1. أن يكون بلا لوم
2. وديعًا
3. رجل صلاة
4. قادرًا على التعليم
5. حكيمًا
6. غيورًا
الحواشي والمراجع
لست أظن أن خادمًا يقدر أن يقرأ مقالة عن "الكهنوت" ولا يرتعب، فقد كشف القديس عن مفهوم الخدمة الكهنوتية الرعوية الكارزة، وما يلتزم به الخادم، وما يتطلبه هذا من سمات خاصة حتى يخدم الله القدوس ويقدم الكلمة الإلهية بحياته وسلوكه ويتسلم قيادة نفوس مات المسيح من أجلها، يدخل بها إلى مراعي الخلاص الدسمة، مقدمًا لكل واحدة منها ما يناسبها، ويدبر أمورها للانطلاق بها إلى الحياة السماوية خلال الصليب، خلال الصراع المُرّ ضد القوات الروحية!
وعندما يتحدث عن خدمة الرسل الكرازية يكشف بكل وضوح وإسهاب عن صعوبة الخدمة، فالكارز ملتزم بتحويل الناس من عادات قديمة إلى عادات روحية صعبة، ويدخل بهم إلى تعاليم ووصايا قاسية لا من أجل مكافآت حاضرة بل مستقبلة(97).
فالكارز أب محب مملوء حكمة وتيقظًا وقدرة على التعليم والتدبير والرعاية فلا يرشح إنسانًا لهذا العمل استنادًا إلى حبه وتقواه، ولا لمجرد نسكه وتقشفه أو تقدم سنه، إنما يلزمه مواهب أخرى كثيرة(98).
نستطيع في شيء من الإيجاز أن نذكر أهم سمات الخادم الكارز من واقع مقالات القديس وكتاباته.
إذ تحدث القديس عن مقدار الصعوبات التي تواجه قائد النفوس في خدمته ورعايته لها، قال(99):
"تأمل، أي نوع من الرجال ينبغي أن يواجه أعاصير كهذه ويتصدى بمهارة لمعوقات عظيمة للصالح العام.
يلزم أن يكون مبجلًا في غير زهو، مهوبًا لكنه مترفق، إداريًا لكنه اجتماعي، متضعًا لكنه مجامل، متواضعًا لكنه غير خانع، صارمًا ورقيقًا في نفي الآن... حتى يقدر أن يتغلب على هذه المصاعب جميعها".
"من يقوم بدور قيادي يلزمه أن يكون أكثر بهاءًا من كوكب منير، فتكون حياته بلا عيب، يتطلع إليه الكل ويقتدون به(100)".
حياة الكارز غير الملومة توقف كثيرًا من المحاربات: "من كانت حياته هكذا صالحة يوقره حتى هؤلاء (غير المؤمنين)، إذ بالحق يغلق حتى أفواه الأعداء(101)".
"يليق بالكاهن أن يتحصن من كل جانب بسلاح متين من اليقظة والتدقيق المستمر في أسلوب حياته، حتى لا يكتشف أحد فيه نقطة ضعف فيطعنه فيها طعنة قاتلة، لأن جميع المحيطين به ينتهزون فرصة لطعنه وطرحه أرضًا ليس أعداؤه ومناضلوه فحسب بل وكثيرين من الذين يدعون صداقته...
بقدر ما تدبر حياة الكاهن تدبيرًا حسنًا في كل مجال تكون بعيدة عن المكائد، أما إذا تهاون في هفوة كإنسان يعيش في محيط هذه الحياة المملوءة مخاطر، فأن أعماله الأخرى الصالحة لن تعفيه من ألسنة ناقديه، بل تطغى هذه الهفوة الصغيرة على كل ما سواها "كل الناس يتأهبون للحكم على الكاهن كأنه ملاك تحرر من كل أسباب الضعف، وليس كائنًا يحمل جسدًا أو إنسانًا ورث الطبيعة البشرية(102)".
"السيرة الطاهرة تسد فم الشيطان وتبكمه! (103)".
لقد آمن قديسنا بالتقوى العملية بكونها الفلسفة الحقة وحدها، فلا يقدر الراعي أن يدخل بأولاده إليها دون أن يمارسها، أنه يقدم حياته لا كلماته لأولاده.
له أحاديث كثيرة وطويلة في "حياة الكارز المقدسة غير الملونة" كقدوة وكرازة لشعبه نقتطف منها:
"القدوة الحسنة تعطي صوتًا أعذب من أصوات العزف وجميع آلات الطرب، لأن الناس لا يعتبرون ما نقوله بقدر ما نفعله(104).
"يليق بالكاهن أن يتلألأ، فيضيء بسيرته الحسنة على جميع الناس ليقتدوا بمثاله. أما إذا استحال هذا النور إلى ظلام، فماذا يحل بالعالم؟! أما يصير خرابًا(105).
"لا السماء ولا النهار ولا الليل تمجد الله كما تمجده النفس القديسة فكما إذا تأمل الإنسان زينة السماء يقول "المجد لك يا رب فيما صنعت" هكذا إذا ما رأى الفضيلة في إنسان يمجده بالحري أكثر.
من لا ينذهل إذا ما رأى إنسانًا يشاركه في الطبيعة البشرية لكنه يتصرف بين الناس كالماس، لا يميل قط نحو الشهوات! بل يكون أشد صلابة من الحجر الماس، إذا وجد بين النار والحديد والوحوش يغلبهم بحسن العبادة، إن شتم يبارك وأن قالوا عنه رديئًا يمدحهم، وأن أساء أحد إليه يصلي عنه...".
لنقودهم بمعيشتنا، فأن كثيرين من العامة قد أدهشوا عقول الفلاسفة! فأنهم إذ أعلنوا فلسفة الأعمال وسيرتهم وفضيلتهم أظهروا صوتًا يفوق هتاف البوق، وأوفر بلاغة من اللسان(106).
"لقد تركنا (الرب) هنا لنكون أنوارًا، لنعلم الآخرين، لنكون خميرة، نسلك كملائكة بين البشر، كرجال مع أولادهم، كروحيين مع أناس طبيعيين فينتفعون منا، ونكون بذارًا تخرج ثمارًا.
لا حاجة للكلمات ما دامت حياتنا تضيء!
لا حاجة للمعلمين ما دمنا نظهر أعمالًا!
ما كان يوجد وثني لو كنا مسيحيين بحق!
لو أننا نحفظ وصايا المسيح ونحتمل الألم ونسمح للغير أن يستفيدوا منا، إذ نشتم فنبارك، نعامل معاملة سيئة فنصنع خيرًا(107)، لما بقى أحد بعد متوحشًا ولا يرجع إلى الصلاح(108)...
مرة أخرى يلوم الخدام الكارزين بسبب فساد سيرتهم، معلنًا قوة القدوة في الكرازة والرعاية بقوله:
"ما أسوأ أن نكون فلاسفة في الكلمات لا في الأعمال! (109)".
"لماذا هذا الكبرياء؟ لأنك تعلم بالكلام!
ما أسهل ترديد الكلمات! علمني بحياتك هذا أفضل(110)".
"نحن محتاجون إلى سلوك حسن لا إلى لغة منمقة، إلى الفضيلة لا إلى الخطابة الفذة، إلى الأعمال لا إلى الكلام...!
لا تهتم أن تعلم ابنك الخطابة بل علمه الفلسفة (التقوى)، فأنه إن لم يتقن الخطابة لا ينقصه شيء، أما أن فقد الفلسفة فماذا تفيده كل بلاغة العالم؟!(111)".
أخيرًا نختم حديثنا بحديث القديس عن أهمية حياة الكارز غير الملومة بكونه كاهنًا يخدم أسرار الله العلي إذ يقول:
"وظيفة الكهنوت، وأن كانت في الحقيقة تعطي على الأرض لكنها تعد بين الرتب السماوية. هذا أمر طبيعي، لأنه ليس إنسان ولا ملاك ولا رئيس ملائكة ولا خليفة أخرى، بل البارقليط نفسه هو الذي رتب الدعوة، مستخدمًا البشر -وهم في الجسد- أن يقوموا بخدمة الملائكة! لذلك ينبغي على الكاهن الذي يقدس أن يكون طاهرًا، كما لو كان واقفًا في السموات عينها بين تلك القوات...!
عندما ترى الرب ذبيحًا وموضوعًا على المذبح، والكاهن يقف مصليًا على الذبيحة وكل المصلين قد اصطبغوا بالدم الثمين، هل تستطيع أن تقول أنك لا تزال بين الناس، وأنك واقف على الأرض... ألست على العكس قد عبرت مباشرة إلى السماء؟!(112)".
"الكاهن الذي يدنو من المذبح بضمير دنس... هو أشنع من الشيطان، لأن الشياطين ترتعد خوفًا تجاه يسوع المسيح(113)".
إن كانت سيرة القديس هي لغة الكرازة الحية، فأن الوداعة -في عيني القديس يوحنا- هي أهم أساسياتها.
إن كانت الخطية تجرح النفس وتذلها، فالخطاة محتاجون لا إلى من يزيد جراحاتهم بالغضب، بل إلى من يسندهم بوداعته.
هذا ما اكتشفه القديس يوحنا في معلمنا بولس الرسول، فأنه حتى إن أراد أن يوبخ "إنما قليلًا وبلطف(114)"، مستخدمًا الوداعة بكثرة، لأن الخطية تجعل الإنسان قاسيًا، فأن وبخهم الكارز بقسوة صار الإنسان جافًا ومتجاسرًا، "أما أن تلطف معه فأنه ينحني عنقه وتزول جسارته ويصير نظره مطرقًا نحو الأرض(115)".
"لا يوجد شيء يفيد الآخرين ويجتذب القلوب لله أكثر من وداعة من يكون مهانًا ومستهزءًا به ومثلوبًا ومعيرًا، يحتمل هذا كله بوجه باش وهدوء عظيم كأنه لا يشعر بشيء(116)".
"إن كان الأسقف ذا طبع ثائر، فانه يجلب كوارث عظيمة له ولأخوته(117)".
من من الجموع يمكن أن يكون وديعًا إن رأى قائده سريع التهيج؟!(118)".
الكرازة هي انسكاب القلب بالحب أمام الله والناس، أمام الله العامل وحده في النفس لكي يخلصها ويمجدها، وأمام الناس بالوداعة والاتضاع لكي يتقبلوا الكلمة.
بهذا الروح كان القديس يوحنا كارزًا مصليًا، يؤمن بالصلاة كحجر الزاوية في كل عمل رعوي، لا يكف عن أن يطلب عن شعبه، ويطلب منهم أن يطلبوا عنه وعن انتشار الكلمة...
يقول: "من دعته الضرورة أن يكون سفيرًا عن مدينة بأسرها -ولا أقول عن مدينة فحسب بل عن العالم أجمع- يضرع إلى الله كي يصفح عن خطايا الجميع، ليس فقط الأحياء منهم بل والراقدين أيضًا، فأي نوع من الرجال ينبغي أن يكون؟!...
فالكاهن، لأنه أؤتمن على العالم كله وصار أبًا لجميع الناس، يتقدم إلى الله متوسلًا في الصلوات الخاصة والعامة من أجل رفع الحروب في كل مكان وإخماد الاضطرابات ملتمسًا السلام والهدوء لكل نفس والشفاء للمرضى(119)...".
"الرب قادر أن يحول هذا الأسد إلى حمل وديع...
صلوات جماعتنا تنفعنا كثيرًا إن كانت صادرة عن قلوب خاشعة! (120)".
إن كان قديسنا قد ركز على "حياة الراعي" كلغة صادقة للتعليم، لكنه يعود فيؤكد أن القدوة وحدها لا تكفي، إنما يلزم للكارز أن يكون قادرًا على التعليم أيضًا، إذ يقول(121):
"هذا هو كمال التعليم، أن يهيئ المعلمون تلاميذهم بالقدوة كما بالأقوال إلى المستوى الذي يريده الله لهم، لأن القدوة وحدها لا تكفي لتعليم الآخرين.
لست أقول هذا من عندي، بل هي كلمات المخلص القائل(122): "وأما من عمل وعلم فهو يدعى عظيمًا". فلو كان العمل يغني عن التعليم لما كانت هناك حاجة لقوله "وعلم"... إنما ذكر الكلمتين "عمل وعلم" ليظهر أن العمل شيء والتعليم شيء آخر، كل منهما يستند على الآخر لأجل البنيان.
"اسمع ما يقوله إناء المسيح المختار لقسوس أفسس: "اسهروا متذكرين أني ثلاث سنين نهارًا وليلًا لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد(123) ". فما الحاجة إلى الدموع والإنذارات الكلامية ما دام سلوك بولس كرسول واضحًا؟! حقًا كانت حياته المقدسة تحث الناس بشدة لحفظ الوصايا، لكني لا أجرؤ وأقول أنها وحدها كافية لتنفيذ كل شيء".
مرة أخرى يقول(124): "عندما تدور مناقشة حول موضوع عقيدي حيث تكون الحاجة إلى أدلة مستمدة من الكتاب المقدس، ماذا تفيد قداسة الحياة؟".
يقول الرسول: ملازمًا كلمة الحق الصادقة التي بحسب التعليم(125)... أي يكون قادرًا أن يعظ بالتعليم الصحيح ويوبخ المناقضين، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. فهو محتاج لا إلى كلمات جوفاء بل إلى فكر قوي ومهارة في دراسة الكتاب المقدس، إلى أفكار راسخة. أما ترى بولس قد وضع ليحارب العالم كله، إذ كان أقوى من أفلاطون وبقية الفلاسفة؟!
قد تقول أنه تغلب عليهم بالمعجزات... لكنك إن تتبعت سفر الأعمال لوجدته كثيرًا ما يغلب بالتعليم أكثر من المعجزات... "من لا يعرف كيف يقدم التعليم الصحيح فهو بعيد كل البعد عن كرسي المعلم، لأن بقية الصفات يمكن أن توجد بين من يرعاهم... أما ما يميزه عنهم فهو قدرته على التعليم بالكلمة".
غير أن القديس يوحنا لاحظ أن بعض المعلمين بسبب قدرتهم على التعليم سرعان ما يسقطون في حب المديح... فبدأ يتساءل أيهما أفضل: أن يكون المعلم قادرًا على التعليم ومتكبرًا أو بالعكس متضعًا لكنه غير قادر على التعليم؟
يجيب(126) "إذا كان الكارز لا يبالي بالمديح لكنه يعجز عن تقديم التعليم الذي "بنعمة مصلحًا بملح(127) تحتقره الجموع فلا ينتفع من سمو ذهنه.
ومن الجانب الآخر لو كان ناجحًا ككارز لكنه مغلوب بأفكار المديح فأنه يصاب هو والجموع بضرر متساو، إذ في حبه للمديح يهتم بالكلام كيف يبهج الناس لا كيف يفيدهم".
إذ يتحدث القديس عن سمات الكارز -مقدمًا الرسول نموذجًا حيًا- يتطلب(128):
"غيرة ملتهبة نشطة،
نفسًا مستعدة لاحتمال كل شيء،
ذكاء مع حكمة".
ماذا يقصد القديس بالحكمة؟
أ. حكمة الصليب التي تغلب النفس بالحب وتحكمها، إذ يقول:
"حول الصليب الجهلة والأميين إلى فلاسفة(129)".
"حول صانع الخيام اليونانيين والبرابرة، أما أفلاطون فبالرغم من رحلاته الثلاث إلى صقلية وسمو كلماته لم يستطع أن يقهر طاغية واحدًا... لقد قهر الله أفلاطون هذا لا بضربات فيلسوف أقدر منه، بل بواسطة خاطئ جاهل(130) ".
ب. الحنكة في الإيمان: فكما يقول الرسول أن الأسقف لا يكون حديث الإيمان، لكن "لا يستبعد الأحداث بالكلية عن الخدمة بل يستبعد حديث الإيمان والخبرة، والفارق بين الاثنين كبير(131) ".
ج. اليقظة والقدرة على معرفة خبايا النفوس للعمل على توبتها ونموها. "الراعي في حاجة إلى إفراز عظيم أن تكون له ربوات الأعين لملاحظة طبيعة النفس من كل جوانبها(132)".
د. قادرًا على التعامل مع الكثيرين في يقظة، يعرف كيف يعامل الكل دون انحراف عن رسالته أو روحانيته. يسميه القديس يوحنا "إنسانًا متعدد الجوانب many-sides man(133)".
يقول عنه(134): "يجب أن يكون حكيمًا ومحنكًا في أمور شتى، وأن يكون خبيرًا بشئون العالم ليس بأقل من القوم المتصرفين فيه. وفي نفس الوقت متحررًا من العالم أكثر من الرهبان سكان البراري.
يختلط بالمتزوجين الذين لهم أطفال وخدم، كما يختلط بالأغنياء وأصحاب المراكز العامة وذوي النفوذ... لهذا وجب أن يكون متعدد الجوانب (أي يعرف كيف يعامل الكل)...
لقول متعدد الجوانب وليس إنسانًا مخادعًا متملقًا أو مرائيًا، إنما على درجة كبيرة من المرونة والثقة والتضحية بالمصالح الشخصية... يعرف كيف يتلاءم مع كل واحد حتى يربحه حسبما تقتضي الظروف، فيجمع بين الرحمة والحزم، لأنه يستحيل أن يعامل كل أفراد رعيته بأسلوب واحد. كالطبيب الذي ليس له أن يطبق علاجًا واحدًا على جميع المرضى...".
سأله الأسقف باسيليوس "هل نقيم على الكنيسة الذين ينتقلون وسط المجتمع ويهتمون بشئون العالم... مملوئين بأصناف الفنون التي بلا عدد؟ فيجيب: "لا يقبل أمثال هؤلاء في الكهنوت بل الذين لهم قدرة على مخالطة الكل والالتقاء بهم دون أن تتلوث نقاوتهم أو يهتز عدم محبتهم للأمور الزمنية أو قداستهم أو مثابرتهم أو سموهم، نائلين كل الفضائل التي يتمتع بها المتنسكون...
ظروف المجتمع الكثيرة قد تزيل توازن الفكر وتفقد استقامة الطريق... فالأسقف، مثلًا الذي عهد إليه بكل القطيع لا يقدر أن يهتم بالذكور ويترك النساء اللواتي يحتجن إلى بصيرة خاصة بسبب ضعفهن واستعدادهن للخطية. فالإنسان المختار للأسقفية يلزمه أن يهتم بصحتهن الأخلاقية، إن لم يكن أكثر من الرجال فلا أقل من أن يعطيهن اهتمامًا مساويًا. فهو ملزمًا بزيارتهن في مرضهن، وأن يعزيهن عند حزنهن، وينتهرهن عند كسلهن، ويساعدهن في ضيقاتهن... في كل هذا قد يجد الشرير مكانًا إن لم يكن الراعي حريصًا بزيادة، لأن النظر إلى الشريرات بل وإلى المتواضعات، قد يؤدي إلى طعنات واضطرابات في الفكر(135).
يرتعب القديس يوحنا لئلا في عدم درايته في خدمة قطيعه يفسده إذ يقول(136) "إني أخشى لئلا إذا تسلمت القطيع في حالة جيدة ومنتعشة، بعدم مهارتي أفسده، فأغيظ الله ضدي، هذا الذي بذل ذاته لأجل خلاصه وافتدائه".
"الراعي الصالح كما يريده المسيح هو رجل يتراكم داخله آلاف الشهداء، إذ يموت الشهيد مرة من أجل سيده، أما الراعي فيموت كل يوم من أجل قطيعه(137)".
يلزمه أن يكون متيقظًا جدًا، حارًا في الروح، كما لو كان ينفث نارًا!
يليق به أن يعمل، مثابرًا نهارًا وليلًا، أكثر من قائد جيشه(138)":
سبق أن رأينا أنه لا يريد أن يلفظ أنفاسه حتى يستريح قلبه تجاه كل إنسان، وفي نفس الوقت لا ييأس إن لم يجد في المدينة من يمارس حياة التوبة الحقيقية إلا عشرة، إذ يقول(139):
"إن كان الذين يدأبون في الأمور الصالحة هم عشرة، فأن العشرة يصيرون عشرين، والعشرون خمسين، والخمسون مائة، والمائة ألفًا، والألف يخلصون مدينة بأسرها.
إن كنت لا تقدر أن تقنع الكل وتهديهم، اقنع القليل من كثيرين. فأن الرسل أيضًا لم يقوموا بهداية جميع البشر الموجودين، لكنهم بشروا الكل، فأخذوا المكافأة كأنهم خدموا الجميع".
_____
الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(97) الحب الأخوي طبعة 1964 ص 77-80 (راجع أقوال القديس).
(98)De Sacer 3:15.
(99)Ibid, 3:16.
(100) الحب الرعوي ص 654.
(101) الحب الرعوي ص 655.
(102) الكهنوت المسيحي.
(103) الحب الأخوي ص 84.
(104) الحب الرعوي ص 170.
(105) الحب الرعوي ص 178.
(106) الحب الأخوي ص 183 (راجع ص86:84).
(107) (1كو 12:4).
(108)In Tim, hom 10.
(109)In 1 Tim, PG 62:552.
(110)In Act. PG 60:225.
(111)In Eph. PG 62:150-152.
(112) الحب الرعوي ص 50 الكهنوت المسيحي (كنيسة السيدة العذراء بالفجالة) ك 3 ف 4.
(113) الحب الرعوي ص 146.
(114) الحب الأخوي ص 94.
(115) المرجع السابق ص 94.
(116) الحب الرعوي ص 221.
(117) الحب الرعوي ص 219.
(118) الحب الرعوي ص 220.
(119) الكهنوت المسيحي 4:6.
(120) الحب الأخوي ص 104.
(121) الحب الرعوي ص 689.
(122) (مت 19:5).
(123) (أع 31:20).
(124)De Sacer. PG 48:67.
(125) (1تي 9:1).
(126)De Sacer. 5:2.
(127) (كو 6:4).
(128)In Eph, hom. 6 PG 62:46.
(129)In 1 Cor PG 61:34.
(130)In Rom, 1 Cor, Joan, Act, PG 60:47; 61:33; 59:31; 60:260-261.
(131) الحب الرعوي ص 218.
(132)De Sacer 2:4.
(133)Ibid, 6:4.
(134) الكهنوت المسيحي 4:6، الحب الرعوي ص 736.
(135) الحب الرعوي ص 737، 738.
(136) الحب الرعوي ص 160.
(137)In Rom. PG 60:660.
(138)In Tim. Hom. 10.
(139) الحب الأخوي ص 111. In Act, hom 3
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-tadros-malaty/chrysostom/servant.html
تقصير الرابط:
tak.la/gbzz4tc