الفصل العشرون: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6
إذن فلن يستطيع أحد أن يهب عدم الفساد إلاّ الخالق، ولن يستطيع أحد أن يرد مثال الله إلاّ صورته، ولن يستطيع أحد أن يحيي إلاّ رب الحياة، ولن يستطيع أحد أن يُعلِّم إلاّ الكلمة. وهو -لكي يفي دين الموت الذي علينا- كان لا بُد أن يموت عنَّا أيضًا ويقوم ثانيةً كباكورة لنا من بين الأموات. إذن كان يجب أن يكون جسده قابلاً للموت، وأن يكون في نفس الوقت غير فاسِد.
1- لقد أوضحنا جزئيًا -على قدر الاستطاعة وعلى قدر ما أمكننا فهمه- سبب ظهوره في الجسد، أنه لم يكن ممكنًا أن يحول الفاسد إلى عدم فساد إلا المُخَلِّص نفسه، الذي خلق من البداية كل شيء من العدم، ولم يكن ممكنًا أن يعيد للبشر صورة الله ومثاله إلا صورة الآب، ولم يكن ممكنًا أن يلبس المائت عدم الموت إلا ربنا يسوع المسيح الذي هو الحياة، ولم يكن ممكنًا أن يعلم البشر عن الآب، ويقضي على عبادة الأوثان إلا “الكلمة” الضابط الكل، الذي هو ابن الآب الوحيد الحقيقي.
2- ولكن لما كان ضروريًا أيضًا وفاء الدين المستحق على الجميع، لأنه -كما بينت سابقًا(61)- كان الجميع مستحقين الموت، الأمر الذي من أجله -كسبب جوهري حقيقي- أتى المسيح بيننا، لأجل هذه الغاية. وبعد تقديم البراهين الكثيرة عن لاهوته بواسطة أعماله - قدم ذبيحة نفسه أيضًا عن الجميع إذ سلم هيكله للموت عوضًا عن الجميع، أولًا لكي يحرر البشر من معصيتهم القديمة(*)، وثانيًا لكي يظهر أنه أقوَى من الموت، بإظهاره أن جسده عديم الفساد كباكورة لقيامة الجميع.
3- ولا تتعجب أن كنا نكرر مرارًا نفس الكلمات في نفس الموضوع(62)، لأننا ما دمنا نتحدث عن مشورة الله، وجب علينا توضيح المعنى الواحد على وجوه مختلفة، لكي لا يظن بنا أننا تركنا ناحية من النواحي كأننا نتكلم عن عجز وتقصير لأنه خير لنا أن نعرض للوم الانتقاد بسبب التكرار من أن نترك ناحية من النواحي كان يجب تفصيلها.
4- وما دام الجسد قد اشترك في ذات الطبيعة مع الجميع لأنه كان جسدًا بشريًا، وإن كان قد أخذ من عذراء فقط بمعجزة فريدة، فكان لا بُد أن يموت أيضًا كسائر البشر نظرائه، لأنه كان جسدًا قابلًا للموت. ولكنه بفضل اتحاده “بالكلمة”، لم يعد خاضعًا للفساد بمقتضى طبيعته، بل خرج عن دائرة الفساد بسبب الكلمة الذي أتى ليحل فيه.
5- وهكذا تم عملان عجيبان في الحال: أولهما إتمام موت الجميع في جسد الرب. والثاني القضاء على الموت والفساد كلية بفضل اتحاد الكلمة بالجسد. لأنه كان لا بُد من الموت، وكان لا بُد أن يتم الموت نيابة عن الجميع، لكي يوفي الدين المستحق على الجميع.
6- ولما كان مستحيلًا - كما قدمت سابقًا أن يموت “الكلمة” لأنه غير قابل للموت، فقد أخذ لنفسه جسدًا قابلًا للموت، حتى يمكن أن يقدمه كجسده نيابة عن الجميع، وحتى إذا ما تألم نيابة عن الجميع بإتحاده بالجسد “يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس ويعتق أولئك الذين خوفًا من الموت كانوا جميعًا كل حياتهم تحت العبودية(63)“.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(61) انظر الفصل السابع.
(*) إضافة من الموقع: انظر أيضًا:
الفصل الثالث: الخطية الأصلية، من كتاب تدبير الخلاص حسب الكنيسة الجامعة - الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة.
كتاب وراثة الخطية الأصلية (سلسلة: قضايا لاهوتية خطيرة: 2) - الأنبا بيشوي.
(62) انظر (فصل 8: 4؛ 10: 5 إلخ.) قال أحد الكتاب: “من خواص أثناسيوس أن يكرر الكلام وأن يعتذر عن التكرار”.
(63) (عبرانيين 2: 14-15).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/grant-incorruption.html
تقصير الرابط:
tak.la/tv66ysr