لهذا افتقد كلمة الله الأرض التي كان حاضرًا فيها دومًا، ورأى كل هذه الشرور؛ ثم أخذ جسدًا من طبيعتنا من عذراء طاهرة عفيفة حَلَّ في أحشاءها، وذلك لكي يعلن نفسه فيه، ويقهر الموت، ويعيد الحياة.
1- لأجل ذلك جاء إلى عالمنا كلمة الله، الخالي من الجسد، والعديم الفساد، وغير المادي، مع أنه لم يكن عنَّا ببعيد(28). لأنه لم يترك شيئًا من البرايا خلوًا منه، إذ هو يملأ كل شيء في كل مكان، وفي نفس الوقت هو كائن مع أبيه. ولكنه تنازل وأتى إلينا لكي يعلن شفقته علينا ويفتقدنا.
2- وإذ رأى جنس الخليقة العاقلة في طريق الهلاك، وأن الموت يسودهم بالفساد death reigning over them by corruption، وإذ رأى أيضًا أن التهديد بالموت في حالة التعدي، قد مَكَّن الفساد من طبيعتنا، وأنه لأمر شنيع أن ينحل الناموس قبل أن يتم، وإذ رأى أيضًا عدم لياقة الأمر الراهِن، وهو أن خليقته التي خلقتها يداه في طريق الفناء، وإذ رأى فوق هذا شر البشر المُسْتَطِير، وأنهم يتزايدون فيه شيئًا فشيئًا، حتى أشرفوا على هُوَّة سحيقة، وإذ رأى أخيرًا أن كل البشر كانوا تحت قصاص الموت - لهذا أشفق على جنسنا، وَتَرَفَّق بضعفنا، ورثى لفسادنا. وإذ لم يحتمل أن يرى الموت تصير له السيادة، لئلا تفنى به الخليقة، وتذهب صنعة أبيه في البشر هباء، فقد أخذ لنفسه جسدًا لا يختلف عن جسدنا.
3- لأنه لم يفكر في مجرد التجسد، أو مجرد الظهور(29)، وإلا فلو أنه أراد مجرد الظهور لاستطاع أن يتمم ظهوره الإلهي بطريقة أسمَى وأفضل. ولكنه أخذ جسدًا من جنسنا He takes a body of our kind، وليس ذلك فحسب، بل من عذراء طاهرة بلا لوم، لم تَعْرِف رجلًا، جسدًا طاهرًا وخاليًا بالحق من زرع بشر. لأنه، وهو القادر على كل شيء، وبارئ كل شيء، أَعَدَّ الجسد في العذراء كهيكل له، وجعله جسده بالذات، واتخذه أداة له، وفيه أعلن ذاته، وفيه حل.
4- وهكذا إذ أخذ من أجسادنا جسدًا مماثلًا لطبيعتها، وإذ كان الجميع تحت قصاص فساد الموت، فقد بذل جسده للموت عِوضًا عن الجميع in the stead of all، وقدمه للآب. كل هذا فعله شفقة منه علينا. وذلك (أولًا) لكي يبطل الناموس الذي كان يقضي بهلاك البشر، إذ مات الكل فيه، لأن سلطانه قد أُكْمِل في جسد الرب ولا يعود ينشب أظفاره في البشر الذين ناب عنهم. (ثانيًا) لكي يعيد البشر على عدم الفساد بعد أن عادوا إلى الفساد، ويحييهم من الموت بجسده وبنعمة القيامة، وينقذهم من الموت(30) كإنقاذ القش(31) من النار.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(28) (أعمال 17: 27).
(30) الترجمة الأصح “ويبيد الموت عنهم”.
(31) أو “القصب” كبعض الترجمات، والمعنى أن الناس هم القش، والموت هو النار.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/gods-word-lacks.html
تقصير الرابط:
tak.la/yc6vy39