St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1224- متى كُتب سفر الملوك الأول والثاني؟ ومن هو الكاتب؟ وهل كاتب سفر الملوك هو كاتب سفر التثنية؟ ومن أين استقى الكاتب معلوماته؟

 

          يقول " زينون كوسيدوفسكي": "لم يتفق باحثوا التوراة حول زمن كتابة الأسفار الأربعة، فقد أُعتقد لوقت طويل أن مؤلفي أسفار الملوك هم سليمان والنبيان جاد وناثان. وأما حسب ما جاء في التلمود فإن مؤلف تلك الأسفار هو النبي أرميا، وعلى الأرجح أن يكون سفرا الأخبار الأول والثاني قد كُتبا في النصف الثاني من القرن الرابع ق.م.، يدل على هذا وفرة الألفاظ الأرامية في لغة هذين السفرين"(1).

          ويرى " الخوري بولس الفغالي " أن هناك مفردات لاهوتية عديدة مشتركة بين سفريّ الملوك وسفر التثنية مثل " مصووت " أي أوامر أو واجبات أو وصايا، و" مشفط " أي حُكْم أو قضاء أو قانون أو أمر، و" حقيم " أي الحقوق والواجبات، و" حقوت " أي العادات والفرائض، و" مشمرت" (1مل 2: 3، تث 11: 1) أي أمر وحظر ومنع، و" مصوه" (2مل 17: 34، 37) أي وصية، و" عيده" (2مل 17: 15) أي رسم، و" بريت" (1مل 11: 11، 2مل 17: 15) أي عهد، و" تورة" (2مل 17: 13 - 34، 20: 8) أي شريعة أو ناموس(11).

          ثم يقول " الخوري بولس الفغالي": "وهكذا يستعمل كتاب الملوك مفردات من سفر التثنية، وهذا يعني أن أسفار الملوك وأرميا والتثنية هي من عصر واحد ومن تيار لاهوتي واحد"(2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج: 1- متى كُتب سفر الملوك الأول والثاني؟

 

          يرى " هـ. ل. اليسون " أنه بناء على ما جاء في سفر الملوك الثاني " وَفِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِسَبْيِ يَهُويَاكِينَ مَلِكِ يَهُوذَا، فِي الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ فِي السَّابعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ، رَفَعَ أَوِيلُ مَرُودَخُ مَلِكُ بَابِلَ، فِي سَنَةِ تَمَلُّكِهِ، رَأْسَ يَهُويَاكِينَ مَلِكِ يَهُوذَا مِنَ السِّجْنِ" (2مل 25: 27) يمكننا تحديد كتابة السفر بنحو سنة 560 ق.م.، مع ملاحظتين:

أ  - أن الذين هربوا من السامرة بعد انهيار المملكة الشمالية إلى مملكة يهوذا قد حملوا معهم السجلات الملكية التي اعتمد فيها كتَّاب السفر فيما يخص ملوك إسرائيل.

ب - أنه لا يوجد أي تصريح أو إشارة في السفر بعودة المسبيين من بابل على يد كورش ملك فارس سنة 537 ق.م. بينما يعتبر الدارسون أن فترة حكم حزقيا الملك التي شهدت نشاطًا أدبيًا هي الفترة الأنسب للقيام بهذا العمل(3).

          وقد رأى آخرون أن السفر كُتب في أورشليم خلال الفترة من 598-587 ق.م.، حيث انتهى بنهاية الإصحاح الرابع والعشرين، ثم كُتب الإصحاح الأخير الخامس والعشرين بعد نحو ربع قرن ولذلك شمل سقوط أورشليم سنة 587 ق.م.، وأيضًا إحسان ملك بابل ليهوياكين سنة 562 ق.م.(4).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2- من هو الكاتب؟

 

          لا نعرف على وجه اليقين من هو كاتب سفر الملوك، ولكن من المؤكد أن السفر من الأسفار القانونية التي أقرها علماء اليهود وقبلتها الكنيسة الأولى، وبحسب ما جاء في التلمود والتقليد اليهودي فإن كاتب السفر هو أرميا النبي (قابل 2 مل ص 25 مع أر ص 39، ص 52) ويقول " القمص تادرس يعقوب": "كثير من الدارسين يقبلون ما ورد في التقليد اليهودي، إن كاتب السفر هو أرميا النبي تحت قيادة روح الله القدوس. ساعده في ذلك، أنه من أصل كهنوتي، فكان مُلمًّا بما يدور في الهيكل ومجال القادة الدينيين، كما ساعده نشاطه النبوي الذي يمس الواقع العملي للقادة المدنيين والدينيين، وعلاقته بالسلطات على أعلى مستوى... كان له دراية قوية بحال إسرائيل ويهوذا السياسي في أيامه وقبل ميلاده"(5).

          ومع هذا يظل الكاتب غير معروف، فيقول " القس صموئيل يوسف": "جاء بالتلمود Baba Bathtra 15 a أن النبي أرميا هو الذي كتب ملوك الأول والثاني، وجدير بالإشارة أن أرميا النبي نفسه لم يرد عنه شيء على الإطلاق في هذين السفرين. رغم أنه قام بأعمال جليلة وعظيمة في السنين الأخيرة لأورشليم، ولا يوجد الدليل الواضح الإيجابي الذي يؤيد الرأي بأن أرميا هو الكاتب لملوك الأول والثاني. ويبقى الرأي أن الكاتب غير معروف"(6)(7).

          وقال البعض نظرًا لطول الفترة التي يغطيها السفر، وهي أكثر من أربعة قرون، لذلك فالمرجح أن هناك عدد من الأشخاص شاركوا في كتابة السفر، وقد كتب أرميا النبي بعض الأجزاء من السفر، ولاسيما إذا أخذنا في الحسبان أن السفر كُتب سنة 560 ق.م. عندما كان أرميا في الثمانين من عمره، ويقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "أن عددًا من الكتَّاب الملهمين بالروح القدس إشتركوا في كتابتهما، فكتب كل كاتب الأحداث المعاصرة له، فكتب فيها من الملوك سليمان وحزقيا، ومن الأنبياء كل من جاد النبي وناثان النبي وأرميا النبي وباروخ النبي، وربما كتب عزرا أجزاء من سفر الملوك الثاني"(8). ومما يؤيد أن عزرا شارك في كتابة الملوك وأخبار الأيام أنه بدأ سفره (عز 1: 1 - 3) بما انتهى به أخبار الأيام الثاني (2أي 36: 22، 23)، وما يهمنا هنا أن نؤكد على أن عدم معرفتنا للكاتب لا تقلل من شأن السفر ولا من قانونيته، والذين قبلوه في البداية واعترفوا بقانونيته كانوا يعلمون الكاتب ولكن لم يسجلوا لنا هذا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3- هل كاتب سفر الملوك الأول والثاني هو كاتب سفر التثنية؟

 

          من المؤكد أن كاتب سفر التثنية والأربعة أسفار التي تسبقه هو موسى النبي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فهذا ثابت وواضح من الآيات الصريحة التي تخبرنا بأن موسى هو كاتب التوراة، وأيضًا من شهادة رجال العهد القديم ورجال العهد الجديد والذين دعوا التوراة باسم توراة موسى، لأن موسى هو الذي خطَّها بيده بإرشاد روح الله القدوس، وفوق كل شهادة هي شهادة الرب يسوع الذي أكد على نسبة التوراة لموسى النبي، وقد سبق مناقشة هذا الأمر بالتفصيل فيُرجى الرجوع إلى مدارس النقد جـ1 من س28 إلى س39 ص 186 - 226. ومن الثابت أيضًا أن موسى لم يشارك في كتابة سفري الملوك، لأن أحداث هذا السفر جاءت بعد موت موسى بمئات السنين.

          وإن كان أرميا النبي قد شارك في كتابة سفر الملوك، فأنه من المؤكد أن أرميا لم يخط سطرًا واحدًا في سفر التثنية الذي كُتب قبل ولادته بمئات السنين(9) وإن كان بعض النُقَّاد قد اعتمدوا على وجود بعض المفردات المشتركة بين سفري الملوك وسفر التثنية، فهذا يرجع إلى أن أرميا النبي كان يعرف سفر التثنية جيدًا، فما المانع أن يكون قد أقتبس منه؟! ولذلك تجد هناك بعض المفردات مشتركة بين سفري الملوك وسفر التثنية، ولكن من جانب آخر فإن هناك مفردات أخرى أنفرد بها سفر الملوك دون سفر التثنية مثل "تورت موسى" (1مل 2: 3، 2مل 14: 6) أي " شريعة موسى"، و"تورت يهوه" (2مل 10: 31) أي " شريعة يهوه".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4- من أين استقى الكاتب معلوماته؟

 

          استعان كتبة سفر الملوك الأول والثاني ببعض السجلات التاريخية، ولاسيما أن الملوك كانوا يحرصون على تسجيل أحداث عصرهم في سجلات حكومية، وكان هذا أمرًا سهلًا ومتاحًا نظرًا لوفرة عدد النسَّاخ الذين ينسخون التوراة والكتب الدينية، فاستخدم هؤلاء الكتبة هذه السجلات التاريخية تحت قيادة الروح القدس، فالوحي الإلهي لا يمنع الكاتب من استخدام ما هو متاح أمامه من معلومات صحيحة، وهذا أمر دارج في الكتاب المقدَّس، وجاء ذكر بعض هذه السجلات في طيات صفحات سفر الملوك، ومن أمثلة هذه السجلات(10):

1- سفر أمور سليمان (1مل 11: 41).

2- سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل (1مل 14: 19، 2أي 16: 11، 25، 26، 20: 34، 24: 27، 27: 27، 28: 26، 35: 27، 36: 8).

3- سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا (1مل 14: 29، 15: 7، 2مل 24: 5).

 بل أن هناك سجلات تم الاستعانة بها، ولم يرد ذكرها في سفري الملوك، ومن هذه السجلات "سفر أعمال إيليا"، و"سفر أعمال أليشع"، و"سفر تاريخ إشعياء" (قارن 2مل 18: 17، 20: 19 مع أش 36: 1 - 39: 8)، و" تاريخ الحروب الأرامية" (1مل ص 20، 22).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) ترجمة د. محمد مخلوف - الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 273.

(2) التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 370.

(3) راجع مركز المطبوعات المسيحية - تفسير الكتاب المقدَّس جـ2 ص 167، 168.

(4) راجع القس صموئيل يوسف - المدخل إلى العهد القديم ص 242.

(5) تفسير ملوك الثاني ص 9.

(6) راجع أيضًا د. وهيب جورجي كامل - مقدمات العهد القديم ط 2004 ص 128.

(7) المدخل إلى العهد القديم ص 242.

(8) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر الملوك الثاني ص 11.

(9) راجع مدارس النقد جـ 1 س 15، س 16 ص 94 - 101.

(10) راجع القس صموئيل يوسف - المدخل إلى العهد القديم ص 240، 241، والقس صموئيل مشرقي - مصادر الكتاب المقدَّس ص 92، 93.

(11) راجع التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 369.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1224.html

تقصير الرابط:
tak.la/4r9qg3x