6
معنى: اشتريتم بثمن
واضح أن السيد المسيح قد اشترانا بدمه، كما ورد في الآيات الآتية:
"لأنكم قد اشتريتم بثمن، فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله". أي أنكم لم تعودوا ملكًا لأنفسكم بل للذي اشتراكم (1 كو 6: 20).
"قد اشتريتم بثمن، فلا تصيروا عبيدًا للناس". (1 كو 7: 23).
"مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه، لأنك ذُبِحَت واشتريتنا لله بدمك، من كل قبيلة ولسان وشعب". (رؤ 5: 9).
"ولم يستطع أحد أن يتعلم الترنيمة إلا 144 ألفًا الذين اُشتُرُوا من الأرض... هؤلاء اشتروا من بين الناس". (رؤ 14: 3، 4).
"وهم ينكرون الرب الذي اشتراهم (عن المرتدين) (2 بط 2: 1).
القديس بطرس الرسول - في موضع آخر - يستخدم كلمة "افتديتم" بدلًا من كلمة (اشتريتم).
فيقول -والمعنى واحد- "افتديتُم لا بأشياء تفنى، بفضة أو ذهب... بل بدم كريم، كما من حمل بلا عيب ولا دنس، دم المسيح" (1 بط 1: 19).
ولكن المعارض يحاول أن يدخل في تفاصيل لتعقيد الموضوع فيسأل:
وطبيعي أن المشتري هو ربنا يسوع المسيح الذي اشترانا بدمه.
وهذا واضح من عبارة "لأنك ذُبِحت واشتريتنا لله بدمك" (رؤ 5: 9) وعن هذا يقول القديس بطرس الرسول "افتديتم، لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب... بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس، دم المسيح" (1 بط 1: 18، 19).
وممن اشترانا المسيح؟ اشترانا من الموت، أو من حكم الموت.
وهذا نفس ما نقوله في القداس الباسيلي "وسّلم ذاته فداء عنا، إلى الموت الذي تملك علينا، هذا الذي كنا ممسكين به، مَبيعين من قِبل خطايانا".
وفي هذا يقول القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية ".. كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت. وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس" ويضيف "ولكن قد ملك الموت من آدم.." (رو 5: 12، 14).
هذا الموت الذي ملك علينا بسبب خطايانا، اشترانا الرب منه.
ويذكر (القارئ) نقلا عن أحد مراجعه "إن كان الله باعهم، فلم يبعهم بثمن. وإن كان قد استردهم، فلم يستردهم أو يفكهم أيضًا بثمن". ونحن لا نقول إن الله باعنا، كما فعل ببني إسرائيل حين أسلمهم إلى أيدي أعدائهم بسبب خطاياهم. وإنما نقول:
إن الإنسان هو الذي باع نفسه للموت، بسبب خطاياه.
لأن "أجرة الخطية هي موت" (رو 6: 23). حسب قول الكتاب. وكما قال الرب "النفس التي تخطئ، هي تموت" (حز 18: 4، 20). وهكذا "كنا أمواتًا بالخطايا" (أف 2: 1، 5).
والسيد المسيح بدمه اشترانا من حكم الموت، ومنحنا الحياة.
* ولكن هذا المعارض يسخر من هذا الشراء، وكأنه يسخر من آيات الكتاب الدالة على شرائنا بالدم. فيقول إن عبارات الشراء "لا تنسجم مع كلمات التسبحة: جعلتنا لإلهنا ملوكًا وكهنة، وسنملك على الأرض. لأن الإنسان يستطيع أن يشترى العبيد والمواشي... إلخ. لكنه لا يستطيع أن يشترى ملكًا وكاهنًا!! هنا يجب أن نفهم أن الشراء هنا هو اقتناء".
وكنا نود أن هذا القارئ يرتفع في البحث اللاهوتي عن المقارنة مع شراء العبيد . والمواشيولكننا نقول في الرد الموضوعي:
عندما اشترانا الرب، لم نكن ملوكًا وكهنة، بل كنا "أمواتًا بالذنوب والخطايا". إنما صرنا ملوكًا وكهنة (روحيًّا) بعد أن اشترانا بدمه، وبهذا الدم طهرنا من كل خطية" (1 يو 1: 7). وبررنا ومجدنا (رو 8: 3) ثم دعانا لنكون ملوكًا وكهنة...
إذن الملك والكهنوت الروحي، كانا بعد شرائه لنا بدمه، وليس قبل ذلك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. بل كانا نتيجة لهذا الشراء. وهذا هو الذي ورد عنه في سفر الرؤيا: "الذي أحبنا، وقد غسلنا من خطايانا بدمه، وجعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه.." (رؤ 1: 5).
* وبنفس المنطق المعكوس الذي يستخدم فيه (ما بعد) وكأنه (ما قبل)، يقول "والإنسان لا يشترى هيكلًا للروح القدس".
والواقع إن الرب حينما اشترانا، لم نكن هياكل للروح القدس. بل صرنا كذلك بعد أن اشترانا، وطهرنا بدمه من كل خطية.
أما عن عبارة "اقتناء" بدلًا من الشراء. فما أسهل في استخدام هذه العبارة أن نقول إن هذا الإقتناء تم نتيجة الشراء.
فالذي يشترى شيئًا، إنما يقتنيه بشرائه له. وعبارة الرسول "كنيسة الله التي اقتناها بدمه" (أع 20: 28). لا تختلف إطلاقًا عن عبارة "اشتراها بدمه". وتندمج معها عبارة "قد أشتريتم بثمن" (1 كو 7: 23). ومعها عبارة "لا بفضة ولا ذهب، بل بدم كريم بلا عيب ولا دنس، دم المسيح" (1 بط 1: 18، 19).
لماذا تجاهل الآيات الصريحة الخاصة بشرائنا بدم المسيح، ومحاولة استبدالها بعبارة أخرى، تدل على نفس المعنى، إن كان الغرض سليمًا؟!
إن كان الله قد اشترانا بدمه، فلمن قد دفع الثمن؟
ويجيب - نقلا عن أحد مراجعه: إن الثمن قد دفع لنا!!
"الدم الذي قدمه المسيح ثمنًا وفدية، لم يدفعه لأحد غيرنا"!! ويقول نفس مرجعه " الوضع الصحيح للفدية: الثمن مدفوع لنا" ويبرر قوله بأن الثمن الذي اشترانا به الرب (أي دمه) "نحن نشربه، ولكن بلا ثمن"!!
طبعًا هناك فرق كبير بين "دفع لنا" و"دفع لأجلنا"!!
وفي الأمور اللاهوتية، تلزم الدقة في التعبير...
لقد دفع المسيح دمه لأجلنا، لأجل خلاصنا وفدائنا، لأجل تبريرنا وتقديسنا، لأجل وفاء الدين الذي علينا.
ومن غير المنطقي أن يدفع الثمن لنا، ونحن مديونون!!
قد عبر الرب عن ديوننا، في قصة المرأة التي بللت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها. فقال للفريسى الذي أدانه في فكره "إنسان كان له مدينان: على الواحد خمسمائة دينار، وعلى الآخر خمسون. وإذ لم يكن لهما ما يوفيان، سامحهما جميعًا" (لو 7: 41، 42). وعبارة "سامحهما جميعًا" هنا، معناها أنه حّول ديونهما إلى حساب الفادي المصلوب ليوفى عنهما...
فكيف يقال أن الثمن قد دفع إلى المديون العاجز عن الوفاء بدينه؟! بل نقول إن الثمن قد دفع لأجله لتخليصه من دينه...
أما عن كوننا نشرب دم المسيح في سر التناول المقدس، فليس معنى هذا أننا نأخذ حقًا من حقوقنا، أو أن التناول هو من استحقاقنا بحكم الفداء. إنما التناول هو مجرد نعمة تمنح لنا. هو منحة وليس حقًا... وأعود مرة أخرى فأقول إن التدقيق في استخدام الألفاظ، هو لازم جدًا في التعبيرات اللاهوتية.
وكون هذا الدم قد أعطى لنا بلا ثمن (من جهتنا) فهذا لا يعنى أنه قد منح لنا بغير شروط!! وشرط الاستحقاق لازم كما شرحه القديس بولس الرسول في (1 كو 11). وقال إن من يتناول بغير استحقاق، "يكون مجرمًا في جسد الرب ودمه" ويتناول "دينونة لنفسه" (1 كو 11: 27، 29).
إننا باستمرار نتناول من الدم الكريم، عن احتياج، وعن علاج، وليس لكوننا أصحاب حق، دُفع إلينا الثمن... لنشربه بلا ثمن!!
إن التناول يحتاج بأقصى حد إلى تواضع قلب، فيه يقول الأب الكاهن خادم السر (في صلاة الاستعداد) "أنت يا رب تعلم أنني غير مستحق، ولا مستعد ولا مستوجب لهذه الخدمة المقدسة التي لك. وليس وجه أن أقترب وأفتح فاى أمام مجدك المقدس. بل ككثرة رأفاتك اغفر لي أنا الخاطئ، وامنحني أن أجد نعمة ورحمة في هذه الساعة". ويقول "أعط يا رب أن تكون مقبولة أمامك ذبيحتنا، عن خطاياي وجهالات شعبك".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/new-heresies/bought-at-a-price.html
تقصير الرابط:
tak.la/gv2958b