St-Takla.org  >   books  >   helmy-elkommos  >   biblical-criticism
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها (العهد القديم من الكتاب المقدس) - أ. حلمي القمص يعقوب

1211- كيف يرفض داود الانتقام من "شمعي بن جيرا" الذي سبه، وقال لأبيشاي "دعوه يسبَّ لأن الربَّ قال له سُبَّ داود ومن يقول لماذا تفعل ذلك" وعند عودة داود إلى عرشه قدم شمعي الاعتذار والإكرام اللائق للملك، فأراد أبيشاي قتله ولكن داود رفض قائلًا "اليوم يُقتل أحد في إسرائيل.. ثم قال الملك لشمعي لا تموت. وحلف له الملك" (2صم 19: 22، 23) ثم يحنث الملك في حلفه ويوصي سليمان أن يقتله (1مل 2: 8، 9)؟

 

ج: 1- في هروب داود من وجه ابنه أبشالوم رشق شمعي بن جيرا البنياميني داود ومن معه بالحجارة وشتمه قائلًا: "أخرج أخرج يا رجل الدماء ورجل بليعال" (2صم 16: 7) فطلب أبيشاي الأذن من داود ليقطع رأسه: "فقال الملك مالي ولكم يا بني صروية. دعوه يسبَّ لأن الرب قال له سبَّ داود ومن يقول لماذا تفعل هكذا" (2صم 16: 10). وفي عودة داود إلى أورشليم أسرع إليه شمعي مصطحبًا معه ألف رجل، وأخذ يستعطفه " وسقط شمعي بن جيرا أمام الملك.. وقال للملك. لا يحسب لي سيدي إثمًا. ولا تذكر ما أفترى به عبدك يوم خروج سيدي الملك من أورشليم.. لأن عبدك يعلم إني قد أخطأت" (2صم 19: 18-20).. " ثم قال الملك لشمعي لا تموت. وحلف له الملك" (2صم 19: 23) وقبيل وفاة داود وقد ملك سليمان عنه وبرضاه، أوصاه داود من جهة شمعي قائلًا: "هو لعنني لعنة شديدة.. وقد نزل للقائي إلى الأردن فحلفت له بالرب قائلًا لا أميتك بالسيف. والآن فلا تبرره لأنك أنت رجل حكيم فأعلم ما تفعل به وأحدر شيبته بالدم إلى الهاوية" (1مل 2: 8، 9) وتصرف سليمان بحكمة إذ استدعى شمعي وطلب منه أن يبني له بيتًا في أورشليم ولا يخرج ولا يعبر وادي قدرون " فقال شمعي للملك حسن الأمر كما تكلم سيدي الملك كذلك يصنع عبدك" (1مل 2: 38) وبعد ثلاث سنوات هرب عبدان لشمعي فسعى خلفهما إلى جت وأحضرهما، فاستدعاه الملك قائلًا: "أما أستحلفتك بالرب. فلما لم تحفظ يمين الرب والوصية التي أوصيتك بها" (1مل 2: 42، 43) وحكم عليه بالموت.

 

2- أرتكب شمعي خطية شنيعة ضد داود شخصيًا كأي إنسان عادي، كما أخطأ أيضًا خطية شنيعة ضد داود كملك ونبي، وحطم الوصية: "لا تسبَّ الله. ولا تلعن رئيسًا في شعبك" (خر 22: 28) ومن سبَّ النبي فقد سبَّ مُرسِله، كقول السيد المسيح لتلاميذه: "الذي يسمع منكم يسمح مني. والذي يرذلكم يرذلني. والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني" (لو 10: 16).. فماذا فعل شمعي بعد سقوطه في تلك الخطية المزدوجة..؟ عندما رأى داود رجع بقوة إلى مُلكِه أسرع يستعطفه وحصل منه على الصفح عن خطأه في شخص داود. أما شمعي فلم يشعر بأي ندم تجاه خطيته التي أرتكبها ضد الله الذي أختار داود وأقامه ملكًا ونبيًا، ومنح داود شمعي سنين طويلة ولم يذكر الكتاب أن شمعي تاب عن خطيته الأخيرة هذه.

 

3- يقول " القس منسى يوحنا": "أن الله كثيرًا ما أستخدم الأشرار لإتمام أغراضه في انتقام وغيره. إلاَّ أنهم لا يُبرَّرون من العقاب لأنهم فعلوا ما فعلوا مدفوعين بعامل فسادهم. وهكذا كان أمر شمعي ويهوذا، فلم يأمرهما الرب أن يرتكبا ما فعلا لتتميم إرادته ولكنه تركهما يصنعان مشتهى قلبيهما ككل أثيم يتركه الرب لفساد ذهنه. أما قول داود {فإن الرب قال له أن يسبني} فقد قال الشيخ ابن المكين {فليس معناه أن الله أستخدم رجلًا صالحًا لسب داود بل رجلًا شريرًا. فهذا الرجل له خطايا متقدمة تقتضي قصاصه وهي تتكامل بسب داود وشتمه فمقدماته وملكاته الردية أُوجبت أن الله سمح له أن يسبَّ داود ليستحق عظيم القصاص}.

أما كون داود أقسم أنه لا يموت وحنث في يمينه فذلك لأن داود كان مسيح الرب. فمن حيث شخصه فقد سامحه ولكن من حيث كونه ممثلًا للرب وإهانته للرب كما في (خر 22: 28، لا 24: 15، 16) فقد رآه مستحقًا العقاب، فقوله " لا تموت " أي من جرى أهانتك لي لا من جرى أهانتك لله. وجرى مثل ذلك في تجديف مريم أخت موسى عليه، فمع كونه سامحها وصلى لأجلها إلاَّ أن الله لم يلتفت لصلاته كما طلب، وأجرى عليها عقابه (عد 12) هذا على أن استعطاف شمعي داود لم يكن ناشئًا عن شعوره بذنبه بل نشأ من الخوف من بطش داود وسلطانه"(1).

 

4- يقول " القمص تادرس يعقوب": "أسرع شمعي وصيبا لمقابلة داود، الأول سبَّه عند هروبه من أورشليم (2صم 16: 5 - 13) والثاني كذب عليه حينما أدعى أن مفيبوشث يطمع في الكرسي الملكي (2صم 16: 1 - 4)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. خرج الأول معه ألف رجل من بنيامين وجاء الثاني معه بنوه الخمسة عشر وعبيده العشرون خاضوا الأردن ليلتقوا بالملك. رأى أبيشاي أن الوقت مناسب للانتقام من شمعي، أما داود فحسب أن الوقت هو وقت فرح وتضميد جراحات واتساع قلب للجميع. وقت حب وسماحة وعفو!. ما أعجب شخصية داود، مع كل نجاح أو نصرة لا يطلب سلطة وإن نالها لا يسئ استغلالها، بل يحوّل السلطة إلى حب ورعاية. يرى في الكرسي الملوكي مجالًا للجمع والمصالحة والإتحاد لا لإثارة تصديع وانشقاقات. بعفوه عن شمعي كسب كل سبط بنيامين بل واستراحت قلوب الأسباط الأخرى من أجل هذه الروح السمحة"(2).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) ردود كتابية منطقية على مزاعم وافتراءات خيالية عن الكتاب المقدَّس ص 62.

(2) تفسير سفر صموئيل الثاني ص 132، 133.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1211.html

تقصير الرابط:
tak.la/93ct5yw