St-Takla.org  >   books  >   fr-salaib-hakim  >   church-heaven
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة طريقي إلى السماء - القمص صليب حكيم

9- الفصل الأول: الكنيسة صورة للسماء وطريقنا إليها

محتويات: (إظهار/إخفاء)

أ- ملامح الكنيسة
ب - التطابق بين ملامح الكنيسة وملامح السماء
السماء هي الحقيقة والكنيسة هي الصورة والرمز
جـ- أعياد الكنيسة وأفراحها
1 - الأعياد السيدية
2 - أعياد السيدة العذراء
3 - أعياد الرُّتب السمائية
4 - أعياد بقيَّة القدِّيسين
5 - أعياد تذكارات شهرية ثابتة
سر فرحنا بالأعياد
ألحان الكنيسة تضفي بهجة على أعيادها
إلمامة إجمالية

أ- ملامح الكنيسة:

إن أكثر ما يُميِّز الكنيسة من ملامح وأوصاف تجعلها شبه السماء هي أنها:

1 - بيت الله: وذلك كما دعاها بولس الرسول "بيت الله، الذي هو كنيسة الله" (1تي3: 15). وذلك لأنها:

بيت الله - مسكن الله مع الناس - بيت الملائكة - بيت الصلاة - عمود الحق وقاعدته - فُلْك نوح

 

أ - المكان الذي وضع الله اسمه فيه. وقد قدَّسه له كما يقول المزمور "قدَّس العلي مسكنه" (مز45: 4). وخصصه لتقديم الذبائح والقرابين له والتي لا يصح تقديمها في أي مكان آخر غيره. كما قال لموسى "المكان الذي يختاره الرب إلهكم... ليضع اسمه فيه، سُكْنَاهُ تطلبون وإلى هناك
تأتون. احترز من أن تُصْعِدَ مُحْرَقاتِكَ في كل مكان تراه. بل في المكان الذي يَختارُهُ الرب... هناك تُصْعِدُ مُحْرَقاتِكَ، وهناك تَعْمَلُ كل ما أنا أُوصِيكَ به" (تث12: 5، 13).

ب - وهى بيت الله لأنَّ الله يَحلّ فيه بمجده وقوَّته. ويظهر لشعبه العابدين فيه ظهورًا شبه محسوس على المستوى الروحي وذلك فيما يطرق به آذانهم من كلامه الذي يستنير به القلب والعقل. ويحيي ميتوتة النفس من الأعمال الهيولية والشهوات المادية ويقودها للسيرة الروحانية. ثم في عمل روحه القدوس في تطهيرهم وتقديسهم وإشعال حرارة الروح فيهم الذي يظهر تأثيره الفعَّال فيما تتلامس النفس معه بمشاعرها الداخلية فيصبح أمرًا محسوسًا. وكذلك في تقديم ذاته مُتجسِّدًا تحت صورة الخبز والخمر محسوسًا فنغتذي به قوتًا سماويًا عربونًا لحياة أبدية نناله بالإيمان.

إذًا الكنيسة هي حقًا بيت الله أقدس مكان في الوجود. فيها نفرح بتقديم ذبائح شكرنا لله في المسيح كما يُقدِّم هو ذاته لنا ذبيحة لحياة أبدية. كما نستمتع بالاغتذاء من كلامه الإلهي الذي يقوي إيماننا ويروينا ويُنقِّينا بفعل روحه القدوس فنخرج منها ونحن ممتلئين شبعًا وارتواءً وابتهاجًا.

2 - وهي مسكن الله مع الناس: كما قال لموسى قديمًا "كَلِّم بني إسرائيل... فيَصنَعونَ لي مَقْدِسًا لأسْكُنَ في وسَطِهِمْ" (خر25: 2، 8). لأنَّ المؤمنينَ يلتقون به فيه، مُستضيفًا هو لهم ومُرَحِّبا بهم بأبوته ومحبته وغناه. فما أشهى الجلوس معه. وما أحلى رفقته. وما أعذب صوته وما أرَق مشاعره وما أحَنَّ نظراته ؛ نعم ما أحلى ديار الرب فالمُقيم فيها ساكن في عون العلِّي مُستريح في ظِلِّ إله السماء... في وسط منكبيه يُظلِّله وتحت جناحيه يَعتصم (مز90: 1- 4 قبطي). هناك تجد النفس سلامها وراحتها وتعزيتها الأمر الذي تستطيبه النفس فتقول مع داود النبي "مسكني في بيت الرب مدى الأيام" (مز23: 6). ولابد أن تستشعر النفس فاعلية هذا اللقاء لأن الله موجود في بيته وإن كان لا يُرى لأنه روح غير منظور. هو نسمة هادئة وروح وديع "والنفس في سكون الصمت تستوحي نداه الثالث" (تعبير لقداسة البابا شنوده الثالث).

فما أجمل لحظات التواجد في الكنيسة حيث فيها نقضي وقتًا ممتعًا، نتحادث فيه مع الله ونفضي له بكل مكنوناتنا ونفتح له قلوبنا ونكشف له نفوسنا ونستمع لتعاليمه المحيية ولعهوده ومواعيده التي تقوي رجاءنا في سكنانا الأبدي معه في السماء.

3 - وهي بيت الملائكة: لأنه حيثما يوجد الملك توجد حاشيته معه، وحيث يوجد أصدقاء الملك يوجد خدامه الذين يقومون بخدمة ضيوف سيدهم. هكذا الملائكة وإن كنا لا نراهم لكنهم يتواجدون في الكنيسة لخدمة الذبيحة ولكي يعضدوا المؤمنين في جهادهم ويرفعوا صلواتهم أمام العرش الإلهي. إذًا نحن لا نُصلِّي وحدنا في الكنيسة ولا نجاهد بمفردنا. بل إن الملائكة يشاركوننا الصلاة ويعينوننا في جهادنا مثل ما حدث مع المسيح عندما "جثا على رُكْبَتَيْهِ وصلَّى... ظهر له مَلاكٌ من السَّماءِ يُقوِّيه. وإذ كان في جهادٍ كان يُصلِّي بأشدِّ لجاجةٍ، وصار عَرَقُهُ كقَطَراتِ دم نازلةٍ على الأرض" (لو22: 41-44). ومؤازرة الملائكة لنا هي مُشجِّع كبير لنا في عبادتنا.

4 - وهي بيت الصلاة: كما قال إشعياء النبي "كل الذين... يَتَمَسَّكُونَ بعهدي، آتِي بهم إلى جبل قُدْسِي، وأُفَرِّحُهُمْ في بيت صَلاتِي، وتكون مُحرقاتُهُمْ وذبائِحُهُمْ مقبولةً على مَذبحي، لأنَّ بَيْتِي بَيتَ الصَّلاة يُدعَى لكُلِّ الشعوب" (إش56: 7) ولقد أكد المسيح له المجد هذا المعنى في (مت21: 13). وصلاتنا في الكنيسة لها قوة خاصة أمام الله:

أ - لأنها ليست صلاة لسان واحد أو صوت حنجرة واحدة بل هي لهجُ ألسنةٍ ورفعُ أصوات حناجرَ وتطلعُ أعينٍ ورفعُ أيدٍ وتضرع قلوب جمهور المصلين بالكنيسة. وهذه بما تحمله من حرارة ووحدانية قلب وعذوبة التسبيح الجماعي تجد صداها القوي لدى الله. ويذكر لنا الإنجيل قوة فاعلية صلاة الكنيسة عندما "رفعوا (التلاميذ) بنَفْسٍ واحدَةٍ صوتًا إلى الله. ولَمَّا صَلَّوا تزعزَعَ المكان الذي كانوا مُجتمعينَ فيه، وامتلأ الجميع من الرُّوح القُدُس، وكانوا يتكلَّمونَ بكلام الله بمجاهَرَةٍ" (أع 4: 24، 31). وكذلك عندما "كان بطرس مَحْرُوسًا في السِّجن، وأمَّا الكنيسة فكانت تَصِيرُ منها صلاةٌ بلجاجةٍ إلى الله من أجْلِهِ... وإذا ملاكُ الرَّبِّ أقْبَلَ... ضرب جَنبَ بُطرُسَ وأيقظَهُ... فَسقَطَتْ السِّلْسِلَتانِ من يَدَيْهِ... وأتيا إلى باب الحديدِ... فانفتح لهما من ذاتِهِ، فَخَرَجا... وللوقتِ فارَقَهُ الملاكُ" (أع12: 5 - 10).

ب - لأنَّ صلواتنا العامة في الكنيسة مركزها ذبيحة المسيح أقوى شفاعة في الوجود لدى الله الآب لأنها ذبيحة ابنه التي صارت الشفاعة الكفارية الوحيدة المقبولة أمامه عن خطايانا. ولأن هذه الذبيحة محاطة بالرُّتب العالية من الطغمات السمائية وهى رُتَب نارية فائقة الأمجاد والكرامات كما أن لها ملاكها الخاص بها المُكلَّف برفع التسبحة والصلوات الخاصة بها. فنظرًا لكرامة الذبيحة وشفاعتها الكفارية وشفاعة الملائكة المحيطين بها لها قوتها أمام الله. فكم هي عظيمة قوة الصلاة في الكنيسة بيت الصلاة. وإن كانت الصلاة هي حبل الصلة الذي يربطنا بالله الذي يفيض علينا بالحياة. فيصبح بيت الله مصدر ارتباطنا بينبوع الحياة التي ستدوم لنا في السماء.

5 - وهى عمود الحق وقاعدته: كما يُسمِّيها بولس الرسول في قوله "كنيسة الله الحيِّ، عَمودُ الحقِّ وقاعدتُهُ" (1تي3: 15). لأنها منبع المعرفة الأصيلة النقية للحقائق الإيمانية والتعاليم السماوية. وذلك فيما تُقدِّمه من تعاليم إنجيلية حسب التفاسير الآبائية لكلمة الله، وترجمة عملية لهذه التعاليم فيما تتلوه علينا من سِير قديسي الكنيسة وشهدائها. وفيما يُقام فيها من صلوات وتضرُّعات كُلّها مُستقاة من كلمات الكتاب المقدس. فالكنيسة هي قاعدة الحق سواء فيما يُسمَع فيها من تعليم ووعظ، أو فيما يُقال من صلوات وطلبات، أو فيما يُقص فيها من تراجم وسِيَر.

وإن كانت الكنيسة هي التي تُقدِّم لنا الحقّ فهيَ تبصرنا بمعرفة الله لأنه هو الحقّ. ومَنْ يَعرف الله الحقّ يملك الحياة الأبدية لأن الكتاب يقول "هذه هي الحياة الأبدية: أن يَعْرِفوكَ أنت الإلهَ الحقيقيِّ وحْدَكَ ويسوعَ المسيحَ الذي أرْسَلْتَهُ" (يو17: 3)، وذلك لأنَّ المعرفة هي للحياة وليست للاستظهار فقط.

6 - وهى فُلْك نوح: لأنه كما كان الفُلْكُ سبب خلاص ونجاة من الطوفان كما يقول مُعلِّمنا بطرس "الفُلْك... الذي فيه خَلَصَ قليلونَ، أي ثماني أنْفُسٍ بالماءِ، الذي مِثَالُهُ يُخلِّصُنا نحن الآن، أي المعمودية" (1بط3: 20). هكذا الكنيسة التي تمنحنا المعمودية هي سفينة النجاة من أمواج وعواصف وطوفانات بحر هذا العالم الزائل، وكما هَلَكَ كل الذين لم يدخلوا الفُلْك، هكذا يَهْلَك كُلّ مَنْ لا يدخل الكنيسة لكي يحتمي فيها بدم المسيح بنوال الشركة فيه، ويتحصَّن ضد التعاليم الغريبة ويندمج في عضوية الجسد الواحد لكي يثبت في الحياة، ويتثبت كغصن في أصل الكَرْمَة فيدوم صلاح ثمره لحياة أبدية.

وإن كانت الكنيسة فُلْك النجاة ومَنْ هو خارجها يَهْلَك فلنحذر الإهمال في الذهاب إليها ولنحرص على المواظبة على حضور القُدَّاسات والعشيَّات والاشتراك في سِرِّ الشركة لكي نقاوم بها عوامل الهلاك المحدقة بنا في العالم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ب - التطابق بين ملامح الكنيسة وملامح السماء

السماء هي الحقيقة والكنيسة هي الصورة والرمز:

إذا كان مُجْمَل صفات الكنيسة وألقابها هو أنها: بيت الله، ومسكنه مع الناس، وبيت الملائكة، وبيت الصلاة، وعمود الحق وقاعدته، وفُلْك نوح، فتكون هي صورة مُصغَّرة للسماء. لأنه ماذا يمكن أن نتمناه من صورة أفضل تكون عليها السماء ‍؛ لذلك لا نستغرب إن كانت السماء تحمل نفس مواصفات الكنيسة وألقابها.

السماء هي بيت الله - السماء هي مسكننا معه - السماء هي بيت الملائكة - السماء هي بيت الصلاة - السماء ستكون عمود الحقِّ - السماء هي فلك نوح

- فالسماء هي بيت الله ومكان سكناه ومنها يتطلَّع وينظر إلى سكان الأرض كما يقول داود النبي "من السَّمواتِ نَظَرَ الرَّبُّ... من مكان سُكناهُ تطلَّعَ إلى جميع سُكَّان الأرض. المُصَوِّرُ قلوبهم جميعًا، المُنْتَبهُ إلى كُلِّ أعمالهم" (مز33: 13- 15). ومنها طَلَبَهُ إشعياء النبي قائلًا "تطلَّعْ مِنَ السَّمَواتِ وانْظُرْ من مَسْكَنِ قُدْسِكَ ومَجْدِكَ... فإنَّكَ أنت أبونا... أنت يا رب أبونا، وليُّنَا مُنْذُ الأبَدِ اسْمُكَ" (إش63: 15، 16). ودعاها المسيح بيت الآب عندما قال لتلاميذه "لا تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ... في بَيْتِ أبي مَنازِلُ كثيرَةٌ، وإلاَّ فإنِّي كُنْتُ قد قُلْتُ لكم. أنا أمْضي لأُعِدَّ لَكُمْ مكانًا" (يو14: 1، 2).

فإن كانت السماء هي بيت الله والله قَبِلَنا فيها فمَنْ يستطيع أن يُخرجنا منها. وإن كانت هي بيت الآب فكم ستكون عظمتها وأمجادها وخيراتها التي سنتمتع بها فيها. وكم ستكون سعادتنا فيها. وهل هناك أغنى وأكثر عطاء من بيت الآب!

- والسماء هي مسكننا معه كما أخبرنا يوحنا الحبيب عن الصوت الذي سمعه عن المدينة المقدسة النازلة من السماء "هوذا مَسْكَنُ الله مَعَ النَّاس، وهو سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ..." (رؤ21: 3). وكما يقول في موضع آخَر "وإذا جَمْعٌ كثيرٌ... من كُلِّ الأمم والقبائل والشُّعُوبِ والألسِنَةِ، واقفون أمام العَرْشِ... لأنَّ الخَرُوفَ الذي في وسَطِ العَرْشِ يَرْعَاهُمْ" (رؤ7: 9- 17). فأيّ طمأنينة ستكون لنا وأيَّة رعاية سنلقاها وأيّ حماية سنجدها وأي استقرار سيكون لنا فيها بل أي فرح وسعادة سنتمتع بها في سكنانا معه ورفقتنا له.

- والسماء هي بيت الملائكة كما رآها ميخا النبي فقال "قد رأيتُ الرَّبَّ جالسًا على كُرْسيِّهِ، وكل جُنْدِ السَّماءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عن يمينه وعن يساره" (1مل22: 19). وكما قال داود النبي "الرَّبُّ في السَّمَواتِ ثَبَّتَ كُرْسيَّهُ، ومملكته على الكُلِّ تَسُودُ. باركوا الرَّبَّ يا ملائكتَهُ المُقتدِرينَ قُوَّةً، الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامِهِ" (مز103: 19، 20). فما هو مجدنا وعزَّنا ومقدار راحتنا عندما نجد الملائكة في خدمتنا. وكم هي جميلة وجليلة خدمة الملائكة لنا في السماء. نعم هم أصحاب المكان مع سيِّدهم وهم السُّكان الأصليون، أمَّا نحن فمستوطنون غرباء وأجنبيون ولكننا سنصبح رعيَّة مع القدِّيسين وأهل بيت الله. فكم هي سعادتنا أن نكون بين الملائكة القديسين. وكم ستنيرنا توجيهاتهم لنا للتعرُّف على المسالك والطُّرق في مدينة الله وإرشادنا إلى آداب التعامل مع السمائيين وبروتوكول التواجد في الحضرة الإلهية وتعريفنا على الرُّتب السماوية وعلى رجال إيمان العهد القديم وعلى كبار قديسي وشهداء العهد الجديد!

- والسماء هي بيت الصلاة والتسبيح كما يقول داود النبي "وأنت القدُّوسُ الجالسُ بين تسبيحاتِ إسرائيل" (مز22: 3). وكما يقول "سبِّحوا الرَّبَّ مِنَ السَّمَواتِ. سبِّحوهُ في الأعالي" (مز148: 1) وكما يقول يوحنا الحبيب عمَّا رآه في رؤياه "وسَمِعْتُ صوتًا من السَّماءِ... كَصَوْتِ ضاربينَ بالقيثارَةِ... وهُمْ يَترنَّمُونَ كترنيمَةٍ جديدةٍ أمام العرش وأمام الأرْبَعةِ الحيواناتِ والشُّيُوخِ" (رؤ14: 3،2). فكم سيكون جمالها وحلاوتها. لأنه إن كنا هنا على الأرض نتغنى "ما أحلى ساعة نخلو فيها مع الحبيب" فكم بالحريِّ سيكون جمال وحلاوة خلوتي معه في بيتنا الأبدي ، وإن كنا نسعد هنا بالترنيم والتسبيح وسط صفوف المُسبِّحين الأرضيين فكم ستكون سعادتنا ولذتنا في التسبيح والتهليل مع صفوف السمائيين مع قيثاراتهم الروحانية. وإن كنا ننتعش هنا برائحة البخور النقية المرفوعة مع صلوات الأرضيين فكم سيكون زكاء رائحة بخور صلوات القديسين!

- والسماء ستكون عمود الحقِّ وقاعدته حيث ستكمل هناك معرفتنا كما يقول مُعلِّمنا بولس "فإنَّنا نَنْظُرُ الآنَ في مِرْآةٍ، في لُغْزٍ، لكن حينئذٍ وجْهًا لوَجْهٍ. الآن أعْرِفُ بعضَ المعرفَةِ، لكن حينئذٍ سأعْرِفُ كما عُرِفْتُ" (1كو13: 12). بل إننا سنرى المسيح الحقّ كما هو كما يقول يوحنا الحبيب "أيُّها الأحبَّاءُ، الآن نحْنُ أولادُ الله، ولم يُظْهَرُ بعد ماذا سنكون. ولكن نَعْلَمُ أنَّهُ إذا أُظْهِرَ نكونُ مِثْلَهُ، لأنَّنا سَنَرَاهُ كما هو" (1يو3: 2). فكم سيكون جمال المعرفة وسموها واتساعها التي سنرتقي فيها دهرًا بعد دهر. وكم سيكون وضوح حقائقها وجمال الحق المطلق فيها حيث لا مكان للنسبية في الحق هناك. قد يكون هناك تدرج في انكشاف الحقائق ولكن كل ما ينكشف سيكون حقًا مطلقًا والمُمتع فيه أن كُلّ حقّ ينكشف يدفع إلى التَّطلُّع لمعرفة حق أعمق وأسمى. لأن السماء سوف لا تنكشف بكُلّ أسرارها دُفعة واحدة للإنسان الذي كان سبيله التدرج في معرفة العالم الأرضي. ثم إنه مهما كانت طبيعة الإنسان الروحية في السماء فهو أيضًا كائن محدود وستكون قدراته على استيعاب الأمور السماوية في حدود رُتبته ودرجته بين السمائيين. وإن كُنَّا نسعد هنا كلما زادت معرفتنا بالأمور الأرضية فكم ستكون سعادتنا بنمو معرفتنا بأسرار السماء!

- والسماء هي فلك نوح لأنها مسكن المخلَّصين كما يقول يوحنا الحبيب "والمدينة... مجد الله قد أنارها... وتَمْشي شعوب المُخَلَّصين بنورها" (رؤ21: 23،24) ولا يوجد لإبليس مكان فيها "وسَمِعْتُ صوتًا عظيمًا قائلًا في السماء: الآنَ صارَ خَلاصُ إلهنا... لأنه قَدْ طُرِحَ المُشْتَكِي على إخوتِنا... وهُمْ غَلبُوهُ بدَمِ الخروفِ وبكلمَةِ شهادتِهِمْ" (رؤ12: 10، 11)، لذلك ستصبح السماء لنا ميناء السلام وحصن الأمان من سلطان إبليس وجنوده ومن سلطان الجحيم ولهيبه ومن عثرات السقوط أو التعرُّض للخطأ أو التعرُّض لعواصف وأمواج التجارب أو الأمراض أو الأحزان. لأن هناك خلاصًا أبديًا من كل هذه ونجاة أكيدة في استحقاقات الحمل السمائي من كل ما أُعدَّ للخطاة من الزمهرير والبكاء وصرير الأسنان.

وها قد صار واضحًا أن السماء تحمل كل معاني الكنيسة ومضامينها. بل هناك تطابق كامل بين ملامح الكنيسة وما يقابلها في السماء. ولكن إن كانت السماء هي الأصل والكنيسة هي الظِلّ والرمز فتكون الكنيسة هي طريقنا الحقيقي إلى السماء مسكننا الأبدي. وليس التطابق فقط بين ملامح الكنيسة وملامح السماء هو الذي يربطنا بالسماء ويعدنا للاستيطان فيها وإنما أيضًا أفراح الكنيسة وأعيادها إذ هي عمق وجمال الشركة مع السمائيين حيث هي شركة الفرح الذي مركزه المسيح نفسه الذي يرعى كنيسته على الأرض ويملأها بنور لاهوته في السماء. وإن كانت هكذا أفراحنا في الكنيسة المجاهدة المُتغرِّبة فكم بالحريِّ تكون في الكنيسة المُنتصرة المستوطنة. كذلك لا نَشُكّ أن أفراحنا هنا ظِلّ ورمز لأفراح السماء التي ننتظر انطلاقنا إليها لكي تغمرنا بالبهجة والسعادة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org         Image: Miracle of Jesus in the Wedding at Cana صورة: معجزة السيد المسيح في عُرس قانا الجليل

St-Takla.org Image: Miracle of Jesus in the Wedding at Cana.

صورة: معجزة السيد المسيح في عرس قانا الجليل.

جـ- أعياد الكنيسة وأفراحها

إن الحياة الكنسية يغمرها الفرح وتملأها التعزيَّات ويغلب عليها دوام تجديد الروح والمشاعر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وليس هذا بعجيب لأن كل يوم من أيام السنة جعلته الكنيسة عيدًا حيث تحتفل يوميًا بتذكار مناسبة كبيرة أو شخصية جليلة أو حادثة عظيمة. لأنَّ تاريخنا حيّ ودسم وغنى بالمناسبات والشخصيات والآيات والعجائب التي تثبتنا في محبة الله وتقوي إيماننا به وتزيد رجاءنا فيه وتملأنا بالتعزيَّة والطمأنينة فتفيض قلوبنا بالسلام فيغلب الفرح والسرور علي حياتنا. وبهذا تُبَدِّد أتعابنا وتخفف آلامنا وتعيد إلينا سعادتنا في الله بيسوع المسيح. أما بيان هذه الأعياد وأفراحها فهيَ كالآتي:

1 - الأعياد السيدية:

وفيها نحتفل لربنا يسوع المسيح 14 عيدًا سيِّديًا، سبعة أعياد كبيرة هي البشارة والميلاد والظهور الإلهي والدخول إلى أورشليم والقيامة والصعود وحلول الروح القدس. وسبعة أعياد صغيرة هي الختان والدخول إلى الهيكل والمجيء إلى مصر وعُرس قانا الجليل والتجلِّي وخميس العهد وأحد توما.

2 - أعياد السيدة العذراء:

ونحتفل للسيدة العذراء ستة أعياد هي: البشارة بميلادها، وميلادها ودخولها الهيكل، ونياحتها، وإعلان صعود جسدها، والعذراء حالة الحديد الذي يوافق تكريس أول كنيسة لها بمدينة فيلبي. يُضاف إليها أعياد ظهورها على كنيستها في الزيتون وكنيسة الست دميانة بشبرا وكنيستها في ادفو بأسوان وكنيسة شنتنا الحجر بالمنوفية وكنيستيْ مار مرقس ورئيس الملائكة ميخائيل بأسيوط...

3 - أعياد الرُّتب السمائية:

ونحتفل بالرُّتب السماوية العالية وهم رؤساء الملائكة: ميخائيل، غبريال، رافائيل، سوريال، سداكيال، سراتيال وأنانيال. والأربعة الحيوانات غير المتجسدين والأربعة والعشرون قسيسًا.

4 - أعياد بقيَّة القدِّيسين:

ونحتفل لرؤساء الآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب وللأنبياء الكبار والصغار ولأنسباء المسيح بالجسد وأهمهم والديْ العذراء مريم ووالديْ يوحنا المعمدان ويوحنا المعمدان. ونحتفل للرُّسل القديسين في تذكار استشهاد القديسين الرسوليْن بطرس وبولس. وبعدد لا يُحصى من الشهداء والمعترفين والقديسين الأبرار.

5 - أعياد تذكارات شهرية ثابتة:

ونظرًا لأهمية بعض الأحداث وبعض الشخصيات في حياتنا فقد خصصت الكنيسة لها يومًا ثابتًا من كل شهر قبطي للاحتفال بها. حيث نحتفل بالبشارة بميلاد المسيح وتجسده وقيامته كل يوم 29، وبالعذراء القديسة مريم كل يوم 21، وبالملاك الجليل ميخائيل كل يوم 12. وذلك بخلاف احتفالات أعيادهم السنوية.

ولا يخلو يوم واحد من أيام السنة من عيد أو تذكار يسبب لنا الفرح والتعزية.

سر فرحنا بالأعياد:

أمَّا سر فرحنا واحتفالنا بالأعياد السيدية التي تخص ربنا يسوع المسيح فلأنها أعياد خلاصية تتعلَّق بخلاصنا وتجديدنا وإعادتنا إلى الفردوس الذي نُفينا منه، وفيها نُمجِّد الله في اسم يسوع المسيح بفرح من أجل عمل محبته معنا.

واحتفالنا بأعياد العذراء هو لتمجيدها لِمَا نالته من كرامة لم يَنَلْها أحدٌ قَطُ، ولنطلب شفاعتها التي هي أقوى شفاعة أمام مِنبر المسيح.

واحتفالنا بأعياد الملائكة هو لتمجيدهم لسموِّ ورفعة خلقتهم ورُتَبهم السمائية العالية ولطلب شفاعتهم لأنهم لا يفترون عن الشفاعة من أجلنا ومن أجل كل الخليقة.

واحتفالنا برجال الإيمان من الآباء والأنبياء لأنهم نماذج حية للإيمان بالله وبوعوده. وقد أظهر الله قوته لهم وأعطاهم روح النبوة ليخبرونا بمجيء البار لفدائنا وخلاصنا الأبدي. ويصف مُعلِّمنا بولس أمجادهم وأتعابهم فيقول عن عظائم أعمال الله معهم "بالإيمان: قهروا ممالكَ، صَنعوا بَرًّا، نالوا مواعيدَ، سَدُّوا أفواهَ أُسُودٍ، أطفأوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَوَّوْا مِنْ ضَعْفٍ، صَاروا أشِدَّاءَ في الحربِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، أخَذَتْ نِسَاءٌ أمواتَهُنَّ بقيامةٍ" (عب11: 33 - 35). ثم يصف ماعاناه آخرون منهم من صنوف العذاب والآلام فيقول "وآخَرُونَ عُذِّبُوا ولم يَقْبَلُوا النَّجاةَ لكي يَنالوا قيامَةَ أفْضَلَ. وآخَرُونَ تَجَرَّبُوا في هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثم في قُيُودٍ أيضًا وَحَبْسٍ، رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، ماتوا قَتلًا بالسَّيْفِ، طافوا في جُلُودِ غَنَمٍ وجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتازينَ مَكْروبينَ مُذَلِّينَ، وهُمْ لم يَكُن العالم مُسْتَحِقًّا لهم. تَائِهينَ في بَراريَّ وجبالٍ ومَغايرَ وشُقُوقِ الأرض" (عب11: 35 - 38). ومن أجل قوَّةِ إيمانهم وعظمة أمجادهم وكثرة أتعابهم نأخذهم دالة لنا أمام الله من أجل عهوده معهم ومواعيده لهم فنذكر هذه المواعيد وهذه العهود أمامه ليذكرنا برحمته.

أمَّا احتفالنا بآبائنا الرُّسُل والشُّهداء والقدِّيسين الأبرار فلأنهم بجهادهم ودمائهم وأتعابهم أسسوا الكنيسة على الإيمان بالمسيح وحفظوا لنا الإيمان والإنجيل ونموذج الحياة الإنجيلية وقدَّموا لنا أروع الأمثلة في البطولة. ولمعوا بألقاب باهرة تمجد بطولاتهم. ففي بطولة الاستشهاد نجد منهم البطل والشجاع والشهيد العظيم وأمير الشهداء وأول الشهداء وخاتم الشهداء والمُقطَّع والمعترف والمجاهد ولابس الجهاد. وفي بطولة الدفاع عن الإيمان نجد منهم حامي الإيمان وعمود الدين وبطل الأرثوذكسية. وفي بطولة الاستنارة الروحية نجد منهم لابس الروح والشيخ الروحاني. وفي بطولة التعليم والإنارة نجد منهم الناطق بالإلهيات وذهبي الفم ولسان العطر والمُعلِّم والعالِم والعلاَّمة ومُعلِّم أولاد الملوك. وفي بطولة الإرشاد والأبوة الروحية نجد منهم كوكب البرية وقُمص البرِّيَّةِ وقِس القلالي وأب الشركة وأب الرهبان وفي بطولة البِرِّ والقدَّاسة والكمال نجد منهم القدِّيس والصدِّيق والبار والرجل الكامل والمتجمل بالفضائل والمغبوط والطوباوي. وفي بطولة صنع العجائب نجد منهم العجائبي وصانع العجائب ورجل المعجزات. وفي بطولة الحياة في المسيح نجد منهم حامل الإله وناظر الإله ولابس المسيح وحبيب المسيح والذي غسل أقدام مخلصنا الصالح. وفي بطولة التوحُّد والتبتُّل نجد منهم الحبيس والمتوحِّد ورئيس المتوحِّدين والسائح وأول السواح والشاروبيمي والمتشبِّه بالملائكة. وفي بطولة الجهاد الروحي نجد منهم الزاهد والناسك والعابد ورَجُل الصلاة ولابس الإسكيم والحار بالروح والنوراني. وفي بطولة التعفُّف والطهارة نجد منهم البِكْر والطاهر والبتول والملتحف بالطهارة والعفيف وقاهر الشهوة. وفي بطولة التوبة نجد منهم التائب والباكي والقوِي.

هؤلاء أبطال، فرسان شُجعان، صناديد مغاوير، فاقوا وتفوقوا، سموا وتساموا، مختارون مُعينون، مؤيَّدون ومسنودون. تجلَّت فيهم قدرة الله ونعمته وحكمته ومعونته. وعندما نحتفل بنياحتهم أو استشهادهم نهلل لهم "اسمك عظيم في كورة مصر أيها الطوباوي القديس المُكرَّم في جميع القديسين أبونا الطاهر أنبا (فلان). السلام لقبرك الممتلئ نعمة. السلام لجسدك المقدس الذي نبع منه شفاء لكل الأمراض. اسأل المسيح عمانوئيل لكي يغفر لنا خطايانا". ثم نُرنِّم أكسيوس (مستحق) 3 مرات ونُطيِّب جسده الطاهر ونزفه في كل أرجاء الكنيسة بالألحان والتسابيح لنأخذ بركته وننال قوة صلاته لأنه لا يتوانى عن أن يطلب عنا أمام الله كلما طلبنا نجدته ومعونته. وفي غمرة الفرح والتهليل والابتهال بأعيادنا يسيطر الشعور بوجود أرواح القديسين والملائكة تُحلِّق على رؤوس المُصلِّين في الكنيسة تُشاركهم الفرح والتسبيح. نعم إنه فرح في السماء وعلى الأرض وشركة مع جميع القديسين والملائكة سُكان السماء.

فما أجمل أن يشترك السمائيون مع الأرضيين في الفرح معًا ويكون مركز فرحهم هو إلههم وفاديهم الرب يسوع المسيح المحب والفادي والمُخلِّص الذي يتوج الذين أتموا جهادهم بالأكاليل ويمد يد المعونة لمساندة الذين لازالوا يجاهدون على الأرض.

ألحان الكنيسة تضفي بهجة على أعيادها:

وما يُضفي بهجة على هذه الأعياد هو ألحانها ومرداتها الخاصة بها ونغماتها التي تميزها عن بعضها البعض وتَوافُق النغم مع مناسبة العيد. وما يعمق مشاعر البهجة بهذه الأعياد هو فترات الاستعداد الطويلة لاستقبالها والاحتفال بها وهى أيام الصوم السابقة على كل منها التي تميت حواس الجسد وتنعش الروح لتعدها للفرح الروحي. لذلك ففترات الاستعداد تعتبر جزءًا من الاحتفال بالعيد. أمَّا العيد فهو تتويج لهذا الاحتفال وختام لرحلة الاستعداد له التي تكون دائمًا مملوءة بالنبوات والفصول الكتابية والشروح والتفاسير الخاصة بالمناسبة بما يتيح للنفس والفكر أن يكونا مشبعيْن بكل القيم الروحية والمعاني الإيمانية لتذكار المناسبة.

أمَّا اللحن الكنسي فتنوعه على مدار العام القبطي يُغْنِي النفس بنشوى وسعادة فائقة، وله عِدَّة طُرق موزعة على مناسبات السنة. فهناك اللحن الكيهكي لصوم الميلاد وميزانه "نحن نعطيك السلام"، ولحن الصوم الكبير وميزانه "طوبى للرحماء على المساكين"، ولحن الشعانين لأحد السعف وعيديْ الصليب على وزن "الجالس فوق الشاروبيم"، واللحن الجنائزي لأسبوع الآلام والجمعة العظيمة، واللحن الفرايحي لأيام الخماسين المقدسة والأعياد السيدية الكبيرة والصغيرة ولتذكار البشارة كل يوم 29 من الشهر القبطي، ولحن العنصرة لعيد حلول الروح القدس ويميزه لحن "الروح المُعزِّي". ولحن صوم الرسل على وزن لحن "فلنسبح الرب". ولحن النيروز للفترة من 1 إلى 16 توت. واللحن السنوي لجميع أيام السنة الأخرى خلاف كل ما سبق.

ثم هناك ما يميز أيام الأسبوع نفسه حيث ينقسم إلى أيام الأحد والاثنين والثلاثاء ولحنها آدام، وأيام الأربعاء والخميس والجمعة والسبت ولحنها واطس. هذا خلاف نغمات وألحان التسبحة اليومية لباكر وعشية والألحان الكبيرة والصغيرة التي تُقال في كافة المناسبات والأعياد المختلفة.

وتمتاز موسيقى ألحاننا بالعمق والسمو والروحانية. ويقول علماء الموسيقى إن موسيقانا القبطية صوتية أكثر منها آلاتية حيث أن الآلات الموسيقية لا تستطيع في كثير منها أن تعبر عن عمق روحانيتها.

ومِمَّن لهم تعب في حفظ تراث الكنيسة القبطية من ألحانها وموسيقاها في العصر الحالي الدكتور راغب مفتاح الذي قام بتسجيل أكبر قدر من ألحان الكنيسة بالاستعانة بالمُعلِّم ميخائيل البتانوني وقيام كنيستنا لشمول حياتنا بالفرح والارتقاء بمشاعرنا وإحساساتنا إلى المستوى الروحاني الملائكي الذي فيه تضمحل كل إحساساتنا الجسدية من خلال الألحان والترانيم والتسابيح شجية النغم وعذبة اللحن تعدنا بالحقيقة للحياة السماوية التي يسودها الفرح والتسبيح والتهليل.

 

حقًا ما أحلاكِ يا كنيستنا وما أبهج الحياة في أفراحكِ وأعيادكِ وطوبى لمن يغتذي من قديمكِ وجديدكِ ويرتشف من عصير كرمتكِ ويحتمي بظلِّ جناحي صليب فاديكِ ويستمتع في أحضانكِ بالشبع من أعذب ألحان شبه تسابيح السمائيين، استعدادًا للانطلاق لسماء الفرح والتهليل والسعادة الحقيقية الدائمة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إلمامة إجمالية:

من أوصاف الكنيسة أنها بيت الله الذي وضع اسمه فيه ويَحلّ فيه بمجده. والكنيسة أيضًا هي مسكن الله مع الناس لأنه طالما نحن موجودون فيها فهو يكون موجودًا معنا وفي وسطنا. وهى أيضًا بيت الملائكة لأنه حيث يوجد سيِّدهم يوجدون هم أيضًا لخدمته وخدمة رعيته. كذلك هي بيت الصلاة لأنه فيها نُقدِّم الصلاة العامة الجمهورية. كذلك هي أيضًا عمود الحقّ وقاعدته لأن فيها نستقي التعليم الحق النقي. وهى كذلك فلك نوح لأننا إذ نحتمي فيها ننجو من الهلاك الأبدي.

هذه هي أوصاف الكنيسة التي تتطابق مع أوصاف السماء ذاتها فتكون هي طريقنا المنير إلى السماء. وليست أوصافها فقط هي التي تجعلها كذلك ولكن أفراحها أيضًا وأعيادها التي تتضمن أعيادًا لحياة المسيح الخلاصية وللسيدة العذراء وللرُتب العالية الملائكية ولسائر الأنبياء والرُّسُل والشهداء والقدِّيسين حيث يكون الاحتفال بها والفرح فيها شركة بين الأرضيين والسمائيين وهى عربون فرحنا الأبدي في السماء.

إلا أن الكنيسة لا تُعِدُّني للمعايشة السمائية فقط من خلال ملامحها وصفاتها التي تحدد طبيعتها ورسالتها نحوي، أو بأفراحها وأعيادها وأغانيها الروحية السامية التي تسعدني بها، وإنما أيضًا بمنهجها التعليمي الكتابي الآبائي، وذلك كما هو موضح في الفصل التالي.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-salaib-hakim/church-heaven/way.html

تقصير الرابط:
tak.la/da97q5d