يقول "فولتير": "إن كتاب السُنّة كان أمسى عند اليهود نادرًا جدًا حتى لم يتجد (يوجد) منه في أيام يوشيا إلاَّ نسخة واحدة... قد حقَّق الكتاب نفسه أن أول نسخة معروفة من هذا الكتاب وُجِدت في أيام يوشيا، وأن هذه النسخة الوحيدة التي أتى بها شافان الكاتب إلى الملك"(1).
ج: 1- كانت هناك نسخ أخرى عديدة من التوراة متوفرة في عصر يوشيا الملك، بدليل:
أ - أوصى الله بأن يحتفظ الملك في بداية مُلكه بنسخة من التوراة، فقال: "وَعِنْدَمَا يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَمْلَكَتِهِ، يَكْتُبُ لِنَفْسِهِ نُسْخَةً مِنْ هذِهِ الشَّرِيعَةِ فِي كِتَابٍ مِنْ عِنْدِ الْكَهَنَةِ اللاَّوِيِّينَ، فَتَكُونُ مَعَهُ، وَيَقْرَأُ فِيهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، لِكَيْ يَتَعَلَّمَ أَنْ يَتَّقِيَ الرَّبَّ إِلهَهُ وَيَحْفَظَ جَمِيعَ كَلِمَاتِ هذِهِ الشَّرِيعَةِ وَهذِهِ الْفَرَائِضَ لِيَعْمَلَ بِهَا" (تث 17: 18، 19).
ب - أوصى الله يشوع بن نون بالعمل بأحكام الشريعة قائلًا: "إِنَّمَا كُنْ مُتَشَدِّدًا، وَتَشَجَّعْ جِدًّا لِكَيْ تَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا مُوسَى عَبْدِي. لاَ تَمِلْ عَنْهَا يَمِينًا وَلاَ شِمَالًا لِكَيْ تُفْلِحَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ. لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ، بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَارًا وَلَيْلًا، لِكَيْ تَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ" (يش 1: 7، 8).
ج - عندما كتب يشوع سفره ضمه للتوراة "وكَتَبَ يَشُوعُ هذَا الْكَلاَمَ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ اللهِ" (يش 24: 26).
د - كانت التوراة متوفرة أيام صموئيل النبي، فاقتبس منها الكثير، وأضاف صموئيل النبي ما كتبه لما كتبه موسى ويشوع من قبل: "فَكَلَّمَ صَمُوئِيلُ الشَّعْبَ بِقَضَاءِ الْمَمْلَكَةِ، وَكَتَبَهُ فِي السِّفْرِ وَوَضَعَهُ أَمَامَ الرَّبِّ" (1صم 10: 25).
هـ - كتب داود مزاميره، وأوصى ابنه سليمان من جهة حفظه للشريعة قائلًا له: "اِحْفَظْ شَعَائِرَ الرَّبِّ إِلهِكَ، إِذْ تَسِيرُ فِي طُرُقِهِ، وَتَحْفَظُ فَرَائِضَهُ، وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَشَهَادَاتِهِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى" (1مل 2: 3).
و - في عهد آسا الملك: "قَالَ لِيَهُوذَا أَنْ يَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمْ وَأَنْ يَعْمَلُوا حَسَبَ الشَّرِيعَةِ وَالْوَصِيَّةِ" (2أي 14: 4).
ز - أرسل يهوشافاط الرؤساء واللاويين وأوصاهم: "فَعَلَّمُوا فِي يَهُوذَا وَمَعَهُمْ سِفْرُ شَرِيعَةِ الرَّبِّ، وَجَالُوا فِي جَمِيعِ مُدُنِ يَهُوذَا وَعَلَّمُوا الشَّعْبَ" (2أي 17: 9).
ح - نظم يهوياداع الخدمة في الهيكل بحسب ما كُتب في الشريعة: "وجَعَلَ يَهُويَادَاعُ مُنَاظِرِينَ عَلَى بَيْتِ الرَّبِّ عَنْ يَدِ الْكَهَنَةِ اللاَّوِيِّينَ الَّذِينَ قَسَمَهُمْ دَاوُدُ عَلَى بَيْتِ الرَّبِّ، لأجل إصْعَادِ مُحْرَقَاتِ الرَّبِّ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى" (2أي 23: 18).
ط - عندما قُتل يوآش ومَلَكَ أمصيا ابنه: "قَتَلَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْمَلِكَ أَبَاهُ. وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ، بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ قَائِلًا: لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ، وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ" (2أي 25: 3، 4).
ي - قدّم حزقيا الملك من ماله للمحرقات الصباحية والمسائية: "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ الرَّبِّ. وَقَالَ لِلشَّعْبِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ أَنْ يُعْطُوا حِصَّةَ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ لِكَيْ يَتَمَسَّكُوا بِشَرِيعَةِ الرَّبِّ" (2أي 31: 3، 4).
إذًا الشعب اليهودي قد احتفظ بنسخ عديدة من التوراة على مرّ العصور والأيام، وشهد العهد الجديد بأمانة هذا الشعب تجاه الأسفار المقدَّسة، فبولس الرسول يتساءل قائلًا: "إِذًا مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ... كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلًا فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ" (رو 3: 1، 2)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وشهد القرآن لأمانة أهل الكتاب تجاه كتابهم المقدَّس فقال: "الذي آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم" (البقرة 2: 146).
2- ترجع أهمية النسخة التي تم اكتشافها في الهيكل أنها كُتبت بيد موسى النبي نفسه، فاعتبر يوشيا الملك الصالح أنها رسالة خاصة موجهة له ولشعبه، ويقول "القمص تادرس يعقوب": "إذ بدأوا في العمل وجد رئيس الكهنة حلقيا سفر شريعة الرب في بيت الرب. وجد الينبوع الذي يفيض بمياه الراحة السماوية. وُجِدَ سفر الشريعة الذي كان مفقودًا بسبب تراخي الملوك وعدم مبالاتهم بالشركة مع الله، وكان العثور على هذه النسخة له فاعليته على الملك ورجال المملكة والقادة والشعب، وساد جو الفرح والتهليل في المملكة كلها"(2).
_____
(1) أورده المطران يوسف البدس - تاريخ الشعوب المشرقية جـ 2 ص 444، 445.
(2) تفسير سفر أخبار الأيام الثاني ص 476.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1435.html
تقصير الرابط:
tak.la/tk3a458