْدَ للهِ. فَصَارَ يَأْكُلُهُ الدُّودُ وَمَاتَ" (أع 12 : 22، 23)، وهكذا في كل جيل نرى النهايات المريعة للمتكبرين المتعظمين، وهنا يصف داود النبي كذب الناس ونفاقهم: " يَتَكَلَّمُونَ بِالْكَذِبِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ صَاحِبِهِ بِشِفَاهٍ مَلِقَةٍ، بِقَلْبٍ فَقَلْبٍ يَتَكَلَّمُونَ" (مز 12 : 2)، فكل واحد يتملق صاحبه إذ يواجهه بقلب متسع ووجه مبتسم وكلمات معسولة، وهو لا يطيقه ولا يقبله، وعندما يبتعد عنه يغتابه، ولذلك يطلب داود من الله أن يقطع مثل هذه الشفاه الملقة الغير صادقة، التي تنطق بالكذب والنفاق والتملق، واللسان الذي يتفاخر ويتعظم ويتكبر، يقطع الله أولئك " الَّذِينَ قَالُوا بِأَلْسِنَتِنَا نَتَجَبَّرُ. شِفَاهُنَا مَعَنَا. مَنْ هُوَ سَيِّدٌ عَلَيْنَا" (مز 12 : 4)، وهؤلاء يذكروننا بقول بولس الرسول: " وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ" (1كو 4 : 7) أي أن كل مواهبك أيها الإنسان المتكبر قد أخذتها أساسًا من الله، فلماذا تتفاخر وكأن المواهب منك، وكأنك لم تأخذها من الله؟!
6ــ رفع داود النبي بصره نحو السماء فشده ما فيها من مجد وبهاء وجلال، فالقمـر يبسط أشعتـه الفضية علـى الأرض، والنجــوم تتلألأ فتخطــف لُبَّهُ: " اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ" (مز 19 : 1)، فقـال: " إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا" (مز 8 : 3)، وقال المُرنّم: " مِنْ قِدَمٍ أَسَّسْتَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ" (مز 102 : 25)، أي أن الله خلق السموات بكل طغماتها، وكل أفلاكها بواسطة أصابع يديه، أي بطريقة سهلة، فالأصابع واليد هنا تشير إلى قوة الخلق الإلهيَّة، وعندما: " قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى قُلْ لِهَارُونَ مُدَّ عَصَاكَ وَاضْرِبْ تُرَابَ الأَرْضِ لِيَصِيرَ بَعُوضًا فِي جَمِيعِ أَرْضِ مِصْرَ... وَفَعَلَ كَذلِكَ الْعَرَّافُونَ بِسِحْرِهِمْ لِيُخْرِجُوا الْبَعُوضَ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا... فَقَالَ الْعَرَّافُونَ لِفِرْعَوْنَ هذَا إِصْبَعُ اللهِ" (خر 8 : 16 - 19).
وأيضًا كان الناموس مكتوبًا بإصبع الله، فقد أعطى الله موسى: " فِي جَبَلِ سِينَاءَ لَوْحَيِ الشَّهَادَةِ لَوْحَيْ حَجَرٍ مَكْتُوبَيْنِ بِإِصْبعِ اللهِ" (خر 31 : 18)، وقال "القديس أُغسطينوس" أن إصبع الله تشير للروح القدس، فعندما اِتهم قوم من اليهود السيد المسيح أنه يخرج الشياطين ببعلزبول قال السيد المسيح: " وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ" (لو 11 : 20).
7ــ يقول "الأب متى المسكين": " هنا يتأمل صاحب المزمور في يد الله كفنَّان، خرجت السموات بجلالها، نجومها وقمرها وشمسها وطبقاتها وسُحبها من تحت أصابعه كصنعة صانع حكيم، قدَّم بها نموذجًا لعمله" (118).
ويقول "القس وليم مارش": " ثم يمد المُرنّم بصره نحو السماء فيرى القمر بشعاعه الأبيض اللطيف والنجوم الزُهر اللامعة السابحة في الفضاء، القريب والبعيد، هذه السماء الصافية الأديم عادة في فلسطين أكثر أشهر السنة هيَ ذاتها يراها الشاعر القديم، فيندهش من عظمة وجلال هذا الكون بل من عظمة الخالق الذي أوجد هذا الكون المُدهش العجيب، والمُرنّم هنا بدلًا من أن يقع في تجربة عبادة الأجرام السماوية، كما فعل الكلدان والأقدمون، نجده يتخذ هذه السموات اللامعة بنجومها دليلًا على عظمة الخالق وهكذا ينصرف للخشوع والتعبد وتعظيم اسم الله كلما ازداد تمعنًا وتفكيرًا ويكون ذلك سبب ورع قلبي حقيقي" (119).
ويقول "جوناثان أدودوس": " لقد بدأ جلال الله البارع في كل شيء، في الشمس والقمر والنجوم، وفي الطبيعة كلها. لقد خلقها لكي يُظهر بواسطتها بعض أمجاده وعظمته، فحين نتأمل الروض النضير والنسيم العليل نرى إحساناته الحلوة، وحين نرى الزهرة الفوَّاحة، أو الزنبقة العطرة، نرى محبته وطهارته ونقاوته. وماذا أقول عن الأفنان الخضراء، التي هيَ انبثاق فرحه؟! وعن الأنهار البلورَّية المتدفقة، التي هيَ وقع أقدامه؟!، وهل الشروق الوردي والشمس اللامعة والغروب الذهبي وقوس قزح إلاَّ ظلال آتية من مجده؟!" (120).
ويقول "الراهب القس أوغريس السرياني": " إن التأمل فـي نظام الفلك، يرفع العقل نحو خالق السماء معترفًا بقدرته الإلهيَّة على إبداع المجرات والكون والطبيعة وتنسيقها البديع، وما فيها من نباتات وطيور وحيوانات مما يجعل الإنسان يعترف بأن هناك مهندس أعظم أبدع كل ذلك، وخالق قدير نظم هذه الكائنات والموجودات وسيَّرها بقوانين يعجز الإنسان عن إدراك ماهيتها وكيفية انتظامها واستمراريتها... السموات بما فيها من كواكب ونجوم هيَ عمل أصابعه إشارة إلى قوة يسيرة لتكوينها، وإن كانت قدرة الخالق يتساوى معها الكائنات العظيمة والموجودات الصغيرة، لأنه بكلمة كان يقول للشيء كن فيكون ولغير الموجود فيوجد. يا لها من عظمة الخالق..!!" (121).
_____
(117) المزامير المسياوية ص 34.
(118) المزامير دراسة وشرح وتفسير جـ 2 ص 76.
(119) السنن القويم في تفسير أسفار العهد القديم جـ 6 ص 16.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1653.html
تقصير الرابط:
tak.la/99rknv8