لله دُرّ النساء
يد الله الخلاصية
باسيليوس صديق يوحنا
تلمذته لمليتيوس
هروب من الأسقفية
الحواشي والمراجع
في إنطاكية إذ كان ليبانيوس Libanius أعظم خطباء عصره يحتضر(2)، التف حوله تلاميذه يسألونه عمن يخلفه، فتنهد الفيلسوف الوثني قائلًا: "يوحنا لو لم يسلبه المسيحيون منا(3)." فقد اكتشف هذا الفيلسوف السوري مواهب تلميذه يوحنا وفصاحته، وكان يأمل أن يسلمه قيادة مدرسته من بعده، غير أن كنيسة بيته كانت أقدر على جذب قلبه!
لقد مات الوالي سيكوندس Secondus قائد فرقة الخيالة في الجيش الروماني migidter militum بسوريا، تاركًا زوجته أنثوسا Anthusa في السنة الرابعة من زواجها وهي لا تزال في ريعان شبابها وبهجة الجمال مع وفرة الغنى. تركها في العشرين من عمرها، فحام الشبان حولها يطلبون ودها، لكنها وضعت في قلبها أن تكرس حياتها لخدمة طفليها، ابنتها التي سرعان ما انتقلت، ورضيعها يوحنا(4).
لقد كرست أنثوسا حياتها في جديةٍ لتربية طفلها، لينشأ غصنًا حيًا وفعالًا في كرم الرب. ولقد لمس جميع معارفها من مسيحيين ووثنيين ما فعلته هذه الأم في حياة ابنها، حتى اضطر الفيلسوف الوثني ليبانيوس Libanius أن يشهد عنها قائلًا: "لله دُرّ النساء عند المسيحيين!" (what wives the Christians have).
تشرب يوحنا روح الحق على يديّ أمه التقية، التي أرضعته لبن تعاليمها منذ الطفولة. لكنها لم تكتفِ، بهذا بل اجتهدت في تثقيف عقله بالعلوم والمعارف، فأودعته لدى ليبانيوس يتدرب على البلاغة والمنطق، ولدى أندروغاثيوس Androgathius يدرس الفلسفة(5).
نبغ يوحنا نبوغًا فريدًا، وأُعجب به كثيرون، فتنبأ الكل له بمستقبل باهر ومركز سام. وشعر هو بذلك، فأراد إظهار قدراته ومواهبه بممارسته المحاماة نحو عامين، يرفع إلى القضاء دعاوى المظلومين والفقراء ببلاغة وفصاحة، حتى صار يوحنا محط آمال الكثيرين والكثيرات، يتوقعون له منصبًا قضائيًا في وقتٍ قصيرٍ. أما هو فإذ تبسَّمت له الدنيا انجذب إلى ملاهيها ومسارحها وأنديتها، لكن تعاليم أمه بقيت حية في داخله، فكان بين الحين والآخر يتوق لو كرس حياته للفلسفة الحقة، يمارس الإنجيل ويعيش من أجل الأبدية.
كانت يد الله تعمل في حياته(6)، فبعث إليه صديقه القديم، رفيق الصبا، باسيليوس(7). فقد توطدت الصداقة بينهما بسبب التشابه من جهة السن والظروف والوطن والميول والدراسات وحتى في الشعور الباطني. كان باسيليوس يسلك بحياة إنجيلية تقوية، مشتاقًا إلى الحياة الرهبانية النسكية. عاش في بيته في حياة الإماتة، مكرسًا نفسه للقراءة والتأمل في الأسفار المقدسة، والممارسات النسكية. أما صديقه يوحنا فلم يكن يستطِع أن يفصل نفسه عن العالم بهذه السهولة. فقد وجد مسرة عظيمة في المسارح والمشاهد في ساحات القضاء. روى عنه يوحنا نفسه قائلًا: [مال الميزان بيننا، فعلَت كفَّته، وهبطت كفَّتي تحت ثقل شهوات هذا العالم والأهواء التي ينغمس فيها الشباب(8).]
بدأ باسيليوس يستميله نحو حب الله، فانجذب يوحنا، أخيرًا بتأثير صديقه بدأ يوحنا "يرفع رأسه فوق أمواج العالم المضطربة". واشتاق لو كرس كل حياته للتعبد ودراسة الكتاب المقدس، فترك المحاماة وتلقفه مليتيوس Meletius أسقف إنطاكية الأرثوذكسي، وتلمذه ثلاث سنوات، ثم منحه سرّ العماد حوالي عام 369 أو 370 م، وهو في حوالي الثالثة والعشرين من عمره وكان العماد بداية انطلاقة روحية جادة، إذ يقول عنه بالاديوس Palladius أنه منذ ذلك الحين [لم يحلف قط، ولا افترى على أحد ما، ولا نطق بكلمة باطلة، ولا سب ولا حتى سمح بأي مزاح طريف(9).]
يقول بالاديوس(10) أن مليتيوس Meletias رئيس كنيسة إنطاكية قد لاحظ على هذا الشاب بهاء طلعته، انجذب إلى جمال شخصيته، وسمح له بمرافقته على الدوام، مدركًا بعين النبوة ما يكون عليه، وإذ عمده أقامه قارئًا أو أغنسطسًا Anagnostes عام 370 م.
هكذا استطاع صديقه باسيليوس لا أن ينتشله من أمواج البحر الجائشة، إنما كان يسنده على الدوام، مشتاقًا أن يعيش معه على الدوام، مكرسين قلبيهما للعبادة، فقد حثه على أن يعيشا معًا في الحياة الرهبانية.
روى لنا الذهبي الفم بنفسه أحداث هذه الفترة، قائلًا(11):
[لم يكن يحتمل مفارقتي لحظة واحدة.
كان يحثني على الدوام أن نترك بيتنا ونسكن معًا.
وإذ أقنعني بذلك صار الأمر تحت التنفيذ، لكن نحيب أمي المستمر عاقني عن تلبية طلبه، أو بالأحرى أن أنعم بهذه العطية على يديه.
لقد شعرت أمي أني أفكر في هذه الخطوة، فدخلت بي حجرتها الخاصة، وجلست بجواري على السرير الذي أنجبتني عليه، وسكبت سيوَلًا من الدموع، ثم نطقت بكلمات تستحق الرثاء أكثر من دموعها، ففي نبرات الحزن قالت لي:
"يا بني، لم تكن إرادة السماء أن أنتفع بقوة أبيك طويلًا، فقد ولى موته الآلام التي اجتزتها من ولادتك، تاركًا إياك يتيمًا وأنا أرملة قبل الأوان، أواجه كل متاعب الترمل التي لا يدركها بحق غير اللواتي اختبرنها.
فإن الكلام يعجز عن وصف العواصف والزوابع التي تجتاح صبية تركت بيت والديها منذ عهد قريب، وإذ هي عديمة الحنكة في تصريف الأمور، يصيبها فجأة حزن لا يطاق، وتجد نفسها ملتزمة أن تتحمل أعباء اهتمامات أثقل بكثير مما يحتمله سنها وجنسها. فعليها أن تصلح كسل الخدام وتحذر خُبثهم، وتصد الفخاخ التي ينصبها لها الأقرباء، وتتحمل بشجاعة إهانات جباة الضرائب.
إذا خلف الراحل طفلًا، ولو كان بنتًا، فإن الأم تعتني بها بكل العناية، غير أن النفقات والمخاوف تكون أقل وطأة. أما الابن (الولد) فيسبب لها ربوات من المخاوف مع هموم يومية كثيرة، بغض النظر عن النفقات الباهظة التي يتحتم على الأم بذلها، إذا أرادت أن تهذبه بما يليق بالأحرار.
ومع ذلك فإن شيئًا من هذه الأمور لم يقدر أن يدفعني إلى زواج آخر، أن أدخل بزوج آخر بيت أبيك. فبقيت وسط الإعصار في صميم العاصفة، لا أحاول الخروج من حالة الترمل المتقدة كفرن صاهر للحديد. وقد ساعدني على ذلك -في المقام الأول- النعمة النابعة من فوق. ولم تكن تعزيتي وسط هذه التجارب المرعبة قليلة، إذ أنظر دومًا وجهك، فأرى فيك صورة الراحل، حية وصادقة تمامًا.
إذ كنت بعد رضيعًا لم تتعلم الكلام، في سن يلهى فيه أصغر الأولاد والديهم، كنت أنت سرّ تعزيتي!
أضف إلى ذلك، أنك لا تقدر أن تلومني أني احتملت ترملي بشجاعة، ولا أنقصت ميراثك. الأمر الذي يحدث لكثيرين عندما يتيتمون. أما أنا فقد حافظت على ميراثك كاملًا. لم أحذف منه شيئًا كنفقات لازمة لتهذيبك لتكون في مركزٍ لائقٍ، فقد دفعتها من مالي الخاص، من مهر زواجي!
لست أقول هذا لتوبيخك، إنما أطلب منك مقابلة إحساني لك بأمر واحد: لا تدفعني للترمل ثانية!
لا تحيي فيَّ الحزن الذي ألقيته لكي أستريح.
انتظر موتي، لقد بقي لي قليل ثم أرحل.
حقًا يتطلع الصبي إلى عمر طويل، أما نحن الذين كبرنا، فليس لنا إلا أن نترقب الموت.
عندما تواري جسدي التراب، لا يوجد ما يعوقك.
لكني مادمت حية، اقبل الحياة معي.
أتوسل إليك ألا تعصى الله باطلًا، ولا تسيء إليَّ بغير سبب، فإني لم أخطئ إليك في شيءٍ وسط هذه الشدائد الثقيلة.
لو كنت تشتكي علي أني ألزمك بالارتباك في اهتمامات عالمية، أو أجبرك على العمل، فلا تلتزم حتى بقوانين الطبيعة، بل اهرب مني كما من عدو!
لكن، إن كنت على العكس، أصنع كل شيءٍ من أجل راحتك خلال رحلة هذه الحياة، فاسمح على الأقل بهذا الرباط إن لم يوجد شيء آخر يلزمك البقاء معي.
حقًا تستطيع أن تقول أن ربوات الناس يحبونك، لكن ليس من يقدم لك الراحة هكذا في حرية مثلي! ليس من يغير على خيرك مثلي!"
بهذه الكلمات وأكثر منها نطقت أمي، فرويت هذا للشاب النبيل باسيليوس.]
في طاعة أذعن يوحنا لتوسلات أمه الأرملة التقية ودموعها، إذ رأى من الحكمة أن يخضع لها ويطيعها، فقد تركته حرًا يتفرغ للعبادة والتأمل والدراسة، ممارسًا حياته النسكية الإنجيلية بغير عائقٍ، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. فإن كانت ظروفه لم تسمح له بالدخول في الحياة الرهبانية الديرية، لكن الرهبنة ليست مظهرًا، إنما هي في جوهرها حياة داخلية، يستطيع يوحنا أن يمارسها في العالم حتى يشاء الله له أن ينطلق في الوقت المناسب!
للحال حول يوحنا بيت أمه إلى شبه قلاية، لا بالاسم أو الشكل، لكن في انعزال عن الاهتمامات الزمنية، ليمارس "وحدته مع الله" ودراسته في الكتاب المقدس.
عاش يوحنا ناسكًا، يحب الله، ويهيم في التسبيح له، يكثر الصلاة ويقلل الطعام، يفترش الأرض وينام القليل، ممارسًا السكون في بيته ليرتفع قلبه نحو السماء، مختبرًا "الحديث مع الله".
لعله في هذه الفترة التقى بالأب ثيودور الذي كان رئيسًا لجماعة رهبانية بجوار إنطاكية(12) ومعلمًا لمدرسة إنطاكية، يدافع عن قانون الإيمان النيقوي ضد الوثنيين والهراطقة، مقتبسًا منه منهجه في تفسير الكتاب المقدس(13)، والذي انضم لجماعته فيما بعد.
بلا شك كان يوحنا على اتصال دائم على الأقل بإحدى الجماعات الرهبانية المقيمة بجوار إنطاكية، ينقل عنها الحياة الرهبانية. ليختبرها في بيته، حيث بدأت رائحة المسيح الذكية تفوح في قلبه بقوةٍ، وانطلقت في بيته، فانجذب الكثيرون إليه، أما هو فكان حريصًا على حياة "الوحدة" وإذ خلا كرسيان في سوريا اتجهت الأنظار حالًا نحو يوحنا وصديقه باسيليوس ليتسلما العمل الرعوي.
قال يوحنا: [شاع بغتة خبر أزعجنا كلينا، أنا وباسيليوس، وكان حديث القوم أن نرقى إلى المقام الأسقفي. حين وقفت على هذا النبأ، أخذ مني الخوف والقلق كل مأخذ. كنت أخشى أن ألزم على قبول السيامة للأسقفية، وبقيت مضطربًا، وسائلًا ذاتي: لأي الأسباب خطر مثل ذلك الخاطر في شأني؟(14)]
كان ذلك وهو بعد شاب في الخامسة والعشرين من عمره، حين أخذ منه الخوف كل مأخذ، لماذا؟
لقد امتاز يوحنا بوضوحه وصراحته مع نفسه ومع من هم حوله، لا يعرف التردد، لا في داخله ولا في مظهره، إذن فلماذا الخوف والقلق؟
أمور كثيرة جالت في فكره، فقد كان يوحنا يتهيأ داخليًا -من يوم إلى آخر- للانطلاق نحو الحياة الديرية متى سمح له الله بذلك، كل ما كان يربطه بالمدينة أُمه الأرملة التقية الوحيدة! وفي نفس الوقت كانت الكنيسة بكل جراحاتها تملأ قلبه، وتمتص كل مشاعره، كانت نفسه مُرّة في داخله من أجل فساد حياة المسيحيين وإغراءات اليهود وألاعيبهم وسموم الهراطقة، هذا كله بجانب حياة البذخ والترف التي تعيشها إنطاكية بأسرها، كان قلبه يدمي كل يومٍ، مشتهيًا أن يرى خلاص الجميع! هذان الاتجاهان -ميله الديري وحبه لخلاص الناس- لم يخلقا في داخله يومًا ما صراعًا: الدير أم الأسقفية؟ أو بمعنى أصح: الرهبنة أم الخدمة؟ فهو أن دخل الدير يتهلل بالحياة الملائكية، وإن خدم يفرحٍ بالبذل كل يوم من أجل الخراف الضالة، لا يشعر بصراعٍ في محبته للطريقين، فلماذا القلق؟
لو أن يوحنا قد شعر بقدرته على تسلم العمل الأسقفي لما هرب، وإن هرب فهو لا يحمل تمنعًا ظاهريًا لعلة أو أخرى، يود الهروب ليس تفضيلًا لحياة على الأخرى، ولا هربًا من المسئولية، لكن في إحساس داخلي بضعفه عن تسلم مثل هذا العمل الرعوي السامي. وفي نفس الوقت أن هرب تبعه صديقه باسيليوس، فيكون قد أفقد الكنيسة راعيًا جليلًا، يشتهي أن يراه عاملًا في كرم الرب!
أمور كثيرة شغلت قلب يوحنا وفكره، لكنه إذ التقى بصديقه باسيليوس، لم يكشف له شيئًا، ليس خبثًا لكن من أجل خير الكنيسة. وربما تحادثا معًا في "العمل الأسقفي وبركة البحث عن الخراف الضالة" في صدق وأمانة. حسب باسيليوس في هذا الحديث موافقة ضمنية على قبول السيامة. خاصة أنه يعلم أكثر من غيره ما يكنه قلب يوحنا صديقه من شوقٍ جادٍ نحو خدمة النفوس.
رضخ باسيليوس للسيامة، متوقعًا بفرحٍ سيامة صديقه يوحنا، ليعملا معًا بروح واحد، يسند أحدهما الآخر. لكن جاء دور يوحنا فاختفى في الجبال الأمر الذي أحزن قلب باسيليوس، فاضطر أن يكتب إليه يؤنبه على فعله هذا وخداعه له، أو ما يسميه خيانة العهد.
لم يرد يوحنا أن يترك صديقه متألمًا، فكتب إليه فيما بعد مقالًا غاية في الإبداع، يكشف له عن حقيقة موقفه بروح صريح واضح، تواضع مع محبة وعلم غزير، ألا وهو مقاله "عن الكهنوت De Sacredotio" المؤلف الذي يغذي أجيالًا من الكهنة والخدام.
كتب في بلاغة بروحانية صادقة، فبكل تواضع يروي في غير خجل أن توقفه عن دخول "الدير" سرَّه دموع أمه، ثم عاد يتحدث عن العمل الكهنوتي كعملٍ إلهيٍ فائقٍ، هو عمل السيد المسيح نفسه، العامل في كهنته. وفي غير خجلٍ يعلن شوقه للخدمة بل وشهوته لها، فهو لم يهرب إلى الجبال هربًا من الأسقفية، لكنه مع شوقه لها يشعر بعدم أهليته! لقد عرف أن الأسقفية بذل وألم، لكنها تحتاج إلى مؤهلات روحية عالية وقدرات!
لقد خط هذا الشاب مقاله في ستة كتب! وكأنه كان يكتب دستورًا يلتزم به في حياته الكهنوتية، أمام الله وأمام نفسه.
_____
الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(2) عام 365 م.
(3) Sozomen: Ecc. His 8:2.
(4) ولد يوحنا عام 347م حسب تقدير Montfaucon و Tillemont و Neander و Stephens و Venables و Schaff وغيرهم، بينا يحدد Baur وغيره التاريخ 354 أو 355، أما Villemain فيحدده بـ344.
(5) Socrates: Ecc. His. 6:3.
(6) Rev. Chrysostomus Baur: John Chrysostom and His Time, Translated by Sr. M. Gonzaga, Belmont USA, 1988, vol 1, part 1, p. 104 f.
(7) غير باسيليوس الكبير، صار أسقفًا على رفانيه Raphanée بجوار أنطاكية سوريا.
(8) De Sacerdotio 1:3.
(9) وصلت إلينا سيرته عن طريق بالاديوس أسقف هيلينوبوليس ببثينيه Palladius of Helenopolis، وهو معاصر له وصديقه الحميم.
(10) Dial 5.
(11) De Sacerdotio 1:4.5.
(12) Coc 6:3, Soz 8:2.
(13) راجع الباب الثاني من هذا المجلد "منهجه الإنجيلي".
(14) هنري ترديف: القديس يوحنا الذهبي الفم (منشورات المعهد) ص 19.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/chrysostom/start.html
تقصير الرابط:
tak.la/w8bb4vh