يقول " الخوري بولس الفغالي": "كان داود قد اختار الوباء، ولكنه رأى الكارثة تحل بالشعب، فتراجع وطلب من الرب أن يعفو عن الشعب، نحن هنا أمام تقليدين، واحد يعتبر أن الرب كفَّ عن الضربة، حين صلى داود وبنى مذبحًا على بيدر أرونا، وآخر يعتبر أن الله عفا عن أورشليم، لأنه يُحب مدينته"(1).
ج: 1- ترتيب الأحداث في كل من (2صم 24)، و(1 أي 21) واحد، فقد أهلك الوباء في اليوم الأول من الصباح إلى الميعاد سبعين ألفًا (2صم 24: 15، 1 أي 21: 14)، وبسط الملاك المُهلك يده على أورشليم ليهلكها فرده الرب وقال له كفى، الآن رُدَّ يدك، وكان ملاك الرب عند بيدر أرونه اليوسي (2صم 24: 16، 1أي 21: 15)، ورأى داود الملك المُهلك وصرخ وتضرع للرب معترفًا بخطيته وتشفع عن خرافه طالبًا من الرب أن يرحم شعبه وأن توجه الضربة له ولبيت أبيه (2صم 24: 17، 1أي 21: 17)، واستجاب الرب لصرخات داود، وجاء جاد النبي يطلب من داود إصعاد محرقة في بيدر أرونه اليبوسي (2صم 24: 18، 1أي 21: 18)، فبنى داود مذبحًا للرب وأصعد محرقات وذبائح سلامة فكفت الضربة عن إسرائيل (2صم 24: 25، 1أي 21: 26).. وبالتالي فأن القول بأن القصة مستمدة من تقليدين (مصدرين) قول جانبه الصواب، إنما نرى القصة متكاملة بين سفري صموئيل وأخبار الأيام، وواضح أن الوباء لم يستمر ثلاثة أيام، بل يومًا واحدًا " من الصباح إلى الميعاد" (2صم 24: 15) والمقصود بالميعاد وقت تقدمة المساء كقول دانيال " عند وقت تقدمة المساء" (دا 9: 21).
2- يقول " الأرشيدياكون نجيب جرجس": "نفذ الرب عمله فجعل وبأ في بني إسرائيل أمات منهم سبعين ألفًا من جميع الأسباط... وقد كان الوباء يعمل (من الصباح إلى الميعاد)، و(الميعاد) هو اصطلاح يعني وقت تقديم تقدمة المساء اليومية (1مل 28: 29) والمقصود أن الرب سلط عليهم الوبأ نهارًا واحدًا من صباح اليوم الأول إلى مسائه... كان الملاك مزمعًا على الاستمرار في إهلاك الشعب، وقد جاء دور أورشليم ليهلكها وقد وصل الملاك في تحركاته إلى (بيدر أرونه اليبوسي) ليهلك المدينة ولكن الرب بمراحمه (ندم عن الشر) وهو اصطلاح مجازي بلغتنا يعني أنه تعطَّف عليهم وغيَّر موقفه تجاههم، بالنسبة لكثرة مراحمه ولتذللهم وتوبتهم، فأمر ملاكه أن يكف عن عمله... فتح الرب عيني داود ورجاله فرأوا الملاك المُكلَّف بإهلاك الشعب وبيده سيف مسلول ليمده على أورشليم (1 أي 21: 16).. حزن داود الراعي الأمين وأعترف بخطئه... وأقرَّ ببراءة شعبه واستحقاقه هو للموت... وطلب من الرب أن يهلكه هو وبيته وعشيرته بدل شعبه... أن داود يمثل الأب الأمين والحاكم المُحب لشعبه والراعي الصالح الذي يجب أن يقدم نفسه حتى الموت لأجل حياة شعبه... نظر الرب إلى تذلل داود وعاد أيضًا ورحم شعبه، فأرسل إليه جاد النبي ليأمره أن يصعد إلى جبل المريا ويبني مذبحًا للرب في البيدر ويقدم ذبائح للرب تكفيرًا عنه وعن الشعب لأنه " بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب 9: 22).. بنى داود المذبح وأصعد للرب (محرقات) كعلامة لتكريس حياته وحياة شعبه للرب، و(ذبائح سلامة) كعلامة على الشركة المقدَّسة مع الله والمصالحة والفرح والشكر. قبل الرب قرابينه واستجاب له... ومن ثم كفَّ الوباء عن الشعب"(2).
3- جاء في سفر صموئيل الثاني: "فاشترى داود البيدر والبقر بخمسين شاقلًا من الفضة" (2ص 24: 24).
وجاء في أخبار الأيام: "ودفع داود لأرنان عن المكان ذهبًا وزنه ستة مئة شاقل" (1أي 21: 25).
فقد أوضح سفر صموئيل أن الخمسين شاقلًا من الفضة دفعت مقابل البيدر، أي الجرن وهو قطعة أرض صغير لدرس الحنطة، بالإضافة للبقر فقط، أما سفر الأخبار فأوضح أن الست مئة شاقل الذهب قد دُفعت "عن المكان" أي الحقل كله، وهذا المكان هو الذي قدم فيه إبراهيم ابنه إسحق محرقة، وهو المكان الذي سيبني عليه سليمان الهيكل العظيم، وليس من المعقول أن هيكل سليمان يكون قد بُني على البيدر فقط.
_____
(1) التاريخ الاشتراعي - تفسير أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك ص 358، 359.
(2) تفسير الكتاب المقدَّس - سفر صموئيل الثاني ص 243 - 245.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1223.html
تقصير الرابط:
tak.la/kpnaw8r