الفصل الرابع: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6
اتصال خِلقتنا والتجسد الإلهي أحدهما بالآخر اتصالُا وثيقًا. وكما خُلِقَ الإنسان بكلمة الله من العدم إلى الوجود ثم نال نعمة إلهية، كذلك بخطية واحدة خسر تلك الحياة. وجلب على نفسه الفساد. وملأت الخطية والشقاء العالم.
1- قد تَدْهَش وتتساءل عن السبب في هذا البحث عن أصل البشرية origin of mankind، طالما كان القصد من هذه الرسالة التحدث عن تجسد الكلمة، ولكن اعلم أن هذا البحث أيضًا يتصِل بالغرض من هذه الرسالة.
2- لأننا عند التحدث عن ظهور المخلص بيننا، يتحتم علينا التحدث عن أصل البشر، ولكي تعلم أن نزوله إلينا كان بسببنا، وان عِصياننا استدعى تَعَطُّف الكلمة لكي يُسرع الرب في إغاثتنا والظهور بين البشر.
3- لأن إغاثتنا كانت هي الغرض من تجسده، ولأجل خلاصنا أظهر محبته العظمى إلى حد أن يظهر ويولد في جسد بَشَرِي.
4- فالله إذًا خلق الإنسان، وقصد أن يبقى في عدم فساد، أما البشر، فإذ احتقروا ورفضوا التأمل في الله، واخترعوا ودبروا الشر لأنفسهم، كما تقدم بحثه في الرسالة السالفة(16)، فقد استحقوا حُكْم الموت الذي سبق تهديدهم به. ومن ذلك الحين لم يبقوا بعد في الصورة التي خُلقوا عليها، بل فسدوا حسبما أرادوا لأنفسهم(17)، وساد عليهم الموت كملك(18) death had the mastery over them as king. لأن تعديهم الوصية أعادهم إلى حالتهم الطبيعية، حتى أنهم كما نَشَأوا من العدم، كذلك يجب أن لا يتوقعوا إلا الفساد الذي يؤدي إلى العدم مع توالي الزمن.
5- لأنهم إن كانوا بحضور “الكلمة” وتعطفه قد دعوا إلى الوجود، من الحالة الطبيعية الأولى، وهي عدم الوجود، فإنهم بطبيعة الحال متى تَجَرَّدُوا من معرفة الله عادوا إلى العدم(19) (لأن كل ما هو شر فهو عدم، وكل ما هو خير فهو كائِن وموجود)، ويجب أن تكون النتيجة بطبيعة الحال الحِرمان إلى الأبد من الوجود، طالما كانوا يستمدون وجودهم من الله الموجود. وبتعبير آخر يجب أن تكون النتيجة الانحلال، وبالتالي البقاء في حالة الموت والفساد.
6- لأن الإنسان إذ خُلق من العدم فإنه فانٍ بطبيعته، على أنه، بفضل خلقته على صورة الله الكائِن، كان ممكنًا أن ينجو من الفساد الطبيعي، ويبقى في عدم فساد لو أنه احتفظ بتلك الصورة بإبقاء الله في معرفته. وكما تقول الحكمة: “حِفْظ شرائعه تحقيق عدم البَلَى (الخلود)(20)“ The taking heed to His laws is the assurance of immortality، ولكنه إذ كان في عدم فساد، كان مُمْكِنًا أن يعيش كالله منذ ذلك الوقت، والى هذا يشير الكتاب المقدس على الأرجح عندما يقول: “أنا قلت أنكم آلهة وبنو العلي كلكم. لكن مثل الناس تموتون وكأحد الرؤساء تسقطون(21)“.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(16) انظر الرسالة إلى الوثنيين (فصل 3-5).
(17) (جامعة 7: 29، رومية 1: 21-22).
(18) (رومية 5: 14).
(19) أو “إلى ما لا وجود له”. ولعل أثناسيوس يقصد العدم جسديًا.
(20) (سفر الحكمة 6: 19).
(21) (مزمور 82: 76).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/incarnation.html
تقصير الرابط:
tak.la/439g57f