St-Takla.org  >   books  >   fr-salaib-hakim  >   sanctity-chaste
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب القداسة في المسيحية بين المتبتلين - القمص صليب حكيم

10- الفصل الثاني: الاتجاهات الفكرية الإيجابية للقداسة

محتويات: (إظهار/إخفاء)

أ - تعديل النظرة للجسد
ب - التنبه إلى خطورة خطية الزنا
ج - التنبه لازدياد الشر في العالم
د - شهوة الانطلاق علامة لمعايشتنا حياة القداسة

إن كان الدرب الأول لبلوغ الطهارة والقداسة هو حياة الروح أو صبغ حياتنا بالممارسات الروحية والتشبع بفاعلية وعمق وسائط النعمة. فالطريق الثاني تعديل أفكارنا وتصحيح معارفنا الخاطئة عن أمور الجسد وتنويرنا بالفكر السليم والمعلومة الصحيحة والتي تتفق مع الشريعة الإلهية.

ويقول معلمنا بولس "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو12: 2). لذلك يصبح تجديد الذهن بالمعرفة السليمة أمر ضروري وجوهري لتغيير حياتنا من مستوى الحياة الجسدية وشهواتها إلى مستوى حياة الروح وطهارتها و قداستها ونذكر في هذا السياق:

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أ - تعديل النظرة للجسد:

St-Takla.org Image: His Grace Bishop Tawadros General Bishop of Beheira (later: His Holiness Pope Tawadrous II, #118) anointing a baby girl (Irene Fady Mikhail) with Holy Chrism Oil (Mayroun) after baptism, late 2008 or 2009 - added with permission of the family صورة في موقع الأنبا تكلا: نيافة الحبر الجليل الأنبا تواضروس الأسقف العام بالبحيرة (لاحقًا: قداسة البابا تواضروس الثاني 118) يقوم برشم طفلة مُعمدة بزيت الميرون المقدس (إيريني فادي ميخائيل) في أواخر 2008 أو 2009 - موضوعة بإذن الأسرة

St-Takla.org Image: His Grace Bishop Tawadros General Bishop of Beheira (later: His Holiness Pope Tawadrous II, #118) anointing a baby girl (Irene Fady Mikhail) with Holy Chrism Oil (Mayroun) after baptism, late 2008 or 2009 - added with permission of the family

صورة في موقع الأنبا تكلا: نيافة الحبر الجليل الأنبا تواضروس الأسقف العام بالبحيرة (لاحقًا: قداسة البابا تواضروس الثاني 118) يقوم برشم طفلة مُعمدة بزيت الميرون المقدس (إيريني فادي ميخائيل) في أواخر 2008 أو 2009 - موضوعة بإذن الأسرة

الجسد نعمة وعطية صالحة من الله وله وظيفته في الإنسان للتناسل والتكاثر لتعمير الكون في الحدود المشروعة والتقنين الموضوع للزواج. ولكنه ليس وسيلة للاستغراق في الشهوات الحسية أو للزنى كما يقول معلمنا بولس "الجسد ليس للزنا بل للرب" (1كو6: 13) وواضح من كلام معلمنا بولس أننا لسنا أحرارًا في استخدام أجسادنا حسب شهواتنا لأننا لا نملكها بل هي ملك للرب لأنه هو خالقها (تك2: 7) وهو "رب كل ذي جسد" "وله الأرض وملئها. المسكونة وكل الساكنين فيها" (مز23: 1). بل تزيد ملكية الله لأجسادنا كمؤمنين بالمسيح لأنه بتجسده صار جسدنا جزءًا من جسده. وباتحاده بجسدنا صار هو الرأس ونحن أعضاء جسده "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح" (1كو6: 15) وصرنا من لحمه ومن عظامه "لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" (أف5: 30) وبذلك صرنا ملكية خاصة للمسيح. والمسيح لم يمتلكنا مجانًا بل سبق ودفع ثمن شرائنا روحًا وجسدًا "لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن" (1كو7: 23) وقد تم دفع الثمن بسفك دمه على الصليب لخلاصنا "الكنيسة التي اقتناها الله بدمه" (أع20: 28) وبشراء المسيح لنا أعطانا إنسانًا جديدًا حيث أمات جسد الخطية فينا بموته وأقامنا لحياة جديدة بقيامته وصارت لنا هذه بالميلاد الثاني من فوق بواسطة الماء والروح من جرن المعمودية فصرنا أولاد الله وصارت ملكية الله لنا ملكية أب لأبنائه أي ليست ملكية سيادة لعبودية بل ملكية أبوة لبنوة. ثم رَفَعَ قدر ملكيته لنا بحلوله فينا بروحه القدوس فصرنا مسكنًا له "ألستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله" (1كو6: 19). وصارت لنا هذه النعمة على يد الكنيسة بدهن جسدنا كله بزيت الميرون المقدس فصار جسدنا بكل أعضائه مقدسًا. وبذلك صرنا قدسًا للرب أي مِلكًا مقدسًا خاصًا له. لذلك عندما يحذرنا معلمنا بولس من الزنى يقول "ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء المسيح أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية. حاشا" (1كو6: 15). وإذ جعلنا الله أبناءه ومسكنا لروحه وقُدسًا له فيكون بذلك قد هيأنا لنكون واحدًا معه وقد رَتب لنا سر التناول لاتحادنا به بجسده الإلهي فصارت أجسادنا وأرواحنا حاملة لله وواحدة معه "من يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت في وأنا فيه" (يو6: 56). وبذلك تكمل وحدتنا معه. "كما أنك أنت أيها الآب حيَّ وأنا فيك ليكونوا هم واحدًا فينا" (يو17: 21).

فأي مجد وكرامة وقدسية لأجسادنا في إيماننا بالمسيح. بل كم هو مقدار حق الله في ملكيته لأجسادنا!

هذا الفهم الواعي المستنير لقدسية أجسادنا وكرامتها الروحية ووضعها القانوني عندما يستوعبه العقل في كليته كفيل بأن يضع حاجزًا عظيما بيننا وبين أي سلوك خاطئ نحوها لا في أجسادنا في ذواتنا ولا مع أجساد الآخرين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ب - التنبه إلى خطورة خطية الزنا:

إن تسليم أجسادنا لخطية الزنى يحمل خطورات كبيرة. والخطورة الأولى أن الزنى تعدٍ على ملكية الله لأنه ليس لنا ملكية في أي جسد. ولا في أجسادنا أيضا لأنها كلها ملك لله لذلك ليس لنا سلطان عليها جميعا. والجسد الوحيد الذي يمتلكه الإنسان وله الحق فيه هو جسد من ارتبط به بالزواج فقط. كما يقول معلمنا بولس "ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل وكذلك الرجل أيضا ليس له تسلط على جسده بل للمرأة" (1كو7: 4) وما هو الزنى إلا التعدي على جسدٍ خلاف جسد الزوجة أو خلاف جسد الزوج. ومعلوم أن الذي يقوم بعقد الملكية للزوجين هو الكنيسة في صلاة عقد الإملاك التي نصليها قبل صلاة الإكليل مباشرة على مسمع من الحاضرين شهود العقد تأكيدًا للتخصيص والملكية للزوجين كل منهما للآخر. فلا ملكية لجسد خارج سر الزيجة.

والخطورة الثانية شدة عقاب الله لخطية الزنا فقد فرَّق الكتاب بين خطية الزنا وجميع الخطايا الأخرى بقوله "كل خطية يفعلها الإنسان هي خارجة عن الجسد لكن الذي يزنى يخطئ إلى جسده" (1كو6: 18). لأنه بالزنى يُدَنَّس الجسد. وإذا كانت النار الأبدية هي لقصاص الروح والجسد معًا فلاشك أن خطية الزنى لها عقابها الخاص بالنسبة للجسد.

والذي يوضح أن الزنى من الخطايا التي تجلب غضب الله بشدة. إغراق العالم بالطوفان أيام نوح لأن "أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا" (تك6: 2) وإمطاره كبريتا ونارًا على سدوم وعمورة (تك19: 25) لأن صراخهم كثر وخطيتهم قد عظمت جدًا (تك18: 20). وعندما "ابتدأ الشعب يزنون مع بنات موآب حمى غضب الرب على إسرائيل. وكان الذين ماتوا بالوبأ أربعة وعشرين ألفًا" (عد25: 1-9).

ولاشك أن بيان حجم غضب الله وعقابه لخطية الزنى كفيل بأن يكون رادعا قويًا عن التفكير فيها، وسببا لمخافة الله والهروب منها.

والخطورة الثالثة أن خطية الزنى تدمر صاحبها فهي تهدم صحته "ابعد طريقك عنها لا تقرب إلى باب بيتها. لئلا تعطى زهرك لآخرين وسنينك للقاسي. لئلا تشبع الأجانب من قوتك وتكون أتعابك في بيت غريب. فتنوح في أواخرك عند فناء لحمك وجسمك" (أم5: 8-11) وتبدد ماله "رفيق الزواني يبدد مالًا" (أم29: 3) كما ذكر المسيح في مثل الابن الضال قول أخيه الأكبر لأبيه "لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني" (لو15: 30). وتفقره "لأنه بسبب امرأة زانية يفتقر المرء إلى رغيف خبز" (أم6: 26) كما حدث مع الابن الضال أيضًا فقال "كم من أجير لأبى يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعًا" (لو15: 17).

وتجلب عليه العار والخزي "أما الزاني بامرأة فضربًا وخزيًا يجد وعاره لا يُمحى" (أم6: 32) وتنزله إلى مرتبة الحيوانات والغباوة "رأيت غلامًا عديم الفهم وإذا امرأة استقبلته في زى زانية. ذهب وراءها لوقته كثور يذهب إلى الذبح أو كالغبي إلى قيد القصاص" (أم7: 7، 10) وتصيبه بالجروح وتقتله "لا يمل قلبك إلى طرقها لأنها طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء" (أم7: 26) وأخيرًا تذهب به إلى الهاوية والهلاك "طرق الهاوية بيتها. هابطة إلى خدور الموت" (أم7: 27). "الأخيلة هناك وفى أعماق الهاوية ضيوفها" (أم9: 18)

والكتاب يصف الزاني والزانية بالجهل وانعدام العقل "أما الزاني بامرأة فعديم العقل" (أم7: 22) و "المرأة الجاهلة تقعد عند باب بيتها لتنادى عابري السبيل من هو جاهل فليمل إلى هنا. والناقص الفهم تقول له.." (أم9: 13-16)

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج - التنبه لازدياد الشر في العالم:

ليأخذ الإنسان الحيطة لنفسه من الانسياق في تيار الخطية في غفلة من حقيقة واقع الزمن الذي نعيشه اليوم. فإبليس كما اشتد ساعده وقوى نفوذه على الإنسان قبيل مجيء المسيح الأول للخلاص هكذا أيضا ستنشط حركته في الأيام الأخيرة قبل مجيء المسيح للدينونة. وها نحن نرى عبادة الأوثان تنتشر في العالم. متمثلة في الطمع الذي هو عبادة المال (مت6: 24) والزنى الذي هو عبادة الجسد (1كو10: 7) والاعتداد بالذات وحب السيطرة وهما عبادة الذات (أع12: 23،22)

ولربما عبادة المال وعبادة الذات يتمركزان في قلة نسبية لأنهما يخضعان لإمكانيات شخصية. أما عبادة الجسد فهي أكثر تفشيًّا وشيوعًا بين الغالبية وذلك بسبب غياب عوامل الضبط الاجتماعي والأُسَرِى، وسطحية وجفاف تعاليم الدين الخالية من العمق ومن الروحانية، وخفوت صوت الضمير الخلقي. وبسبب الحرية الشخصية التي يزداد تسربها إلى الشباب من الجنسين يومًا بعد آخر. وخصوصًا حرية نوع من الفتيات انتزعن من أنفسهن روح الطهارة وصيانة النفس ورفعن عنهن برقع الحياء والخجل وانتهجن الإباحية مسلكًا لهن، وأصبحت المبادرة من جانبهن لاصطياد الشباب للسلوك الجنسي، الأمر الذي لم يكن موجودًا بهذه الكثرة في الأجيال السالفة مما يتسبب أكثر في نشر الفساد. هذا النوع أظهر خطورته سليمان الحكيم عندما قال "وجدتُ أَمَرَّ من الموت المرأة التي هي شِباكٌ وقلبها أشراك ويداها قيود. الصالح قدام الله ينجو منها. أما الخاطئ فيؤخذ بها" (جا7: 26).

لذلك نرى مظاهر الشر زادت في البيوت وفى الشوارع وفى وسائل المواصلات وأحيانا في أماكن العمل وفى الأماكن التي تخصص للشر.

ومما يزيد نار الشهوات اشتعالًا ما تعرضه وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة من أمور الجنس المثيرة، لكي تتتلمذ عليه الأجيال المعاصرة والقادمة.

كل هذا يحتاج من الإنسان أن يتحصن روحيًا ضد تيارات الشر هذه، وذلك بالامتلاء الداخلى بنعمة الروح القدس بعمل الصلاة الحارة، وبسلاح كلمة الله بتلاوتها واسترجاعها باستمرار في الذاكرة. وهذان عاملان قويان لحفظ الإنسان من السقوط وصيانة طهارته.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

د - شهوة الانطلاق علامة لمعايشتنا حياة القداسة:

إن شهوتنا للانطلاق المصحوبة بالترحيب به والاستعداد له هي من المؤشرات القوية على سيرنا في حياة القداسة. لأن شهوة الانطلاق تعنى اشتهاءنا التحرر الكامل من ارتباطنا بالعالم والجسد. لأن هذا هو معنى الانطلاق في طبيعته أنه خروج من الجسد وانقطاع الصلة بالعالم الأرضي.

ولكن إن كنا نعيش في شبع الجسد ونستمتع بخيرات العالم فمن الصعب أن تأتى لنا شهوة الانطلاق أو أن نتمنى ترك هذا العالم أو أن تنبع في داخلنا محبة السماء وتفضيلها على العالم الأرضي إن لم نكن قد تذوقنا حلاوة الحياة بالروح واستطبنا جمال عِشرة السمائيين، ففضلناها كثيرًا على حياة الجسد وعِشرة العالم، وأصبحت وسائط النعمة من صوم وصلاة وسجود وتأمل ولهج بكلمة الله، وهى نفسها حياة الروح، سبب فرح لنا ونتلذذ بممارستها، وأضحت هي غذاءنا وشبعنا وتعزيتنا. حينئذ تكمل سعادتنا بها بخلع جسدنا وانطلاقنا للسماء مسكن الأرواح القدسية.

ثم إن كان انطلاقنا هو انقطاع صلتنا بهذا العالم ورحيلنا إلى عالم آخر، فكيف نتقبل بسهولة غيابنا عن هذا العالم الذي عرفنا كيف نتعايش معه سنوات طويلة، ثم نخرج منه لمواجهة عالم آخر نحن في ظلام كامل عن معرفته ومجهولٍ لنا بالكلية! إنه بهذا يصبح عالما مخيفًا لنا ومن الصعوبة بكثير أن نشتهى ذهابنا إليه.

ولكن شكرًا لله الآب أن السماء ليست مجهولة لدينا نحن المؤمنين، بل هي حقيقة مؤكدة لنا لأن مَلِكَها وجنوده و قديسيه وعلى رأسهم سيدة السمائيين يظهرون لنا ويعيشون بيننا. فنحن لا نعيش في تصورات أو تخيلات أو أفكار غيبية من جهة السماء مثل بقية الأمم. كما أننا لا نعيش حتى على رجاء، لأننا كيف نرجو ما ننظره! فإذا كانت السماء وسكانها منظورة لنا فنحن ننتظرها فقط. أما ما نرجوه حقًا فهو أن نذهب إليها ونسعى جاهدين لننال نصيبنا فيها.

إذًا ليس بغريب أن تأتى شهوة خلع الجسد لمن تلذذ أكثر بحلاوة حياة الروح وتأتى شهوة الانطلاق من العالم لمن أصبحت السماء مكشوفة له. ولسان حاله يردد مع داود النبي "ويل لي فإن غربتي قد طالت علىَّ وسكنت في مساكن قيدار (التي كانت مشهورة بمجدها قديمًا) (إش21: 16). طويلًا سكنت نفسي في الغربة" (مز119: 5).

ولكننا نعود فنقول إن تلذذنا بحياة الروح ومعرفتنا بالسماء لا يكفينا لدفعنا لاشتهاء خلع أجسادنا وانطلاقنا إلى السماء إلا إذا كان هناك من نحبه أو من ننجذب إليه هناك، حتى نشتهيهما. ومَن هو يا تُرى موضوع محبتنا هناك سوى شخص المسيح!

لأن حياتنا هنا بالروح بما تتقوَّم به من وسائط النعمة تتمركز كلها حول أعمال محبة المسيح التي أظهرها لنا في تجسده حتى أننا نتممها جميعها باسمه وفى شخصه.

كذلك شهوة انطلاقنا مرتبطة بشخصه أيضا لأنه هو حياتنا هنا على الأرض ونحمل سماته في أجسادنا ونعتبر الموت ربحًا لنا لأنه استقرار نهائي لحياتنا معه.

ونحن نحس بمحبته التي تحصرنا ليس من أجل عطايا تجسده لأنه أعطاها لنا مرة، بل لأنها متجددة لنا كل صباح وتغرس فينا أشواق الانطلاق يومًا بعد آخر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. حتى تجعلنا نردد قول معلمنا بولس "لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جدًا" (فى1: 23) ننطلق لنقيم معه في سمائه حيث سنراه وجهًا لوجه ونكون معه كل حين. وهذا أفضل جدًا لنا من تغربنا عنه بالجسد.

هذه المحبة عينها التي تعمل في قلوبنا هي التي دفعت عشرات الألوف من جدودنا الشهداء أن يتقدموا للموت بهدوء وسلام عجيبين، بل أحيانا بفرح وترنيم وأحيانا كان المسيح يدعوهم للاستشهاد. كذلك هي المحبة التي دفعت ولازالت تدفع كثيرين للموت عن العالم وعن الجسد بإرادتهم وهم لازالوا أحياء بالجسد وذلك بقطعهم عهد البتولية مع أنفسهم وهروبهم إلى البرية.

لذلك صارت شهوة الانطلاق أو قبول الدعوة للاستشهاد أو قطع عهد البتولية، هي ثمرة للرغبة في التحرر الكامل من الارتباط بالعالم والجسد أي الطهارة، وثمرة ليقين حياة السماء، وصداقة السمائيين، و لمحبة المسيح القوية بل هي من العلامات القوية لمعايشة القداسة المفعمة بالحب الكامل للمسيح.

سعيد ذلك الإنسان الذي تطغى عليه حياة الروح أكثر من حياة الجسد ويجاهد لحفظ طهارته واقتناء حياة القداسة لكي يشتهى الموت من أجل الحياة (متى16: 26،25).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/sanctity-chaste/directions.html

تقصير الرابط:
tak.la/rvff778