32- الفصل الرابع: الخطوبة وإجراءاتها

لا يصح الاختلاف بين الخطيبين وعائلتيهما على المكان أو الزمان الذي تجري فيه الخطوبة بل يجب الاتفاق عليهما بروح المحبة والتعقل بما فيه راحة الكل. ولا يصح أن يعند طرف مع الآخر بهذا الخصوص. وإذا وجد خلاف حوله فرأي الأغلبية هو الذي يسري. وذلك مع مراعاة:

1 - عدم عمل الخطوبات في الصالات العامة أو المسارح أو الكازينوهات.

2 - الكنيسة أفضل من البيت كمكان لعمل الخطوبة إلا إذا كانت هناك ظروف تستدعي عملها في البيت.

3 - حالات الحزن والمرض إن كان يجب مراعاتها إلا أنها يجب أن لا تعطل الخطوبات والأكاليل في الحالات التي لا تحتمل التأجيل. مثل حالات المهاجرين أو المرتبطين بعمل في الخارج أو بعثات دراسية، أو بسبب ضغوط العام الدراسي أو أيام الامتحانات أو الارتباط بإجازة محددة من العمل أو أي ظروف أخرى مماثلة.

4 - من جهة حفل العشاء الذي يعقب الخطوبة يراعي أن يكون إما في بيت الخطيبة أو بيت أحد أقاربها أو في قاعة الكنيسة المعدَّة لذلك. أو في مكان هادئ بعيدًا عن الصخب ووسائل الطرب الغير مناسبة.

لا يصح طبع دعاوي الخطوبة إلا بعد:

1 - الاتفاق بين الخطيبين على نوع الكارت وصيغته، والآيات التي ستكتب فيه واسميْ وليّ الأمر اللذيْن توجه الدعوة باسميهما.

2 - الاتفاق على أسماء المدعوين وإعداد قائمة بهم لطبع العدد المطلوب من الدعاوي.

3 - الاتفاق مع الأب الكاهن الذي سيُكلّف بالخطوبة على المكان الذي ستجري فيه الخطوبة واليوم والساعة.

4 - الاتفاق مع المرتل أو الشمامسة الذين سيخدمون مع الكاهن.

لكي يحرر الكاهن محضر الخطوبة لابد من وجود المستندات الآتية:

St-Takla.org Image: Father Basilious Soubhy, pastor of St. Mary Church, Zaitoun, Cairo, Egypt - with two newly engaged couple during the engagement prayers صورة في موقع الأنبا تكلا: قدس أبونا القس باسيليوس صبحي رزق، كاهن كنيسة السيدة العذراء بالزيتون، القاهرة، مصر - مع خطيبان جدد في صلاة الخطبة

1 - تصريح من البطريركية أو المطرانية بعمل الخطوبة ويستخرج بناء على إفادة من الكاهن الذي سيؤدي الخدمة مبينًا فيها اليوم والتاريخ والساعة والمكان الذي ستؤدى فيه الخدمة.

2 - البطاقة الشخصية أو شهادة الميلاد.

3 - شهادة خلو موانع من الزواج معتمدة من البطريركية أو المطرانية. وتستخرج الشهادة بسحب استمارتين من مكتب الخدمات الدينية بالبطريركية أو المطرانية وبعد ملء بياناتهما وتوقيع الشهود تعتمدان من كاهن الكنيسة وتختمان بخاتم الكنيسة مع ختم صورتين شخصيتين لصاحب الشهادة. وإذا كان أحد الخطيبين قد أقام في الخارج فيلزم له إحضار شهادة خلو موانع من الزواج (مطلق حال) من الكنيسة القبطية في الدولة التي أقام فيها.

4 - محضر العدول عن خطوبة إذا كانت هناك خطوبة سبق فكها لأي من الخطيبين.

5 - شهادة انضمام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية إذا كان أحد الخطيبين من مذهب مسيحي آخر أو ملة أخرى. وإذا كان من دين آخر يقدم شهادة عماد. وتستخرج شهادة الانضمام من ديوان البطريركية أو المطرانية وذلك بناء على تقرير من كاهن الكنيسة يثبت فيه معمودية طالب الانضمام أو مسحه بالميرون حسب ظروفه العقيدية السابقة، ويفيد بمواظبته على حضور العبادة بانتظام في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وممارسته لسريْ الاعتراف والتناول.

6 - شهادة وفاة الزوج السابق أو الزوجة السابقة في حالة الترمل. أو تصريح الزواج من المجلس الاكليريكي إذا كان قد تم انفصال من زواج سابق بحكم قضائي.

7 - إقرار من كلا الخطيبين بمعرفة كل منهما بعمر الآخر وقبولهما به إذا كان فارق السن بينهما يزيد عن عشر سنوات.

8 - شهادة بحضور الدراسات الخاصة بالإعداد للزواج ويحصل عليها الدارس من المركز المقامة فيه هذه الدراسات.

9 - شهادة طبية بالخلو من الأمراض التي تعطل صلاحية الزواج، وتستخرج من الجهة الطبية المعتمدة من البطريركية أو المطرانية.

إن كانت هذه المستندات جميعها لها أهميتها في قانونية الزواج من الناحية المدنية والشرعية إلا أن أخطرها جميعًا هو تقرير أب الاعتراف الذي يؤكد وجود الأساس الروحي الذي ينبني عليه استقرار الأسرة. ومفروض أن هذا التقرير لا يعطيه أب الاعتراف إلا لمن يعرف أحواله الروحية معرفة جيدة. وحيث أنه لا معرفة من قِبَل الكاهن بشخص بعيد عن الكنيسة لا يعترف ولا يتناول فكيف يتصرف الكاهن مع مثل هذا الشخص عندما يتقدم لعمل خطوبة التي هي مدخل سر
الزيجة؟

إن أبناءنا وبناتنا لابد أن يعوا جيدًا:

أولًا: أن باب الدخول إلى الإيمان المسيحي ونوال الأسرار المقدسة هو سر المعمودية. وممارسة الإنسان لسريْ الاعتراف والتناول بالكنيسة هو تجديد مستمر للمعمودية التي نالها منذ طفولته. فمن تركهما وأهملهما فقد فاعليتهما وثمرهما ويكون قد عطل عمل المعمودية ومن ثم يكون قد عطل علة صفته المسيحية فكيف ينال سر الزيجة؟

ثانيًا: إن الكاهن هو الذي يؤدي سر الزيجة. والزيجة تتوقف على شروط ذات مسئولية مدنية وكنسية معًا. فالشخص البعيد عن الأبوة الروحية من الصعب أن يطمئن الكاهن لأداء سر الزيجة له. لأنه لا يعرف شيئًا عنه ولا عن مسيرة حياته أو عن ارتباط سابق له من عدمه. لذلك يخاف الكاهن عادة من تزويج هذا الشخص شابًا كان أو فتاة وذلك تحاشيًا للمسئولية الجنائية. لأنه لو زوجه وهو متزوج بأخرى يكون قد جمع بين زوجتين وهذا ضد الشريعة وضد قانون الأحوال الشخصية. أو قد يكون خاطبًا لأخرى في بلد آخر ولم يفك خطوبته بعد، ويمكن أن يكون مرفوعًا عليه قضية أو محكومًا عليه بالسجن فيتزوج اليوم وغدًا يقبض عليه لكي يودع في السجن. هذه أمثلة من المشاكل وغيرها. هذا من الجهة المدنية.

أما من الجهة الروحية فنؤكد ثانية كيف يقيم هذا الصنف زواجًا مسيحيًا وهو بعيد عن تعاليم المسيح وعن ممارساته الإيمانية التي من الصعب عليه أن يعايشها بعيدًا عن صلته بالكنيسة.

إن هذا الشخص لا يصح أن ينفعل عندما يواجهه الكاهن بقوله "أنا لا أعرفك" فهى حقيقة. وهى تجنيب للكاهن من الوقوع في خطأ جنائي. إذًا من صالح المسيحي أن تكون صلته دائمة بالكنيسة وبأبوته الروحية لأنه لا يحتاج لهما في حياته الروحية فقط بل وفي أحواله الزمنية أيضًا من زواج ومن إقرارات ببيانات من أجل استخراج شهادات تخص أحواله الشخصية، وذلك لأن الجهات الرسمية تعتمد على بيانات الكنيسة كمصدر ثقة لصحة هذه البيانات من حيث اسم الشخص وانتماءاته الأسرية من منطلق مسئوليتها عن عقيدته الدينية ومذهبه وتأدية مراسم زواجه أيضًا.

هناك بيانات مطلوب إثباتها في محضر الخطوبة، يوقع عليها الخطيبان والوكلاء والشهود، وتُعتبر بمثابة عقد اتفاق بين الطرفين. لذلك يجب أن يكون هناك اتفاق عليها بينهما قبل تحرير المحضر، وأهمها:

1 - تحديد موعد عقد الإكليل بعد الاتفاق على المدة الكافية لكل من الخطيبين لتجهيز ما يلزم لبيت الزوجية وذلك حسب الإمكانيات المادية المتاحة لكل منهما أو لاستكمال الارتياح النفسي للارتباط الزيجي.

2 - تحديد قيمة الشبكة التي ستثبت في المحضر إن كانت قيمة رمزية باعتبار الشبكة هدية للعروس أو بقيمتها الأصلية باعتبارها مهرًا لها.

3 - تحديد نوع القرابة بين الخطيبين إذا كانت موجودة.

4 - تحديد الأشخاص الذين سيوقعون على المحضر سواء الوكلاء أو الشهود منعًا من حدوث إحراج من الأقارب أو الأصدقاء وقت التوقيع على المحضر، والتنبيه عليهم بإحضار بطاقاتهم الشخصية أو العائلية معهم.

يلاحظ أن الكاهن بعد إعلان الخطوبة باسم الثالوث الأقدس يرشم الدبلتين الذهبيتين بعلامة الصليب ليجعلهما الله خاتميْ بركة للخطيبين ويثبّت علاقتهما بالمحبة والإخلاص والوفاء.

وهذا الخاتم هو العلامة الظاهرة التي تُميز الخطيبين أمام نفسيهما وأمام الناس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد تعارف عليه الناس باسم (الدبلة). ويكون في الإصبع البنصر لليد اليمنى في الخطوبة ثم ينقل لبنصر اليسرى في الإكليل علامة اقترابهما القلبي من بعضهما البعض بالزواج.

ويقدم الخاطب لخطيبته خاتم الذهب هذا إشارة إلى رغبته في الارتباط بها ومحبته لها وتكريمًا لها، ولتتزين به كعروس له، وعربونًا لزواجه العتيد بها وعلامة عهد بينهما يلتزم به الطرفان بالأمانة والإخلاص ونقاوة الانعطاف القلبي نحو بعضهما البعض. والمخطوبة تقبل هذا الخاتم علامة على ختمها لكل ما يتضمنه هذا الخاتم من معانٍ ولكي تختم أيضًا على عهدها بالأمانة لخطيبها على نفسه وعلى بيته وعلى أبنائه في حياتهما الزيجية، ودليلًا على طاعتها له وأنها تخصه هو، وليس لأحد آخر سلطان على جسدها. وكون الخاتم من ذهب فلكي تليق قيمته بكرامة عهد الزيجة المقدس وعلامة أيضًا على سمو التقدير وخلوص المحبة للعروس.

وهذا التقليد إنما يستند إلى شواهد كتابية مثل قول الرب عن زربابل "وأجعلُك كخاتم، لأني قد اخترتُك، يقول رب الجنود" (حج2: 23). وقول عروس النشيد "اجعلني كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدك. لأن المحبة قويةٌ كالموت" (نش8: 6).

وإذ اتضحت قيمة خاتم الخطوبة ومدلولاته الروحية والنفسية فهذا فيه تنبيه للذين يستهينون به فيطرحونه أو يلقون به على الأرض ساعة غضبهم أو انفعالهم. وحيث أن خاتم الخطوبة وهو نفسه خاتم الإكليل تم لبسه أمام الكنيسة وأمام شهود فلا يصح خلعه إلا أمام الكنيسة وأمام شهود وذلك في حالة الرغبة في فك الخطوبة.