St-Takla.org  >   books  >   fr-salaib-hakim  >   sanctity-chaste
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القداسة في المسيحية بين المتبتلين - القمص صليب حكيم

12- الفصل الرابع: فضائل مُعِينة على حياة الطهارة

محتويات: (إظهار/إخفاء)

أ - قبول الآلام
ب - تَعلُّم الاتضاع
ج - حياة الفرح
د - الاقتداء بالفضلاء المعاصرين
هـ - زيارة الأديرة وحياة القداسة
و - القداسة والتقديس

تحتاج الطهارة إلى بعض الفضائل التي تسندها وتساعد على ثباتها في حياة الإنسان. ومن هذه الفضائل:

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أ - قبول الآلام:

بالآلام والشدائد تضيق النفس بملذات الجسد وأفراح العالم، وتنحسر عما عداها لتعود إلى داخلها باحثة عن منقذها ومخلصها، مجتهدة أن تكون بلا عيب أمامه. لذلك ينصحنا معلمنا بطرس "فإذ قد تألم المسيح لأجلنا بالجسد. تسلحوا أنتم أيضا بهذه النية. فإن من تألم في الجسد كُفَّ عن الخطية. لكي لا يعيش أيضا الزمان الباقي في الجسد لشهوات الناس بل لإرادة الله" (1بط4: 1، 2). لذلك يرحب الأبرار بالضيقات والآلام إذ يعتبرونها بمثابة وسيلة يستخدمها الله لأجل تطهيرهم وتنقيتهم مرددين قول معلمنا بولس "قد كان لنا آباء أجسادنا مؤدبين وكنا نهابهم. أفلا نخضع بالأولَى جدًا لأبى الأرواح فنحيا. لأن أولئك أدبونا أيامًا قليلة حسب استحسانهم. وأما هذا فلأجل المنفعة لكي نشترك في قداسته. ولكن كل تأديب في الحاضر لا يُرى أنه للفرح بل للحزن. وأما أخيرًا فيعطى الذين يتدربون به ثمر بر للسلام" (عب12: 9-11) وإذ يجنون الخير الروحي العظيم من الآلام ويختبرون فائدتها في دفعهم لكراهية الخطية وقيادتهم للسير في مخافة الله وحفظ وصاياه، وردهم إلى حياة القداسة يرددون قول داود النبي "خير لى أنى تذللت لكي أتعلم فرائضك" (مز119: 71).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ب - تَعلُّم الاتضاع:

يعتبر الاتضاع حارس جميع الفضائل والعطايا الروحية. وبالذات الطهارة والقداسة. لأنهما رفيقان حميمان. فالاتضاع فيه انسحاق للنفس والنفس المنسحقة تذبل فيها شهوات الجسد وتضمر.

كما أن النفس المنسحقة خاضعة مطيعة، تحفظ نفسها في القداسة بطاعة الوصية. وطاعتنا للوصية بتنازلنا عن إرادتنا لكي نحيا بإرادة الله القائمة في وصيته. وتنازلنا عن إرادتنا هو تنازل عن ذاتنا وكياننا لكي يتقدم الله كل شيء في حياتنا ويكون هو العامل في كياننا لكل بر وطهارة. وبطاعتنا الوصية تكون حياتنا بلا خطية. لأن "أحكام الرب أحكام حق وعادلة معًا" (مز18: 9). وبطاعتنا أيضًا نتنازل عن حكمتنا البشرية لنعيش في حكمة الله. وطاعتنا للوصية بوجه عام هي حياة في المسيح الذي قدَّم لنا من نفسه نموذجًا للإنسان الكامل إنسان الوصية لكي نتبع خطواته. فهو الموصى وهو الوصية. ولنلاحظ أنه كما أن الاتضاع والطاعة يحفظان القداسة كذلك الكبرياء والعصيان يجلبان النجاسة. ويبدو هذا في حرب إبليس مع القديسين. فالقديسون الذين بلغوا شأنًا عظيما في الروحيات كان الشيطان ولازال يحاربهم بالأفكار والمناظر الدنسة ظنًا منه أنهم يفكرون في أنفسهم أنهم بلغوا قامات عالية في طريق الروح فيسقطهم بسهولة. ولكنهم باتضاعهم كانوا يغلبونه وينجون من فخاخه.

وبالإجمال من يريد أن يتعلم الاتضاع ليتعلم الطاعة، ويتعلم الاحتمال، ويتعلم الصمت، ويكون خادمًا للجميع. لأن هذه هي طريق الاتضاع ومن يسعى للاتضاع يقتنى القداسة.

ولا يوجد نموذج في الوجود أقوى وأسمى من شخص المسيح نتعلم منه الوداعة والاتضاع حسب وصيته لنا "تعلموا منى فإني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت11: 29). وإن كان هو الوديع والمتواضع القلب فلذلك أيضا هو القدوس والبار ومن يتعلم منه الوداعة يتعلم منه القداسة كذلك.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج - حياة الفرح:

إن الفرح علاج شافٍ لأفكار الدنس. فعندما يفرح الإنسان من قلبه ينساب الفرح كالنور الهادئ في كل كيانه روحًا وجسدًا. ويملؤه وداعة ولطفًا وحبًا وانفتاحًا قلبيًا على كل إنسان حتى الأعداء. ومع الفرح يتبدد الضيق والحزن والكآبة والتذمر واليأس وأمثال هذه تلك التي ينتهز عدو الخير فرصتها ليجلب معها أفكار الدنس والخطية. لذلك نحن نصلى كل يوم في القداس الإلهي "املأ قلوبنا فرحًا ونعيمًا" والفرح الدائم يساعد على اقتنائه ثلاث ركائز هي الاتكال على الله، والتسليم لإرادته، والشكر له في سائر الأحوال. والاتكال على الله لا يكون إلا ثمرة الإيمان به كإله ضابط لكل شيء ومدبر لكل الخليقة. أما التسليم لإرادته فيكون ثمرة الإيمان بمحبته كإله يقصد الخير والصلاح في كل ما يسمح به لنا في حياتنا. أما الشكر فيكون بالقناعة والرضا بالقليل الذي قسمه الله لنا في المال والصحة والعمل والسكن وفى كل شيء. إيمانًا بأن "بركة الرب هي تغنى ولا يزيد معها تعبًا" (أم10: 22) وأن "القليل مع مخافة الرب خير من كنز عظيم مع هَمِّ" (أم15: 16).

وإذا امتلكنا هذه الركائز حصلنا على الفرح الدائم. ومع الفرح حيث ينساب الحب إلى الجميع على السواء، لا مجال لأفكار أو ميول الشر والدنس.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

د - الاقتداء بالفضلاء المعاصرين:

إن التأمل في النماذج الإنسانية الفاضلة التي تعيش بيننا ونحن نعرفها أو يمكننا أن نتعرف عليها وتمر بنفس ظروفنا ولربما بأصعب منها، ولربما أيضا يكونون غير متدينين ومع ذلك يعيشون في منأى عن الشرور ويرفضون الانحراف. نجد سر ذلك فيهم أنهم أناس أصحاب مبادئ. استخدموا عقلهم في التمييز بين الخطأ الذي يضرهم والصحيح الذي ينفعهم. ونظروا إلى السلوكيات المنحرفة على أنها تضر براحتهم النفسية. لأن الانحراف لا يستريح له العقل ولا الضمير ولا المجتمع في عمومه ومن ثم لا تستريح له النفس. ومَنْ فقد راحته النفسية اعتلَّ جسده واعتل عقله أيضا. ومَنْ أصابته هذه فَقَدَ سعادته. وبناء على هذه الاعتبارات يلتزم هذا النوع من الناس بالسلوك السوي البعيد عن الانحراف والخطأ. ومرجع ذلك اقتناع عقلهم بمبادئ لا يحيدون عنها.

إذًا موضوع الاستقامة في السلوك موضوع مبادئ. ومَنْ لا مبدأ له لا كيان له. وإذا كان الذين يهتدون بعقلهم فقط يجدون مبادئ يعتنقونها ويتمسكون بها ويسلكون بمقتضاها وبطبيعة الحال من أجل راحتهم وسعادتهم. فكم بالحري الذين بين أيديهم وصايا الله وأحكامه وتعاليمه، ومواعيده السماوية لمن يحفظها ويعمل بها. وقد أعطاهم روحه ليفهموها وليعضدهم في السلوك بها. ألاَ تكفى كلها لأن تكون مبادئ لديهم للتمسك بها. فلا ينزلقون في السلوكيات المنحرفة فاقدين عقلهم ودينهم في آن واحد؟

لاشك أنه أمرٌ يدعو إلى الألم أن يسمو ويرتقى في سلوكياتهم أصحاب العقل وحده على أصحاب العقل والدين معًا. وقد صدق عليهم قول المسيح "إن أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء النور في جيلهم" (لو16: 8) لذلك فليتعظ أهل الدين والتدين لكي يرتقوا إلى هؤلاء الأفاضل العقلاء وأصحاب المبادئ. خصوصا أن الله قديمًا مدح شعبه عندما أعملوا عقلهم في حفظ وصاياه كما أعلمهم موسى وقال لهم "فقال لى الرب قد سمعت صوت كلام الشعب الذي تكلموا به عنى. وجميع ما تكلموا به مستقيم. من ذا الذي جعل عقلهم هكذا فيهم حتى يتقوني ويحفظوا جميع وصاياي كل الأيام فيكون لهم الخير ولبنيهم إلى الأبد" (تث5: 23-33)

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Saint Mina Cathedral, at the Monastery of St. Mina, Mariout, Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org صورة في موقع الأنبا تكلا: كاتدرائية مار مينا في دير الشهيد مارمينا العجايبي، مريوط، الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

St-Takla.org Image: Saint Mina Cathedral, at the Monastery of St. Mina, Mariout, Alexandria, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org

صورة في موقع الأنبا تكلا: كاتدرائية مار مينا في دير الشهيد مارمينا العجايبي، مريوط، الإسكندرية، مصر - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

هـ - زيارة الأديرة وحياة القداسة:

تذكر سير آبائنا القديسين أن كثيرين منهم تأثروا كثيرًا بزيارة الأديرة ومجالسة الآباء الرهبان قبل انتظامهم في سلك الرهبنة. وكانت تلك الزيارات والجلسات سببًا في تشجيعهم على حياة البتولية. ولا زال هذا التأثير قويًا. والدليل على ذلك ازدهار الرهبنة في النصف الثاني من القرن العشرين نظرًا لتردد الكثيرين على الأديرة.

فالأديرة وبراريها هي مسكن القديسين ولها بركاتها الخاصة غير المنظورة لكل من يقوم بزيارتها بقصد التبرك وطلب الشفاعة أو بقصد الاختلاء الروحي.

كما أنها معقل الحياة المسيحية النقية لأنها النموذج الحقيقي لحياة الكمال المسيحي. لأن الذين ينتظمون فيها ينبني طريقهم على دعوة المسيح لحياة الكمال "إن أردت أن تكون كاملًا اذهب بع كل مالك وتعال اتبعني" (مت19: 21). وهى حياة شركة مملوءة بالحب والخدمة ومزيَّنة بالاتضاع وإنكار الذات وغنية بالصلاة والتسبيح. حياة روحية ملائكية.

والأديرة وبراريها أيضا هي أرض الموت لأن كل من يذهب إليها ينسى العالم بكل ما فيه. حيث لا تبصر عيناه سوى قبة السماء الزرقاء التي تحجب خلفها المساكن العلوية للأرواح الملائكية. ورمال الصحراء التي داستها آلاف من أقدام القديسين ويثوى تحتها رفات كثيرين منهم.

أما البشر الذين يراهم هناك فأناس مجللون بالسواد هم طغمة الرهبان الذين قبلوا على أنفسهم صلاة الموتى لأنهم ماتوا عن العالم. ويأوون إلى مخادع للصلاة هي قلاليهم. ويهرعون إلى مذابح مقدسة لرفع قرابينهم.

أما الطافوس فقد جعلوه لدفن موتاهم بالجسد. وكنائسهم مُجمَّلة بمقصورات القديسين القابعة فيها أجسادهم منذ آلاف السنين.

هذه الصورة الديرية الصحراوية لا تقدم لناظرها سوى صورة الموت والحياة. وهى صورة واحدة بوجه واحد للإنسان الملائكي الذي اضمحلت عنده ميول الجسد وانتعشت في داخله حواس الروح. خمد داخله إنسان العالم واستيقظ إنسان السماء. لذلك كل من يعايش هذه الصورة لابد أن تعكس في داخله تأثيرها الروحاني غير المنظور. وتُحوِّل فكره عن العالم وتُحوِّل أهدافه وأنظاره من المستوى الأفقي في محيط هذا العالم إلى المستوى الرأسي الصاعد نحو السماء.

لذلك كثيرون تغيرت حياتهم من زياراتهم للأديرة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فكثيرون تابوا وكثيرون عرفوا كيف يُصلُّون وكيف يعترفون وكيف يتقدمون للتناول. وكثيرون تصالحوا مع خصومهم وكثيرون أقلعوا عن عادات سيئة خصوصًا من الذين كان ترددهم قليلًا على الكنيسة. أما الذين قصدوها للخلوات الروحية فنموا روحيًا وبعضهم أفادوا الخدمة كثيرًا في العالم وبعضهم آثر حياة الرهبنة.

وكثيرون تكونت صداقات بينهم وبين قديسى الأديرة وصارت زيارتهم للأديرة ومجالستهم لرهبانها الأبرار جزءًا من نظام حياتهم.

والملاحظ أنه بعد خلوة روحية ممتعة في البرية يعود الإنسان إلى العالم وكأنه غريب عنه، زاهد فيه. لا ينبهر بأنواره أو بمباهجه، ولا يحس أنه يسير على أرضه بقدميه بل كأنه يطير عليها. وكم هي سعادة الإنسان عندما يشعر أنه فوق هذا العالم وأنه غير مستعبد لشيء فيه.

هذا عن سكان العالم وتأثير زياراتهم للأديرة على قداستهم وتوبتهم و روحياتهم. أما عن رهبان الأديرة أنفسهم فلا يتصدى منهم لاستقبال الزوار ومخالطتهم واستضافتهم إلا من حباهم الله منهم باستعداد شخصي مسنودين بنعمة الله العاملة فيهم من أجل هذه الخدمة. ولا مجال للعثرة لأي راهب لا يريد أن يخالط أحدًا من سكان العالم خصوصًا أن أغلب الأديرة عزلت قلالي الرهبان بعيدًا عن أماكن استضافة زوار الدير والأماكن التي يتبركون منها. وإذا فُرِض وأن راهبًا كُلِّف بأعمال يضطر فيها للاحتكاك بالمترددين على الدير من قريب أو بعيد فيمكنه أن يطلب من أبونا الربِّيتة أمين الدير أن يعطيه عملًا في مكان آخر. والأعمال والأنشطة الموجودة حاليًا في الأديرة كثيرة ومتنوعة.

وبالإجمال ما أعظم أن يكون الدير منارًا للإيمان النقي والحياة المسيحية الإنجيلية الأصيلة وسببًا لقداسة وطهارة كثيرين.

ولذلك فمن المفيد في حالات الفتور الروحي زيارة الدير لاستمداد حرارة روحية وتعضيدًا من صلوات القديسين وشفاعتهم. ومن جهة أخرى مسكين ذلك الإنسان الذي يقصر زيارته للدير على مجرد الترفيه أو تغيير الجو مُغْفِلًا البركات الروحية التي لهذا المكان المقدس. بل نكبة لذلك الإنسان الذي يذهب إلى هناك ليرتكب خطية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

و - القداسة والتقديس:

تلك كلها وسائل لبلوغ حياة القداسة من أجل التمتع بجمال هذه الحياة في حد ذاتها كمستوى حياة ملائكية لها طعمها الروحاني الذي يتلذذ به من يبلغه بعد جهاد وتعب.

إلا أن هناك فرقًا بين القداسة والتقديس. فمع ما للقداسة من مقام ورفعة وغبطة روحية لكنها كمستوى للطهارة لا تبرر الإنسان وتجعله مقدسًا أمام الله إلا بالختم عليها واعتمادها بختم دم المسيح بعمل روحه القدوس.

فمهما بلغت طهارة إنسان فإن طهارته لا تعصمه من الوقوع في الخطأ. لأنه طالما يحيا الإنسان في الجسد فإنه تحت الآلام كما قال الكتاب عن إيليا النبي إنه "كان تحت الآلام مثلنا" (يع5: 17) أي تحت الضعف البشرى والتعرض للخطأ. وليس إيليا فقط بل جميع الأنبياء. ونحن جميعنا مديونون بخطايانا وليس لنا بر في أنفسنا كما قال المسيح "إن فعلتم كل ما أُمِرْتُم به فقولوا إننا عبيد بطالون" (لو17: 10). كما أن كل مجهود يبذله الإنسان من أجل طهارته فطهارته ثمرة جهدٍ بشرىٍ بذله إنسان مولود بالخطية.

أما طهارة أي إنسان فلا تحسب له برًا إلهيًا إلا في استحقاقات القدوس الحقيقى الرب يسوع المسيح الذي هو بلا عيب. فالمسيح هو برنا وقداستنا، كما هو لنا في كل فضيلة أخرى. إذًا برنا وقداستنا ليست لنا في أنفسنا. وهذه هي بركة الإيمان بالمسيح أنه به تتبرر كل نفس أمام الآب السماوي وبدونه لا يتبرر أحد (غل2: 16).

والتبرير بالمسيح يقوم في شخصه وحده لا غير. ليس فقط من أجل اسمه ومقامه الإلهي ككلمة الله وله سلطان على ذلك. بل لأنه أيضا قام عمليًا بتبرير البشرية كلها بتجسده وتقديم ذاته ذبيحة بر لغفران الخطايا لكل من يؤمن. لذلك فجهادنا من أجل طهارتنا وقداستنا يصير قانونيًا ومقبولا لدى الآب من أجل إيماننا بالمسيح وحده فاديًا ومخلصًا، والاتحاد بذبيحته كتحقيق عملي لإيماننا بفدائه.

وهكذا كل نفس في هذا العالم تجتهد أن تحفظ ذاتها طاهرة، عبثًا تحاول أن تتراءى أمام الله طاهرة بارة ومقدسة بذاتها بعيدًا عن إيمانها بالمسيح القدوس والتناول من ذبيحته.

فكم هي ضرورة مداومة التقرب للأسرار المقدسة نظرًا لحاجة الإنسان المستمرة إلى التقديس. ولذلك بروح النبوة وببصيرة بعيدة المدى للمعدل السريع لنمو الشر وازدياد العثرات بدأ قداسة البابا كيرلس السادس درب القداسات اليومية كل أيام السنة لإدراكه لحاجة الإنسان الملحَّة للتقديس المستمر والمتواصل. فطالما ذبيحة المسيح قائمة على المذبح فوسيلة الخلاص متوفرة والرجاء في التقديس ليس بعيدًا عن أي نفس.

وحيث لا سبيل أمام الإنسان لاطمئنانه على خلاصه وتقديسه وتطهيره سوى ذبيحة المسيح وليس شيء آخر. فلا يأس إطلاقًا أمام النفوس التي تجاهد من أجل طهارتها ما دامت تلجأ إلى ذبيحة المسيح القادر على أن يبرر الفاجر (رو4: 5).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/sanctity-chaste/virtues.html

تقصير الرابط:
tak.la/fn646yj