الفصل الحادي والعشرون: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7
لقد أُبيد الموت بموت المسيح. ولكن لماذا لم يَمُت المسيح سِرًّا، أو بكيفية أكثر وقارًا واحترامًا؟ إنه لم يكن خاضعًا للموت الطبيعي، بل كان لا بُد أن يموت بأيدي غيره. ولماذا مات إذن؟ نعم إنه لأجل هذا أتى، ولأجل هذا وحده. وإلَّا فلم يكن ممكنًا أن يقوم من بين الأموات.
1- والآن، إذ مات عنا مخلص الجميع، فإننا نحن الذين بالمسيح لا نموت بعد، كما كانوا قديمًا حسب وعيد الناموس، لأن هذا الحكم قد بطل. وإذ بطل الفساد، وأبيد بنعمة القيامة، فإننا من ذلك الوقت إنما ننحل وفقًا لطبيعة أجسادنا الفانية، في الوقت الذي حدده الله لكل واحد، حتى يمكن أن ننال قيامة أفضل.
2- لأننا -كالبذور التي تُلقى في الأرض- لا نهلك بانحلالنا، بل نُزرع في الأرض لنقوم ثانية، إذ أبيد الموت بنعمة القيامة(64) للجميع “لأن هذا الفاسد لا بُد أن يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت. ومتى لبس هذا الفاسد عدم فساد، ولبس هذا المائت عدم موت، فحينئذ تصير الكلمة ابتلع الموت إلى غلبة. أين شوكتك يا موت، أين غلبتك يا هاوية(65)“.
3- ولعل متسائلًا يقول: أن كان لا بُد له أن يسلم جسده للموت نيابة عن الجميع، فلماذا لم يضع هذا الجسد كأي إنسان سرًا عوضًا عن أن يشهر به إلى هذا الحد ويموت مصلوبًا، أنه كان أكثر لياقة أن يسلم جسده بكرامة ووقار من أن يحتمل موتًا مشينًا كهذا.
4- وردًا على هذا أقول إن اعتراضًا كهذا، لا يمكن إلا أن يكون بشريًا، بينما ما فعله المُخَلِّص هو إلهي حقًا، ولائق بلاهوته لأسباب كثيرة. أولًا أن الموت الذي يصيب البشر يأتيهم لأنه يتناسب مع ضعف طبيعتهم، فإنهم إذًا لا يستطيعون البقاء على حال واحدة، لكنهم ينحلون مع الزمن، بسبب هذا أيضًا تنتابهم الأمراض ثم يموتون. أما الرب فإنه ليس ضعيفًا، بل هو قوة الله، وكلمة الله، وهو الحياة عينها.
5- ولو أنه أسلم جسده في مكان ما سرًا، وعلى فراش كعادة البشر، لأعتبر بأنه فعل ذلك أيضًا نظرًا لضعف طبيعته، ولأنه لم يكن فيه ما يميزه عن سائر البشر. أما وأنه أولًا كان الحياة وكلمة الله، وثانيًا كان من الضروري أن يتم حكم الموت نيابة عن الجميع، لهذا نال الجسد منه قوة لأنه هو القوة، وهو الحياة.
6- هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى، فما دام الموت لا بُد أن يتم، فإنه لم يسع بنفسه إلى الفرصة التي بها يتمم ذبيحته، بل قبلها من أيدي الآخرين. لأنه لم يكن لائقًا أن يرقد الرب في فراش المرض وهو الذي شفى أمراض الآخرين، ولم يكن لائقًا أن تنحل قوة ذلك الجسد الذي به قوى ضعفات الآخرين.
7- ولماذا لم يتجنب الموت كما تجنب المرض؟ ذلك لأنه لهذا اتخذ الجسد، ولم يكن لائقًا أن يمنع الموت لئلا تمتنع القيامة أيضًا. كما أنه لم يكن لائقًا أن يسبق المرض موته لئلا ينسب الضعف لذاك الذي كان في الجسد. ولكن ألم يكابد الجوع؟ نعم إنه جاع كما يليق بخواص جسده، على أنه (أي الجسد)، لم يمت من الجوع من أجل الرب الذي لبسه. لهذا فإنه وإن كان قد مات لفداء الجميع، لكنه لم ير فسادًا. لأن جسده قام ثانية سليمًا جدًا، إذ لم يكن سوى جسد ذاك الذي هو الحياة ذاتها.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(64) أو “صار كفيل (أو ضامن) القيامة”.
(65) (1 كورنثوس 15: 53-55).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/death-was-abolished.html
تقصير الرابط:
tak.la/b5gxd5w